رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فضيلة الإيمان تتعلق بالشكر إن حياة الشكر مرتبطة بفضائل أخرى تسبقها وتندمج معها. ومن أهم هذه الفضائل الإيمان.. وأقصد بالذات الإيمان بالله في صفات معينة بدونها لا يمكن الوصول إلى حياة الشكر، وفي مقدمة ذلك: الإيمان بالله كصانع للخيرات، ومحب للبشر على كل شيء. فهو يحبك كإنسان، أكثر مما تحب نفسك، ويهتم بك من كل ناحية أكثر من اهتمامك بنفسك، ولذلك هو يصنع معك خيرا باستمرار، ولابد كمحب للبشر أن يصنع معك خيرا، حتى دون أن تطلب وهو قادر أن يعطيك كل ما يلزمك وما ينفعك، مهما كانت العقبات والعوائق. هو قادر على كل شيء. وهو أيضا ضابط للكل، يرقب كل ما يحدث.. ويحفظك من كل شر، يحفظ نفسك، يحفظ دخولك وخروجك (مز 121) فالحرية التي وهبها الله للناس، لا تعنى أنه تخلى عن إدارته للكون، وترك كل إنسان يفعل كما يريد بلا ضابط. إنما الله يعطى الحرية ويراقب ويلاحظ كل شيء، ويدبر الأمور بحسب مشيئته الصالحة، ويغير ما يراه محتاجا إلى تغيير. ويوقف بعض الأمور، ولا يسمح بأمور أخرى، وكل هذا يحتاج إلى شكر هنا تشكر الله على تدبيره للكون وحفظك من الأشرار. ويزول منك الخوف، وتشعر بالاطمئنان إلى حماية الله.. لأن الشر الذي تخشاه، إنما يأتيك من مصادر ثلاثة: أما من الناس الأشرار، وأما من الشياطين، وأما من نفسك، أي من حريتك الشخصي التي تضر بها نفسك. والله كضابط للكل، يهيمن على كل هذه المصادر، وما أكثر ما أوقفها لأجل خلاصك، سواء كنت تدرى أو لا تدرى. فالله لا يمنح الحرية المطلقة لأحد، وإلا هلك العالم..! استمع إلى داود النبي يتغنى: لولا أن الرب كان معنا، حين قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء، عند سخط غضبهم علينا (مز 124). أشكر الرب إذن، لأنه يحميك من الناس الأشرار (فلا يقع بك أحد ليؤذيك) (أع 18: 10)،وان أصابك سوء في يوم من الأيام، فثق أن ذلك لفائدتك، وسينتهي بخير، وتنال من ورائه بركة. لذلك أشكر الرب على كل ما يأتيك، حتى من الشر الذي سيخرج الرب منه خيرا. هذا من جهة الناس الأشرار. وأيضا.. حتى الشياطين ليسوا أحرارا حرية كاملة فيما يعملون.. إن الله لم يتركهم لهواهم، وإلا لأفسدوا وأهلكوا الأرض كلها..! أمامنا مثل واضح في تجربة أيوب الصديق، وكيف أن الشيطان كانت حريته محدودة. اذ كان يقترح أمورا. والله يسمح له أو لا يسمح. ويضع له حدودا وقيودا معينة. وقال له أولا (هوذا كل ماله في يدك. وإنما إليه لا تمد يدك) (أى 1: 12) وفي المرة الثانية سمح له أن يمد يده إلى جسد أيوب، دون عقله ونفسه) (أى 2: 6). أشكر الله إذن، الذي قيد حرية الشيطان.. وهذا الأمر يمنحك السلام القلبي، فلا تخاف من الشياطين، ولا من أعوانهم من الناس الأشرار. والسلام وعدم الخوف نعمة أخرى تشكر الله عليها، وتقول في ثقة. (إن كان الله معنا، فمن علينا؟!) (رو 8: 31) وهكذا تعيش في اطمئنان دائم. وهذا الاطمئنان هو أيضا نعمة، تحتاج إلى شكر. الإنسان المؤمن يعيش إذن في سلام واطمئنان وثقة بعمل الله وعدم الخوف. وتتحول حياته بهذا الإيمان إلى شكر دائم. وهذا الإيمان الذي سبب له الشكر، هو أيضا نعمة تحتاج إلى شكر. انه ينام في حضن الله مطمئنًا، شاكرًا عنايته، مهما كانت الظروف المحيطة به ضاغطة وذلك لأنه ينظر باستمرار إلى عمل الله، وليس إلى الظروف الضاغطة. ويقول مع داود النبي، في ملء الإيمان (إن سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شرا لأنك أنت معي) (مز 23). قد تقف ضد هذا الإيمان رؤيتنا البشرية القاصرة. تقف ضد الإيمان، وبالتالي لا تسمح بوجود الشكر، بل قد تسبب القلق والاضطراب والخوف، والشعور ببعد المعونة الإلهية! ولكن رؤيتنا البشرية قاصرة ومحدودة. لأنها تبصر فقط المشاكل الحالية، ولا تبصر الحلول المقبلة! تبصر الألم الحاضر، ولا تبصر فرح المستقبل. لذلك إذا عشت في المشكلة تتعب. أما إن عشت في الإيمان فسوف ترى حلولا كثيرة، فتفرح وتشكر الله هناك فرق كبير بين الإيمان والعيان. العيان معناه أنك ترى الأشياء بعينيك، ولا تشكر إلا على الخير المحسوس الذي تراه بعينيك. أما في الإيمان فانك تشكر على الخير الذي تراه، ولكنك تؤمن أنه موجود، واثقا بعمل الله.. الإيمان يرى ما لا تراه العين وما لا تدركه الحواس. انه يبصر عمل الله ونعمته القادمة ومعونته. ويرى عمل الله المقبل كأنه موجود الآن، ويفرح به ويشكر عليه. يرى ما ليس كائنا كأنه كائن. ويبصر الله يقوده في مراع خضراء، ويحفظ دخوله وخروجه. الإيمان يقول مع الرسول: (كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله) (رو 8: 28). ليتكم تحفظون هذه الآية، وتضعونها أمامكم باستمرار، فتكون لكم ينبوعا للشكر. لاحظوا في هذه الآية عبارة (للذين يحبون الله) إن الذين يحبون الله، يشعرون بمحبته، ويصدقون مواعيده، لذل هم يؤمنون بكل يقين أن كل الأشياء تعمل معهم للخير، لأنها تحت ضبط الله محب البشر.. لذلك هم يعيشون في فرح دائم، وفي شكر دائم، يتفقان مع محبتهم لله. الإيمان يصدق بالحب كل شيء (1كو 13: 7). انه يصدق أن الصخرة الصماء يمكن أن ينفجر منها الماء (خر 17: 6) ويصدق أن الله يمكنه أن يشق له طريقا في البحر يسير فيه آمنا (خر 14: 31) ويؤمن كذلك أن الله ينزل له من السماء المن والسلوى ليأكل (خر 16) كذلك بالإيمان يرى الله معه في جب الأسود، ومعه في أتون النار (دا 3، 6). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فضيلة الهدف السليم تتعلق بالشكر |
فضيلة الاتضاع تتعلق بالشكر |
فضيلة الصبر تتعلق بالشكر |
فضائل تتعلق بالشكر |
فضائل تتعلق بالشكر |