رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"فقال لبنيه: شِدُّوا لي على الحمار. فشَدُّوا له على الحمار، فركب عليه. وسار وراء رجل الله، فوجده جالسًا تحت البلُّوطة. فقال له: أأنت رجل الله الذي جاء من يهوذا؟ فقالأنا هو. فقال له: سر معيإلى البيت وكل خبزًا" [13-15]. لم يكن رفضه مثل هذه الدعوة مقبولًا في الشرق، إذ تحمل معنى الاستهانة بالمضيف. كانت العادة عندما يصل إنسان إلى مدينة يستضيفه أحد سكَّانها، فيقدِّم له طعامًا ويعطيه مأوى يحميه من الجو كما من اللصوص أو الأعداء، ويشارك الضيف المضيف العبادة أو يتمتَّع بآلهة العائلة. كان ينظر إلى الضيف أنَّه قد صار أحد أفراد الأسرة يشاركها كل شيء، وأنَّه "ضيف الله". "فقال: لا أقدر أن أرجع معك، ولا أدخل معك، ولا أكل خبزًا ولا أشرب معك ماء في هذا الموضع. لأنَّه قيل لي بكلام الرب: لا تأكل خبزًا ولا تشرب هناك ماء، ولا ترجع سائرًا في الطريق الذي ذهبت فيه. فقال له: أنا أيضًا نبي مثلك، وقد كلَّمني ملاك بكلام الرب قائلًا: ارجع به معك إلى بيتك فيأكل خبزًا ويشرب ماء. كذب عليه" [16-18]. يرى البعض أنَّه من المستحيل أن يكون هذا النبي كذَّابًا، لكنَّه إذ قال بأن ملاكًا تحدَّث معه بكلمة الرب [18]، فإن كلمة "ملاك" معناها "رسول". فهو يقصد بالملاك ابنيه اللذين قدُما إليه من عند الملك وأخبراه بكل ما حدث مع رجل الله، وأنَّهما اشتهيا أن يستضيفاه. لهذا فما قاله النبي إنَّما هو تورية عن ابنيه اللذين أرسلهما له الرب لكي يحثَّاه على استضافته، خاصة وأنَّه إذ شاهد رجل الله تحت الشجرة في تعب شديد، شعر بأنَّه محتاج إلى طعام وشراب ليتقوَّى جسده. لهذا فإن النبي الشيخ هو نفسه قد خدعه عدوّ الخير، لكن بدافع الشفقة أغوى رجل الله ليخالف وصيَّة الرب له. "ولا عجب لأن الشيطان نفسه يغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور (2 كو 14: 11). إنَّه يخدع الآخرين، ويحثُّهم على خداع الغير تحت ثوب الفضيلة. على أي الأحوال كان يمكن لرجل الله أن يكتشف كذب هذا النبي، أولًا لأن الوصيَّة الإلهيَّة التي بلغته جاءت مباشرة من الله، فلماذا يطالب الله بما يخالفها عن طريق شخص آخر؟ لو أن هذا النبي أمينًا لماذا لم يشهد ضد العبادة الوثنيَّة في يوم الاحتفال العظيم الذي أعدَّه الملك؟ لماذا لم يرجع رجل الله إلى الله يسأله قبل أن يعصي الوصيَّة ويأكل؟ كان كلاهما في حاجة إلى روح التمييز، فإن كان النبي المُسنّ قد انخدع تحت الرغبة في استضافة رجل الله المرهق، فهو بلا عذر. كان رجل الله - الذي جاء من يهوذا بدعوة إلهيَّة مباشرة وتنبَّأ للملك وتحقَّقت نبوَّته، وعلى يديه أُصيبت يد الملك بالفالج وشُفيت - في حاجة إلى روح التمييز ليفرز الحق من الباطل. روح التمييز والإفراز هو الطريق الآمن، هو عطيَّة الروح القدس الذي يقودنا في طريقه الملوكي حتى يعبر بنا إلى حضن الآب. |
|