منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 08 - 2023, 12:30 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,268,883

آرميا النبي | لماذا تُنجح طريق الأشرار؟




لماذا تُنجح طريق الأشرار؟

1 أَبَرُّ أَنْتَ يَا رَبُّ مِنْ أَنْ أُخَاصِمَكَ. لكِنْ أُكَلِّمُكَ مِنْ جِهَةِ أَحْكَامِكَ: لِمَاذَا تَنْجَحُ طَرِيقُ الأَشْرَارِ؟ اِطْمَأَنَّ كُلُّ الْغَادِرِينَ غَدْرًا! 2 غَرَسْتَهُمْ فَأَصَّلُوا. نَمَوْا وَأَثْمَرُوا ثَمَرًا. أَنْتَ قَرِيبٌ فِي فَمِهِمْ وَبَعِيدٌ مِنْ كُلاَهُمْ. 3 وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَنِي. رَأَيْتَنِي وَاخْتَبَرْتَ قَلْبِي مِنْ جِهَتِكَ. اِفْرِزْهُمْ كَغَنَمٍ لِلذَّبْحِ، وَخَصِّصْهُمْ لِيَوْمِ الْقَتْلِ. 4 حَتَّى مَتَى تَنُوحُ الأَرْضُ وَيَيْبَسُ عُشْبُ كُلِّ الْحَقْلِ؟ مِنْ شَرِّ السَّاكِنِينَ فِيهَا فَنِيَتِ الْبَهَائِمُ وَالطُّيُورُ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «لاَ يَرَى آخِرَتَنَا».

"أبر أنت يا رب من أن أخاصمك.
لكن أكلمك من جهة أحكامك.
لماذا تُنجح طريق الأشرار؟
اطمأن كل الغادرين غدرًا.
غرستهم فأصلوا،
نموا وأثمروا ثمرًا" [1-2].
تشبه هذه الكلمات ما ورد في المزمور 37، حيث تعجب داود النبي كيف ينجح الإنسان الشرير في طريقه، لكنه عاد فاكتشف أنه كعشبٍ يظهر قليلًا ثم يجف. أما البار كالشجرة يبدو جافًا في الشتاء لكن يحل الربيع ويظهر الثمر المتكاثر، إذ يقول: "لا تغرْ من فاعلي الشر... فإنهم مثل العشب سريعًا يجفون، ومثل بقول الخضرة عاجلًا يسقطون" (مز 37: 1-2).
ويعلق القديس أغسطينوس على ذلك بقوله: [إنهم بلا قيمة، يعيشون على سطح التربة ولا يضربون بجذورهم في الأعماق. من ثم فهم (كالعشب) الأخضر في الشتاء، حين تبدأ شمس الصيف تحمَى يذبلون. الآن فصل الشتاء، لم يظهر مجدكم بعد، لكن إن كان لمحبتكم الجذور العميقة كأشجار كثيرة في الشتاء، يمضي الصقيع ويحل الصيف، يوم القضاء، حيث تذبل خضرة العشب ويظهر مجد الأشجار].
يرى البعض أن السبب في إثارة هذا التساؤل في هذا الأصحاح أنه في عام 809 ق.م. عندما سمع يوشيا الملك الاحتجاجات الشديدة التي وُجهت إليه نزل بجيشه لمهاجمة نخو فرعون مصر الذي كان يسير في الطريق المحاذى للشاطئ لاحتلال أرض الفرات، وكان قد احتل غزة وعسقلان وغيرهما من المدن الفلسطينية. التحم الجيشان في مجدون عند سفح جبل الكرمل، فانهار جيش يوشيا سريعًا، وأصيب الملك بجرح مميت (2 أي 35: 23). ُنقل إلى مركبة ثانية، وسرعان ما مات في هددرمون. حزن عليه الشعب كله، حتى صار ذلك مثلًا ومقياسًا لشدة الحزن (زك 12: 11-12). استغل الحزب المناصر للعبادة الوثنية موت يوشيا، قائلين: ماذا تجدي الديانة التي لا تستطيع أن تنجي أعظم مناصرٍ لها من كارثة كهذه؟! هنا نطق النبي بكلمات المرتل آساف (مز 73): لماذا تُنجح يا رب طريق الأشرار؟
يرى البعض أن هذه الكلمات نطق بها إرميا النبي حين دخل في ارتباكٍ شديدٍ، فقد وعده الله منذ بداية الطريق أن يجعل منه مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض (إر 1: 18)، لكنه ها هو يرى الأشرار ينجحون ويزدهرون، بينما يدخل هو في سلسلة من المتاعب والضيقات، لهذا وقف أمام الله يصلي إليه بل يعاتبه بقلبٍ منفتحٍ، في صراحة كاملة... دخل معه كما في ساحة القضاء يقدم احتجاجات المحبة.
