منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 11 - 2024, 11:16 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

مفهوم حرية الإنسان


مفهوم حرية الإنسان

عندما هاجم الرسول بولس الفلسفة الغنوسية في رسالة كولوسي، لم يحذرنا من هذه الفلسفة فحسب، بل من الفلسفة بوجه عام (كو٢: ٨). وبنظرة سريعة نجد أن لحرية الإنسان قيمة عظمى لدى كثير من الفلاسفة، حتى إنك تجدها وقد صارت نقطة الانطلاق في كثير من نظرياتهم عن الإنسان. على أن كلمة الله، عندما كلَّمتنا عن الحرية كعطية ممنوحة من الله للإنسان، أشارت إليها على خلفية تحرير الإنسان من عبودية كان يرزح تحتها (يو٨: ٣٤-٣٦). أما عندما نتكلَّم عن الإنسان حين خلقه الله، فلا نجد أن الكتاب يُخبرنا أصلًا عن أن الله أعطاه حرية أو أنه خلقه حرًّا. لا أقصد بكلامي هذا نفي أن الله خلقه حرًّا، لكني أنبه القارئ العزيز إلى عدم اكتراث الروح القدس أن يسلط الضوء على هذه الحقيقة، بل إننا لا نجد أيضًا تسليط للضوء على أنه أعطاه عقلاً وإرادة، مع أنه بالتأكيد أعطاه عقلاً وإرادة. ولعل السبب وراء هذا أنه أخبرنا أن الله أوصاه بوصية (تك٢: ١٧،١٦)، فمن البديهي لدى أي قارئ للكتاب أن يفهم أن وجود الوصية يتطلب بالضرورة وجود عقل وإرادة حرة غير مسلوبة، فإن أعطاك شخصٌ ما سيارته وكلّفك بمسؤولية استخدامها في مهام محدَّدة، فإنه ليس من الطبيعي أنك تخرج وتهلل أمام الناس قائلًا: لقد أعطاني فلان محركًا داخل السيارة! لأن هذا أمر بديهي. لقد اعتدت أن أتوقع التعاليم الشريرة بمجرد سماع أفكار صحيحة لكنها تعطي انطباعًا للسامع بأن لشيء ما قيمة ضخمة جدًا، بينما أجد الكتاب لا يعطي لهذا الشيء ذات هذه القيمة، فلا بد أن مَن يُعلِّم بذلك يريد أن يبني تعليمًا شريرًا على المبالغة في تقييم هذا الشيء.

إذن الله وضع الإنسان تحت وصية، وليس شيء يبرهن على خضوع الإنسان لله صاحب السلطان سوى طاعة الوصية، وكان لا بد أن يكون الإنسان عاقلًا غير مسلوب الإرادة لتكون طاعته ذات قيمة. لاحظ أنه لم يعطِه الإرادة الحرة ليفعل بها ما يشاء، لكنه أعطاها إياه لتعطي هي قيمة لطاعته.

من كل ما سبق، نفهم أن القول بأن الله خيَّر الإنسان بين فعل الخير وفعل الشر يحتوي على خطأين، الأول أن الإنسان في الجنة لم يكن يعرف لا الخير ولا الشر، بدليل أن الشجرة المنهي عنها اسمها شجرة معرفة الخير والشر، فلا يمكن أن الله يخيِّره بين أمرين لا يعرفهما. أما الخطأ الثاني هو أن كلام الله مع آدم لا يتضمن أصلًا فكرة وضعه أمام اختيارين، لكنه ببساطة كان يتكلم عن وصية، فالله لم يضع أمامه طريقين وخيَّره بينهما معطيًا إياه نصيحة باختيار إحداهما، وتحذير من عواقب اختيار الآخر، لكنه وضع أمامه طريقًا واحدًا وأوصاه أن يسير فيه، وأعطاه الإرادة الحرة لتعطي لطاعته الوصية قيمة كما فهمنا.

إن الأمر ذاته نراه في تعامل الله مع الإنسان حتى بعد السقوط، فلم يضع الله إسرائيل أمام اختيارين، حتى في تلك العبارة التي تُفهم خطأ أحيانًا، والتي يقول فيها أنه قد وضع أمامهم الحياة والموت، فإننا إذ نكمل الآية نجد أنه يأمرهم بأن يختاروا الحياة (تث٣٠: ١٥-٢٠). وكذلك في رسالة الإنجيل، لا نجد أن الله يخيِّر الإنسان، بل إنه يأمره بالتوبة (أع١٧: ٣٠)، والموقف الذي يتخذه من يقبل المسيح مخلصًّا يسميه الكتاب ”إطاعة الإيمان“ (رو١٦: ٢٥، ٢٦).

وهنا أذَكِّرك قارئي العزيز بأننا لسنا أمام فكرة خاطئة أو تعليم شرير، بل إننا أمام بنيان فكري متكامل يفتقد لمصادقة الكتاب عليه، فإن كنا قد رأينا مدى الانحراف الفكري في مسألة مفهوم حرية الإنسان، إلا أن هذا الفكر لم يكن إلا حجر الأساس لأفكار أخرى سنراها الآن.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
العلاقة بين مفهوم حرية الإنسان وحق الإنجيل
الإنسان معرّض للموت، حسب مفهوم الكتاب المقدس
ما مفهوم الإنسان المخلوق على صورة الله
حرية الإنسان
مفهوم الوحي الإلهي في المسيحية | كيف يكلم الله الإنسان


الساعة الآن 10:18 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024