رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يُعتبر الذهن الهدف الأساسي الذي يشن إبليس هجماته عليه، وساحة المعركة الحقيقية.. وذلك لأسباب عديدة سنحاول أن نستعرض القسم الأكبر منها اليوم.. فلو تأملنا لدقائق بسيطة، لأدركنا معاً، أنّ كافة تصرفاتنا وكلماتنا المنطوقة دون استثناء، ما هي إلاّ وليدة أفكار سبقَ أن انشغلت فيها أذهاننا لفترة محددة، قد تكون قصيرة أو طويلة.. ولهذا السبب تقول كلمة الله: " لأنه كما شعر (أو كما افتكر) في نفسه (أو في قلبه) هكذا هو (أو هكذا يكون)... " (أمثال 23 : 7). وبطريقة مبسطة: فإنّ تصرفاتك وكلماتك، وردة فعلك تجاه ما تتواجه معه يومياً... ستكون كما تفتكر في نفسك أنها ستكون.. وكما يقول المثل العاميّ: قل لي من تعاشر، أقل لكَ من أنت.. يمكننا القول: قل لي بماذا تفكّر، أقول لك ماذا ستفعل ومن ستكون !!! ولهذا السبب ينبّهنا الرسول بولس قائلاً: " أخيراً أيها الإخوة، كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مسرّ، كل ما صيته حسن، إن كانت فضيلة، وإن كـان مدح، ففي هذه افتكروا (أو اشغلوا أفكاركم به، أو ركّزوا تفكيركم عليه) " (فيلبي 4 : 8). تبدأ هذه الآية بأن نفتكر بكل ما هو حق.. وأريد هنا أن الفت الانتباه بأنه لا يوجد حق خارج كلمة الله.. وكأنها تقول افتكروا بكلمة الله.. والحق هو عكس الكذب.. الذي يستخدمه معنا الشيطان بصورة دائمة.. لأنه كما قال عنه الرب يسوع المسيح: " كذاب وأبو الكذاب " (يوحنا 8 : 44). ولكي لا نُخدع ينبغي أن ندرك هذه الأمور: الحق ليس ما تشعر به أبداً.. الحق ليس ما تظن أنك هو أبداً.. الحق ليس ما تمليه عليك أفكارك التي قد تكون نابعة منك أو تكون قد دُسّت في ذهنك من قبل الأرواح الشريرة.. الحق ليس ما ينتج عن تحليلات وخطط ومنطق وما شابهها.. الحق هو فقط ما تقوله كلمة الله في كل أمر وموقف !!! وتتابع الآية سرد الأمور التي ينبغي أن نفتكر بها.. ولكن ما يهمّني هنا هو أن أركّز على أمر في غاية الأهمية، يتعدّى الأمور التي ذكرتها الآية، وهي نهاية هذه الآية التي تطلب منّا: أن نُشغل أفكارنا وأن نركّز تفكيرنا على هذه الأمور.. والهدف أن نُدرك بأنّه علينا نحن أن نُرغم أنفسنا - إذا جاز التعبير - أو ندرّب أنفسنا بماذا نفكّر وأيضاً بماذا لا نفكر وأن نراقب كافة الأفكار التي ترد إلى أذهاننا، نتأكد من مصدرها ومن انسجامها مع كلمة الله.. وعلى ضوء ذلك إما نرفضها ونستأسرها إلى طاعة المسيح، وإما نُشغل أنفسنا بها.. فأنت من يختار بماذا تُشغل ذهنك.. لا سيّما عندما تدرك اليوم بأن كل ما تُشغل به ذهنك، سينتج عنه أفعال وكلمات، تحدد أي حياة ستحيا على هذه الأرض: الحياة المنتصرة والمثمرة التي يريدك الرب أن تحياها أو الحياة المنهزمة والعقيمة التي يريدك الشيطان أن تحياها. آيات أخرى تساعدنا في فهم الموضوع بصورة أوضح، يقول داود: " لن أضع نصب عيني أمراً باطلاً... لئلاّ يلتصق بي " (مزمور 101 : 3). أي لن أنشغل بأمور باطلة، ولن أركّز تفكيري عليها، والسبب كما تقول الآية: لكي لا تلتصق بي.. لأن كل ما تُشغل فكرك فيه، سيلتصق بك لا محالة ويتسلط عليك، وينتج عنه تصرفات تقوم بها.. والعكس صحيح، فعندما تنشغل بكلمة الرب ستلتصق بك، وسينتج عنها أعمال عظيمة: " طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار وفي طريق الخطاة لم يقف وفي مجلس المستهزئين لم يجلس ، لكن في ناموس الرب مسرّته، وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً، فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه. التي تعطي ثمرها في أوانه، وورقها لا يذبل، وكل ما يصنعه ينجح " (مزمور 1 : 1 – 3). وقال الرب ليشوع: " لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك. بل تلهج فيه نهاراً وليلاً، لكي تتحفّظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه. لأنّك