وهب الله الإنسان نفسًا تتقبَّل وصاياه التي يعلنها له طبيعيًا عبر التاريخ البشري. الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يمكن القول عنه أنه له تاريخ ممتد ومتقدم. يستطيع الإنسان أن يدرك طرق الله التي لا تُخفَى عن عينيه وعن بصيرته الداخلية [13]. إن كان الله يطلب من كل الأمم كما من كل إنسان: "احترسوا من كل ظلم، وأوصاهم كل واحدٍ في حق قريبه" [14]، فبالحريّ في تدبيره لخلاص الأمم وإسرائيل لا يسمح بالظلم؛ إنه محب لكل البشرية، وبار في خطته وتدبيره لخلاص العالم. تتلخص هذه الخطة في الآتي: أولًا: أقام ملوكًا وحكامًا لكل أمة، ويرعى إسرائيل بكونه نصيب الربّ، وفي رعايته لا يحابيهم. ثانيًا: بروح الشرّ كانت الأمم تجتذب إسرائيل وتغريها على عبادة الأصنام، فالطرفان سقطا في الشرّ. الأمم أغرت إسرائيل، وإسرائيل خان الربّ بعبادته لأصنام الأمم وارتكابه الرجاسات الوثنية. ثالثا: بغير محاباة سمح الله بتفريق إسرائيل بين الشعوب بسبب خطاياه، وفي نفس الوقت فتح لهم باب الرجوع إلى أرض الموعد، فإن تابوا يجمعهم من أقاصي المسكونة.