|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كيف كانت حياة تلك الشعوب الكنعانية، وإلى أي مدى بلغت شرورهم وانحطاطهم الخُلقي؟ ج: 1- عندما إقترب يشوع من أرض الموعد كانت شعوبها تسكن بالأكثر في الوديان والمناطق الساحلية، وكان لكل شعب مدنه المستقلة التي كانت بمثابة جزر منفصلة، فكل مدينة لها ملكها ورجالها وأشرافها وسياستها، فهي أشبه بدولة مستقلة، ويقول " المطران يوسف الدبس": "وكانت بلاد فلسطين يومئذ منقسمة إلى ممالك عديدة، لكن هذه الممالك لم تكن إلاَّ أعمالًا أو أقطاعًا مستقلًا أحدهما عن الآخر، ويلي كلاَّ منها حاكم يسمونه ملكًا يتآمَّر على عشيرته، وهذه العشائر هي التي سماها الكتاب الحثيين واليبوسيين والأموريين.. إلخ. وقد جاءت الآثار المصرية مصداقًا لما ورد في الكتاب، فقد كشف العالِم "مزيات " عن وجه مساكن في أخربة هيكل الكرنك على مقربة من تاب (طيبة) القديمة، دُوَّن عليها تحوتمس الثالث أحد ملوك الدولة الثامنة عشرة أكثر من ست مئة اسم موضع، إستحوذ عليها، وبين هذه الأسماء مئة وتسعة عشر علمًا لعشائر ومواضع في فلسطين، وهي منقسمة إلى ست دوائر كأنها ست إمارات. ويمكن أن تُقرأ أسماؤها كما يأتي يابوسي (اليبوسيون)، أموري (الآموريون)، كركاسي (الجرجسيون)، حِيوي (الحوويون)، عرقي (العرقيون أو الحثيون)، سيني (السينيون أو الفرزيون) وقد رُقِمت هذه الخطوط في مدة إقامة بني إسرائيل في مصر قبل خروجهم منها"(1). ويمكن تقسيم المجتمع الكنعاني إلى ثلاث فئات: أ- قبائل متحضرة مستقرة: مثل الأموريين الذين سكنوا المدن التي تقع في الوديان والتلال في المنطقة التي تقع بين نهر الأردن والبحر المتوسط، والفينيقيين الذين سكنوا المناطق الساحلية وعملوا بالتجارة. ب- قبائل نصف متحضرة ونصف مستقرة: مثل الأدوميين الذين عملوا بمهنة الرعي بالإضافة إلى أنشطة أخرى. جـ- قبائل البدو: مثل العماليق والمديانيين الذي يعتمدون كلية على الرعي، ويرتحلون من مكان إلى آخر بحثًا عن الماء والكلا. إذًا نستطيع أن نقول أن الكنعانيين أشتغلوا بالزراعة وعرفوا حياة الاستقرار والمدن الحصينة، بالإضافة إلى الرعي على التلال التي تميزت بها أرض فلسطين، بالإضافة إلى أعمال التجارة، ولاسيما أن موقعهم يعد موقعًا إستراتيجيًا، فتبادلوا التجارة مع مصر، وسوريا، وبلاد ما بين النهرين، وجزيرة كريت، وجزر بحر أيجة باليونان. كما أتقن الكنعانيون صناعة الأقمشة، وصناعة الخزف الملوُّن، وبرعوا في فن الكتابة، حتى صارت لغتهم فيما بعد هي أم اللغات الأوربية. ويعلق " جان مازيل " على مدى تقدم الحضارة الفينيقية والتي تعتبر وريثة الحضارة الكنعانية، فمن جهة فن العمارة يقول " يُعزىَ إلى الفينيقيين فن قطع الحجر ونحته من أجل البناء، كما رأينا في بعلبك. ومنذ إقامة البيوت الحضرية الأولى في جبيل حافظوا على تقدمهم على مر القرون. وأبرز الشواهد على مهارتهم هو اعتماد سليمان على مهندسين وبنائين حوريين لإقامة معبد أورشليم، أجمل معابد عصره"(2). ومن جهة التجارة والصناعة يقول " جان مازيل": "مارس الفينيقيون صناعة وتجارة المواد الثمينة وبرعوا فيها. ولم تغفل النصوص التوراتية ذكر ذلك. فكانوا يشترون المواد الخام، وخاصة الذهب، وينتجون منها