الله يسمح بتجارب الشياطين لنفعنا
يقول الأب تادرس (أو الأب ثيودور من مشاهير آباء البرية – أنظر كتاب مناظرات يوحنا كاسيان الجزء الثاني) "ينبغي علينا أن نعرف أن البشر جميعًا يجربون للأسباب الآتية:
أ - غالبًا لأجل اختبارهم: كما نقرأ عن الطوباويين إبراهيم وأيوب وكثير من القديسين الذين تحملوا تجارب بلا حصر لأجل تزكيتهم.
ب - لأجل إصلاحهم: وذلك عندما يؤدب أبراره من أجل خطاياهم البسيطة (اللاإرادية) والهفوات، ولكي يسمو بهم. كما يقول الرسول "... يا ابني لا تحتقر تأديب الرب ولا تنفر إذا وبخك. لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن ليقبله" (عب 12: 5، 6) وفى سفر الرؤيا يقول "إني كل من أحبه أوبخه وأؤدبه" (رؤ 3: 19). وداود النبي نفسه يصلى للرب قائلًا "جربني يا رب وامتحني. صف كليتي وقلبي" (مز 26: 2).
ج - كعقاب من أجل الخطية: وذلك كما حذر الله بأن يرسل أوبئة على بنى إسرائيل (لشرهم) فقد "أُرْسِلُ فِيهِمْ أَنْيَابَ الْوُحُوشِ مَعَ حُمَةِ زَوَاحِفِ الأَرْضِ" (سفر التثنية 32: 24).
وقد قال السيد المسيح له المجد للمريض الذي كان يرقد بجوار بركة بيت حسدا بعد أن شفاه "ها أنت قد برئت فلا تخطئ أيضًا لئلا يكون لك أشر" (يو 5: 14).
د - قد تكون التجارب لأجل إظهار مجد الله وأعماله كما يقول الإنجيل عن المولود أعمى من بطن أمه "لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه" (يو 9: 3). وأيضًا قال الرب عندما مرض لعازر حبيبه "هذا المرض ليس للموت، بل ليتمجد إبن الله به" ( يو 11: 4).
ويقول الأب سيرينوس "نحن نعلم أنه حتى القديسين يسمح الله أن تسقط أجسادهم تحت سلطان الشياطين. وتحل بهم نكبات كثيرة، وذلك من أجل الهفوات، لأن الرحمة الإلهية لا تطيق أن يكون فيهم وسخ أو دنس إلى يوم الدينونة، فينقيهم من كل شائبة مقدمًا إياهم إلى الأبدية، مثل الذهب أو الفضة المصفاة، غير محتاجين بعد إلى تنقية، فيقول الله في ذلك "وأنقى زغلك، وأنزع كل قصديرك... . بعد ذلك تدعين مدينة العدل القرية الأمينة" (أش 1: 25 و26). وأيضًا في سفر الأمثال يقول "كما تمتحن الفضة والذهب في الكور، هكذا يمتحن الرب القلوب" (أم 17: 3).
لذلك يلزمنا ألا نكره أو نحتقر أو نزدرى بالذين نراهم قد أسلموا لتجارب متنوعة أو لأرواح شريرة، لأننا نعتقد أن كل هذه الأمور تحدث لنا بسماح من الله وأنها مرتبة لأجل خير أرواحنا، فلا نكف عن الصلاة من أجلهم كأعضاء منا، وأن نحنو عليهم بكل قلوبنا وكل جوارحنا، كقول الرسول "إن كان واحد يتألم، فجميع الأعضاء تتألم معه" (1 كو 12: 26).