رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
"وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه" (تك 5: 24 ) يَرِد هذا التعبير الرائع عن أخنوخ "سار أخنوخ من الله" وبهذا التعبير البسيط، يُعطينا الوحي وصفاً للحياة الجديدة، متضمناً الشركة مع الله والاتكال على إرشاده والخضوع لسلطانه والثقة في محبته ورضاه، والشركة الدائمة المستمرة، والذهن المتجدد بحسب فكر الله والمتلذذ بالرب لا سواه. فكيف يسير اثنان معاً إن لم يتفقا؟ فالله كان رفيق أخنوخ الدائم المحب، كما كان سيده وقوته. لقد أرضى أخنوخ الله، ولماذا؟ لأنه وثق فيه - وثق فيه كحقيقة، مؤمناً أنه موجود ويجازى الذين يطلبونه. لقد سار أخنوخ مع الله بمفرده، ذلك لأننا نرى من نبوته التي احتفظ بها لنا الوحي في رسالة يهوذا؛ أن الفجور كان الطابع الذي تميز به عصره والجيل الذي كان يعيش بينهم. فهو إذ كان يعيش في عصر مليء بالفجور وعدم الإيمان المتبجح المتحدى. فإنه لم يحفظ نفسه غير مدنس من العالم وفى شركة دائمة مع العلي فحسب، ولكنه كان معترفاً جريئاً غير هيّاب، استطاع أن يعلن وينادى بأمور مستقبلة أدركها بالإيمان. وهكذا المؤمن المتأمل، الروحي الذهن، هو أيضاً شاهد لله. فالحياة المخبوءة في الله يجب أن تُظهر ذاتها في الصراع مع العالم، والتلميذ الذي كان يستريح على صدر يسوع [يوحنا الحبيب] لابد أن يُنفى بعد ذلك من أجل شهادته (رؤ 1: 9 ) . وهكذا الحال مع أخنوخ الذي لابد أنه اختبر مقاومة وكراهية معاصريه عديمي الإيمان. فكالسوسن بين الشوك، كان أخنوخ بين الناس. والله كان يتطلع إليه بلذة وسرور لأنه كان يعيش بالإيمان. وفى الأصحاح الخامس من سفر التكوين الذي يبين وقوع البشرية تحت سلطان الموت إذ تتكرر كلمة "ومات"، أوضح الله أن المؤمن ليس تحت هذا السلطان، فأخذ أخنوخ ونقله إلى منطقة السلام الأبدية. وقد كانت حياته قصيرة بالمقابلة مع حياة معاصريه، ولابد أن هذا جعل نقله موضوع التساؤل والعجب. وهكذا بدون أن يرى الموت انتقل أخنوخ إلى عالم الأبدية والخلود. |
|