رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب القمص ميخائيل إبراهيم البابا شنوده الثالث مقدمة من الصعب على صفحات من الورق، أن تحتوى إنسانًا كبيرًا كالقمص ميخائيل. خدماته وفضائله أوسع بكثير من احتمال هذا الكتاب.. القصص والأخبار والكلمات، التي وصلت إلى أيدينا عنه، تحتاج إلى مجلدات، لكي تستوعبها جميعها، وتحتاج أيضًا إلى وقت، لترتيبها وإخراجها. لذلك قدمنا هذا الكتاب كعينة، إنقاذًا للوقت، ريثما نرجع إليه في طبعة أخرى، تستوفي بعض نقصه.. أقدمه إلى كل راع، وكل كاهن، وكل خادم، بل إلى كل مسيحي، كصورة للحياة لمسيحية الحقة، وكمثال للخدمة.. وأقدمه إلى معهد الرعاية في كنيستنا، لتدريسه.. إنه كتاب لا يصح أن يستغنى عنه بيت مسيحي. نقدمه للقراء في الذكرى الثانية لنياحة راحِلنا الطوباوي. وأود أن أشكر كل من اشترك في تحريره، وفى طبعه وتوزيعه.. كل الأحباء الذين ساهموا في تقديم مادة هذا الكتاب، من ذكرياتهم الطيبة مع صاحب هذه السيرة العطرة، في حياته ككاهن، أو كزملاء له في العمل أو في الخدمة قبل عمله في الكهنوت. وكل من تعب معنا، ليصل هذا الكتاب إلى يديك.. مجرد اسم القمص ميخائيل، بركة. فكم بالأولى هذه الأخبار كلها التي بين يديك.. شكرًا للرب على نعمته ومعونته.. 26/3/1977 تذكار نياحة القمص ميخائيل البابا شنوده الثالث |
26 - 12 - 2013, 04:28 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
نشأته وتاريخ حياته القمص ميخائيل إبراهيم أسرة متدينة: ولد في 20/4/1899، ببلدة كفر عبده، مركز قويسنا منوفية، إيبارشية القليوبية ومركز قويسنا، ومن والدين مسيحيين. وقد طلب شعب بلدته رسامة والده السيد / إبراهيم يوسف، كاهنًا على كنيسة العذراء مريم بكفر عبده. وحدد يوم الرسامة، وحضر نيافة الأسقف لرسامته، إلا أنه امتنع، وهرب في يوم الرسامة من البلدة. وقال إني لا استحق هذه الخدمة المقدسة، وإني لا أحتمل المسئولية. أما عن ابنه ميخائيل، فكان من طفولته محبًا للكنيسة. شفيق إبراهيم يوسف كنيسة كفر عبدهنشأ المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم في ظلال وتحت رعاية كنيسة السيدة العذراء بكفر عبده، في جو روحي. وهى كنيسة قديمة، وكانت الوحيدة في المنطقة، وكانت مركز إشعاع روحي. يرعاها كاهن أمين محبوب، هو المتنيح القمص جرجس حنا. وكان المرتل رجلًا فاضلًا، يقضى يومه في نسخ الكتب، وتعليم الأطفال القراءة والكتابة من البشائر الأربعة، ويوزع على الشباب قراءات يوم الأحد ويراجعها معهم مرارًا، ويعلمهم المردات والألحان. ويقضى شطرًا كبيرًا من الليل في الصلوات والتسابيح. وهكذا وضعت بذور الإيمان في قلب ميخائيل. كمال إبراهيم رزق ناظر كنيسة العذراء بكفر عبده تربى في حضن الكنيسة: ولد عام 1899 ببلدة كفر عبده (منوفية) من أبوين بارين. وكان أبوه صرافًا. شأن الكثيرين من أقباط زمانه. تربى الطفل ميخائيل في حضن الكنيسة. التحق بمدرسة الكنيسة، وتلقى على مرتلها ومدرسها المتواضع مبادئ الكتابة والحساب والقراءة في سفر المزامير والبشائر.. تزاملنا في المدارس القبطية وفى عام 1908 وقد نشطت الإرساليات الأجنبية في بدنا، قامت في القاهرة جمعية متواضعة تهدف إلى تأسيس مدارس ريفية، حفاظًا على الكنيسة القبطية وأولادها، وهى جمعية "الترغيب في التهذيب"، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.