يلاحظ في هذه الاحتجاجات الآتي:
أولًا: بقوله "أبر أنت يا رب من أن أخاصمك" [1]، يبدأ احتجاجه بروح الاتضاع، معلنًا منذ البداية أنه يتكلم من موقع اليقين أن الله بار، لا يخطئ، لكن أحكامه تبدو غير واضحة. فالأمر مجرد تساؤل وعتاب حب، يطلب فيه النبي أن ينير الله ذهنه ليدرك حكمته فيما يحدث.
اقتبس النبي العبارة عن (مز 119: 137): "بار أنت يا رب وأحكامك مستقيمة".
إن عدنا إلى النص نلاحظ أن الكلمة العبرية ل "أبر" [1] تعني "بارًا" و"بريئًا"، وهي التي استخدمت في (أم 24: 24) للتعبير عما يحدث في ساحة القضاء. وكأن الله في محبته قد أصدر أمره بتأديب شعبه مقدمًا حيثيات حكمه، لا لكي نقبل الحكم كأمرٍ حتمي، وإنما لندخل معه في حوارٍ ونحاججه. هذههي لغة تعامل الله معنا، لغة الحوار. أما نحن فباتضاع نصرخ: "أبر أنت يا رب من أن أخاصمك" [1]، أو كما يقول الرسول بولس: "ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء! لأن من عرف فكر الرب؟! أو من صار له مشيرًا؟!" (رو 11: 33-34).
لعل النبي يقول: "لقد رفعت شكواي للقضاء، لكنني اكتشفت أنك بريء!" هنا لا يظهر الله كقاضٍ بل كمتهمٍ، تتهمه النفس البشرية حينما تسقط في مرارة الضيق فتعود وتكتشف خطأها. هكذا يتقدم الديان إلينا كمتهمٍ، تاركًا لنا فرصة اتهامه لندخل معه في حوارٍ مفتوح، ونجد الفرصة لنتبرر به من أخطائنا. وكأن الديان البار يصير متهمًا، لكي يتمتع المتهم الحقيقي بالبراءة.
خلال هذه المحاكمة اكتشف النبي خطأه، إذ ظهر أن الشعب مستحق للتأديب، بل وللموت، وأدرك ما قيل عن هذا الشعب: "لأن هذا الشعب قد اقترب إليّ بفمه وأكرمني بشفتيه، وأما قلبه فأبعده عني" (إش 29: 13). هؤلاء هم المراؤون الذين يقدمون بكلماتهم ما ليس في قلوبهم، أو الذين ينطقون بكلمات الرب ولا يقبلون إرادته في حياتهم. عن هؤلاء يقول السيد المسيح: "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات" (مت 7: 21). بهذا عرف النبي لماذا يؤدبهم الله.
ثانيًا: واضح أن إرميا النبي قدم تساؤلاته في لقاءٍ خاصٍ مع الله وليس علانية، إذ يقول: "لكن أكلمك من جهة أحكامك" [1]. هنا روح الانفتاح والصراحة مع الحكمة؛ فإنه يليق بنا إن عبر بنا فكر عتاب مع الله ليكن ذلك في صلواتنا الخاصة وصرخاتنا الخفية، في حجرة قلبنا الداخلية، حتى لا نُعثر البسطاء، ولا يُسيء الآخرون كلماتنا!
