|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يونان النبي
عجيب هذا اللقب "المدينة العظيمة" الذي أطلقه الرب على نينوى!! قاله الرب مرتين ليونان "قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة" (1: 2، 3:2). وهذا التعبير "المدينة العظيمة" كرره الوحي للمرة الثالثة بقوله "وأما نينوى فكانت مدينة عظيمة للرب مسيرة ثلاث أيام" (3:3). وتكرر هذا اللقب للمرة الرابعة في آخر السفر عندما قال الرب "فلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من الناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم وبهائم كثيرة" (4: 11). ما أعجب هذا، أن يلقبها الرب أربع مرات بالمدينة العظيمة،بينما كانت مدينة أممية، جاهلة لا يعرف أهلها يمينهم من شمالهم، تستحق أن ينادى النبي عليها بالهلاك، وهى خاطئة قد صعد شرها أمام الرب، وليس فيها من جهةالمقياس الروحي أي مظهر من مظاهر العظمة!! أكان هذا تنازلا من الرب في استخدام الأسلوب البشرى، فسماها عظيمة، على اعتبار أنها عاصمة لدولة، وتضم أكثر من 120 ألف من السكان؟ أم أن الله رآها باعتبار ما سوف تصير إليه في توبتها وفي عظمتها المقبلة، كأممية توبخ اليهود، كما قال عنها الرب "إن رجال نينوى سيقومون في يوم الدين مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا بمناداة يونان. وهو ذا أعظم من يونان ههنا" (متى12: 41). أن تسمية الرب لنينوى بالمدينة العظيمة درس نافع للذين يسلكون بالحرف، ويدققون في استخدام الألفاظ تدقيقًا يعقدون به كل الأمور ويخضعون به الروح لفقه الكلمات!! أمر الله يونان النبي أن ينادي على نينوى بالهلاك، ولكنه كان في نفس الوقت يدبر لأهلها الخلاص كان يحبهم ويعمل على إنقاذهم دون أن يطلبوا منه هذا.... أن سفر يونان يعطينا فكرة عميقة عن كراهية الله للخطية ولكنه في نفس الوقت يشفق على الخطاة ويسعى لخلاصهم. وإنقاذ الله لنينوى فكرة عن اهتمام الله بالأمم، إذ كان اليهود يظنون أن الله لهم وحدهم، وأنهم وحدهم الذين يتبعونه ويعبدونه، وهم شعبه وغنم رعيته، فأراهم الله في قصة نينوى أن له خرافًا أخر ليست من تلك الحظيرة. وكما وبخ عبده يونان بإيمان البحارة الأمميين، وكذلك وبخ اليهود بإيمان أهل نينوى وتوبتهم، تلك التوبة التي كانت عظيمة حقا في عمقها وفاعليتها. |
|