رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مثال للشهوة : شمشون ودليلة يستغرب البعض كيف أن رجلاً كشمشون، نذيراً من بطن أمه للرب، يسقط بهذه الصورة. فقبل ولادته ظهر ملاك الرب لوالديه وحذّرهما من شرب الخمر. فالله حين أراد أن يرسل هذا النذير طلب أن يكون الوعاء طاهراً وليس مدنساً بالخمر أو المسكر. وكان سر قوة الله فيه، في شعر رأسه، وهذا كان مكتوماً لا يعلمه إلا الله والشخص نفسه. والكتاب يقول: "سر الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم". كان شمشون قوياً جداً لدرجة أن أقطاب الفلسطينيين كانوا يخشونه. لقد كان رجلاً ولا كل الرجال. ما كان يستطيع أشجع الرجال أن يقف أمامه. ولم يولِّ الأدبار قط، لأن روح الله كان فيه وقوة الله كانت تحركه. وكانت شهادة الأعداء له أكبر برهان على أن قوة خارقة للطبيعة كانت فيه، إنها قوة الله. هذا الرجل لم تذلّله الحبال الجديدة، ولا الأوتار الطرية، ولا أقطاب الفلسطينيين، لكن ذلّلته الشهوة الغبية. وكثيراً ما نخاف ونخشى من الخطايا الكبيرة، لكننا نتساهل أمام نظرة غير طاهرة، والكتاب يعلمنا الحذر وكل الحذر من هذه الشهوات الشبابية. ويصوِّر لنا الشيطان أنه متى تجاوز الإنسان طور الشباب فلا خوف عليه، ثم يجعلنا أحياناً نعتقد أنه ما أبعد المؤمن عن هذه الخطية. لكن، مع مزيد الأسف أقول إن هذه الخطية هي من أشهر السهام التي في يد العدو. لقد أسقط البشرية بالشهوة الجسدية.. نظرت حواء واشتهت، فأخذت وأكلت من الشجرة، وبذلك كسرت الوصية، فتدهور كل الجنس البشري نتيجة للشهوة الجسدية. جرّب الشيطان أن يعرّض المسيح - الذي هو آدم الثاني - للشهوة الجسدية. لقد جاءه وهو جائع، فقال له:"إن كنت ابن الله فقل لهذه الحجارة أن تصير خبزاً". لم يجعله يشتهي الذهب أو أي شيء آخر مما في العالم. لكن وقد جاع، اشتاق جداً إلى الخبز. والشيطان يجرِّب كل إنسان بما يناسبه، وبما تتوق إليه نفسه. فمحب المال يجرِّبه بالمال، بينما يأتي لآخر بالأنانية، وحب الرئاسة، وطلب المقام الأول، وحب الشهرة، أو الشهوة الجسدية. يؤسفني أن أقول أن الشيطان لا يتورَّع عن أن يهاجم المؤمن بهذه التجربة، فقد أسقط داود فيها. وكان داود نقياً طاهراً جليل القدر جداً، لم يتلوث في أيام شبابه. واعتقادي أنه ظن أن طور الشهوات الشبابية قد مر، فاستهان، ووقع وهو في طور الرجولة، بالرغم من أنه كان جَداً وله أحفاد. لأن أبشالوم ابنه كان قد تزوج وله أولاد وبنات، فالغلبة والانتصار في أيام شبابه لم تبعد عنه السقوط في أيام رجولته أو شيخوخته. من هنا نتعلم أن هذه الخطية كل قتلاها أقوياء. لقد قتلت سليمان، فقال عنه الكتاب: "وكان أن نساءه قد أملن قلبه وراء آلهتهن". قد نخاف الاصطدام بعمود أو الوقوع في برميل، لكننا لا نخاف السقوط بسبب شيء زهيد مثل قشرة موز أو قشرة برتقال. قد يسقط المرء بقشرة موز ولا