من صلوات الشهيد بوليكاربوس قبل استشهاده
الشهيد بوليكاربوس (الكثير الثِمار):
”أسقف سمِيرنا (167 م)“
كان يُناهِز السادسة والثمانين من عُمره لحظِة القبض عليه، وقيل عنه أنه اشتهى الآلام في موته كما في حياته فامتاز باستشهاده الرائِع.
وعندما وصل الجنود المُكلفون بالقبض عليه، كان الطلب الوحيد الذي ترجاه منهم هو أن يسمحوا له بساعة زمن يصلي فيها، وفي صلاته ذكر كل من عرفه على الإطلاق وكل الكنيسة الجامِعة في كل المسكونة.
أوثقوه وشدُّوه إلى قطعة من الخشب مُثبتة في الأرض ويداه وراء ظهره، وكأنه حَمَل مُختار مُفرز من بين قطيع كبير عظيم لكي يكون ذبيحة ومُحرقة مقبولة لدى الله، وعندئذٍ رفع عينيهِ إلى السماء وقال:
”أيها الرب الإله الضابِط الكل، أبا يسوع المسيح، ابنك المحبوب المُبارك، الذي به عرفناك يا إله الملائِكة والقُوَّات، يا إله كل خليقة، وكل جِنس الأبرار الذين يحيون في حضرِتك، أُبارِكك لأنك جعلتني أهلًا لهذا اليوم ولهذه الساعة، وأهلًا لأن أُحسب في عِدَاد شُهدائك، ولأن أُشارِك في كأس مسيحك، والقيامة في الحياة الأبدية لكل النَّفْس والجسد، والحياة بالروح القدس، الحياة التي لا تقبل الفساد...
ليتني اليوم أكون مقبولًا معهم قُربانًا عزيزًا في عينيك حسب ما أعددتني لذلك مُسبقًا وأنبأتني، وها أنت قد أكملت وعدك، يا إله الأمانة والحق..
من أجل نِعمِتك ومن أجل كل شيء أُسبِّحك وأُبارِكك وأُمجِّدك، برئيس كهنِتنا الأبدي السمائي يسوع المسيح ابنك الحبيب الذي به يليق لك وللروح القدس المجد..“.
وعندما طُلِب من القديس بوليكاربوس الذي يعني اسمه ”المُزهر أو المُثمِر أو الكثير الثِمار“ أن يلعن المسيح مُخلِّصنا رد على مُضطهديه قائِلًا:-
”لقد خدمت المسيح ستة وثمانين عامًا، ولم يصنع بي شرًا، فكيف أُجدِّف على مَلِكي الذي خلَّصني؟! إنك تُهدِّد بالنار التي تحرِق إلى حين ثم تُخمد، لأنك تجهل نار العِقاب الأبدي المُعد للأشرار.. افعل ما تُريد ولا تتأخر..“.
فصار جسده لا جسم يُحرق بل كخبز ينضُج وذهب وفضة يُنقَّى في فرن يُشتّم منه رائِحة العُطور.