مُختلف التحف للتجارة، وكانت لديهم بصورة خاصة مهارة في صنع الحُلي المفرَّغة التي قد تكون من أوراق الذهب أو من فتائل معدنية. وهذا النوع من الحُلي وُجِد في مختلف الأماكن السياحية التي عرفها الفينيقيون والقرطاجيون"(3). ومن جهة صناعة النسيج يقول " جان مازيل": "تمتعت منسوجات الفينيقيين القطنية والصوفية بالجودة وصارت لها شهرة، حتى أن رجال ونساء طبقة الأشراف الرومان كانو يتهافتون على منسوجات صور الرائعة"(4). ووصل تقدم الفينيقيين إلى إستخراج المياه العذبة من البحر، فيقول " جان مازيل": "وكان أن سكان إحدى هذه الجزر وهي " أرواد " لاحظوا هنا وهناك فورانًا غريبًا على وجه ماء البحر ثم تبين لهم أن منابع مياه عذبة تخرج من قاع البحر على أعماق قليلة. وتوصلوا إلى إستغلال هذه المياه بتثبيت قمع برونزي كبير مقلوب فوق النبع ووُصّل القمع بأنبوب طري من الجلد مدهون بالزفت من أجل الكتامة ومرفوع حتى سطح الماء بحيث يُعبَّأ منه الماء العذب في أوعية للنقل. ولم يقتصر ذلك على جزيرة أرواد فحسب بل وُجِدت هذه الينابيع على طول الساحل الفينيقي. وهكذا أحرز الفينيقيون قفزة حضارية في هذا المجال وكل المجالات الأخرى، بإيجاد تقنيات جديدة وتحسين التقنيات الموجودة. ومن ذلك ما لم يزل معروفًا حتى أيامنا هذه"(5). 2- كان للكنعانيين آلهة عديدة مثل الإله " البعل " ودعوه " السيد " Lord، والإله " هدد " Hadad إله العاصفة والإلهة " عشتاروت"، والإلهة " عناة"، ولم يكن للكنعانيين معابد أو هياكل، ويقول " المطران يوسف الدبس": "بل كانوا يعبدون آلهتهم على قمم الجبال والمشارف، فيقيمون هناك عمودًا أو نصبًا أو صخرًا يسمونه بيت إيل، أي مسكن الرب، فيعبدونه ويجلونه، وعنهم أخذ بنو إسرائيل المشارف"(6). أما الفينيقيون فقد أقاموا المعابد الشبيهة بالمعابد المصرية،ومن أقدم هذه المعابد " هيكل ملكرت " في صور، فيقول " المطران يوسف الدبس": "هيئة هيكل ملكرت في صور، وكان أمام هيكلهم غالبًا رواق أرفع عن سائر البناء، ويليه معبد تُقدَّم به الضحايا والتقادم، ثم معبد آخر، ثم قدس أقداس لا يحل للعامة ولا لجميع الكهنة الدخول إليه. وكان بجوانبه مخادع للخدام"(7). 3- إنحدرت الشعوب الكنعانية إلى أحط أنواع الرذيلة، وتوغلوا في الشر، وشابهوا في سلوكهم سدوم وعمورة، حتى أنهم كانوا يقدمون أبنائهم ذبائح للأصنام، وكانت كاهنات المعبد يمارسن البغاء المقدس، فيعتبرنَّ أن الزنا من طقوس العبادة، ويقول " القمص مكسيموس وصفي": "كان أشر ما في حياة الكنعانيين هو عبادتهم التي أقترنت ممارستها بتقديم الذبائح البشرية، ومن أنواع أخرى من الشر مثل الزنى والسكر بالخمر والمجون. وقد إنتشرت تلك العبادات في كل من شرق وغرب الأردن، وقد أُكتشفت في عمان (عاصمة المملكة الأردنية) وهي أرض العمونيين أعداد كبيرة من بقايا عظام أطفال محروقة بالنار قُدمت للإله مولك وكوش إله الموآبيين (1 مل 11: 5)"(8). ويقول " المطران يوسف الدبس": "وأسوأ الصنيع في ذلك تقدمة الضحايا تكرمةً لبعل مُلوك، إذ كان الآباء أنفسهم يطرحون أولادهم في النار المضطرمة، ومصدر هذا الصنيع المُخيف تصوُّرهم طبع الإله ناريًّا، واعتقادهم شيئًا من الألوهية في النار. فيضحون بأولادهم