|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
علاقتنا بالله القدوس: "1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «كَلِّمْ كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ الرَّبُّ إِلهُكُمْ." [1-2]. الله هو سرّ قداستنا، إذ ندخل معه في شركة بثبوتنا في الابن القدوس بواسطة روحه القدوس الساكن فينا نحمل سماته فينا فنحسب قديسين. وكأن القداسة ليست امتناعًا عن الشر فحسب ولا حتى مجرد ممارسة لأعمال فاضلة إنسانية، إنما هي قبول لله القدوس وتمتع به، فنحمل سماته هبة من عندياته. القداسة هي هبة الله القدوس لأولاده، إذ يقول: "لأجلهم أقدس أنا ذاتيّ ليكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو 17: 19). أدرك القديس أغسطينوس هذه القداسة كهبة إلهية ننعم بها خلال تمتعنا بالقدوس ذاته خاصة خلال مياه المعمودية، لذا قال: [بالبر الذي تهبني إياه أصير بارًا، فليكن برّي هو برك لأنك تهبني إياه]. كما يقول: [الذي نال نعمة القداسة ونعمة المعمودية وغفران الخطايا (1 كو 6: 11)... يقول لإلهه، إنيّ قديس لأنك تقدسني، ليس لأن القداسة هي من عندي، إنما لأني تقبلتها، ليس لأني أستحقها إنما أنت وهبتني إياها]. وأيضًا: [إن كان كل المسيحيين المؤمنين الذي يتعمدون يلبسونه كقول الرسول: "لأن كلكم (كثيرين) الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غلا 3: 27)، إن كانوا قد صاروا أعضاء في جسده ومع هذا يقولون إنهم ليسوا قديسين فإنهم يسيئون إلى الرأس الذي هم أعضاؤه وغير مقدسين. انظروا أين أنتم ومن هو رأسكم فتنالون كرامة]. بأكثر وضوح يقول: [تقديس المسيحي يتحقق بالمسيح نفسه، فهو قوة التقديس لله فيه... لذلك يتم التقديس في المعمودية وهناك ينتعش ويتلألأ]. يقدم لنا العلامة أوريجانوس مفهومًا للتقديس من جانب آخر، إذ يرى أن التقديس يعني تكريس الإنسان بكليته لحساب مملكة الله، حتى الأمور الزمنية إنما تتقدس بتقديمها للرب، معطيًا لذلك أمثلة أن البكور التي تقدس للرب إنما تُسلم له، والملابس الكهنوتية الأواني المقدسة وأدوات الهيكل أو الخيمة تتقدس بمعنى أنها لا تستخدم إلاَّ في خدمة الرب... وهكذا الإنسان المقدس إنما يكون بكل طاقاته وإمكانياته وكل نسمات حياته لحساب مملكة النور. إنه يقول: [إن فهمنا بأي معنى يكون الحيوان (الذبيحة) والأشياء والملابس مقدسة يمكننا بمنطق جيد أن نفهم الإنسان كقديس. بالحقيقة يلزمنا أن نكرس أنفسنا للرب ولا ننشغل بأي عمل علماني حتى نرضي من جندنا (2 تي 2: 4). لنبتعد عن الذين يعيشوا جسديًا ويتمسكون بالزمنيات ولننفصل عنهم، إذ قيل: "اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" (كو 3: 1-2)، بهذا نستحق أن نحسب قديسين... يجب أن نتجنب "كُلَّ أَخٍ يَسْلُكُ بِلاَ تَرْتِيبٍ، وَلَيْسَ حَسَبَ التَّعْلِيمِ (الرسولي) الَّذِي أَخَذَهُ مِنَّا" (2 تس 3: 6)، وكما قيل: "اعتزلوا اعتزلوا أخرجوا من هناك لا تمسوا نجسًا، أخرجوا من وسطها، تطهروا يا حاملي آنية الرب" (إش 52: 11، رؤ 18: 4). ابتعدوا عن الأرضيات، أتركوا شهوات العالم "لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم" (1 يو 2: 16). لتترك هذا كله ولتكرس نفسك للرب... هذا ولا يقصد بالاعتزال ترك المكان إنما ترك الأعمال، فلا نترك الموضع إنما نغير طريقة الحياة. فإن كلمة قدوس άγιος باليونانية hagios تعني الارتفاع فوق الأرضيات. فمن يكرس نفسه للرب يظهر فوق الأرض والعالم، ويمكنه أن يقول وهو بعد سالكًا على الأرض: "لنا مدينة في السماء"]. |
|