|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يقول القديس أغسطينوس:”من يستطيع أن يدرك أعجوبـة الأعاجيب هذه، عذراء تحبل-عذراء تلد-عذراء تبقى عذراء بعد الولادة، ولكن ما لا يستطيع العقل أن يفهـمه يستطيع الإيـمان أن يدركـه، وحينـما يقف العقل فإن الإيـمان يتقدم”. ولكن يردد البعض الكثير من التساؤلات والتى من شأنهـا التشكيك في عقيدة الكنيسة في بتوليـة مريم العذراء الدائـمة وذلك ضمن حملة للتقليل من مكانـة العذراء القديسة مريم أم يسوع في الكنيسة، ويمكن أن تتلخص تلك الإعتراضات تحت بعض القضايـا التاليـة:
– إذا كان الـميلاد من عذراء هام جداً في الـمسيحية، فلماذا لم يُذكر أي شيئ عن ذلك في كلا من انجيلي مرقس ويوحنا وأيضاً في رسائل بولس الرسول الأربعة عشر؟
– لقد جاء في انجيل متى كلمة الـملاك ليوسف في الحلم:”لا تخف أن تأخذ إمرأتك مريم”(متى20:1)، وبعد أن نهض يوسف من النوم “أخذ امرأتـه”(متى24:1)، والزواج كما هو معروف لا يكون كامل إلاّ بالـمعاشرة الزوجيـة ولهذا قال الـملاك عن مريم إنهـا إمرأته، بالإضافـة انـه لا يوجد ما يعيب الزواج لأنـه مقدس. – ان كلمة “الإبن البِكر”(متى25:1) تُطلق فقط على من يكون له اخوة جاءوا من بعده حسبما جاء في رسالة القديس بولس: “أن يكونوا مشابهين لصورة ابنـه حتى يكون بكراً بين إخوة كثيرين”(رومية29:8)، ولذلك فلا مجال للشك بأن مريم قد أنجبت بعد يسوع. – انـه مكتوب في رسالة للقديس بولس: “أرسل الله ابنه مولوداً من إمرأة”(غلاطية4:4)، وكما هو معروف عادة ان كلمة “إمرأة” تطلق على من كان لها زوج او عُرفت من رجل، ولهذا فلايمكن ان يكون للمسيح أم عذراء.
– إعتقد البعض الآخـر ان الإخوة والأخوات التى جاء ذكرهم هم بلا جدال أبناء يوسف ومريم جاءوا بعد ولادة يسوع، فلا يوجد سبب آخر خلاف ذلك، ألا يذكر القديس مرقس:”أليس هذا هو النجار إبن مريم وأخا يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان, أوليست أخواتـه ههنا عندنا”(مرقس3:6)، فلا مجال للجدل؟ – هناك من يقول” نحن نتفق بأن مريم كانت عذراء قبل ولادتهـا ليسوع الـمسيح، ولكن لا نتفق على التعليم القائل ببتوليتها الدائـمة ففى متى46:12 ومرقس 31:3 بيان بأسرة يسوع كلهـا، وفى لوقا 19:8 نفس القائـمة وفيها اخوة وأخوات ليسوع.
– يهاجم البعض الآخر الميلاد من عذراء بقولهم ان يسوع لم يكن له ام فقط بل كان له اب ايضاً معروف وهو يوسف فلقد جاء في انجيل لوقا:”وعندما دخل بالطفل يسوع ابواه ليصنعا له بحسب عادة الناموس”(لوقا27:2) وايضاً”وكان ابوه وامه يتعجبان مما يقال فيه”(لوقا33:2)، و”كان ابواه يذهبان الى اورشليم كل سنة”(لوقا41:2)، وكما جاء على لسان امه عندما وجداه في الهيكل:”يا ابني لم صنعت بنا هكذا ها اننا اباك وانا كنا نطلبك”(لوقا48:2)، فلهذا لا يمكن للمسيح ان يكون مولداً من عذراء! – ليكون المسيح حقيقة من نسل ابراهيم وداود كما جاء حسب انجيل متى (الإصحاح الأول)، فلابد ان يتم ذلك عن طريق يوسف، وعليه فلا يمكن ان يثبت هذا النسب لو لم يكن يوسف هو أب طبيعي ليسوع، فلكي يكون يسوع هو فعلاً المسيح، فأم يسوع لابد ان تكون قد انجبته من علاقتها الزوجية مع يوسف.