أذكر من بين أعضائها المرحومين الغيورين: مرقس بك فهمي تاوضروس، وسليمان داود، وطاهر يوسف، كان أولهم موظفًا بالمالية، وثانيهم من كبار الموظفين. وهو جد الأب الورع القمص شنوده جرجس كاهن كنيسة الملاك بشبرا. وثالثهم كان محاميًا ناشئًا. أسست هذه الجمعية ثلاث مدارس: بميت يعيش، وميت دمسيس، وكفر عبده. وفى المدرسة الثانية بدأت حياتي الدراسية، لأن ميت دمسيس هي مسقط رأسي. وفي مدرسة كفر عبده التحق الطفل ميخائيل لإتمام دراسته. وهكذا أراد الله أن يكون التحاقنا بهذه المدارس المتشابهة المنشأ، رمزًا للقائنا في محيط الكهنوت بكنيسة مارمرقس بعد اثنين وخمسين عامًا. أتم جزءًا من دراسته بمدرسة الأقباط بقوسنا، ثم بمدرسة الأقباط الكبرى بالقاهرة، في وقت كانت فيه المدارس القبطية في الريف والمدن تحرص على توجيه تلاميذها نحو بتدقيق كبير القمص يوحنا جرجس (بكنيسة مار مرقس بشبرا) |
||||
26 - 12 - 2013, 04:30 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
عمله في الجمعيات وتأسيس الكنائس أول تذوق للحياة الروحية وشأن معظم شباب ذلك الجيل، التحق ميخائيل أفندي إبراهيم بوظيفة حكومية بمراكز المحافظات، حاملًا بين جنبيه حبه لكنيسته. وكان يرسل له في كل مركز عونًا لإشباع الروحية. وتمثل هذا العون في زميل تقي ورع، هو المرحوم فرج الله أفندي، الموظف بمدينة فوة التي لم يكن بها كنيسة فاتخذ الموظفان من منزل فرج الله أفندي كنيسة مصغرة، جذبت الكثيرين من زملائهما إلى حياة روحية في وسط ذلك القفر. وكما ذكر صاحب هذه السيرة، كان هذا هو أول تذوق له لطعم الحياة الروحية وتعزيات الله الوفيرة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى، عن طريق المعاشرات الطيبة. القمص يوحنا جرجس حياة الوظيفة والعبادة: بعد أن أكمل دراسته الابتدائية، تلقى علومه الثانوية بمدرسة الأقباط الكبرى بالقاهرة. ثم عين موظفًا بوزارة الداخلية في وظيفة كتابية بمركز فوة، ثم بمركز شربين، ثم بمركز كفر الشيخ. وهنا رتبت له العناية الإلهية الالتقاء برجل تقي مملوء من روح الله، أسمه فرج الله. فكانا يقضيان أوقات فراغهما في الصلاة ودارسة الكتاب المقدس. ولم تكن في كفر الشيخ كنيسة في ذلك الوقت. وكانت أقرب كنيسة لهما في مدينة سخا، على بعد ثلاث كيلومترات من مقر عملهما. وكانا يذهبان للصلاة كل أحد سيرًا على الأقدام، حيث لم تكن هناك وسائل للمواصلات. ثم يعودان إلى عملهما. كمال إبراهيم رزق ناظر كنيسة العذراء بكفر عبده مرشده الروحي: ذكر لي القمص ميخائيل أنه قبل أن يلتحق بالخدمة، كان شابًا يتصرف كباقي الشبان (*). إلا أنه في بدء