|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الجميـع تقريبـاً يمتلكـون الـشكوك بـشـأن اللـه والإيمـان ، ولكـنهـم يـستطيعون ببـساطة أن يقـصوها بأفكـار مـضادة تؤكد حقيقة الإعلان الإلهي بخصوص العـالم والإنسان : انتظـام الـكـون وانسجامه ، أعجوبـة الحيـاة ، وسـائر عجائـب اللـه الفائقـة الطبيعـة المدهـشة وقديسيه ، وعلاوة على كل الأشياء الأخرى شهادة ضمير الأنفس الطاهرة الشفوقة . إن أعمـال اللـه الـتـي تـشهـد لـوجـوده وعنايتـه تمتلـك أوجهاً كثيرة ، أحـد هـذه الأوجـه يـكـون مـشعّاً ولهـذا هـو واضح بشكل جلي ، أحـد الوجـوه يـكـون مـنيراً ببساطة وممكن التمييز ، أحدها يكـون قاتمـاً ولهـذا مـن الـصعب تمييزه ، وأحدها الآخر يكون مظلماً وبالتالي غير منظـور . تُعزى الشكوك إلى الوجه الأخير المذكور ، ولكـن علـى هذه الشاكلة دبر الرب الأمور لكي يختبر خلاص التماس نفوسيـنـا لـه بالإضـافة إلى تواضـعنا . كمـا تـرون يمكـن للإنسان مقاربة الله وأعماله ومعرفته فقط بالتواضع . أنـت تـؤمن بأنه حيثما يكون الله وحقه أي كل مكـان ، فهنـاك ينبغـي أن تكـون سـائر الأشياء طافحـة بالنور ، أن تصير مدركة بالحواس ، أن تلهم الأنفس بقوة ، أن تصرخ مُشِيدةً بلمسة الإلـه فيها . ألا تعي بأنه بتفكيرك بهذه الطريقة أنت تريد أن تحدد أنت الطريقة التي ينبغي على الله أن يتصرف بموجبهـا ؟ وهـذا ، حسبما ستوافقني عليـه بـلا شك ، ليس ممكناً لأئه إن حصل لانحـلّ تـرتيـب الأمور الطبيعي. أعمال الله هذه بحد ذاتها إلهية ، ولكن ألوهيتها مغطاة بستار غير منظور . لماذا ؟ لأنه هكذا شاء الله ، هـذا فقـط مـا أسـتطيع أن أقولـه لـك ، إن أحكـام الحكمـة والمحبة الإلهيتين لا يمكـن اقتفـاء آثارهمـا . لا يوجـد أدنـى شـك دومـاً بـأن هناك جمالاً لا يمكن التعبير عنه ، ونـوراً فائضاً مخفياً خلـف الـستار الـذي لا يـدع الأشخاص غير المؤمنين يشاهدون الحقيقة . يقـول الرسول : " لأن أمـوره غير المنظورة تُـرى منـذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته " ( رو ١: ٢٠ ) ؛ أي رغم أن قدرة الله الأزلية ولاهـوتـه غيـر منظـورة ، إلا أن البـشـر يـستطيعون أن يروهـا ويـدركوها منـذ خلـق الـعـالـم عـبـر مخلوقاتـه . ولكـن أي أنـاس ؟ فقـط الأشخاص المؤمنـون ذوو الإحساس ، وليس طبعاً الأشخاص المؤمنـون الاعتياديون وإنّمـا هـؤلاء المؤمنـون الذين يحيون بطريقة مرضية لله. ينبغـي أن تكـسـر الجـوز لتـجـد لبّـه اللذيـذ المغـذي وتتذوقـه . الـرب لا يكشف أسـراره للجميـع ولا يرمـي درره للخنازير ، ولهذا السبب كـان يخاطب الشعب بأمثال عـن ملكـوت الله ، فجميـع الـذين كانوا يمتلكـون الـشـروط الروحية كانوا يفهمون أمثاله ويستنيرون بالحق . تعتقد أن البذور التي تسقط في الأرض الخصبة تنحل وتُفقَد في التُربة ، ولكن بالقوة التي وضعها الله فيهـا تفـرِعُ وتنمو وتعطي ثماراً كثيرة . هذا ما يحصل مع بذار الكلمة الإلهية ، إنّها تُزرع في قلوب جميع البشر ولكنّها تُفـرِع فـقـط في القلوب الخصبة . وأمـا مـوضـوع أن لـيـس البشر جميعـاً يؤمنـون فهـذا لا يبدِّد الإيمان . لا تتطلع إلى جميع المؤمنين وإنّما انظر فقط إلى المؤمنين حقـاً وتيقّن مـا الـذي ينالونـه بالإيمـان . ليس الإيمان المسيحي نظاماً فلسفياً ولكنه بنعمة الـروح القدس طريقة إصلاح للإنسان الساقط ، هذا الإصلاح الذي حصل علـى يـد المسيح الإلـه الإنسان . بالتـالي لاحظـوا مـن هـو الشخص الذي يتبع خطا الرب ، وسوف تجـدون كيـف ينمـو شيئاً فشيئاً كيف ينضج روحياً ويصير عظيماً ، ولـو كـان لا قيمة له في عينيّ العالم . هـاك مـثلاً القـديس سيرافيم سـاروف الـذي كـان إنساناً بسيطاً غير متعلم . وأيـن وصـل ؟ بكلمة واحدة منه أبكم أفواه الملحدين الكثيري العلوم . " بل اختار الله أدنياء العـالم والمـزدرى وغـيـر الموجـود ليبطـل الموجـود " ( ١كو ١: ۲۷ ، ۲۸ ) . هكذا تثقِّف النّعمة الإلهية جميـع الـذين يودعون أنفسهم لها . فـإذن الـرب يـدعوك إلى الإيمـان ، إنّـه يـريـد خلاصـك وسوف تخلص إن سمعت صوته واتّبعته بثبات. فلتطأ كل شكّ إكراماً لـذاك الذي يحبك كثيراً . أنـت بهـذه الطريقـة سـتقـدّم لـه الذبيحـة الأكـبـر الـتي سيكافئك عنها بأشياء كثيرة كثيرة . الشكوك بمثابة الـزؤان الـذي يزرعه العدو في حقل نفـسـك بـيـن سـنابل القمـح ، لمـاذا تـدعـه يعـمـل لأجـل هـلاكـك ؟ اطرده و ادْنُ إلى مخلـصنـا الـذي يبـسـط يـده لـك بحنـان . فلتتّضع لأنّـه كمـا قلـت لـك اللـه يـعلـن ذاتـه فـقـط للمتواضعين . صـلِّ لأن الصلاة تقـيـم سـوراً حولـك وتحميـك مـن هـجمـات الـشرير ، فلتتّخـذ قـراراً وطيـداً : لا تقـبلـنّ أبـداً فكر الشك . لـدى بدايـة ظـهـور هـذا الفكـر أقـصيـه فـوراً خارج عقلـك بـدون أية مناقشة معـه مـهـمـا بـدا لـك منطقياً . وبهذا الشكل ستضع نهاية لسائر شباك العدو . إرشادات_إلى_الحياة_الروحية للقديس ثيوفانس الحبيس التعديل الأخير تم بواسطة walaa farouk ; 23 - 11 - 2021 الساعة 02:27 PM |
|