|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصباح من مذكرات البابا شنودة.. كنت مسئولاً عن إفطار الجنود فى رمضان كان حريصا على قراءة القرآن والفقه الإسلامى وكتب التفاسير فى 17 مارس من العام الماضى رحل البابا شنودة الثالث البطريرك الـ117 فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، واليوم يمر عام كامل على وفاته . ومنذ أيام أصدر المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى برئاسة الأنبا أرميا كتابا بعنوان «هكذا عاش.. وهكذا تكلم .. حكاية العمر كما رواها مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث» ويضم مقتطفات من حياته ولمحات من مذكراته من مولده فى إحدى قرى محافظة أسيوط حتى أيامه الأخيرة مرورا بمراحل مفصلية فى حياة استمرت نحو 80 عاما شهدها البابا، فى السطور التالية، تنشر «الصباح» أجزاء من مذكرات البابا شنودة، كما جاءت فى الكتاب . مرحلة الطفولة فى بداية المذكرات يقول البابا شنودة: «بدأت قصة حياتى منذ رأيت النور فى قرية «سلام» إحدى قرى محافظة أسيوط فى 3 أغسطس 1923 وتوفيت والدتى بعد ولادتى مباشرة، فقضيت أيام طفولتى الأولى فى الصعيد وكانت خطواتى المدرسية الأولى متعثرة فقد كنت طفلا يتيم». ويضيف «نظير جيد»، الذى أصبح البابا شنودة فيما بعد: بعد انقضاء تلك المرحلة انتقلت إلى دمنهور، حيث كان شقيقى قد استقر هناك ودخلت رياض الأطفال وبعدها أمضيت المرحلة الأولى فى التعليم الابتدائى متنقلا بين دمنهور وأسيوط وبنها والقاهرة، وأذكر أننى كنت فى طفولتى مولعا بالقراءة إذ لم يكن حولى أطفال فى مثل سنى ألعب معهم، فكانت لعبتى المفضلة هى الكتب، فأقرأها بنهم شديد، إلى درجة أنى قرأت كتاب «قادة الفكر» لطه حسين وقصة «سارة» لعباس العقاد وأنا فى سن الخامسة عشرة، وقرأت العديد من كتب الطب والاجتماع والأدب والقصص، وقرأت وأنا فى الرابعة عشرة قصصا تدور حول الثورة الفرنسية والروسية وكتبا لكثير من الأدباء والمفكرين، فقرأت قصص «شارلوك هولمز» فى البحث الجنائى وغيرها الكثير . البابا فى الجامعة ويتذكر البابا أيام دراسته: «درست فى مدرسة الإيمان الثانوية بشبرا، وكانت المرحلة الثانوية تسمى «التوجيهية» أو «البكالوريا»، وفى البداية كنت منتسبا للقسم العلمى، ودائما الأول على الفصل، غير أننى حينما انتصف العام الدراسى بدأت أعيد التفكير فى مستقبلى، وقلت لنفسى: «إن الفرع العلمى سيؤهلنى للدراسة العلمية وربما انتهى إلى دراسة الطب، وليس بمقدورى إطلاقا أن أكون طبيبا، ذلك لأننى كنت حساسا جدا تجاه ألم الناس، حتى إنى كنت أغادر المنزل حين يكون أحد أفراد العائلة مريضا يكابد الأوجاع ويصرخ من الألم، فكيف سأكون طبيبا أو جراحا يفتح بطون الناس، فعزمت على الانتقال للقسم الأدبى». وعن دراسته للتاريخ، ينتقل حديث البطريرك الراحل فيقول: «التحقت بجامعة فؤاد الأول «القاهرة حاليا»، كانت دراسة اللغات صعبة جدا لمن فى ظروفى، فالإنجليزية والفرنسية يلتحق بها من تلقوا تعليمهم فى كل المراحل بهذه اللغة أو تلك، بينما اللغة العربية كان الانتساب إليها صعبا، إذ إن مدرسى