رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
الكثير منا يجيد الحديث مع الآخرين ويقضي وقتاً طويلاً في الكلام والحوار معهم ، لكن قلما نجد شخصاً يتكلم مع نفسه وخاصة في نهاية العام ، ليفكر في عيوبه ونقاط ضعفه فيصلحها ويعالجها وفي مميزاته ونقاط قوته حتى يطورها وينميها ويراجع نفسه ويتوب عن خطاياه . واذا رأينا شخصاً يتكلم مع نفسه نحكم عليه بأنه مجنون وغير عاقل وهناك أمثلة عديدة للحوار مع النفس في الكتاب المقدس ، نذكر منها : 1 – حوار الانين والانحناء ( مزمور 42 ، 43 ) كتبهما داود النبي وقام بنو قورح بتلحينهما ، وفيهما يخاطب داود نفسه المنحنية المتألمة بسبب مطاردة أبشالوم له لانتزاع عرش الملك ، ويكرر المرنم عبارة " لماذا أنتِ منحنية يا نفسي ولماذا تئنين فيَّ . ترجي الله لأني بعد أحمده " 3 مرات في المزمورين وهي بمثابة ( القرار ) تعبيراً عن شدة حزنه وانحناء نفسه وفي النهاية يجد الرجاء الذي لا يخيب في الرب وحده . 2 – حوار الانانية والغباء ( لوقا 12 ) وهو حوار الغني الغبي الذي فكر فقط في نفسه ، لقد اتسم حواره بالطمع ومحبة النفس والكبرياء والغرور ، فبعد ان اعطاه الله خيراً جزيلاً وبارك كورته بغلات كثيرة ، انكر افضال الله واحساناته وظن انه بقوته وذكائه صنع الثروات العظيمة فقال في نفسه : " اهدم مخازني وابني اعظم ، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي " وفكر في راحة نفسه ليأكل ويشرب ويفرح بعد ان يقوم بتخزين الخيرات لسنين عديدة ، ولكن جاء الصوت الالهي ليطلب نفس الغني منه واصفاً اياه بالغباء لأنه ظن انه سيعيش للأبد متكلاً على غناه وامواله وثرواته . 3 – حوار الرجوع وعودة اللقاء ( لوقا 15 ) وهو حوار الابن الضال الذي انفق ميراثه وبذر ماله بعيش مسرف على الزواني في كورة بعيدة وابتدأ يحتاج ، وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب ، لذلك رجع إلى نفسه وقرر بعزيمة أن يعود إلى بيت الآب مرة اخرى معترفاً بذنوبه وخطاياه ، تصالح مع نفسه أولاً ليتصالح مع الأب المحب الذي قبله فرحاً . لقد عرف الابن الضال قيمة ومعنى الحياة الحقيقية بعد ان وقف وقفة صادقه مع نفسه قادته إلى التوبة والرجوع من نجاسة العالم وشروره إلى الاحضان الابوية الدافئة . 4 – حوار الحمد والثناء ( مزمور 103 ) في هذا المزمور يحث المرنم نفسه على ان تبارك الرب ولا تنسى كل احساناته ومراحمه الكثيرة ، وكلمة " بركة " ومنها الفعل " باركي " جاءت من " برك " مثلما نقول " برك الجمل " اي ان صاحبه اناخه والزمه بالجلوس لكي يحمّله باشياء معينه ، فالجمل لا يمكن وضع اي شيء على ظهره اذا لم يركع ويجلس . باركي يا نفسي الرب : اي اسجدي واركعي وكوني خاضعة للرب ومطيعه له ، قدمي المجد والاكرام والتعظيم لإسمه القدوس لكي تتمتعي ببركاته ومراحمه التي لا تزول . باركي : قدمي الحمد والثناء والشكر للرب على كل شيء لأنه اله غافر الذنوب ، والطبيب الشافي لجميع الامراض ، والفادي الذي ينجي وينقذ حياة الانسان من الهلاك ، ولأنه رحيم ورؤوف يجدد شباب النفس مثل النسر . في نهاية العام نحتاج إلى الحديث مع النفس لأنه أصدق من الحديث مع الناس ، فقد نخدع الآخرين بكلمات جميلة وبلسان مخادع وكاذب ، لكن الكلام مع انفسنا يلزمه الصدق والامانة ، وكل انسان يعرف ضميره وخباياه ، وعليه ان يتوب عن خطايا الفكر والقول والفعل . انه ليس مجرد حديث وكلام لكنه امتحان للنفس لكي نعيش باستقامة وبقلب نقي وضمير صالح وطاهر امام الله والناس . |
|