|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
افرحوا فى الرب كل حين الرسالة إلى فيلبي مليئة بالفرح. فمع أن الرسول بولس كتبها وهو في سجن روما، إلا أنه قال للمؤمنين في فيلبي "أَشْكُرُ إِلهِي عِنْدَ كُلِّ ذِكْرِي إِيَّاكُمْ دَائِمًا فِي كُلِّ أَدْعِيَتِي، مُقَدِّمًا الطَّلْبَةَ لأَجْلِ جَمِيعِكُمْ بِفَرَحٍ" (فيلبي 3:1-4). ولما سمع أن قوماً انتهزوا فرصة وجوده في السجن لكي يكرزوا هم أيضاً بالمسيح، ولكن لا بإخلاص بل عن حسد وخصام. قال: "فَمَاذَا؟ غَيْرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ سَوَاءٌ كَانَ بِعِلَّةٍ أَمْ بِحَقّ يُنَادَى بِالْمَسِيحِ، وَبِهذَا أَنَا أَفْرَحُ. بَلْ سَأَفْرَحُ أَيْضًا" (عدد 18). وكانت عنده ثقة أن الرب سينقذه من السجن فقال: "فَإِذْ أَنَا وَاثِقٌ بِهذَا أَعْلَمُ أَنِّي أَمْكُثُ وَأَبْقَى مَعَ جَمِيعِكُمْ لأَجْلِ تَقَدُّمِكُمْ وَفَرَحِكُمْ فِي الإِيمَانِ" (عدد 25)، وطلب منهم قائلاً: "فَتَمِّمُوا فَرَحِي حَتَّى تَفْتَكِرُوا فِكْرًا وَاحِدًا وَلَكُمْ مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، مُفْتَكِرِينَ شَيْئًا وَاحِدًا" (2:2). وقال لهم أنه هو يُسَرّ ويفرح معهم أجمعين (17:2). ثم قال: "وَبِهذَا عَيْنِهِ كُونُوا أَنْتُمْ مَسْرُورِينَ أَيْضًا وَافْرَحُوا مَعِي" (18:2). وأرسل إليهم أبفرودتس قائلاً: "فَأَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ بِأَوْفَرِ سُرْعَةٍ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُمُوهُ تَفْرَحُونَ أَيْضًا وَأَكُونُ أَنَا أَقَلَّ حُزْنًا. فَاقْبَلُوهُ فِي الرَّبِّ بِكُلِّ فَرَحٍ، وَلْيَكُنْ مِثْلُهُ مُكَرَّمًا عِنْدَكُمْ" (28:2-29). وافتتح الفصل الثالث بالقول: "أخيرا يا إخوتي افرحوا في الرب"، ثم وصل إلى قمة الموضوع إذ قال: "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا" (4:4). "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ" قبل أن نتأمل في هذه الكلمات الجميلة التي كانت مصدرتشجيع لكثيرين في الظروف الصعبة، أوجّه سؤالاً للقارئ العزيز: هل تعلم أن الله إله فَرِح؟ قال عنه صفنيا: "الرَّبُّ إِلهُكِ فِي وَسَطِكِ... يَبْتَهِجُ بِكِ فَرَحًا. يَسْكُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. يَبْتَهِجُ بِكِ بِتَرَنُّمٍ" (صفنيا 17:3). وفي العهد الجديد نتعلم أنه يفرح بتوبة الخاطئ، كما جاء في مثل الابن الضال الذي بذّر أموال أبيه ولكنه ندم ورجع إلى أبيه. "وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ" (لوقا 20:15). وقال: "لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ" (عدد 24). وكذلك في مثل الخروف الضال يذهب الراعي لأجل الضال حتى يجده "وَإِذَا وَجَدَهُ يَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَرِحًا" (عدد 5). إن هذا الإله القدوس البار يفرح بل يرحب بتوبة الأشرار الفجار. الديانات البشرية تتكلم كثيراً عن إله منتقم جبار، غضوب ومكّار، ولكن إلهنا إله محب وحنان ورحيم غافر الإثم والمعصية والخطية، يفرح بخلاص الإنسان، ويريد أن يفرّحه معه. كذلك يفرح الرب بخليقته كما جاء في مزمور 104 وهو مزمور جميل جداً يتكلم فيه عن حكمة الله فيما صنعته يداه، ثم يقول: "يَكُونُ مَجْدُ الرَّبِّ إِلَى الدَّهْرِ. يَفْرَحُ الرَّبُّ بِأَعْمَالِهِ" (مزمور 31:104)، وهو أيضاً يُفرّح المؤمن بها، "لأَنَّكَ فَرَّحْتَنِي يَا رَبُّ بِصَنَائِعِكَ. بِأَعْمَالِ يَدَيْكَ أَبْتَهِجُ" (مزمور 4:92). والآن سنتكلم عن فيلبي 4:4 "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا". لم يكن ممكناً أن يقول "افرحوا كل حين"، لو لم يقل "في الرب". فالفرح الذي يتكلم عنه الروح القدس هنا بواسطة الرسول بولس هو فرح لا يتعلّق بالظروف والأحوال المتقلّبة، بل هو فرح ثابت في كل حين لأنه فرح "في الرب". فكل فرح مبني على أمور متغيّرة لا يمكن أن يبقى كل حين. هناك من يفرحون بالمال الكثير – ونحن نشكر الله على المال – ولكن المال "يَصْنَعُ لِنَفْسِهِ أَجْنِحَةً. كَالنَّسْرِ يَطِيرُ نَحْوَ السَّمَاءِ" (أمثال 5:23). أما الفرح "في الرب" فهو ثابت ويفوق الفرح بالأمور المادية. قال داود النبي: "جَعَلْتَ سُرُورًا فِي قَلْبِي أَعْظَمَ مِنْ سُرُورِهِمْ إِذْ كَثُرَتْ حِنْطَتُهُمْ وَخَمْرُهُمْ" (مزمور7:4). وقال