الأفكار الشريرة والرغبات الشريرة تنبع من قلب الإنسان ثم تتقدم فتغشي الفهم بالظلام وتلوِّث الإرادة. ذلك أن القلب من الدهاء بحيث يستطيع أن يخدع حتى الرأس الفهيم.إن هاتين المحاولتين لتفسير شمولية الإثم للجنس البشري كله تصلان في نهاية المطاف إلى هذه الحصيلة الواحدة: أنهما تبحثان عن علة ذلك في سقوط كلِّ إنسانٍ بمفرده.
فحسب البيلاجيوسية، يسقط كلُّ إنسان بالاستقلال عن غيره، وهو يفعل ذلك إذ يختار حراً أن يقتدي بقدوة الآخرين السيئة.
وبحسب شبه البيلاجيوسية، يسقط كلُّ إنسانٍ لوحده لأنه باختياره الشخصي يُدخِل الرغبة الموروثة، لكن غير الخاطئة، إلى حيِّز إرادته ويحيلها فعلاً خاطئاً.
فكلتا النظريتين لا تُنصف الحقائق الخُلُقية المؤكدة في ضمير كل إنسان، وكلتاهما لا تفسر كيف يُمكن لطبيعة الإثم الشاملة التي تعمُّ الجنس البشري كلَّه أن تنشأ من ملايين الملايين من القرارات التي تتخذها الإرادة البشرية.