– قيل عن مريم انها قد نذرت البتولية فكيف قبلت ان تُخطب ليوسف كما جاء (لوقا27:1)؟ – كما جاء في سفر التكوين هناك امر إلهي ان يصبح الرجل والمرأة “جسداً واحداً(تكوين24:2)، وأيضا أمر الله الرجل والمرأة قائلاً:”انموا واكثروا واملأوا الأرض”(تكوين28:1)، فكون مريم قد نذرت البتولية أو ظلّت عذراء في زواجها فهذا يعنى انها ليست فقط خالفت وصية الله بإنكارها للعلاقة الزوجية، بل تقاعست عن مسؤليتها كزوجة بأن “تملأ الأرض”، ويُعد ذلك في حقيقة الأمر خطيئة عاشت فيها مريم طوال حياتها. – الكتاب المقدس لم يذكر ان مريم قد نذرت البتوليـة، فمن أين مصدر هذا التعليـم؟ – لـم يُعرف نظام التبتل للـمرأة في العهد القديم، لكنه فقط كان معروفاً أيام الـمسيح ضمن جماعة صغيرة عاشت في البراري تُعرف بجماعة الأسنيين Essenes. – لـماذا من الضروري ليسوع ان يُولد من عذراء؟ – بجعل مريم بتولاً دائمة هو محاولـة من الكنيسة الكاثوليكية لجعل مريم مساويـة للمسيح والذي كان بتولاً طيلة حياتـه على الأرض. الرد على كل ما جاء بـه الـمعترضون: اولاً- ان جميع الإعتراضات على بتوليـة مريم أو عدم بتوليتهـا لا يمكن أن يكون ذريعة للتقليل من شأنها وللإستهانة بها ولتبرير عدم إكرامهـا وإغفال تطويبهـا أو عدم التشفع بهـا. ان البتوليـة الدائـمة عند مريم العذراء هو إنعام ثانوي إلهـي ولكن النعمة الكبرى هو أمومتهـا الإلهيـة للـمسيح الرب الـمخلّص. وإذا رفض البعض أن يكرموها كبتول فليكرموها كوالدة للمسيح يسوع، وإذا عدّوا عدم إستمرارهـا في البتوليـة كما يزعمون كمانع يحول دون تكريمهم لهـا فعليهم ألا يكرّموا أيـّا من أمهاتهـم!. ثانيـا-لا الكتاب المقدس ولا التاريخ الكنسي ولا المنطق السليم تؤيد هذا الإعتقاد الـمخالف بأن مريم أم يسوع لـم تكن بتولا دائـمة، بل أنـه مـا أجلّ وأعظم أن يكون يسوع هو الإبن الوحيد لأمـه على الأرض كما أنـه هو الإبن الوحيد لأبيـه في السـماء. ثالثا – لقد قدّم آبـاء الكنيسة وعلماؤهـا العديد من الأسانيد الكتابيـة والتاريخيـة والـمنطقيـة منذ الأجيال الأولـى وحتى يومنـا هذا للدفاع عن بتوليـة مريم الدائـمة، ولكن أهم ما يجب إدراكـه هو انـه لابد أن نفهم جيداً من هو يسوع ومـا هو دور القديسة مريم في سر التجسد الإلهـي. وللدفاع عن عقيدة بتوليـة مريم العذراء الدائـمة، فسنورد الرد على بعض نقاط الإعتراضات على حسب التقسيم التالي:
هو ببساطة أن العذراء مريم حبلت بيسوع الـمسيح دون مباشرة رجل ولكن من الروح القدس وتلك بتوليـة مريم قبل ولادة إبنهـا يسوع.