توظفه، عين في مركز كفر الشيخ. ولم يكن بهذه البلدة كنيسة، ولكن كان فيها رجل قديس هو المرحوم فرج الله مسيحة، الذي يعتبره القمص ميخائيل "أباه الروحي". فرعاه المرحوم فرج الله في حياة التدين والصلاة: يصحبه إلى جمعية الوعظ بمنزله مساءًا، ثم يوصله إلى منزله، ويعود به في اليوم التالي كما بدأ معه في اليوم السابق ولا يحصل له وقت فراغ. وقال لي القمص ميخائيل، إنه كان يريد الفكاك منه ولكن عبثًا (*).. فظل على هذا الحال خلال فترة وجوده بكفر الشيخ، حتى أصبح التدين عادة له، فلما نقل إلى بلبيس كان إناءًا مختارًا. عوض الله حنا منصور بالمعاش - بكفر الصيادين بالزقازيق اختبار الله في بدء حياته قابلته تجربة هو وصديقه فرج الله: فقد صدرت حركة تنقلات، ونقل مأمور المركز الذي كان لا يعترض على ذهابهما للصلاة، كما نقل زميله فرج الله ولكن ميخائيل لم يضعف وظل ثابتًا على إيمانه. فذهب إلى الكنيسة يوم الأحد للصلاة كعادته. ولما علم المأمور الجديد أنه ذهب إلى سخا للصلاة، ثار. وعند عودته استدعاه، وأمره بعدم الذهاب، وتوعده إذا عاد إلى ذلك مرة أخرى. ولكنه طلب معونة وإرشادًا من الله، وصلى صلوات حارة. وعندما حل يوم الأحد التالي، ذهب للصلاة كعادته. وعند عودته وجد أن الأوامر قد صدرت بنقل المأمور إلى جهة نائية، ولم يمض على وجوده بكفر الشيخ سوى أيام معدودة وواظب ميخائيل على الصلاة، وكان ينمو في الإيمان. ثم صدر أمر بنقله إلى بلبيس بالشرقية. كمال إبراهيم رزق جمعية كفر الشيخ، وكنيستها أنتقل ميخائيل أفندي إلى مثل وظيفته في كفر الشيخ، ومعه حنينه المتزايد إلى نعمة الله العاملة، فأسس من زملائه ومعارفه جمعية روحية على نطاق أوسع، وسرعان ما نقله من كفر الشيخ بقليل، سمحت إرادة العلى، أن تتحول جمعية هذه البلدة إلى كنيسة كفر الشيخ الحالية. أقامتها العناصر التي عاصرت هذا الغيور. القمص يوحنا جرجس |
||||
26 - 12 - 2013, 04:34 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
خدمته في بلبيس جمعية يؤسسها ثلاثة:استقبلت مدينة بلبيس (شرقية) موظفها الجديد ميخائيل أفندي - بشغف كبير. وكان يؤدى عمله بأمانة واستقامة، وعرف بالنزاهة الكاملة، فاحتل مكانة طيبة في قلوب مواطنيه0 وفى المجال الروحي، التقى بالمرحوم جرجس عبد الملك زميله في العمل، وبزميله الآخر الشماس عوض الله حنا حفظه الله، هو بالمعاش الآن بالزقازيق وكان اللقاء المثلث نواة لجمعية روحية، آلت إلى كنيسة بلبيس الحالية.. القمص يوحنا جرجس موظف بسيط أمين.. يبنى الكنيسة إن معرفتي بالراحل الكريم ترجع إلى سنة 1927، حينما كنت زميلًا له في مركز بلبيس، موظفين تابعين لوزارة الداخلية، متلاصقين في المكاتب، ومتجاورين في السكن. وأمضيت معه حقبة طويلة حتى سنة 1935. وكان أنموذجًا للموظف الكفء الأمين. ومع شدة تمسكه بالدين وتعاليم الكنيسة المقدسة وطقوسها، كان يولى عمله المصلحة كل إتقان ورعاية. إذ يندر أن عثر له مفتش أو رئيس على الخطأ. ومعلوم أن مدينة بلبيس الحالية