كن صريحًا مع الرب إلهك في لقائك الشخصي معه، وتحدث معه لكي يُعلن لك أحكامه، فتشهد له علانية في الوقت المناسب!
ثالثًا: واضح من حوار إرميا السري مع الله بشأن أحكامه أمران، يدرك إرميا أن الله لديه الإجابة على تساؤلاته، وأنه مصمم أن يتعرف عليها ليكتشف حكمة الله ويعرف إرادته الإلهية وخطته من نحوه، لهذا يقول: "أبر أنت يا رب من أن أحاكمك" [1]. بمعنى آخر يليق بالمؤمن ألا يخجل من أن يسأل الله بكل صراحةٍ ووضوحٍ وُيلح في السؤال، لكن في ثقة ويقين أن الله لديه الإجابة، ولن يبخل بها عليه، يقدمها له في الوقت المناسب.
رابعًا: إن كان إرميا يتعجب كيف ينجح الأشرار، لكن لا يخفي عليه أنهم غادرون غدرًا، وأن هذا الغدر يُعطي نجاحًا مؤقتًا ومزيفًا يليه هلاك وتدمير، كأنهم يغدرون بأنفسهم لا بالله ولا بالناس: "لماذا تُنجح طريق الأشرار؟! اطمأن كل الغادرين غدرًا" [1].
خامسًا: بينما يطمئن الغادرون ويظنون أنهم ناجحون ومثمرون ونامون بقدرتهم وحكمتهم وتخطيطهم البشري، إذا بالنبي يؤكد سلطان الله حتى على هؤلاء الغادرين، فإنه ما كان يمكنهم أن ينالوا هذا النجاح المؤقت إلا بسماح إلهي، إذ يقول:
"غرستهم فأصلوا،
نموا وأثمروا ثمرًا" [2].
ظاهرة خطيرة‍‍‍‍‍‍! لقد تأصلوا،أي صارت لهم جذور، ونموا وأثمروا، لكن ليس من ذاتهم، لأن الله هو الذي "غرسهم" ليأتوا بثمرٍ روحي صالح، واهبًا إياهم إمكانيات جبارة للعمل لحساب ملكوته، فإذا بهم يسيئون استخدام هذا الغرس وهذه الإمكانيات. ما لديهم من طاقات استخدموها للشر والتحطيمهي عطايا مقدسة أفسدوها بإرادتهم البشرية.
إنها ظاهرة خطيرة، يضرم الأشرار مواهبهم بقوة، ويعملون بكل نشاط، فينمون في الشر بلا توقف، مجاهدين بروح الغدر والخداع، بينما يهمل أبناء الملكوت المواهب والإمكانيات الممنوحة لهم. وكما قال السيد المسيح "ابناء هذا الدهر أحكم من أبناء النور في جيلهم" (لو 16: 8).
سادسًا: إن كانوا غادرين، وإن كانوا قد أساؤا استخدام طاقاتهم ومواهبهم وإمكانياتهم، فعلة ذلك كله الرياء. يقتربون إلى الله بفمهم خلال العبادة، خاصة الصلوات والتسابيح، أما كلامهم الخفي وقلوبهم أو إنسانهم الداخلي مع مشاعرهم فبعيدة عن الله: "أنت قريب في فمهم وبعيد من كلاهم" [2]. كأن الرياء هو وراء كل فساد في حياتهم، إذ لهم صورة التقوى وينكرون قوتها (2 تي 3: 5).
يرى العلامة أوريجينوسأن هذه العبارة تنطبق على الهراطقة، إذ يقول: ["أنت قريب من فمهم وبعيد من كلامهم"، يعرفون جيدًا أن ينطقوا اسم يسوع، لكنه ليس في داخلهم لأنهم لا يعترفون به بإيمان صحيح].
سابعًا: مقابل هؤلاء المرائين الذين ينطقون بغير ما يبطنون يقدم النبي نفسه كإنسانٍ ينطق بما يبطن، ويحمل في مظهره ما في أعماقه، وأن الله نفسه الفاحص الكلي والقلوب يشهد بذلك، إذ يقول: "وأنت يا رب عرفتني رأيتني واختبرت قلبي من جهتك" [3].
