ما رأيت إنسانًا فقد زوجته إلا وسمعت منه روايات وأحاديث عن حلاوة عشرتها وصدق إخلاصها وشدة وفائها، وكيف كانت مثالا للتضحية والأمانة فيا أيها الزوج الذي ماتت زوجته. إن كانت من فقدت على مثل هذه الخصال فلا تدع تذكاراتها سببا لأحزانك، بل اجعلها موضوعا لتعزياتك بأنها انتقلت إلى السعادة العلوية والراحة السرمدية. اذكر أتعابها الماضية وأن الله تعالى أراحها سريعا من آلام هذه الحياة المملوءة بالأوجاع. وان كانت تحبها محبة حقيقية فبارك الله على نصيبها السعيد الذي نالته. وان شئت أن تراها يوما فانسج على منوالها وسر في طريق الله الموصلة إلى المجد. ولتكن هذه التجربة التي أصابتك نذيرا لك ببطلان هذه الدنيا. اعلم أن فرصة هذه الحياة القصيرة أننا لسنا إلا في دار غربة وأننا سائرون نحو الأبدية. فأسرع في الرجوع إلى الله وارفع قلبك عن محبة هذا العالم وضع كل ثقتك وأملك في السماء عالما أننا ما دمنا في هذا الدار فنحن عرضة لنوائب عديدة وأرزاء الأحزان ووادي الدموع. واتخذ من هذا المصاب درسًا آخر هو أن ترحم المصابين المتألمين أمثالك الذين يئنون تحت أثقال بلاياهم، فلست وحدك المتألم والحزين ولا بيتك فقط هو محط الحزن وعبء أحزان مختلفة الأشكال متنوعة الصنوف. وأنه من الواجب على كل إنسان أن يشترك مع الآخرين في آلامهم ويواسيهم في ضيقاتهم ومصائبهم.