مدينة قديمة في التاريخ، وكان بها كرسي أسقفية كما يخبر بهذا سنكسار الكنيسة. والزائر لها في ذلك الوقت، كان يرى في شوارعها وأزقتها بقايا الأديرة، وأعمدة الكنيسة القديمة ملقاة في الطرقات. وكانت بها قلة من المسيحيين رقيقي الحال. فلما وفد إليها ميخائيل أفندي، نقلًا من كفر الشيخ، اختمرت لديه فكرة إقامة كنيسة بها، ولكن لم يكن فيها سوى الإرسالية الإنجليزية. وكنا نعارض في هذا، لأن البلدة قليلة الموارد، لا تنهض بتكاليف البناء ولا بمعيشة خدام الكنيسة. وكنا نحن نتكلم بلغة الحساب والنفقة، وكان كلامه هو بلغة الإيمان الذي انتصر أخيرًا. وأقيمت الكنيسة، وهى تؤدى رسالتها الآن. وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أذكر فضل الرجل العادل كريم العنصر، المرحوم حسنين بك شرف الدين مأمور مركز بلبيس وقتئذ، ومحافظ دمياط بعد ذلك، ووالد الأستاذ مجدي حسنين من رجال الثورة، الذي عضد المشروع ومهد كل السبل في إقامته، غير آبه بأقوال المعارضين من أهل البلدة ومما يجب التنويه به، أنه في حالة حفر أساس هذه الكنيسة، عثر على تمثال نحاسي بطول 25 سم. إنه آية في الروعة والجمال، يمثل السيد المسيح مصلوبًا على الصليب خشبي، وبمرور الزمن تآكل الخشب، وبقى التمثال النحاسي. وقد يكون مودعًا حاليًا في كنيسة بلبيس التي عثر عليه في أساسها. عوض الله حنا منصور صلته بجمعية أبناء الكنيسة، ولقاءه بالأستاذ نظير جيد كانت الجمعيات الوعظية التي تتمثل في جمعيتي الإيمان وأصدقاء الكتاب، والجمعيات الشماسية التي تتمثل في جمعيتي نهضة الكنائس وأبناء الكنيسة، ذات أثر فعال في النهوض بالمنبر وخدمة المذبح بالقاهرة والأقاليم، عن طريق الخدمات المنتقلة والفروع الناشئة. وما كنت أثناء دراستي بالتعليم العالي شماسًا بجمعية أبناء الكنيسة بالقاهرة، وجدت في تأسيس فرع لهذه الجمعية بالزقازيق سنة 1927 امتدادًا لحياة أفضل. قام هذا الفرع بنهضات روحية كانت واسطة لقاء مع العامل الغيور في كرم الرب بالشرقية، ميخائيل أفندي. كما كانت واسطة لقاء مع العامل الغيور في كرم الرب بالشرقية، ميخائيل أفندي. كما كانت واسطة لقاء بينه وبين الأستاذ نظير جيد، المدرس حيث كان يلبى دعوه الجمعية بالزقازيق، لإلقاء عظات في نهضاتها. وهو الآن الجالس على العرش المرقسي قداسة البابا شنوده الثالث. وكم كنت أسعد حين يطلب منى الأستاذ نظير ملابس شماس يرتديها قبل أن يعتلى منبر الوعظ. فكنت أحتفظ له بالتونية الخاصة بي، التي مازلت أحتفظ بها لهذه الذكرى المقدسة التي علمتني احترام المنبر وتقديسه. وكان ميخائيل أفندي يحضر عظات هذه النهضات الروحية. ويشير إلى بما معناه (إن لهذا الشماس نظير جيد عملًا يعده له الرب في مستقبل الكنيسة). ولم يتقابلا شخصيًا في ذلك الوقت، ولكنهما ارتبطا قلبيًا، إلى أن سمحت إرادة الرب بلقائهما في مجال الخدمة الفسيح.. وقد اختار قداسة البابا شنوده القمص ميخائيل إبراهيم لعضوية المجلس الإكليريكي للكنيسة القبطية عامة. القمص يوحنا