قداسة البابا تواضروس الثانى
الحكمة :-
" إن كان أحـد كـم ثـعـوزه حكمـة ، فليطلب مـن اللـه الـذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير ، فسيعطى له " ( يع 1 : 5 ) . فالفضيلة لا تكـون فضـيلة إلا بالحكمـة ، والحكمـة تتجشـد في حيـاة الإنسان بشكل عملي في حسن التصرف ، أو في عرض موضوع ما ، أو في حل مشكلة .الخ . ويحكى في التاريخ ، أن ملكاً في أحد العصور أقام حفلـة كبيرة ، ودعا إليها جميع کبار رجال الدولة ، وكان من ضمن المدعوين البابا البطريرك ، وفي نهاية الحفل ، كان كل فرد من رجال الدولة يقـوم بتقبيـل يـد الملك اليمنى ، فيضع الملك فيها كيساً من الذهب ،على سبيل الهدية . فجاء دور البابا البطريرك ، فقبل صدر الملك ! فتعجب الملك وقال له : لماذا صنعت ذلك ، فقال البابا لأنه يوجد لدينا آية في الإنجيـل تقـول : " قلـب المـلك في يد الرب " ( أم ٢١ : ١ ) . وأنا قبلت يد الرب التي تحرس قلبك يا جلالة الملك ، فارتاح الملك لهذا الكلام ، وأعطى البابا كيسين من الذهب ! وهذه هي الحكمة . فقد كرز بالإنجيل وقدم محبة وتصرف بدبلوماسية . الإنسان المسيحي الحقيقـي عـادة مـا يـكـون إنساناً حكيماً ، لأنـه يـتعلم الحكمة من حياة ربنا يسوع المسيح ، فعندما سألوا السيد المسيح عـن الجزية ، وهل يجب دفعها أم لا ؟! طلب أن يرى عملة ، ونظر إلى وجهيها ، ثـم قـال في حكمة : " لمن هذه الصورة والكتابة ؟ قالوا له : لقيصر ، فقال لهم : أعطوا إذا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " ( مت ۲۲ : ۲۰ - ۲۱ ). وأيضاً في قصة المرأة السامرية ( يو 4 ) ، تعامل السيد المسيح معها بمنتهى الحكمة ، وبدأ هو في الحديث معها ، وكان يشجعها في حديثها ببعض الكلمات المشجعة ، مثل " حسناً قلت " ، وبذلك قادها إلى التوبة والإيمان . حتى أن زكا وفي مقابلة زكا ، تقابل السيد المسيح معه بمنتهى الأطف تغيّر قلبه وتاب ، وقال : " ها أنا يارب أعطي نصف أموالي للمساكين ، وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف " ( لو 19 : 8 ) . وفي قصة الابن الضال ( لو 15 ) ، كان من الممكن أن أبـاه لا يقبـل عودتـه ويطرده ، ولكنه تعامل مع ابنه بحكمة وأخذه في حضنه وقبله . وهكذا يا عزيزي القارئ ، الإنسان المسيحي يظهر رائحة المسيح في حكمته في مواجهة المواقف المختلفة .