جاء في سفر التكوين بعد سقوط الإنسان الوعد بالخلاص عندما قال الله للحيـّة:”سأجعل عداوة بينكِ وبين الـمرأة وبين نسلِك ونسلهـا، فهو يسحق رأسِك وأنتِ ترصدين عقِبـه”(تكوين15:3). انـهـا نبؤة قد خرجت من فم الله الآب تضم الأم والإبن في عـمل الفداء. هذه النبؤة تعلن عن وعد بمخلّص هو الذي سيسحق رأس الحيّة فكلمة “هو” في هذه الآية تدل على شخص له الغلبة والنصرة وتدمير سلطان الشر. أي أنه من نسل إمرأة لا من نسل إنسان سوف يأتى من يسحق رأس الحيـّة، أي رأس الحيّة القديـمة وهى ابليس والشيطان (رؤيا2:20). والـمسيح يسوع هو وحده الذي أتى الى العالم ليطرد منه الشيطان ويدّمر أعماله”ولهذا ظهر ابن الله ليُنقض أعمال ابليس”(1يوحنا8:3). ان هذه النبؤة ليست فقط نبؤة عن المخلّص الآتى بل عن ميلاده العجيب “فهو من نسل إمرأة”، فنسل المرأة دون نسل الرجل إشارة الى ان المخلص سيولد من امرأة دون تدخل رجل. نسل إمرأة لا نسل إنسان من رجل وإمرأة، فكلنـا نولد من رجل وإمرأة، وآدم جاء لا من رجل ولا من إمرأة فهو مخلوق غير مولود، وحواء جاءت من رجل بلا إمرأة ً، والـمسيح جاء من إمرأة دون رجل بغير زرع بشر فهو مولود غير مخلوق كما نقول في قانون الإيمان:”إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق..تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وصار إنسانـاً”. – اشعيـا النبي لقد قدّم اشعيا النبي في القديـم علامـة لبتوليـة أم الـمسيّا” هوذا العذراء تحبل وتلد إبنـاً ويدعى اسمه عمانوئيل”(اشعيا14:7)، ويؤكد في موضع آخر: هوذا الرب يركب على سحابـة سريعة ويدخل مصر فتتزلزل أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر في داخلهـا”(اش1:19)، ولقد فسّر القديس كيرلس الكبير على ان هذه السحابة هى مريم العذراء حيث انها تفوق السحابة نقاء وطهارة. ومرة أخرى يُعلن النبي:”فصارت لكم رؤيا الكل كأقوال كتاب مختوم يناولونه لـمن يعرف الكتابة قائلين إقرأ هذا فيقول لا أستطيع لأنـه مختوم”(اش11:29)، وقد فسّر الآباء هذا السِفر الـمختوم بـمريم العذراء والتى حبلت دون أن تفقد بتوليتهـا. – ارميـا النبي ها هو ارميـا النبـي يُعلن: “ان الرب قد خلق شيئـاً جديداً في الأرض أنثى تحيط برجل”(ار22:31). – حزقيال النبي يؤكد ذلك النبي بقولـه:”ثم ارجعني الرب الى طريق باب المقدس الخارجي الـمتجه للشرق وهو مغلق فقال لى الرب هذا الباب يكون مغلقاً لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إلـه اسرائيل دخل منه فيكون مغلقاً. الرئيس الرئيس هو يجلس فيـه”(حزقيال1:44-3)، فأي باب هذا الذي فيه دخل ومنه خرج الرب وبهذا مُنع من دخولـه أي بشر آخر كي يظل الباب مغلقاً لا يُفتح لغيره ولا يُستخدم بعده؟ يرمز هذا الباب الشرقي الـمختوم الى بتولية القديسة مريم الدائمة فإن الـمسيح وحده دخل أحشاءها ولم يفتح هذا الباب لآخر غيره وأجمع الأباء ان هذا الباب المغلق هو مريم العذراء وهو إثباتا لبتوليتها الدائمة. – ميخا النبي يقول هذا النبي:”وأنتِ يا بيت لحم أفراتـة إنكِ صغيرة في ألوف يهوذا ولكن منكِ يخرج لـي من يكون متسلطاً على اسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل. لذلك يتركهم إلى حين تلِد الوالدة فترجع بقية اخوتـه الى بني اسرائيل”(ميخا2:5-3). – زكريـا النبي يهتف زكريا النبي قائلاً:”ترنـّمي وافرحي يا بنت صهيون لأني هآنذا آتـي وأسكن في وسطك يقول الرب. فأسكن في وسطك فتعلـمين ان رب الجنود قد ارسلني اليكِ”(زك10:2-11). وابنة صهيون هذه هى إشارة لأم الـمسيّا الـمنتظر. –صفنيـا النبي “ترنّمي يا ابنة صهيون، اهتف يا اسرائيل. افرحي وابتهجي بكل قلبك يا ابنة اورشليم قد نزع الرب الأقضية عليكِ..أزل عدوكِ.مَلَك اسرائيل الرب في وسطكِ”(صفنيا14:3). |
|