جرجس فكرة بناء كنيسة بلبيس: دعا ميخائيل أفندي جمعية أبناء الكنيسة بالزقازيق للوعظ في جمعية بلبيس سنة 1932. وكانت العظة التي أعطانيها الرب هي قول موسى النبي لشعبه: "كفاكم قعودًا بهذا الجبل (جبل حوريب)". وكنت أقصد أن يفكر شعب بلبيس في عدم الاكتفاء بالنبتة الصغيرة، وهى الجمعية، بل يرتقون بها إلى كنيسة. وفى يوم الجمعة الخامسة من الصوم المقدس عام 1933 قامت جمعية أبناء الكنيسة بالزقازيق، بصلاة القداس الإلهي في كنيسة بلبيس. ووقف ميخائيل أفندي يلقى كلمة الكنيسة، ويرحب بشمامسة الجمعية، فقال: [نرجو يا أخ فهمي (وهو الاسم الذي كنت أحمله قبل الكهنوت) أن نكون قد تركنا جبل حوريب، الذي كنا فيه في العام الماضي]. كانت مدينة بلبيس من أمهات المدن المصرية، وقد ذكرها المؤرخ بطلر Buter في كتابه عن الفتح العربي. وكانت عامرة بكنائسها ومؤمنيها، غير أن الغزوات التي توالت على مصر قضت على مقدساتها، فاندثرت كنائسها، حتى قيض الرب لها ميخائيل أفندي إبراهيم، فصار لها بعث جديد، حيث أنشأ كنيستها. ولبناء هذه الكنيسة قصة جميلة: قصة بناء هذه الكنيسة: الأرض الأولى التي شرع ميخائيل أفندي وزملاؤه في بناء الكنيسة عليها، تغيرت لأن بعض العناصر هدموا ليلًا ما بنى نهارًا. وكذلك كان نصيب الأرض الثانية. إلى أن التقى صديق مخلص من المواطنين بميخائيل أفندي، ونصحه أن يتخير أرضًا بعيدًا عن العمران. ولما تم ذلك الاختيار، عثر أثناء حفر الأساس على تمثال برونزي للمسيح مصلوبًا، فكان هذا علامة على أن الله يختار الزمان والمكان. ولست أعلم مصير هذا الصليب: هل موجود في الكنيسة كأثر مبارك، أم أنه محفوظ لدى أسرة مجاورة للكنيسة؟ أما ميخائيل أفندي فكان وزملاؤه يحملون مواد البناء على أكتافهم مع العمال، حتى تم بناء الكنيسة. إن من ضواحي بلبيس قرية "ميت حمل"، بلغنا بالتواتر أن عدد مذابح كنائسها كان مائة مذبح تقدم عليها القرابين، وليس بها الآن مذبح واحد. ولكن بعث الكنيسة التي تقيم الباقية من أسرات المسيحية المتناثرة في ضواحي بلبيس، إلى الكنيسة التي تقيم لها مراسيمها الدينية. وهكذا يعمل الله بالقليل وبالكثير. عناية المتنيح بهذه الكنيسة: صارت الكنيسة في بلبيس بركة لا تقدر. وأرسل لها الرب كاهنًا من بلدة الغنايم (مديرية أسيوط)، وهو المتنيح القمص دوماديوس، الذي قبل العمل بشروط وروح ميخائيل أفندي، وهى مجانية الخدمة، والصلاة في الصوم المقدس حتى الخامسة من مساء كل يوم. وكان ذلك الكاهن مثاليًا، صابرًا أمينًا، ظل يرعى شعب بلبيس على الرغم مما عاناه من آلام نفسية كثيرة. وكان الموظفون بديوان مديرية الشرقية، يحبون ميخائيل أفندي حبًا جمًا، ويرسلون له التبرعات والاشتراكات للكنيسة الناشئة. وأذكر منهم المرحومين متري عبد الملك ببندر الزقازيق، وجرجس ميخائيل بالقلم الإداري بالمديرية، ويوسف عبد الملاك بالقلم المالي. وظل ميخائيل أفندي يمد الكنيسة باحتياجاتها حتى تنيح في أحضان القديسين. كما كان يرعى كاهنها، إلى أن حضر