رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
::: قراءة خاصّة بزمن الصوم ::: روحانية الصوم من ليتورجيا الأقباط الصوم ليس مجرّد فضيلة جسديّة، إنه ليس امتناعاً عن الطعام لوقت معيّن، وليس انقطاعاً عن لحمٍ أو دَسَمٍ، إنما في الصوم عنصرٌ روحي يستفيق أثناء ضعف الجسد. أوّل عنصر روحيّ في الصوم، هو السيطرة على الإرادة، لأنه بنفس الإرادة التي تتحكّم في الطّعام، يمكن لها أيضاً أن تسيطر على الكلام، خاصةً (غير اللائق)، ويمكن للإرادة أيضاً أن تسيطر على نوعيّة الفكر والمشاعر. فلا نفكّر إلا بما هو مرضي لدى الله، وألاّ نَتْبَعْ إلاّ المشاعر النبيلة والصالحة. قال مار اسحق السرياني: صوم اللّسان خيرٌ من صوم الفم، وصوم القلب عن الشهوات (غير المرتّبة) هو خيرٌ من صوم الفم واللسان معاً. ثاني عنصر في الصوم الروحي هو التوبة، ونلاحظ في صوم أهل نينوى أيام يونان النبي، أنهم لم يكتفوا بالصوم وحده، إنما رجع كل واحد عن طريقه الشرّيرة، وعن الظلم أيضاُ (يونان3/8-10) وأن الرّب نظر إلى هذه التّوبة أكثر مما نظر إلى الصوم وسامح أهل مدينة نينوى وخلّصها من عقاب أليم. العنصر الثالث في الصوم هو التذلّل وانسحاق الروح أمام الله، لبس أهل نينوى المُسوح (اللّباس الخَشِن) ونادى الملك بصومٍ لمدة ثلاثة أيام للكبار والصّغار، حتى للبهائم، وقصَّ الملك شعر رأسه، ولبس المسح وخلع نعليه وافترش الرّماد. العنصر الرابع في الصوم، لا يقتصر على حرمان الجسد من الطّعام، بل تقديم الغذاء الواجب للروح، من أجل هذا نجد الترابط بين الصوم والصلاة، وما إذلال الجسد بالصوم إلا مجرّد وسيلة، أما الهدف فهو إعلاء شأن الروح، وذلك بالصلاة والتأمل والقراءات الروحية، (خاصة الكتاب المقدس) وممارسة الفضائل: كالطاعة والعفّة والفقر، والعطاء والتواضع والغفران... إلى ما هنالك. وإنّ كلّ صوم غير روحي (أي لا يقرّبنا من الله) فهو مرفوض لديه. لأنه ربما يكون لتخفيف الوزن، أو لرشاقة الجسم، أو مبنيّ على الرياء، أما أنت فمتى صمت فطيّب رأسك واغسل وجهك، لكي لا تظهر صيامك للناس بل لأبيك السماوي (متى6/17). أو مثل صوم الفريسيّ المبني على الكبرياء، إني لست كسائر الناس، إني أصوم مرتين في الأسبوع (لوقا18/11). أو مثل صوم الشعب الخاطئ في (أشعيا58/4) إنكم للخصومة والمشاجرة تصومون.... كما نجد أيضاً في النبي أشعيا، تحديداً دقيقاً لمعنى الصّوم: (أشعيا58/6-7) أليس الصوم الذي أريده: هو حلّ قيود النّفاق، وفكّ رُبُط النّير (نير الخطيئة)، أليس هو أن تكسِر للجائع خُبزك، وأن تُدخِل البائسين المطرودين بيتك، وإذا ما رأيت العريان تكسوه، وأن لا تتوارى عن لحمك؟ (أن لا تهمل قريبك). العنصر الخامس في الصوم، هو القيام بأعمال الرحمة والمحبّة والتسامح. نرحم الآخرين ليرحمنا الله، طوبى للرحماء فإنهم يرحمون وبالصّوم نتعلّم الشفقة على الفقراء والجائعين، بعد أن اختبرنا الجوع في أجسادنا. العنصر السادس في الصوم، هو الزُّهد بالماديّات وكل تعلّق بها، ومنها عدم الاهتمام بأصناف الطّعام، وما هو الأطيب منها. لم آكل طعاماً شهياً في صيامي ولم يدخل فمي لحم ولا خمر، إلى تمام ثلاثة أسابيع (دانيال10/3) وما الزهد في الطّعام والانقطاع عن الشهيّ منه، إلا دلالة على انشغال الروح بما هو نافع للخلاص، واستحقاق الحياة الأبديّة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يارب إنقلنا إلي سيرة روحانية واعطنا روحانية |
قداسة البابا شودة الثالث | روحانية الصوم |
اليوم الأقباط يبدأون الصوم الكبير لمدة 55 يومًا |
روحانية الصوم - كتاب للبابا شنوده الثالث |
روحانية الصوم |