اللغة العربية كانوا يجمعون بينها والدين الإسلامى، وبالتالى كان التحاق المسيحيين بالقسم نادرا، وهكذا وجدت أن دراسة التاريخ هى الأفضل بالنسبة لى، واستمريت فى دراسته حتى حصلت على الليسانس، وكانت المرحلة الجامعية بالنسبة لى مرحلة غنية سواء من ناحية الدراسة أو من ناحية النشاطات المختلفة، فقد كنت دائم الحيوية والنشاط وعضوا فعالا فى فرق الحفلات والرحلات، وربطتنى علاقات قوية بزملائى». شنودة ضابط فى الجيش ويحكى البابا الراحل عن مرحلة خدمته فى الجيش: «كان من الممكن دفع بدل نقدى لمن يريد الإعفاء من الجيش، لكننى تطوعت وأنا ما أزال طالبا فى الجامعة، فقضيت ثلاث سنوات فى التدريب العسكرى اليومى بمنطقة سيدى بشر ثم فى المندرة بالإسكندرية، وكنت فى الجيش الأول بين الخريجين فى مدرسة المشاة». وعن ذكرياته فى الجيش يتذكر شنودة: «أثناء فترة التدريب كنت مسئولا عن وجبات الطعام فى شهر رمضان، فكنت أبذل اهتماما كبيرا بطعام السحور والإفطار، وكان الطلبة يرشحوننى دائما لذلك؛ لأننى كنت جادا فى هذا الشأن شديد الإخلاص له، فكنت حريصا على خدمة زملائى متفوقا فى دراستى النظريات العسكرية» الراهب أنطونيوس السريانى يعود البابا شنودة بذاكرته إلى بداية دخوله عالم الرهبنة فيربط بين الرهبنة فى المسيحية والتصوف فى الإسلام، باعتباره تجربة التفرغ إلى الله ومحبته، فيقول إن الرهبنة كانت موجودة منذ القرن الثالث للميلاد وكان لها جذورها فى العهد القديم قبل المسيح، ثم جاءت تجربة التصوف فى التاريخ الإسلامى، وجميعا تعنى الارتباط بالله. ويتطرق إلى تجربته الأدبية : «بدأت أشعر أن كل شىء فى العالم لا يشبع القلب من الداخل، كانت عملية الموت عن العالم أو موت العالم فى قلب الإنسان قد بدأت تستولى على قلبى، وتنمو فيه يوما بعد يوم، وكنت أعبر عن هذه الأحاسيس فى سلسلة مقالات كتبتها فى الفترة من 1951 حتى 1954 بعنوان «انطلاق الروح»، حيث ترهبت فى سنة 1954، وبدأت أعد نفسى لهذا الأمر، وكنت مصمما عليها ماضيا نحوها، كان ذلك يعنى لى حياة الوحدة الكاملة، فعشت فى دير السريان واخترت لى اسم «أنطونيوس السريانى»؛ لأننى كنت أحب حياة الأنبا أنطونيوس أول راهب عاش حياة الرهبنة ووضع أسسها، ولأننى نشأت فى كنيسة الأنبا أنطونيوس فى شبرا»، ويضيف: «بعد أن أمضيت فى الدير فترة انطلقت إلى مغارة على بعد ثلاثة كيلو مترات ونصف، وعشت فيها وحيدا، ثم ذهبت بعد ذلك إلى مغارة أخرى على بعد 12 كيلو مترا من الدير، وعشت عزلة فيها، فكنت أقضى الأسابيع دون أن أرى وجه إنسان، وكانت تلك الأيام أسعد أيام حياتى وأقربها إلى الله». شنودة بطريركا عقب فوزه بالقرعة الهيكلية لخلافة البابا كيرلس السادس فى 31 أكتوبر 1971 اختار البابا الجديد اسم شنودة الثالث له، وعن هذا يروى: «كان اسمى شنودة حينما كنت أسقفا، ولم يتغير.. وأنا لم اختر هذا الاسم، وإنما البابا كيرلس هو الذى اختاره، ففى رسامتى الأسقفية غير البابا اسمى من أنطونيوس إلى شنودة» . ويضيف: «شنودة هو أحد مؤسسى الرهبنة فى الكنيسة، وله دير يسمى الدير الأبيض فى برية سوهاج، ويعتبر تاريخيا «أب للأدب