ليشتركوا في شيء من الألوهية أو يسترضوا الإله المتغصب. وكانت الضحايا البشرية عندهم أعظم الضحايا. ويقدمون بها غالبًا بكر أولادهم أو أحدث مولود لهم معتقدين أنهم بذلك يكرّمون الإله بأنفس ما يملكون"(9). كما يقول " المطران يوسف الدبس " أيضًا " كان كهنة بعل وعشتروت عند الفينيقيين في أعيادهم يلبسون ملابس النساء ويخضبون وجوههم بالحمرة، ويزحّجون حواجبهم، ويكحلون عيونهم، ويعروُّن أيديهم إلى الكتف، ويحملون بأيديهم سيوفًا أو يتنكبون حرابًا، ويتأبطون دفوفًا أو معازف يضربون بها، ويرقصون ويضجون ويدورون على عقب واحد، وينعطفون برأسهم إلى الأرض عند دورانهم فيمرغون شعورهم بالوحول، ويعضُّون أذرعهم، ويخدشون أجسامهم بسيوف وحراب كما جاء في سفر الملوك الثالث (1 مل 18: 28) فإذا سال دمهم قدموه ضحية لآلهتهم الدموية"(10). ويقول " زينون كوسيدوفسكي " عن الإله " مُلوك": "أبشع جوانب طقس هذا الإله أن تابعية كانوا يقدمون له قرابين بشرية وخصوصًا الأطفال، وأكثر ما أنتشر هذا التقليد السيء في قرطاجنة، نعم لقد دلت الاكتشافات الأثرية على أن الكنعانيين ظلوا لفترة طويلة بعد التغلغل الإسرائيلي يقدمون الأطفال قرابين الآلهة، وقد وُجدت هناك مقبرة كل المدفونين فيها من الأطفال وعلى بقايا عظامهم آثار واضحة للحرق. وكان الكنعانيون يحرقون الأطفال قربانًا للآلهة ثم يضعون كل طفل في آنية ويدفنونها في التراب"(11). ويقول " جان مازيل": "من الواضح إذًا أن البغاء المقدَّس كان يُمارس في المعابد الفينيقية، ومن المحتمل أيضًا أن طقوسًا جماعية بهذا الصدد كانت تُمارس حسب تغيُّرات الفصول لاستنزال النعم السماوية والخصوبة للأرض"(12). كما يحدثنا " جان مازيل " عن الانحطاط الخُلقي في العبادة القبرصية، ومن المعروف أنه كان هناك تبادل تجاري بين قبرص وأرض كنعان، فيقول " كانت قبرص تشتهر بمعبد أفروديت في باخوس، وكان هذا المعبد مكرَّسًا كليًا للحب، وكما هو الحال في كل معابد أفروديت بذلك العصر كانت تقوم بخدمة ذلك المعبد راهبات نذرن أنفسهن للبغاء المقدَّس.. ويصف لنا سترابون معبد " كورنث " بأنه صغير جدًا لكنه فائق الشهرة، ويقع في وسط القلعة. وكان يوجد في ذلك المعبد حوالي المئة راهبة مكبَّات على ممارسة العبادة وقد نذرن أنفسهن للهوى. وكانت متطلباتهن الكثيرة قد عادت على المعبد بموارد هائلة"(13). وجاء في " دائرة المعارف الكتابية": "وقد كشفت الحفريات الأثرية عن أن تلك الشعوب وصلت إلى الدرك الأسفل في ممارستها الجنسية فجلبوا الدمار على أنفسهم بانغماسهم في الفساد"(14). وجاء أيضًا في دائرة المعارف الكتابية " فقد أُكتشف في بيبلوس في فينيقية مركز كان مخصصًا لعبادة " عناة " من الواضح أنها كانت تُمارس فيه الدعارة الدينية الفاضحة وطقوس الخصوبة الجنسية، فوُجدت هناك تماثيل صغيرة عارية لإناث.. وفي عصر العمارنة كان للديانة الكنعانية العربيدة تأثيرها في الشرق الأوسط.. ويبدو أن الكنعانيين كانوا يحتفلون بأربعة أعياد رئيسية لها علاقة بالزراعة، وكانت هذه الأعياد على الدوام مواسم للعربدة والسكر والإفراط في الممارسات الجنسية، فمن الواضح أن الديانة الكنعانية كانت أكثر الديانات انحطاطًا في الأمور الجنسية في العالم القديم" |
|