تمتع بداود الملك [9]:
"بل يخدمون الرب إلههم وداود ملكهم الذي أقيمه لهم" [9].
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم"اعتاد الأنبياء أن يدعو كل واحدٍ من الملوك الصالحين داود" .كما يقولإن كثير من الأنبياء (حز 34: 23-24؛ 27: 24-25، هو 3: 5) يتحدثون عن داود كقادمٍ وقائمٍ مرة أخرى، لا يعنون بهذا داود الذي مات بل أولئك الذين يبارون فضيلته... عظيم هو مجد الإنسان الذي مع الله ومع الناس!
هنا يعد بأن يملك داود على شعبه، بينما نعلم أنه لم يقم ملك قط من نسل داود بعد العودة من السبي. حقًا لقد تم الرجوع على يد زربابل من نسل داود لكنه لم يُقم ملكًا. لقد خضع اليهود لكورش الفارسي وإسكندر المقدوني ثم للدولة الرومانية... فأين داود الملك؟ إنه المسيا الملك (إش 9: 7، لو 1: 32). يتم الخلاص بمجيء ابن داود المسيا المخلص، يملك على النفس ويقيم فيها مملكته بالخلاص.
إذ ترفض النفس أن يملك الله فيها يعطيها الله سؤل قلبها فتُستعبد لملوك غرباء كثيرين، وينحني عنقها للنير أو الأنيار، وإذ ترجع للرب تجد الله نفسه ملكها، والمخلص ابن داود يرعاها الذي قيل عنه: "يعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية" (لو 1: 32-33). هذا الذي يقيم خيمته الساقطة في داخل النفس، فيحولها من الخراب إلى مملكة داود المجيدة المفرحة. هكذا يتحقق في داخلها الوعد الإلهي: "ها أيام تأتي يقول الرب، وأقيم لداود غصن برٍ، فيملك ملك وينجح ويجري حقًا وعدلًا في الأرض" (إر 23: 5). تخضع كل طاقات النفس والجسد للملك الحيّ داود، وتصير هذه الطاقات "بني إسرائيل الطالبين الرب إلههم، الخاضعين بالحب لداود ملكهم". وكما يقول هوشع النبي: "بعد ذلك يعود بنو إسرائيل ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم ويفزعون إلى الرب وإلى جوده في آخر الأيام" (هو 3: 5).