أفما كان ينبغي أنك أنت أيضاً ترحم العبد رفيقك كما رحمتك أنا (مت18: 33)
في متى6: 9-15 يعطي الرب يسوع نموذجاً للصلاة يحتوي على سبعة توسلات أو طلبات، ولكن في النهاية يعمل توكيداً على إحداها فقط. ولا أخالك إلا عارفاً أنها الطلبة الخاصة بالغفران. وفي متى18: 19-35 يتحدث الرب يسوع مع تلاميذه عن الصلاة، ويبدو أن بطرس قد تذكر الملاحظات السابقة الخاصة بالغفران وعلاقتها بالصلاة، لذلك يسأل سؤالاً « يا رب كم مرة يخطئ إليَّ أخي وأنا أغفر له؟ هل إلى سبع مرات؟ ». ومن الواضح أن بطرس يفتكر إذ ذاك أنه ينمو في النعمة، فهو يمكنه أن يتذكر أنه قد غفر لإنسان زلاته سبع مرات متوالية. ولكن الرب يجاوبه إجابة فعَّالة وكأنه يقول له: أنت لم تصب الهدف، فالغفران ليس مسألة إحصاء « لا ... إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات ». وهنا كأن بطرس ينظر إلى الرب في دهشة قائلاً: « أربعمائة وتسعون مرة لإنسان واحد! ».
ومن الواضح أن الرب يقصد أن بطرس يترك مسألة العدّ ويستنتج من ذلك أنه يجب أن يتدرب على التنفس في جو الصفح والغفران. ثم أخبره الرب عن قصة لتصوير هذا المعنى عن إنسان كان مديناً لسيده بدين عظيم، ولم يمكنه أن يدفع، فذهب إلى سيده واستعطفه ليمهله في السداد إلى الوقت المناسب. ولكن سيده عفا عنه بكل نعمة ومروءة، وسامحه بكل الدين. هذا هو تصوير الرب يسوع لقلب الآب الذي يعرفه أفضل معرفة. إلا أن ذلك الإنسان المعفو عنه وجد واحداً من العبيد رفقائه كان مديناً له بدين بسيط جداً بالمقارنة مع ما كان مديناً به شخصياً لسيده. ويمكنك أن تتصور قبضة أصابعه وهي تنطبق على رقبة رفيقه وهو يطالبه بعبوسة وهو مُقطب الجبين قائلاً: « أوفني ما لي عليك »، ويستعطفه رفيقه ليرحمه ويتمهل عليه، ولكنه لم يشأ أن يرحمه بل وضعه في سجن إلى أن يدفع دينه. هذا هو تصوير الرب يسوع لقلب الإنسان الذي يعرفه أفضل معرفة. ويريد الرب أن يقول لنا: إن ما قد سامحنا به الله هو دين كبير لا يمكن أن يُدفع، وما نرفض أن نسامح به بعضنا البعض هو مقدار زهيد جداً بالمقارنة مع ذلك الدين. كم نحن صغار الإدراك والشعور!!