رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأحد: يوم الاحتفال بالعيد إنَّ يوم قيامة المسيح هو يوم الشروق العظيم، شروق ابن الله القائم منتصراً من الأموات بين ظلام الأشرار المنافقين.. وهو يوم الحياة لأنَّ فيه قد قام الحيُّ الذي ذاق الموت بالجسد وأحيا معه الأبرار.. يوم فرح السمائيين والأرضيين، إذ فيه تم الصلح بعد أن كانوا متخاصمين! يقول مار يعقوب السروجيّ : اليوم هو البكر لأنَّ فيه قد قام البكر من بين الأموات، لكي يرفع جنس أُمه إلى مكان أبيه، اليوم هو حامل كل البشارات لأنَّه عزى التلاميذ الحزانى، اليوم اجتمع الخراف المبددون لأنَّ الراعي قام وهرب الذئاب، في هذا اليوم نسأل: أين شوكتك يا موت أين غلبتك ياهاوية؟ كان اليهود يُقدّسون يوم السبت (خر20: 8-10) ولكن بالرجوع إلى التاريخ القديم، نرى أنَّ الذين قد اعتنقوا المسيحية من اليهود في القرون الأولى تحوَّلوا من تقديس يوم السبت، وأخذوا في تقديس يوم الأحد مع الذين آمنوا من الوثنيين، الأمر الذي يدل على أنَّهم كانوا يعلمون علم اليقين أنَّ المسيح قد قام قال القديس برنابا: " إننا على العكس من اليهود نُقدّس اليوم الثامن، أو بالأحرى يوم الأحد " ، وبابياس يقول: " إننا نحفظ يوم الأحد بدل من يوم السبت لأنَّه يوم القيامة ".وقد أُطلق على الأحد " يوم الرب "، وهى تسمية مسيحية مأخوذة عن سفر الرؤيا، حيث رأى يوحنا الحبيب رؤياه في ذلك اليوم فقال: " كُنْتُ فِي الرُّوحِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ " (رؤ10:1). كما أنَّ إعلان ربوبية السيد المسيح من خلال قيامته المقدسة في " أول الأسبوع " (مر2:16)، كان هو السبب في إطلاق " يوم الرب " على اليوم الأول من الأُسبوع الذى يُكتب باللغة القبطية " ويُنطَق: كيرياكي ". أمَّا تاريخ يوم الأحد، فيبدأ بقيامة السيد المسيح، التي بشهادة الأناجيل تمتْ فجر الأحد، وأول احتفال بيوم الرب تم في الأحد الأول بعد القيامة، يقول القديس يوحنَّا الإنجيليّ " وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ لَهُمْ سلاَمٌ لَكُمْ " (يو20: 19). وقد نالوا في يوم الأحد عطية الروح القدس كما جاء في سفر الأعمال: " وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعاً بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَصَارَ بَغْتَةًمِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ.. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ " (أع2: 1- 41). ومنذ العصر الرسوليّ وإلى الآن، لايزال المسيحيون يُقدّسون هذا اليوم العظيم، الذى خصصوه للعبادة بكل فرح وشكر كما أمرت الدسقولية .ففى سفر أعمال الرسل، نقرأ عن اجتماع القديس بولس الرسول، مع المؤمنين في ترواس أول الأُسبوع (الأحد) وذلك لكى يكسروا الخبز: " وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزاً، خَاطَبَهُمْ بُولُسُ وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْغَدِ وَأَطَالَ الْكَلاَمَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ.." (أع7:20)، وفى الرسالة الأولى لأهل كورنثوس يقول: " فِي كُلِّ أَوَّلِ أُسْبُوعٍ لِيَضَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عِنْدَهُ خَازِناً مَا تَيَسَّرَ حَتَّى إِذَا جِئْتُ لاَ يَكُونُ جَمْعٌ حِينَئِذٍ " (1كو2:16). وهكذا صار يوم الأحد ركيزة الأُسبوع وبدؤه، منه ننطلق وإليه نعود، ويوم لقاء المؤمنين حول سر الإفخارستيا، ويوم لقاء الرهبان والنسّاك في الكنيسة، كما ورد في تقليد القديسين باخوميوس ومقاريوس.. ولدى اعتناق الملك قسطنطين المسيحية، وإعلانها ديناً رسمياً للإمبراطورية الرومانية، قرر أن يكون يوم الأحد يوم راحة، لكي يتحرر المسيحيون من أعباء العمل، وذلك لكي يتفرغوا للعبادة باستعداد روحيّ وجسديّ، والاحتفال بذكرى قيامة الرب مع الإفخارستيا التي توحّد أجساد المؤمنين في جسد واحد ألا وهو: جسد المسيح. ولأنَّ الأحد هو يوم قيامة الرب، الذى يجب أن نفرح ونُسر فيه (مز24:118)، لذلك منعت الكنيسة الصوم الانقطاعيّ فيه، فقد جاء في قوانين الرسل: " إذا وجد أحد الإكليروس يصوم الأحد أو السبت، ما خلا السبت الكبير الذي للبصخة فليُقطَع، وإن كان علمانياً فلا يُقرَّب " .وفى هذا اليوم المُقدّس لا يجوز عمل ميطانيات، فقد جاء في قوانين ابن العسال: " ولا يكن في أيام الآحاد والأعياد المجيدة سجود لأنَّها أيام فرح ". اعتراض لقد صرَّح السيد المسيح بأنَّه سيكون في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالٍلأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ " (مت40:12)، في حين أنه دُفن يوم الجمعة وقام يوم الأحد، مما أدى إلى اعتراض البعض قائلين:إنَّه لم يمكث في القبر سوى يوم واحد ألا وهو: يوم السبت، وجزء من يوم الجمعة الذى دُفن فيه، وقام باكراً يوم الأحد.. الـــرد اعتاد كتبة الكتاب المقدس، أن يطلقوا الجزء على الكل أو على اليوم، وهم في الحقيقة يُريدون جزء منه فقط، فعلى سبيل المثال: طلبتْ أستير الملكة أن يصوم قومها ثلاثة أيام، لكي تدخل إلى الملك (أس16:4)، في حين أنَّها في اليوم الثالث وقفتْ أمام الملك (أس2,1:5). يوسف الصديق أمر بحبس إخوته ثلاثة أيام، ولكنَّهم في اليوم الثالث وقفوا أمامه وقد خاطبهم (تك42،18:17). وعندما أتى يربعام والشعب إلى رحبعام، طالبين أن يخفف عنهم نير أبيه قال لهم: ارجعوا إليّ بعد ثلاثة أيام، فذهب الشعب (1أى5:10)، لكنَّهم جاؤا إليه في اليوم الثالث (1أى12:10).كما أنَّ العقل بل الشرع من عادته إطلاق اسم الكل على الجزء، مثل مَنْ يقول: رأيتُ فلاناً وهو لم يرَ منه إلاَّ لباسه فقط، أو بعض أعضائه الدالة عليه. وعلى الرغم من أنَّ المقابلة تمتْ في جزء من المدينة إلاَّ أنَّه يقول: لقد رأيتُه في مدينة القاهرة أو الإسكندرية..وقد يقول قائل: لقد قابلتُ اليوم صديقاً لي في اليوم الفلانيّ، وجلستُ معه يوماً.. ولا يشترط في ذلك أن تكون المقابلة طالتْ إلى يوم كامل، فربَّما كانت عدة ساعات. هذا بالإضافة إلى أنَّ المسيح لم يقل: إنَّه يبقى في باطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ كاملة، بدليل أنَّه قال أكثر من مرَّة: إنّه في اليوم الثالث يقوم (مت21:16)، فلو أنَّه مكث في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ كاملة لكانت قيامته في اليوم الرابع لا الثالث كما وعد.ولمّا كان اليوم أو جزء منه، يُحسب في العادة يوماً، فإنَّ المسيح وقد أسلم روحه الإنسانية في الساعة التاسعة من نهار جمعة الصلب، ومكث في القبر يوم السبت بأكمله، وقام باكراً يوم الأحد، فإنَّ فجر الأحد يكون هو:اليوم الثالث الذي قام فيه السـيد المسيح كما قال. |
|