|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أيام “نَبُوخَذْنَصَّرُ”؟! (دانيآل٣). فبدلا ًمن أن يُمارس “نَبُوخَذْنَصَّرُ” سلطته بالاعتماد على الله، فإنه وضع حقوق الله جانبًا، وسعى لتوطيد امبراطوريته بأساليب من ابتكاره. واستخدم سلطته العظيمة لكي يفرض قوانين من صنعه، تحت التهديد بعقوبة الإعدام للذين لا يرضخون لأوامره. وهكذا أمام تمثاله الذهبي، وفي وقت مُعين، وبمصاحبة الموسيقى الصاخبة التي تثير الأحاسيس، كانت الأوامر أن يَخُر الجميع ويسجدوا لتمثال الذهب «وَمَنْ لاَ يَخِرُّ وَيَسْجُدُ فَإِنَّهُ يُلْقَى فِي وَسَطِ أَتُونِ نَارٍ مُتَّقِدَةٍ». إن هذا التمثال وتدشينه وقانون السجود له، لم يتجاهل وينتهك فقط حقوق الله، بل إنه أيضًا سحق تحت قدميه ضمير الإنسان. وفي هذا، فإن “نَبُوخَذْنَصَّرُ” قد ذهب خارج دائرة سلطته القانونية، وتجاوز حدوده، وتطفل على مجال سلطان الله. ولكن هذا يُبرز رجال خائفين الله، والذين - مهما كان الثمن - سوف يُطيعون الله أكثر من الناس. فبينما كانوا مُستعدين أن يطيعوا الملك في منطقة نفوذه الخاصة، فإنهم يرفضون أن يطيعوه تمامًا إذا ما تعدى على حقوق الله. لقد أدرك “حَنَنْيَا وَمِيشَائِيلَ وَعَزَرْيَا” أن المعركة أصبحت معركة الرب، والإيمان يُمكنهم أن لا يسجدوا لتمثال الذهب، وأن يبقوا في هدوء تام في حضرة الملك الحانق. والثقة في إلههم تُمكّنهم من أن يُجيبوا الملك: «يَا نَبُوخَذْنَصَّرُ، لاَ يَلْزَمُنَا أَنْ نُجِيبَكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ». فبالنسبة لهم كانت الأمور واضحة لا تقبل المساومة. الإنسان الطبيعي يقول: “إنه فقط شيء صغير يطلبه الملك؛ عليك فقط أن تنحني مرة واحدة أمام هذا التمثال، وينتهي الأمر فورًا في لحظة، وعندئذ تصبح حرًا؛ ولست في حاجة أن تنحني له في قلبك. إنها أوامر رسمية إلى حد كبير، وببساطة إنها مسألة طاعة للملك”. لكن الإيمان لا يعقل الأمر هكذا؛ فالإيمان يُطيع الله، ويرى بوضوح أنها مسألة اختيار بين الله والملك. وهذا يحسم الأمر. والكلمات الافتتاحية لإجابتهم تُعلن السر وراء ثقتهم: «هُوَذَا يُوجَدُ إِلَهُنَا الَّذِي نَعْبُدُهُ»! لقد عرفوا الله، وبذا أمكنهم أن يقولوا: «إِلَهُنَا». إن المعرفة الحقيقية لله، هي السر وراء القوة أمام البشر. ومهما كان المركز الذي يتقلدونه أمام البشر، فإنهم لا زالوا يخدمون الله. لقد عصى الملك الله بقوله: «مَنْ هُوَ الإِلَهُ الَّذِي يُنْقِذُكُمْ مِنْ يَدَيَّ؟»، وبهدوء عظيم قَبِلَ هؤلاء الرجال المؤمنين التحدي، وبثق الإيمان أجابوا: «يَا نَبُوخَذْنَصَّرُ... إِلَهُنَا... يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَجِّيَنَا مِنْ أَتُونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ». بل وأكثر من ذلك: «وَأَنْ يُنْقِذَنَا مِنْ يَدِكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ». إن المسألة ببساطة هي طاعة الله أو الإنسان. ولا يزال هذا هو السؤال الحقيقي بين المؤمنين المسيحيين وحكام العالم. إن طاعة السلطات القائمة هو توجيه كلمة الله الجليّ لشعبه (رومية١٣: ١؛ تيطس٣: ١؛ ١بطرس٢: ١٣-١٧). فليس من شأننا أن نُثير التساؤلات حول كيفية تكوين السلطة، أو طابع الشخص المُسيّطر على السلطة؛ دورنا أن نطيع. ولكن عندما تتعارض إرادة الإنسان مع كلمة الله، وتسعى لفرض هذه الإرادة على ضمائرنا، فينبغي أن يُطاع الله أكثر من الإنسان (أعمال٤: ١٩). |
|