تفرغ أمون وزوجته للعبادة
بعد مضي ثماني عشرة سنة أتفقا سويا على أن يسلكا طريق الرهبنة حتى أن زوجته قالت له: (إننا بهذا نستطيع أن نجعل حياتنا أكثر نفعا للنفوس، وأجابها أمون فرحًا، أن هذه هي أيضا رغبتي)، وأعد لها مسكنا، أما هو فانسحب إلى مكان آخر حسبما أرشده الله.
وكان للعذارى المصريات في العصور الأولي للمسيحية مكانة خاصة في عالم التعبد والنسك، وقد فضل الكثيرات منهن حياة البتولية والانقطاع للعبادة في بيوتهن، وتجد مثلا لذلك في سيرة القديس أنطونيوس.. على أن أول جماعة منظمة للراهبات أسسها القديس باخوميوس(1).
وروي سقراط المؤرخ الكنسي عن حياة أمون الزوجية أنه وزوجته اعتزلا في الجبل -جبل نتريا- عقب زواجهما مباشرة وعاشا سويا في كوخ ملحق به كنيسة صغيرة، وأنهما كانا في نتريا قبل أن يفترقا وكانا يعيشان منفصلين يتناولان الخبز الجاف ويصومان يوما أو يومين أو أكثر.
وفي يوم ما استأذن من زوجته وانطلق إلى الصحاري الداخلية لجبل نتريا أو جبل برنوج حوالي 325م حيث تفرغ للنسك والعبادة، وكانت في ذلك الزمان صحراء جرداء خالية من المؤسسات الديرية، يفصلها عن الإسكندرية بحيرة مريوط