تشير عبارة "الآبَ الحَيَّ" إلى صفة الآب أنَّه حَيٌ، كما جاء في وحي موسى النَّبي" أَي بَشَرٍ سَمِعَ صَوتَ اللّهِ الحَيِّ مُتَكَلِّمًا مِن وَسَطِ النَّارِ مِثلنا وبَقِيَ على قَيدِ الحَياة؟ " (تثنية الاشتراع 5: 26)؛ أمَّا عبارة "أرسَلَني" فتشير إلى إرسال الله ابنه إلى العَالَم ليتجسَّد وفقا لقوله: "أَنَّ الآبَ الحَيَّ أَرسَلَني وأَنِّي أَحْيا بِالآب". وهذا الكلام يدلُّ أنَّ اتِّحاد المؤمن الذي أكل جَسَد الرَّبّ وشرب دَمه شبيه بالاتِّحاد الكائن بين الآب والابن. أمَّا عبارة "إني أَحْيا بِالآب" في الأصل اليوناني κἀγὼ ζῶ διὰ τὸν πατέρα (معناها أنا أحيا بالآب) فتشير إلى عِلة حياة الابن التي هي الآب، يعني أنّه من الآب، وليس الآب منه. أنَّ الآب ليس سبب حياة الابن إنَّما الابن حَيُ بنفس حياة الآب، فالابن لا يحيا وحده، لكن حياة الآب هي حياة الابن بلا انفصال. وقد قال الابن عن نفسه "أَنا القِيامةُ والحَياة " (يوحنا 11: 25)؛ فالمسيح إذًا له نفس حياة الله بسبب اللَّاهوت المُتحد بجسده. ويُعلق القديس كيرلس الكبير على لسان يسوع: "من يأخذني في نفسه بالاشتراك في جَسَدي سيَحْيا، ويُطَّعم بالكامل فيّ، أنا القادر أن أهبه حياة، لأنَّني من أصل واهب الحَياة، أي الله الآب"؛ أمَّا عبارة "الَّذي يأكُلُني سيَحْيا بي" فتشير إلى تناول القربان الأقدس، فمن تناول جَسَد الرَّبّ ودَمه يأخذ الحَياة التي في المسيح، وهي حياة أبدية. وهذ الحَياة هي دخول في الاتحاد بالابن عن يد الآب. وهذا الاتِّحاد مع يسوع من خلال القربان الأقدس هو شبيه بالاتحاد الكائن بين الآب والابن، فنحن نحيا بالمسيح كما هو حيٌ بالآب. .فإذا أكلنا جَسَده وشَربْنا دمه فنحن لا نعود نحيا وحدنا، بل نحيا حياة المسيح النَّابعة من نفس ينبوع الآب. وهكذا يتمُّ الاتِّحاد الإلهي بين الإنسان والله الآب بجَسَد المسيح الذي نناله من الإفخارستيا.