إذ عاش إرميا مع الله بروح الإخلاص بعيدًا عن الرياء استحق أن يكون موضوع معرفة الله ورؤيته. بمعنى آخر يتمتع إرميا بأن يعرفه الله معرفة المحبوب لديه والصديق الملاصق له، وأن ينعم بنظرات حبه واهبة السلام.
إن كان الله قد عرَّف إرميا ما يحمله الناس من خداع وما يقدمونه من أفعالٍ شريرة ضده (إر 11: 18)، ففي المقابل يعرف الله أعماق إرميا ويراها ويختبرها بنفسه. ترجع هذه المعرفة إلى ما قبل خلقته، إذ جاءته كلمة الرب: "قبلما صورتك في البطن عرفتك" (إر 1: 5).
ثامنًا: إذ كان إرميا النبي نقيًا في أعماقه، مخلصًا في تصرفاته، ما يتكلم به بلسانه يكشف عما في أعماقه، لذا كان نقيًا حتى في غضبه. إن غضب يشهد للحق الإلهي ويطلب توبة الساقطين ونموهم روحيًا. كيف يكون ذلك وهو يقول:
"افرزهم كغنمٍ للذبح،
وخصصهم ليوم القتل" [3].
في شرهم طلبوا قتله، فصار "كخروفٍ داجنٍ يُساق إلى الذبح" (إر 11: 8). صار ذبيحة حب لأجل الله ولأجل اخوته، فتحول شرهم إلى خيرٍ، وها هو يطلب لهم أن ُيفرزوا للذبح. ربما يتساءل البعض: لماذا يطلب النبي إرميا ذلك لشعبه؟
لا يمكن تجاهل مشاعر النبي الباكي الرقيقة نحو شعبه، وذوبان كيانه الداخلي واعتصاره لأجلهم، فإنه لم ينسَ قط أنه راعٍ، لا يشتهي البلية (إر 17: 16) بل يطلب ما لصالح قطيع الله. فلماذا كان يطلب النقمة لنفسه؟
أ. تكشف كلمة الله عن الضعف البشري، فمع ما حمله النبي من حبٍ إلا أنه في لحظات ضعفه لم يحتمل الضغط المستمر ومقاومة الشعب له على مستوى القيادات الدينية، كما على مستوى رجل الشارع، بل حتى أسرته وأهل قريته خططوا للخلاص منه. إنه إنسان له ضعفاته، أما ربنا يسوع الذي غفر لصالبيه في أمرّ لحظات الألم (لو 23: 34)، فوهب مؤمنيه إمكانية الحب للأعداء والصلاة للمسيئين إليهم كما فعل اسطفانوس (أع 7: 60).
ب. طلب النقمة لتأديب أسرته، لأنهم مستوجبون الموت. مارسوا العبادة بما يخالف الناموس، وحسبوا شركة إرميا في اصلاحات يوشيا للهيكل في أورشليم خيانة لهم. من جانب آخر، فإن عائلته وأهل قريته شعروا أن نبواته هيجت الشعب كله ضدهم، وأنهم صاروا في نظر الشعب في كل البلاد خونة للوطن بسببه، إذ أكد حدوث السبي، لذلك ثاروا ضده. فالانتقام الذي يطلبه إنما هو تأكيد أن الله - بالنسبة له - أولًا قبل أسرته وفوق كل علاقات بشرية.
ج. ربما لم يكن بعد قد أدرك إرميا مفهوم الألم وتأثيره في خلاص الآخرين، لأنه لم تكن بعد قد ظهرت آلام مخلصنا، فكان يكره الألم.
د. ربما خشى النبي إرميا من بطء قصاص الأشرار، فهو يتعجل التأديب، ليس للانتقام، وإنما لكي يُعْطَى طمأنينة للأبرار.
ه. ما يطلبه من انتقام ليس رغبة داخلية في طلب الشر من نحوهم، إنما نبوة عما سيحل بهم لأنهم قالوا له: "لا تتنبأ باسم الرب" (إر 11: 21).