إلى القاهرة يومًا ما، فصدمته سيارة بشارع رمسيس، حيث قضى نحبه بالمستشفى القبطي. وظل أبونا ميخائيل يرعى أسرته حتى النفس الأخير. القمص يوحنا جرجس عجائب أحاطت ببناء الكنيسة: في سنة 1930 كنت قد نقلت رئيسًا لمكتب مباحث بلبيس، وتقابلت مع ميخائيل أفندي (كما كان ينادى به في ذلك الوقت)، وكان يعمل كاتب خفراء مركز بلبيس، وشعرت بمدى بركة هذا الرجل وروحه الملتهبة بمحبة المسيح. وفى أحد الأيام اقتراح ميخائيل أفندي أن نؤجر حجرة ونجتمع فيها، ونمارس نشاطنا الروحي. وكان يدعو واعظًا هو بشارة بولس، زوج ابنة أبينا القمص عبد المسيح كاهن كنيسة الفجالة وقتئذ. ثم رأى ميخائيل أفندي أن نؤسس جمعية ونجمع تبرعات. ومن هذه التبرعات أمكن شراء قطعة أرض زراعية. ورأى أن يقوم بحراسة هذه الأرض الشخص الذي كان يزرعها، وأذكر أن هذا الخفير كان اسمه محمد أو سيد. + وأثناء الحفر -توطئة لوضع الأساس- وجد صليب من الحديد، طوله حوالي مترين، مدفون في الأرض وعليه آثار تنبئ أنه كان مثبتًا في صليب خشبي، مما أوحى للجميع أنه كانت في موضع هذه الأرض كنيسة اندثرت بفعل الزمن. وقد احتفظ بهذا الصليب في الكنيسة بعد بنائها. + ومما يذكر أيضًا أن الخفير الذي كان مكلفًا بحراسة الأرض. عندما قابله ميخائيل أفندي، واستفسر منه عن ظروفه وحراسته. قال هذا الخفير: [كتر خير ضابط المباحث (الذي هو أنا)، فانه يرسل لي كل ليلة الشاويش سيد الموجود بالمركز، راكبًا حصانه الأبيض، ويبقى طول الليل معي في الحراسة، ويمر على الأرض إلى الصباح]. وقد كان هذا الشاويش مشهورًا في المركز، وله هيبة ووقار، وصحته قوية، ولما قابلني ميخائيل أفندي، وأخبرني بأقوال الخفير، أجبته [أبدًا. أنا لم أرسل الشاويش سيد، ولم أكلفه بحراسة الأرض] + وعندما سمع ميخائيل أفندي وأعضاء الجمعية ذلك، علموا أن ذلك الشخص هو الشهيد العظيم مارجرجس. وعندما اكتمل بناء الكنيسة، طلبوا أن تسمى باسم مارجرجس. ولكن ميخائيل أفندي قال لهم: قد يوجد شخص يتشفع بمارجرجس، وآخر بالعذراء، وثالث بالملاك ميخائيل، ورابع بمار مرقس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.فالأفضل أنم تعمل قرعة بين هؤلاء القديسين، كما حدث عند اختيار متياس الرسول. فأقام الشعب صلوات وأصوامًا. وفى يوم معين اختاروا طفلًا ليأخذ القرعة.. وكانت على اسم مارجرجس. ففرح الشعب. وسُمِّيَت الكنيسة باسم مارجرجس. + واحتاج الشعب إلى كاهن ليرعى الكنيسة، فطلب إليهم ميخائيل أفندي أن يصلوا ويصوموا إلى الله أن يرسل لهم كاهنًا يرعاهم، لأن الآباء الكهنة ما كانوا يحبون الذهاب إلى بلبيس ونواحيها، حيث كان الأطفال يزفونهم بعبارات غير لائقة.. وفى أحد أيام انقلب قطار بضاعة على الشريط. ونتيجة لذلك تعطل قطار الركاب الذي أتى بعده، ووقف عند محطة بلبيس. ونزل الركاب لكي يتفرجوا على البلد، خصوصًا عندما علموا أن هناك عطلًا لست ساعات على الأقل. وكان من ضمن الركاب أحد الآباء الكهنة، أخذه ميخائيل أفندي معه وأكرمه، وسأله عن