رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
غنى المؤمنين بالمسيح عرفَ أهل مقاطعة مكدونية باحتياج الكنيسة في أورشليم لمعونة مادية، وكان مؤمني مكدونية يعانون من فقر، وصفه معلمنا بولس الرسول بالفقر العميق، ولكنهم بالرغم من ذلك تعاملوا بكرم وحب شديد نحو إخوتهم في أورشليم، كقوله: "ثُمَّ نُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ نِعْمَةَ اللهِ الْمُعْطَاةَ فِي كَنَائِسِ مَكِدُونِيَّةَ، أَنَّهُ فِي اخْتِبَارِ ضِيقَةٍ شَدِيدَةٍ فَاضَ وُفُورُ فَرَحِهِمْ وَفَقْرِهِمِ الْعَمِيقِ لِغِنَى سَخَائِهِمْ" (2كو 8: 1- 2). إنه لمن الغريب أن يذكر الرسول بولس متضادان يجتمعان معًا، فالغنى والفيض ظهر وقت الفقر الشديد من مؤمني مكدونية. ولكن من أين أتى هذا الغنى؟ إن الواقع العملي يشهد بصدق قول الرسول، فالحب والتضحية لا تأتي إلاَّ في وقت الشدائد والنكبات. فيما يلي بعض الأمثلة، التي تشهد بذلك: لم يخف الشابُ الصغير داود أن يفقد حياته في معركة غير متكافئة، لكنه تقدم لمقاتلة جليات المقاتل العملاق، لأنه أدرك مقدار الذل والضيق، الذي يعانيه إخوته من الأعداء الفلسطينيين. لقد ظهر غنى إيمانه بالله وشجاعته ونبله وسط هذه الضيقة الصعبة. وفاض أيضًا غنى إيمان دانيال النبي وقت الاضطهاد، فتمسك بإيمانه، ولم يخف من الأسود الجائعة. وظهر غنى محبة طوبيا الأب وقت الاضطهاد، وخرج ليدفن الموتى الذي قتلهم المضطهدين، وهكذا... لكن لا بد أن يكون القلب ممتلئًا برصيد كبير من الحب، حتى يفيض بغنى. إن مصدر الغنى في حياة أولاد الله هو الروح القدس، الذي تصفه الكنيسة بكنز الصالحات ومعطي الحياة، كقول الكتاب: "لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (أف2: 7). إن النعم التي نلناها بصلب الرب يسوع المسيح وفدائه تُعطى لنا بالروح القدس. وقد شبه الرب الروح القدس بنهر يروي الإنسان، ويفيض على الآخرين، ليثمر بالبركات. وتنبأ داود النبي عن نعمة الروح القدس المثمر فينا، قائلًا: "يَرْوَوْنَ مِنْ دَسَمِ بَيْتِكَ، وَمِنْ نَهْرِ نِعَمِكَ تَسْقِيهِمْ. لأَنَّ عِنْدَكَ يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ. بِنُورِكَ نَرَى نُورًا" (مز36: 8- 9). القارئ العزيز... لا تخف من وقت الشدة، لأنك ستفيض فيه بالنعم والبركات، كقول الرب: "مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ" (يو7: 38). ولكن هل أنت تشتاق أن تمتلئ على الدوام من نعمة روح الله القدوس؟ إن الروح ينسكب بفيض على كل من يطلب نعمة الله. لا تهمل التعلق بالله، بل اجلس كثيرًا عند صليب الرب يسوع المسيح، وأشبع بكلامه المحيي، كما فعلت مريم التي اختارت النصيب الصالح، الذي لم ممكنًا أن يُنزع منها. |
|