تاسعًا: أصيب النبي بحالة إحباط بسبب طول أناة الله على الأشرار:
"حتى متى تنوح الأرض وييبس عشب كل الحقل،
من شر الساكنين فيها فنيت البهائم والطيور،
لأنهم قالوا لا يرى آخرتنا" [4].
لم يكن يتعجل التأديب لينتقم لنفسه، إنما لأنه رأى الأرض نائحة، وعشب كل الحقل قد يبس، والبهائم والطيور فنت. بمعنى آخر إذ يتحول الجسد (الأرض) من اللذة بالخطية إلى فقدان الراحة والدخول إلى حالة غمٍ شديدة، ويفقد الإنسان كل ثمرٍ روحي حتى وإن كان كعشبٍ صغير، وتهلك طاقاته الجسدية (البهائم) والروحية (الطيور)... يصير في حاجة إلى تأديب إلهي يرده إلى صوابه ويحثه على التوبة‍.
يقول العلامة أوريجينوس:
["حتى متى تنوح الأرض وييبس عشب كل الحقل من شر الساكنين فيها؟" يتحدث النبي هنا كما لو كانت الأرض كائنًا حيًا، يقول إنها تنوح من شر الذين يمشون فوقها.
الأرض بالنسبة لكل واحدٍ منا إما نائحة بسبب شرنا، أو متهللة بسبب فضائلنا. وما يُقال بالنسبة للأرض يُقال بلا شك بالنسبة لكل الأشياء.
بالمثل يمكنني أن أقول: إن الماء والملاك المسئول عنه يتهللان أو ينوحان؛ فيجب علينا أن نعرف أنه حتى يتم تنظيم وإدارة الكون كله يوجد ملاك مسئول عن الأرض، وآخر مسئول عن الماء، وآخر عن الهواء وآخر عن النار.
ارتفع بعقلك لتتأمل النظام السائد عند الحيوانات والنباتات والكواكب السمائية؛ إذ يوجد ملاك مسئول حتى عن الشمس وآخر مسئول عن القمر وآخرين عن النجوم. هكذا كل هؤلاء الملائكة الذين يرافقوننا طوال حياتنا على الأرض، إما أنهم يفرحون لنا أو ينوحون عندما نخطئ.
يقول إرميا إن الأرض تنوح بسبب الساكنين فيها: ويقصد بكلمة "أرض" الملاك الساكن فيها، إذ قيل: "أما الخشب المصنوع صنمًا فملعون هو وصانعه" (حك 14: 8)، ليس أن اللعنة تقع على الشيء الجامد نفسه، وإنما يُقصد بكلمة "صنم" الشيطان الساكن فيه، والذي يتخذ من "الصنم" اسمًا له. بنفس الطريقة أستطيع أن أقول إن "الأرض" يقصد بها الملاك المسئول عن الأرض، و"الماء" الملاك المسئول عن الماء، الذي كُتب عنه: "أبصَرَتَك المياه يا الله، أبصرتك المياه ففزعت. ارتعدت أيضًا اللجج. سكبت الغيوم مياهها أعطت السحب صوتًا. أيضًا سهامك طارت" (مز 77: 17-18)].
عاشرًا: إن كان النبي يئن من أجل مقاومة الناس له، فإن الله يكشف له عن نهاية شرهم، أو ثمر شرهم. لقد استهانوا بتحذيرات إرميا النبي لهم وصمموا على الشر قائلين في أنفسهم: "لا يرى آخرتنا‍"]4]. حتى هذا الفكر الصادر عن قلبهم المتعجرف وعدم إيمانهم كشفه الرب لإرميا. كأن إرميا في أمانته قد عرف فكر الرب وإرادته واستلم كلماته، كما عرف خطط الأشرار الخفية وتصرفاتهم ونياتهم الخفية كعطية قُدمت له من الله مُرسله!
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
آرميا النبي | لماذا تمت محاكمة إرميا النبي
آرميا النبي | تحدث عن أبناء الملك يوشيا الأشرار
آرميا النبي | لماذا تُنجح طريق الأشرار
آرميا النبي | إرميا يتعجب كيف ينجح الأشرار
في ضعفي أصرخ: لماذا تُنجح طريق الأشرار


الساعة الآن 08:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024