رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَكَيْفَ تُعَزُّونَنِي بَاطِلًا، وَأَجْوِبَتُكُمْ بَقِيَتْ خِيَانَةً؟ [34]. يختم أيوب حديثه بالرجوع إلى استخدام صيغة الجمع، أي إلى الحديث مع الأشرار. فما يحل بالشرير من هلاك ودمار لن يعفيهم من الدينونة. إن كان الأشرار يدَّعون الرغبة في تعزية المتألمين، فتعزيتهم باطلة. يرفض أيوب حوارهم وبراهينهم لأنها تصدر عن قلوب غير مخلصة، بل تحمل روح الخيانة للصداقة، ولأن مزاعمهم باطلة، إذ يركزون على توبته لكي يتمتع بالرجوع إلى حالة الرخاء التي كان عليها قبل حلول النكبات. لا مجال للتعزية متى صدرت من قلوبٍ لا تحمل حبًا! يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن حوار هؤلاء الأصدقاء تسبب له آلامًا، وعوض تضميد جراحاته تزداد الجراحات. فمن جانت يتألم البار لعدم أمانتهم وإخلاصهم، ليس من أجل الاتهامات في ذاتها، ولكن من أجل عدم إخلاصهم، وخيانة الصداقة التي قامت بينه وبينهم. تتألم نفسه وتتمرر، لأنه محب للحق، ويشتهي خلاص الكل، فيجد رائحة الخطية التي للموت تفوح من أعماقهم. تئن نفسه على هلاكهم أكثر من مرارته على توجيه الاتهامات ضده! * "فكيف تعزونني باطلًا، وأجوبتكم تظهر أنها ضد الحق" [34]. لم يستطع أصدقاء أيوب أن يعزوه، هؤلاء الذين في حوارهم يقاومون الحق. عندما دعوه مرائيًا أو شريرًا ارتكبوا جريمة خطية الكذب، وبالتأكيد أضافوا متاعب للبار، وجراحاته. فإن أذهان القديسين الخاضعة للحق تتألم بسبب خطايا خداع الآخرين. قدر ما يدركون بقوة أن جريمة البطلان خطيرة، يكرهونها ليست فقط إن ارتكبوها هم بل وأيضًا إن ارتكبها الآخرون. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|