حبقوق النبي: "فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ. يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ، فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي" (حبقوق 17:3-18). الفرح بالرب ينتج عن الانشغال بالرب وبأفضاله علينا، كما قال إشعياء: "فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلهِي، لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ. كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ" (إشعياء 10:61). حين نتذكّر إحسانات الرب وأنه "بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ" (أفسس 3:1)، وأنه سيأتي ليأخذنا لنكون معه كما وعدنا، كل هذا يقودنا إلى السجود، ويملأ قلوبنا بالفرح بالرب، فنقول مع آساف: "مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ" (مزمور 25:73). والآن نأتي إلى سؤال مهم: لماذا لا نجد المؤمنين دائماً فرحين شاكرين ومسبحين؟ الجواب هو أننا نسمح لأشياء كثيرة أن تحرمنا من الفرح في الرب. وأكثر شيء يحرمنا من الفرح هو الخطيئة، لأنها تعطّل شركتنا مع الرب. والفرح في الرب يستلزم الشركة مع الرب. كذلك القلق يعطّل فرحنا. هذا وأشياء أخرى سنتكلم عنها حين نتقدّم في دراستنا لهذا الأصحاح. إذاً، ليتنا نفرح في الرب كل حين. "وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا" لماذا هذا التكرار؟ لأهمية الموضوع. فكأنه يقول لنا: نعم، إنني أعني ما قلته "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ". أنا بولس السجين الفَرِح أقول لكم إفرحوا في كل حين، لأن هذه هي إرادة الله من جهتكم. وذلك أيضاً "لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُمْ". فلا عجب إن كان الشيطان يحاول بكل الطرق أن يحرمكم من هذا الفرح؛ بأن يحوّل أنظاركم وقلوبكم عن مصدر هذا الفرح. إن الفرح في الرب كل حين ليس أمراً خيالياً أو مستحيلاً بل هو ما يجب أن تتصف به الحياة المسيحية الحقيقية. "لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ". الحلم هو اللطف والوداعة وطول البال. وهو ما يجب أن يتصف به كل مؤمن حقيقي. سرعة الغضب والدفاع السريع عن حقوقنا أو إزاء كل ما لا يعجبنا هو عكس الحِلم الذي يتكلم عنه هنا. قد يدهشك أيها القارئ العزيز تكرار الوصية بالوداعة، إذا بحثت عنها مستخدماً فهرس الكتاب المقدس، فإنك ستجدها في كلام الرب يسوع المسيح الذي قال: "تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ" (متى 29:11)، كما ستجدها في رسائل بولس الرسول إلى روما، وغلاطية، وأفسس، وفيلبي، وكولوسي، وإلى تيموثاوس، وتيطس، وكذلك في رسالة يعقوب، ورسالة بطرس الرسول الأولى. وهذا يدفعنا إلى التساؤل: لماذا هذا التكرار؟ والجواب هو لأننا في حاجة شديدة إليها، إذ هي مخالفة لطبيعتنا القديمة التي ورثناها والتي تتصف بالكبرياء وسرعة الغضب.. إذاً يجب أن نتعلم من الرب يسوع المسيح لنجد راحة لنفوسنا وليكون حلمنا "مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ". لن يمكننا أن نفرح في الرب كل حين إن لم نكن حلماء. "اَلرَّبُّ قَرِيبٌ". هذه العبارة الجميلة المشجعة تقع بين الكلام عن الحلم وطول البال والكلام عن عدم القلق والتشجيع على الصلاة، وذلك لأن لها علاقة بالاثنين. فإدراكنا بأن الرب قريب يساعدنا على أن نكون حلماء، كما يشجعنا على الصلاة وتسليم الأمور للرب. والكتاب المقدس يؤكد لنا أن الرب قريب منا جداً. "الرَّبُّ قَرِيبٌ لِكُلِّ الَّذِينَ يَدْعُونَهُ، الَّذِينَ يَدْعُونَهُ بِالْحَقِّ" (مزمور 18:145). بل ما أعجب ما جاء في إشعياء 24:65 "وَيَكُونُ أَنِّي قَبْلَمَا يَدْعُونَ أَنَا أُجِيبُ، وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بَعْدُ أَنَا أَسْمَعُ". ليست هناك معونة أسرع من هذه، ولا سيارة إسعاف تصل بهذه السرعة. إن كان قد قال هذا عن مؤمني العهد القديم فكم بالأولى عنا نحن الذين صرنا أولاده، إذ ولدنا ثانية لرجاء حي، وصرنا بالنسبة للمسيح "لحم من لحمه وعظم من عظامه". كذلك هو قريب لأن مجيئه يقترب يوماً فيوماً. إذاً تشجّع أيها المؤمن وافرح في الرب كل حين. |
11 - 05 - 2014, 07:29 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| VIP |::..
|
رد: الرسالة إلى فيلبي مليئة بالفرح - افرحوا فى الرب كل حين
مييييرسى كتيييير
ربنا يبارك خدمتك |
|||
|