رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
جرت العائلات الشرقية خصوصاً على أن تكتم عن أبنائها كل ما له صلة بالمسائل الجنسية وما يتعلق بوظائفها وأخطارها. فهم يتركون للأقدار وللتجارب تعليم الأحداث ما جهلوه مع علمهم أ،ه لا بد لهم أن يتعرضوا لشتى الأخطار والآلام التي تعرضوا هم أنفسهم لها وقاسوا أهوالها. حين يبلغ الفتى سن الخامسة عشرة، أي عندما يبلغ طور المراهقة ويشعر بميول جديدة ويلاحظ التغيرات التي تطرأ على جسمه، يسعى لتعلم أسرار الحياة من الروايات الخلاعية من رفاقه في المدرسة أو من زملائه في العمل. فيحدثونه عن هذا العالم الجديد الذي يدخل فيه وما فيه من إحساسات ولا يحدثون عن الأضرار التي تنتج عن العبث واللهو، لجهلهم إياها أو لتجاهلهم. وكم من فتى استرسل في العادات الرديئة واستسلم إلى الأهواء المنحطة، وهو لا يعرف سوء المضير إلى أن أخذ جسمه في الهزال والضعف وفقد نضارة الشباب وبلي بالعاهات. وعبثاً يحاول إذ ذاك أن يقلع عما اعتاده وأن يكسر القيود التي قيد بها نفسه ولكن لقد تأصلت جذورها في جسده وتغلبت على إرادته، ولربما دب اليأس إلى نفسه وليس له من يساعده ويعاونه على النهوض من الوهدة التي سقط فيها. وقد يتمادى فيرتاد أماكن الفسق وبيوت الدعارة مع رفاقه فلا يمضي زمن طويل حتى يبتلى بالأمراض الخبيثة المتنوعة فيقاسي من جرائها العذابات الأليمة وهو مع ذلك لا يستطيع أن يفلت من سراها. ولماذا؟ لأن الشهوة سرت في دمه وفي عروقه منذ الصغر فصار عبداً لها تسيره كما تشاء. وغني عن القول أن هذه الأضرار لا تقتصر على إيذائه وحده بل تتعداه إلى إيذاء امرأته وأولاده في المستقبل ولا ذنب لهم ويتم فيهم أبي العلاء: "هذا ما جناه عليّ أبي وما جنيت على أحد!" وهكذا يسوء النسل ويصاب المجتمع الإنساني في أفراده ويخسر الوطن خدمات أبنائه لعلل أجسامهم وضعف صحتهم. وكل ذلك نتيجة عدم إرشاد الآباء أبنائهم على المسائل الجنسية قبل بلوغهم هذه المرحلة الخطيرة من العمر وسكوتهم عنها وتكتمهم المفرط في أمور جوهرية. ويتوهم البعض خطأ أن الحديث عن أمور الجنس والحب والزوج حديث منافٍ للآداب وللحياء. أجل هناك حديث مخل بالأخلاق هو الذي يدور بين رفاق السوء الذين يتكلمون عن هذه الأشياء المقدسة بنيات زائغة وعبارات بذيئة وكلمات دنيئة سافلة ولكن هناك أيضاً حديث كله وقار ورزانة ورصانة يجب على الوالدين أن يحدثوه لأولادهم لكي يطلعوهم في حينه على أسرار الحياة. هي شريعة الطبيعة وسنتها يجب أن يفهمها المراهقون كما يفهمون سائر أسرار الكيان البشري. فالتربية في المسائل الجنسية ضرورية كما هي ضرورية التربية في مسائل الأكل والشرب والنوم ومعاشرة الناس وآداب الشغل والعمل وكسب الرزق الخ... وكما أنه يجب على الوالدين أن يدربوا أولادهم ويسهروا عليهم في سائر مظاهر حياتهم عليهم أيضاً أن يربوهم في هذه الظاهرة الإنسانية المهمة. ومن كالآباء والأمهات بسبب مركزهم وموقفهم يستطيع أن يفاتح المراهقين بهذا الموضوع بذات الثقة واللياقة والاتزان والحنو واللطف. أجل هناك عاطفة حياء قد يتراجع أمامها الأب والأم لأول وهلة. ولكن لا بد من التغلب عليها. ولقد دلت الاختبارات على أن الأولاد حين يرون والديهم يفاتحونهم بهذه الأمور بما وهبتهم الطبيعة من حنان وحسن دراية فطرية يظهرون نحوهم تعلقاً فائقاً وثقة كبرى. ذكر عن فتاة حدثتها أمها في الوقت المناسب عن الأمومة وجمالها وأسرارها، انها وثبت على أمها وقبلتها قبلات حارة وقالت لها: "شكراً لك يا أماه، لقد كنت مضطربة حائرة أما الآن فقد فتحت عيني وأفهمتني كل شيء وقمت بواجبك أحسن قيام". ولا نخال المراهقين عموماً يختلفون عن هذه الفتاة إذا فهموا ما يجب أن يفهموه من والديهم لا بل نؤكد أن ثقتهم تزداد في آبائهم لأنهم يعاملونهم معاملة قيمة شريفة، ويجب أن تشرح هذه المسائل في جوٍ كله هيبة ووقار تخيم عليه روح التدين والإعجاب بحكمة الله وعظمته. فإن الشروح المادية فقط لا تأتي بالغاية المقصودة إلا إذا قرنت بتفسير النوايا السامية التي لأجلها جعل الله الإنسان ذكراً وأنثى وزوده به من مقدرة عجيبة فائقة. وعليهم أن ينبهوهم إلى جمال العفاف الذي هو زينة الحياة المسيحية. ولكن لا يكن عفاف الجاهل لأمور الطبيعة ولكن عفاف من فهم وأدرك وصان نفسه وجسده من الفساد وسما إلى التغلب على الميول المنحرفة وإلى كبح الشهوات. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
التربية الجنسية للاطفال |
ما هى التربية الجنسية؟ |
" التربية الجنسية فى المسيحية " |
فى اطار التربية الجنسية المسيحية حول مفاهيم مغلوطة { الأنبا لوكاس } |
الثقافة الجنسية فى المسيحية "توجيهات من أجل التربية " |