رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحكمة عند ابن سيراخ هي: 1أما عن الحكمة فهي الخط الرئيسي الذي يتخلَّل السفر من بدايته حتى نهايته، مؤكدًا أنها عطية إلهية. حكمة الله ليست فكرة مُجَرَّدة كحكمة الإنسان، إنما هي محيط يتعذَّر استيعابه، "لأن فكرها أعمق من البحر، ومشورتها أعمق من الهاوية العظيمة" (24: 29). يصورها الكاتب كشجرةٍ مُثمِرةٍ، وكرمةٍ تقدم كل الخيرات، خاصة الفرح الإلهي. وردت كلمة "الحكمة" في سفر ابن سيراخ أكثر من ستين مرة. واعتبر طالب الحكمة ابنًا له. يبدأ النصف الثاني من السفر بشخصنة الحكمة لتُعلِن أنها تُغَطِّي الأرض كلّها وتسكن في الأعالي، وتُقِيم عرشها في عمود السحاب، وتتمشَّى في أعماق الهاوية (24: 1-5). لتنصب خيمتها في يعقوب، أي في شعب الله، وتستقر في صهيون، لتُقِيم من المؤمنين شعبًا مجيدًا يحمل قوّة إلهيّة، يعتزّ الربّ نفسه به. وكأن الحكمة تطلب صداقة فريدة مع المؤمن كشخصٍ ومع المؤمنين كجماعةٍ مقدسةٍ. إنها تسقي شعب الله بمياه الروح كي تُحَوِّلهم من بريةٍ إلى جنةٍ مُبهِجةٍ (24: 30-31). قد تبدو الوصايا أحيانًا اجتماعية بحتة، لكن السفر وهو يهتم بالحياة الاجتماعية على مستوى الجماعة والفرد في نفس الوقت، غير أنه يبرز الحضرة الإلهية وعمل النعمة في حياة المؤمنين. يُمَيِّز القديس أغسطينوس بين حكمة الله الخالق، وبين الحكمة عطية الله. أو بين الحكمة كأقنوم إلهيّ أتى إلى البشرية ليُقَدِّم لهم الخلاص، وبين الحكمة كتدبيرٍ إلهيٍ لخلاصنا. فيقول: [خُلِقَت الحكمة قبل كل شيءٍ... هكذا يا لعظم الفارق بين الحكمة التي تخلق وتلك التي هي مخلوقة! إنه فارق عظيم مثل الفارق بين البرّ الذي يُبَرِّر والبرّ الذي يتحقَّق بالتبرير[24].] |
|