02 - 03 - 2015, 09:50 PM
|
|
سراج مضئ | الفرح المسيحى
|
|
|
|
|
|
المحبة الأخوية
لكي ننعم بعمل السيد المسيح الكفاري بكونه رئيس الكهنة الأعظم السماوي، يلزمنا أن نعلن محبتنا للآخرين، لا كشرطٍ نبدأ نحن به، وإنما كالتحام حيّ للحب الإلهي بالحب الأخوي. فإنه بالحق كلما اتسع قلبنا خلال عمل الله أو محبته أحببنا نحن أيضًا إخوتنا، وكلما أحببنا الإخوة أعلن الله بالأكثر حبه فينا.
يوصينا الرسول: "لِتَثْبُتِ الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ" [١]. ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم هكذا: [انظر كيف يأمر بالثبات فيما هم عليه فعلًا... إذ لم يقل لهم "كونوا محبين للإخوة"، بل قال "لتثبت المحبة الأخوية".] هكذا يتكلم الرسول بحكمة الروح، فيشجعهم على النمو في المحبة، لا كأمرٍ جديدٍ لم يتذوقوه، وإنما كحياة هم بالفعل يمارسونها. وكأنه يكرر ما يقوله لأهل تسالونيكي: "وأما المحبة الأخوية، فلا حاجة لكم أن أكتب إليكم عنها لأنهم أنفسكم متعلمون من الله أن يحب بعضكم بعضًا" (١ تس ٤: ٩). وكأن الرسول قد أدرك أن المؤمنين لا يمكن أن يكونوا خالين من المحبة وإنما يحملون بذارها على الدوام، وهم في حاجة إلى النمو والثبات فيها.2. محبة الغرباءيترجم الرسول المحبة الأخوية إلى جوانب عملية يبدأها بإضافة الغرباء، وللمرة الثانية لا يقدم الوصية في صيغة أمرٍ، إنما في شكل تذكير لعمل يمارسونه هم وقد سبق فمارسه آباؤهم، ونالوا عليه مكافأة عظيمة، إذ يقول: "لاَ تَنْسُوا إِضَافَةَ الْغُرَبَاءِ، لأَنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلاَئِكَةً وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ" [٢]. يعود بفكره إلى أبينا إبراهيم حيث استضاف ثلاثة عابرين عند باب خيمته في ممرا ثم اكتشف أنهم ظهور للرب وملاكين معه، كما عاد إلى لوط الذي استضاف ملاكين.
يليق بنا كغرباء على الأرض أن نهتم بالغرباء، وكأناس معرضين للسقوط تحت الضيق أن نسند المتضايقين، إذ يقول الرسول: "اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ" [٣]. لا نشاركهم بالرثاء المجرد بل بالحب العامل، نشعر بالشركة الحقيقية مع كل عضو. "فإن كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه" (رو ١٢: ١٥). هذه الشركة عاشها أولاد الله في العهدين القديم والجديد، فيقول إرميا النبي وهو يرى شعبه منسحقًا بسبب السبي رغم مقاومة الشعب له: "من أجل سحق بنت شعي انسحقت، حزنت، أخذتني دهشة" (إر ٨:٢١)، ويقول الرسول: "من يضعف وأنا لا أضعف، من يعثر وأنا لا ألتهب؟!" (٢ كو ١١: ٢٩). وتظهر شركة الحب العملي في كلمات آباء الكنيسة المحبين فيقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [ليس شيء أحب إلىّ أكثر منكم، لا، ولا حتى النور! إني أود أن أقدم بكل سرور عيني ربوات المرات وأكثر - ما أمكن - من أجل توبة نفوسكم!... إني أحبكم، حتى أذوب فيكم، وتكونون لي كل شيء، أبي وأمي وإخوتي وأولادي.]
|