يسقط باصطدامه ببرميل. فلنخش الخطية مهما صغرت. لنبتعد عنها كل الابتعاد. أن أقرب نقطة في حياتك للسقوط في الخطية هي يوم تعتد بنفسك، وتثق في قوتك، وتستبعد السقوط فيها مع أن بعض الشبان يظنون أن المسيح طلب المستحيل لما منع النظر وقال: "كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه". لكننا إذ نرجع إلى أقدم سفر في العهد القديم، وهو أيوب، نجده في الأصحاح 31 يقول: "عهداً قطعت لعيني فكيف أتطلع في عذراء". هذه رذيلة، بل إثم. إن الله القدوس يدين الخطية في أقرب الأشخاص إليه. فداود، مع أنه لم يتلوَّث في شبابه، وكانت هذه أول مرة فيها تزلّ قدمه، لكن اسمع ماذا يقول: "لما سكتّ بليت عظامي من زفيري اليوم كله". تأثر حتى في عظامه. "قلت: اعترف لك بخطيّتي ولا أكتم إثمي". ما أمرّ هذه الخطية! اسمع ماذا يقول الله له: "يوم أن احتقرتني بأخذك امرأة أوريا الحثـّي". لم يكن التعدّي ضدّ إنسان، بل ضدّ الله. "يوم أن احتقرتني". وقال يوسف: "كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟" إذاً، هذه الخطية مصوَّبة إلى شخصية الله العظيمة. الخطأ، كل الخطأ، هو أن يطمئن المؤمن على نفسه ولا يحترس من هذه الخطية. فشمشون بلا شك كان مؤمناً، وداود كان مؤمناً، وكذا كان سليمان أيضاً. لكن اسمع، ماذا قال سليمان الحكيم بعدما رأى بأمّ عينيه ما قاساه والده الملك داود، وما قاساه هو، قال: "أيأخذ إنسان ناراً في حضنه ولا تحترق ثيابه؟ أو يمشي إنسان على الجمر ولا تكتوي رجلاه؟" سمّى سليمان هذه الخطية بأنها نار. وأيوب قال عنها أنها نار تأكل كل المحصول، مردداً نفس الاصطلاح. تعال واسمع ما يقوله رسول الأمم: "الذي يزرعه الإنسان فإياه يحصد أيضاً". زرع داود هذه الخطية فسمع قضاء الله يقول له: أقيم عليك الشر من بيتك". كم كانت الإصابة معيبة جداً، ومذِلَّة لهذا الرجل الشهم العظيم، لما سمع ابنته ثامار تصرخ قائلة: "أما أنا فأين أذهب بعاري؟" وشقَّت ثوبها الملوكي. حدث هذا الأمر في الكتمان، لكن حين يقضي الله بأمر ما لا يمكن لأية قوة إنسانية أن تخفيه. لقد أعلن الله في السماء أنه ليس خفي إلا ويعلن، وليس مكتوب إلا ويُكتشف. لا يمكن إلا أن يتم هذا الأمر عاجلاً أم آجلاً. لقد استعمل نفوذه لأن يكتم الأمر، فاستعان باستدعاء أوريا الحثي، واستعان باستخدام قوة جلالته كملك. لكن كل هذه لم تُجْدِه نفعاً. لماذا؟ لأن قانون الله لا يمكن أن يسقط. كل شيء يفنى ويزول أما كلمة الله فتبقى كما هي. لا تجرِّب إخفاء الأمر. لقد جرَّب داود ذلك ففشل. إن هذه الخطية يصحبها العار دائماً! نار وعار! قالت ثامار: "أما أنا فأين أذهب بعاري". أيها الأخ، ليس في الأمر مبالغة حين قال الرب يسوع: "كل من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه". كل خطية تقاوم إلا هذه الخطية. قال الرسول بولس: "أما الشهوات الشبابية فاهرب منها". أعطِ لهذه الخطية ظهرك، ولا تقِمْ معها أية علاقة. هذه هي الطريقة الوحيدة للانتصار. اهرب فتنتصر، ويتمجَّد الله فيك، ويزداد تيار الأفراح والسلام في قلبك. تعال فأريك هذا الرجل - أقصد شمشون - رجلاً قوياً عظيماً وجباراً. كل هذه الصفات لم تحفظه من السقوط. اسمع ماذا تقول له دليلة: "كيف تقول أحبكِ وقلبك ليس معي؟" هذه الأثيمة الخاطئة تطالب الرجل بكلية قلبه. وهذا ما تفعله الخطية! الخطية تأخذ كل قلبك. فالشيطان يرضى بالقليل أولاً لكي يمتلك الكثير. وماذا كانت النتيجة؟ حُرم من شركته مع الله، وفارقه روح الرب. هذا أمر قاس جداً. إن أَمَرَّ قساوة يقاسيها المؤمن هي حين يفارقه روح الرب، وحين يحزن فيه بسبب الخطية. وماذا أيضاً؟ لقد فارقته قوّته. أما عيناه اللتان شاهدتا دليلة فقد قُلعتا. الخطية التي تذهب وراءها وتحبها هي التي تقلع عينيك. هل كان يصحّ لشمشون أن يكون قاضياً وهو أعمى؟ كلا. فبعدما ساءت حالته جداً فقد نور عينيه، وفقد شركته مع الله، وفقد قوته أيضاً. نعم، فقد قوته العظيمة التي ميَّزته عن جميع الأعداء. ماذا كانت النتيجة؟ طلب من الله أن يموت في وسط هؤلاء الغلف. ألم تكن الحياة عطية يا شمشون؟ لكن ما قيمتها بدون الشركة مع الله. الحياة ثقل بدون الشركة مع الله. أني أندهش - أيها الخاطئ - أنك تعيش بدون الله. كيف تعيش تحت وخزات الضمير؟ كيف تعيش وأنت بعيد عن الله وبعيد عن رضاه؟ أبْعِدْ الله عن الإنسان يصبح الإنسان في جحيم، ولا يحتاج إلى جحيم أخرى لأنه بالفعل فيها. فهذا الإنسان المؤمن فقد كل امتيازاته. فارقه روح الرب، فارقته قوته، فارقه نور العينين فطلب الموت لنفسه. هذا ما تفعله الخطية. اسمع المسيح وهو يقول: "أليست الحياة أفضل من الطعام؟" يقول ما معناه: أنا قد أعطيتكم الأفضل. هذه العطية الفضلى ”الحياة“، طلب شمشون من الرب أن يأخذها منه. وكأني به يقول: "كيف أتمتّع بالحياة، أنا الذي كان الأعداء يرتعبون مني، بينما أنا الآن أتلمس طريقي وأطلب من كل إنسان حقير أو فقير أن يرشدني الطريق! خذ حياتي يا رب، دعني أموت ولو مع هؤلاء الغلف". قال الرب: "من يخطئ عني يضرّ نفسه. كل مبغضي يحبون الموت". قلت مرة إن الشيطان لا يرضى إلا بكل القلب، ولا يكتفي إلا بكل القلب، بدليل قول بطرس لحنانيا: "لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس؟" إذاً، يا إخوتي، الشيطان لا يرضى بجزء من القلب ولا يقنع إلا بكل القلب. أيها الأخ، هل أنت طاهر في نظراتك؟ هل أنت كالأسد تقاوم كل عاصفة غبية تنبعث من قلبك؟ يجب أن ندقق كل التدقيق من جهة هذه الخطية. الله يقول: "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله“، أي أن يكون كلامك مؤثراً، وشهادتك تصبح مؤثرة في الغير، وأفراحك تتدفَّق. فيا أيها الأخ، ما أحوجك إلى شخص الرب يسوع المسيح، الذي هو الطريق الأوحد لحفظك. أيها الأخ، هل اقتنعت أنك لا تحتاج إلى أقل من يسوع نفسه؟ وهل تعلم أن من يرتكب هذه الخطية يخطئ إلى جسده بمعنى أنه يُبْتلى بأمراض بسماح من الله؟ كيف ذلك؟ يقول من تألم في الجسد كفّ عن الخطية. لقد كانت هناك نقطة ضعيفة في شفتي إشعياء النبي، فأرسل الله ناراً كاوية للشفتين وهذا هو العلاج، لأن من تألم في الجسد كفّ عن الخطية. هل تعلم أن يد الله ثقيلة جداً في التأديب؟ أيها الشخص المغرور، إن الخطية أثقل من الجبال وأنت لا تدري. استيقَظَ ضمير شمشون، وكذب على دليلة ثلاث أو أربع مرات... وأنت يا شمشون ليس هذا مكانك. ما الذي أتى بك إلى هنا؟ إن الذي يكون في مكان خطأ لا بدّ له أن يسقط في الخطأ. ما الذي أسقط بطرس في الخطأ؟ سقط لأنه وُجد في مكان لا يجب أن يكون فيه. كان يصطلي مع خدام أعداء المسيح. هذا هو سر السقوط. لذلك يقول الكتاب: "وفي مجلس المستهزئين لا تجلس". أي إن إرادتك يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع إرادة الله. فلا توجد في مكان لا يرضى عنه الله وإلا وقعت في الخطية. "وفي طريق الخطاة لا تقف". يجب أن تطيع الوصية: "أما الشهوات الشبابية فاهرب منها"... كتابة... ونظراً... وقولاً... وكل شيء... وإن كانت دليلة تقول لشمشون: "كيف تقول أحبُّكِ وقلبكَ ليس معي؟" لماذا لا يقول لك المسيح هذا الكلام الآن؟ إنه يقول لك: إن قلبك ليس معي". يسوع يطالبك الآن بكل القلب. فبرهن عن حبك له بإعطائه القلب كله، وليس بعضاً منه. لأن المسيح إما أن يأخذ القلب كله أو أن يتركه كله. إن كان الشيطان لا يرضى إلا بكل القلب، فكذلك المسيح لا يرضى إلا بكل القلب. لا يمكن أن يتزاحم المسيح والشيطان في قلب واحد. اسمع ماذا يقول الله: "لست أطيق الإثم والاعتكاف". يعني الصوم والصلاة وبعد ذلك ترتكب الخطية، لا أطيق أبداً أن يمشي الاثنان معاً. شمشون الذي قتل الأسد ولم يخف من الأعداء، تذلَّل أمام شهواته، أمام امرأة ضعيفة. فيا أخي، خف من عدوك الضعيف. الطيار الماهر هو الذي يخاف النزول لئلا يصطدم بغصن شجرة أو سلك تلغراف أو غيره. أما الطيار الأهوج فهو الذي ينزل كالسهم، مثل هذا لا يمكن لشركة الطيران أن تسلمه الطائرة أبداً أو تستأمنه عليها. انتبه لخطواتك بكل حذر ولا تعطِ لنفسك طمأنينة لمجد الانتصار الماضي. جدد جهادك ضد الخطية يوماً فيوماً. تحصَّن بمناعة في درس الكتاب المقدس، والعِشْرة مع الرب في الصلاة قبل أن تذهب إلى العمل. لأن الشيطان له أسلحة جديدة كل يوم. لقد رمى داود بسهام كالغازات السامة، فلم يدرِ إلا وقد سقط. فيا أخي تحصّن في يسوع، حتى لا يأخذك الشيطان على غرة... لأن يسوع هو حصن الأمان والحصن الأمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أما الشهوات الشبابية فأهرب منها |
الشهوات الشبابية اهرب منها |
أما الشهوات الشبابية فاهرب منها |
أما الشهوات الشبابية فاهرب منها |
كيف تتحكم في الشهوات الشبابية ؟ |