القبطى»، وكان قديسا ذائع الصيت» . ويري شنودة أن أهم عمل تم إنجازه فى مرحلته الباباوية هو انتشار الكنيسة فى المهجر حتى قاربت الـ100 قبل وفاته، من أمريكا حتى استراليا ومن أوروبا حتى إفريقيا . الصدام مع السادات فى تاريخ العلاقة بين البطريرك الراحل والرئيس أنور السادات تقلبات ومنحنيات عنيفة إذ بدأت ودية وانتهت بأزمة عنيفة.. يروى شنودة قائلا: «فى اليوم التالى للقرعة الهيكلية أى فى 1 نوفمبر 1971 قابلت الرئيس السادات فى قصره بالجيزة وكان لقاء جيدا لطيفا، وقبل صدور مرسوم جمهورى باعتماد القرعة قال لى بالحرف الواحد:«أنا درست تاريخ الكنيسة جيدا، وأريد للكنيسة القبطية أن تعود لها أمجادها القديمة»، ولكننى حينما حاولت العمل فى الكنيسة قامت الدنيا على ولم تقعد، وبدأت سلسلة طويلة من المضايقات من قبل المتطرفين، طالت مقالا أسبوعيا كنت أكتبه فى جريدة الجمهورية، وحين شعرت بذلك ألغيت نشره، وينتقل البابا إلى مرحلة أسخن حين بدأ الهجوم على الأقباط وإحراق الكنائس مع إفساح المجال للقوى المتطرفة للحركة، وفى نفس الوقت لم يحاول السادات حتى إعادة بناء الكنائس التى أحرقت، كان الجو متوترا جدا منذ خروج هؤلاء السجناء من المتطرفين؛ ذلك لأنهم كانوا قد كونوا لأنفسهم مبادئ جديدة أكثر تطرفا من مبادئهم عندما دخلوا السجن، وكان منهم جماعة التكفير والهجرة . ينتقل البابا إلى مرحلة أخرى حين بدأ انتشار الجماعات الإسلامية فى أسيوط برعاية محافظها، وقتها، محمد عثمان إسماعيل، وعندها، يضيف البابا، رأينا أن يعزل السادات، عثمان إسماعيل بسبب خطورة ميوله المتعصبة، وحينما نقلوا كلامى للسادات أجابهم: محافظ أسيوط متعصب ومطران أسيوط متعصب أيضا، فإن عزل المطران يعزل المحافظ، وهو كان -أى السادات- يروج دائما لمسألة التوازنات بالقول إن هناك متطرفين مسلمين يقابلهم متطرفون مسيحييون، وهكذا انتشرت شائعات عن مخازن أسلحة فى الأديرة، فقلت لهم: الأديرة مفتوحة للجميع.. وانتهى الأمر مؤقتا لكن الشائعات بدأت تعكر الجو ووزعت نشرات سرية صعدت وتيرة التوتر للغاية وأصبح الجو ملتهبا خاصة فى جامعتى أسيوط والمنيا . وأردف: كان الجو مشحونا بالتوتر إلى أعلى حد، وكان السادات يريد أن يتخلص من هذا الجو، ولكنه يريد أن يتخلص منه عن طريق التوازنات، فيضرب الأقباط ويضرب المتطرفين المسلمين فى نفس الوقت، وحين كنت أخبره عن الاعتداءات على المسيحيين، لم يكن يتقبل من ذلك، لماذا؟.. يجيب البابا: لأن أمرا خطيرا قد حصل، وهو اتفاق كامب ديفيد بينه وبين اليهود، وصورته صحف الغرب كبطل من أبطال السلام، وقسموا جائزة نوبل للسلام بينه وبين بيجن رئيس وزراء إسرائيل، وصار اسمه فى الصحف الغربية يلمع كبطل من الأبطال.. وفى وضع كهذا لم يعد يحتمل نقدا من أحد على الإطلاق، وصار يعتبر كل شكوى أقدمها إليه ضد هؤلاء المتطرفين، إساءة إلى حكمه وإساءة إلى شخصه، حتى كان يعتبر أن كل انتقاد له هو انتقاد لمصر ولكى يتخلص السادات من كل هذا أصدر قرارات 5 سبتمبر وبمقتضاها فرضت الإقامة الجبرية على البابا وبعض الأقباط فى الدير، وألقى فى السجن ثمانية من المطارنة