حينئذٍ تُصلح طريقك وحينئذٍ تفلح " (يشوع 1 : 8). هدفي اليوم أن أشجعك من جديد على بناء علاقة حميمة ووثيقة مع كلمة الله، القادرة وحدها أن تحمينا من كذب الشيطان، ومن الغيّ والضلال والخداع، الذين سيزدادون ونحن نقترب من نهاية الأيام.. إنها سيف الروح الذي تحارب به الشيطان وتطعنه به في كل مرة يهاجمك بأفكار مخيفة أو كاذبة أو غير نقية.. أحبائي: أذهاننا ساحة معركة حقيقية، وهي بوابة كل كياننا، منها يدخل الشيطان ليؤذينا ويهزمنا، ومنها يدخل الرب لكي يبنينا ويشددنا ويجعلنا نحيا الحياة المنتصرة.. وعلينا تقع مسؤولية تجديد أذهاننا بكلمة الله، وهدم الظنون والحصون التي بناها العدو فيها، والرسول بولس يقول: " ولا تشاكلوا هذا الدهر. بل تغيّروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة ". (رومية 12 : 2). أمر هام للغاية.. المطلوب منا نحن أن نجدّد أذهاننا، فهي لن تتجدّد لوحدها عندما نقبل المسيح مخلصاً لنا، بل نحتاج أن نعمل جاهدين لهذا الأمر، والهدف من تجديدها أن نختبر إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة، وهذا لن يتم إلاّ من خلال كلمة الله.. ففي هذه افتكروا، كل ما هو حق.. ندرس الكلمة، نُمضي أوقاتاً معها، نلهج بها نهاراً وليلاً، لكي تسكن بغنى في داخلنا، وتُجدّد أذهاننا، فنكون جاهزين لنواجه كل ما يحاول أن يزعج حياتنا ويحرمنا أن نحيا الحياة المنتصرة.. هل الهدف من دراسة الكلمة والانشغال بها، واللهج بها، أن نملئ أذهاننا بالمعلومات؟ طبعاً لا، بل الهدف أبعد من ذلك بكثير !!! من منا لا يتعرض يومياً لأفكار مخيفة أو غير نقية؟ من منا لا يتعرض يومياً لهجمات الشيطان في مجالات مختلفة؟ من منا لا يتعرض مراراً كثيرة للقلق والهم والخوف؟ من منا لا يحتاج يومياً أن يعرف كيف يواجه مشاكل الحياة على مختلف الأصعدة؟ ومن منا.. ومن منا..؟ أضف ما تشاء من التساؤلات.. وتشير الدراسات في هذا الموضوع بأن أغلبنا وتحت وطأة هذه الأفكار المخيفة والمقلقة، وتحت وطأة هجمات الشيطان انحنت نفوسنا:" هيّأوا شبكة لخطواتي. انحنت نفسي " (مزمور 57 : 6). " ... الذي قالوا لك: انحني حتى ندوس عليك عابرين، فجعلت ظهرك لهم أرضاً وطريقاً لهم يمرون عليه ". (إشعياء 51 : 23). " لماذا أنت منحنية يا نفسي ولماذا تئنين فيّ. ترجّي الله لأني بعد أحمده، خلاص وجهي وإلهي " (مزمور 43 : 5). من منا يستطيع القول بأنه لم ولا يتعرض لهذه الأمور؟ ومن منا يستطيع القول بأنه لا يجد نفسه مراراً عديدة منحنية؟ والسبب الرئيسي هو أننا وتحت وطأة هذه الأفكار والتجارب والهجمات، نصمت، ونستقبل الأفكار المخيفة والمقلقة وغير النقية، وننشغل بها، فتلتصق بنا كما سبق وذكرنا، وعلى مرّ الأيام تُصبح حصون قوية، تتمركز فيها الأرواح الشريرة، وتجعل أذهاننا مظلمة.. ما هو الحل؟ ففي هذه افتكروا.. أولاً: أن أبني من جديد علاقة حميمة ومتينة مع كلمة الله، ألهج بها نهاراً وليلاً، أنشغل بها، أركّز عليها، أجعلها تسكن بغنى في داخلي.. إنها سيف الروح الذي أواجه به أفكار الشيطان المخيفة وهجماته. ثانياً: أن لا أصمت أبداً عندما يهاجمني العدو، ربما بجيش من الأفكار، بل أدقّق بهذه الأفكار، وأرفض كل ما لا ينسجم مع كلمة الله، ولا أسمح لأي منها أن يستقر في ذهني، بل أرفضها وانتهرها وأستأسرها لطاعة المسيح. ثالثاً: أن يكون ردّي على الشيطان مبني على آيات من كلمة الله تتناسب مع كل فكر شرير يحاول العدو أن يُخيفني به أو يخدعني أو يغريني به. أمثلة عملية: قد تكون مريضاً أنت أو أحد أفراد عائلتك، فيهاجمك العدو بأفكار مخيفة بأن هذا المرض قد يكون خطيراً، وقد يتطور وقد.. وقد.. هل تصمت؟ وتستقبل هذه الأفكار وتنحني أمامها؟ بالطبع لا.. بل كما فعل الرب عندما جربه الشيطان، تعلن كلمة الله المناسبة لهذه الحالة، وبصوت مرتفع إذا سمح لك الظرف تقول له، إلهي قال: " ... أنا الرب شافيك " (خروج 15 : 26). " ... وأزيل المرض من بينكم " (خروج 23 : 25). " وإن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضاً، بروحه الساكن فيكم " (رومية 8 : 11). وأخيراً تقول له: باسم يسوع اذهب عني يا شيطان. هذا مثال واحد من ألف مثال ربما، فلكل موقف ولكل فكر يرد إلى ذهنك، ستجد الآيات المناسبة لتواجهه بها.. وعندما تلهج بالكلمة نهاراً وليلاً، وتسكن الكلمة بداخلك بغنى، فكلما تتواجه مع موقف معين مهما كانت صعوبته وخطورته ودهاؤه ومكره، فالروح القدس سيختار الآيات المناسبة الساكنة داخلك، ويجعلك تستخدمها، وسيؤيدها بمسحة خاصة، لكي تطعن بها الأرواح الشريرة التي تقف خلفها فتهرب منك مهزومة ومرتعبـة، وأنت سوف تتغير بعد كل مواجهة من مجد إلى مجد ومن قوة إلى قوة !! قد يعتقد البعض، بأن الأمر ليس هكذا، وليس بهذه البساطة.. ويعتقدون أنّه ينبغي عليهم القيام بأمور أخرى، أمور كبيرة، حتى أنهم لا يعرفون ما هي بالتحديد، لكنهم ينتظرون أشياء ما تحصل وتغيّر الواقع الصعب الذي يعيشونه، ويبنون أوهاماً لن تتحقق يوماً.. أو يستسلمون لليأس ورثاء الذات وينحنون، ويخرجون من حقل المعركة مجرّحين، رافضين المحاولة من جديد.. لكن يا أحبائي لو تأملنا بما فعله الرب يسوع بنفسه عندما جربّه الشيطان في البرية، لاكتشفنا بأن ردّه على إبليس ولثلاث مرّات متتالية كان من كلمة الله: مكتوب.. مكتوب.. مكتوب.. وأخيراً قال له: اذهب عني يا شيطان.. (لوقا 4 : 1 – 12). هذه هي الحقيقة ولا يوجد غيرها.. فكلمة الرب: كمطرقة تحطّم الصخر (إرميا 23 : 29). فمهما كان حجمه كبيراً، احمل مطرقتك واضربه كل يوم.. وثق بأنه سيأتي يوم وتراه يتفتت تحت أقدامك.. أحبائي: أنا وضعت بين يديكم بعض المفاتيح للحياة المنتصرة: - الخلوة اليومية مع الرب.. - دراسة كلمة الله واللهج بها نهاراً وليلاً.. - تجديد الذهن.. ومراقبة الأفكار التي ترد إليه.. - عدم الصمت والانحناء، بل إعلان كلمة الله في وجه كل أفكار وهجمات العدو.. والرب سيدربك في الطريق، لأن كلمته تقول: " يُدرّب الودعاء في الحق ويعلّم الودعاء طرقه... من هو الإنسان الذي يخاف الرب؟ إياه يدرّب في الطريق التي يختارها له، فتنعم نفسه في الخير وتمتلك ذريته الأرض. يُطلع الرب خائفيه على مقاصده الخفية ويتعهّد تعليمهم. تتجه عينايَ دائماً نحو الرب لأنه يُحرّر رجليَ من فخ الشرير " (مزمور 25 : 9 – 15). لكن قد يبدو الطريق صعباً في البداية، وقد تطول فترة التحرير وتجديد الذهن، لكي نعيش الحياة المنتصرة.. لكن المهم أن هذا الطريق هو الطريق الصحيح، فمهما طال، ثق بأنك ستصل في النهاية وتحيا الحياة المنتصرة، وأشجعك بأن تتمتع بالرحلة ولو اعترضتها مواجهات في بعض الأحيان أو في أحيان كثيرة، لأنك لست تسير وحدك، بل هناك من يرافقك خلالها لكي يدعمك ويشدّدك ويحميك، فهو من قال: " إذا اجتزت في المياه فأنا معك وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تُلدع واللهيب لا يحرقك " (إشعياء 43 : 2). فخيرٌ لكَ أن تسير في طريق التحرير والنصرة مهما طالت وصعبت أحياناً، من أن تقف في مكانك منحني النفس، صامت، مكتئب، وتجعل ظهرك أرضاً وطريقاً يمر عليه معذبوك كما يقول سفر إشعياء 51 : 23 الذي ذكرناه سابقاً.. وقل للرب في كل الظروف: أنا أختار أن أثق فيك وبكلمتك مهما كان العيان مخالفاً ومناقضاً لها، وستشرق شمس البر والشفاء والحلول والتحرير والنصرة... في أجنحتها.. لأنه قال أنه ساهر على كلمته ليجريها.. ولأنه قال أنا معكم كل الأيام.. للرب كل المجد !!! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
وإن كان مدح ففي هذه افتكروا (فيلبي 4:8) |
افتكروا بعض بالصلاه |
افتكروا وعدي |
افتكروا أن دا سبب فرح الغد |
افتكروا القاعدة دى |