والأساقفة، و24 من الآباء الكهنة، يتذكر البابا: اعتبر السادات دفاعى عن الأقباط تدخلا فى السياسة، وأنا لم أكن طوال حياتى سياسيا، ولم يكن الأقباط مسئولين عن موقفى، بل أنا المسئول عنه، وقلنا له: سيادة الرئيس، تحمل مسئوليتك، ولم يقم بأى فعل، بل وقف فى مجلس الشعب وتحدث نحو ساعة ضد الجماعات المتطرفة والجو الذى أثاروه، وساعتين ضد الأقباط وضدى شخصيا، وروى حكاية غريبة عن محاولة تشكيل دولة قبطية فى أسيوط، وهى مسألة بعيدة عن المعقول تماما، بل قوبلت بالسخرية وعدم التصديق، ومنذ ذلك الحين لم التق السادات حتى يوم مماته» . إقامة جبرية فى الدير يذكر البابا شنودة أنه بقى فى الدير 40 شهرا بناء على قرار الرئيس السادات، ورغم ذلك يؤكد البابا:»«لم أتضايق نفسيا، على العكس من ذلك، فقد كانت بالنسبة لى فترة نشاط مكثف داخل الدير، فمن الناحية الفكرية قمت بتأليف بعض الكتب، فأصدرت 16 كتابا فى هذه الفترة، بالإضافة إلى عقد اجتماعات روحية للآباء الرهبان، فضلا عن بعض النشاطات الزراعية والعمرانية فى الدير . يواصل البابا الحديث: لقد كانت فترة لطيفة للغاية زارنى خلالها وزير الداخلية حسن أبو باشا ثلاث مرات فى الدير، وزارنى وزير الدولة وقتها سعد مأمون، كما كانت تأتينى وفود شعبية من مختلف أبناء الكنيسة، وكنت أقيم لهم اجتماعات روحية، ثم بدأ التمهيد لعودتى للقاهرة، وكانت آخر خطوة فيها زيارة اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية الذى خلف حسن أبوباشا، وعدت إلى القاهرة واستقبلت فى البطريركية، وألقيت كلمة للشعب قلت فيها: لقد هنأنى الكثيرون بعودتى إلى مقرى مرة أخرى. «والواقع أننى لا أعرف مقرا سوى قلوبكم المملوءة بالحب، وعن هذا المقر لم أبتعد لحظة واحدة ولا طرفة عين . ويكمل: أقبل عيد الميلد فاحتفلنا به فى 6 يناير، وأقيمت الصلاة فى ذلك اليوم الذى حضره جموع غفيرة تعد بالآلاف من بسطاء الناس، وكان احتفالا غريبا فى عام 1985، ثم عادت الأمور إلى طبيعتها . ثقافة إسلامية يؤكد البابا أن رجل الدين يجب ألا يقف عند حدود دينه ولذلك هو يكشف: أقرأ كثيرا فى الدين الإسلامى ولدى مكتبة إسلامية واسعة جدا، ربما ليست موجودة عند كثير من شيوخ المسلمين، وهى تضم العديد من العلوم القرءانية وكتب التفسير والحديث والفقه والتاريخ الإسلامى، بالإضافة إلى كتب الشريعة، ولدى أيضا كتب كثيرة فى اللاهوت المقارن الخاص بمختلف المذاهب المسيحية وببعض المذاهب غير المسيحية، وأقرأ أيضا عن الديانات الشرقية القديمة مثل الهندوسية والبوذية والكنفوشسية والزرادشتية والعبادات البدائية، وكثير من دوائر المعارف المتنوعة وعشرات القواميس . صحفيون وجرائد كان البابا حريصاعلى قراءة الجرائد اليومية وبعض الدوريات الأخرى، فضلا عن صحف المعارضة ومنها المعبرة عن الفكر الإسلامى، وحسب مذكراته كان يحب القراءة لمصطفى أمين وعلى أمين ومحمد حسنين هيكل وفكرى أباظة ومحمد عبدالقادر، وفى مرحلة لاحقة مكرم محمد أحمد ومحسن محمد وإبراهيم سعده وإبراهيم نافع ورجب البنا، كما كان معجبا بكاريكاتير صلاح جاهين قديما ومصطفى حسين حديثا. الصباح |
|