كنيسته. فلما علم منه أنه بدون كنيسة، عرض عليه الخدمة في بلبيس..! وكان أسم هذا الكاهن "أبونا دوماديوس". ولم يعد بالقطار، وتذكرته في جيبه. واستقر في البلد. وفى اليوم التالي مباشرة، أقام القداس بالكنيسة. + ثم صلى الشعب لكي يرسل الله مرتلًا للكنيسة (المعلم): وحدث أن أرسل أحد المرتلين، واسمه المعلم إبراهيم، خطابًا للكنيسة، يعرض حضوره بعد أن سمع ببناء كنيسة في بلبيس، فوافقوا على حضوره.. + ومما يذكر أنه توجد بجوار بلبيس بلدة اسمها "ميت حمل"، ويُقال أن سبب تسميتها بهذا الاسم أنه كان يقدم فيها كل أسبوع مائة خمل أي يصلى مائة قداس.. وبالقرب منها اسمها "الزربية"، حيث كان المسيحيون الذين يحضرون إلى ميت حمل، يتركون فبها دوابهم إلى أن يحضروا القداس. وقد تغير اسمها إلى العدلية، حينما عين منها وزير للعدل. وكان في ذلك الوقت (محمود باشا صالح). +وفى يوم من الأيام، وكان ميخائيل أفندي يخدم شماسًا في الهيكل، صدمت عربة حانطور ابنه الصغير بطرس (م. بطرس حاليًا)، ومرت بعجلاتها فوقه.. وصرخ المارة، وظنوا أنه مات -أطال الله حياته- وذهب الناس إلى ميخائيل أفندي أثناء خدمته كشماس، وقالوا له: [ابنك بطرس داسته عربة حانطور ومات.]. وإذا بميخائيل أفندي يرد بهدوء عجيب: [أعمل إيه، لتكن مشيئة الرب]. ولم يترك الهيكل، واستمرار في صلوات القدس.. ولم يمت بطرس، وكان العربة لم تمر عليه إطلاقًا. أغنسطس عقيد (بالمعاش) بطرس صليب بطرس المأمور يساعده في بناء الكنيسة كانت نعمة الله تعمل، فبدأت مباني الكنيسة تعلو. فذهب وفد إلى مأمور المركز، وقالوا له بأنه لا يصح أن تبنى كنيسة في عهده. ولكنه كان رجلًا حكيمًا، يحب ميخائيل حبًا جمًا، حيث كان ميخائيل يتحلى بجميع الصفات المسيحية الحقة، وكان بحق رائحة المسيح الذكية وسفيرًا حقيقيًا للمسيح. فهدأ المأمور من ثائرتهم، وأفهمهم أنه لا يصح أن يقف أحد في سبيل أقامة أو تعمير بيوت الله. ثم استدعى ميخائيل وطمأنه، وطلب منه الإسراع في إتمام المباني وبمعونة الله تشييد الكنيسة، (ولها قبة بالخرسانة المسلحة) باسم الشهيد العظيم مارجرجس، وبجوارها مسكن للكاهن. كمال إبراهيم رزق ناظر كنيسة العذراء بكفر عبده ولما كنت منن زملائه بحكم العمل، حيث عينت معاون مالية لمركز بلبيس عام 1936. وبمجرد دخولي سمعت عن نزاع مع (ميخائيل أفندي إبراهيم) الذي كان كاتبًا لخفر بلبيس، بسبب الاجتماعات الدينية التي كان يعقدها مساءًا بالجمعية، وبسبب جمعه نقودًا ليناء كنيسة في بلبيس. وكان مأمور المركز يعطف على (ميخائيل أفندي)، لأمانته في عمله، ومواظبته على المواعيد. ولأنه كان يمتاز بأنه يكتب ميعاد حضوره بالضبط إن جاء متأخرًا، بعكس باقي الموظفين الذين مهما تأخروا لا يثبتون تأخيرهم بل يسجلون أنهم جاءوا في الموعد الرسمي.. وكان المأمور يندهش إذ يلاحظ أمانة هذا الموظف الذي يسجل على نفسه التأخير أحيانًا، ولا يتصرف كالباقين الذين كانوا يلومون (ميخائيل أفندي) على تصرفه، لأنه بذلك قد يكشفهم.. لذلك كان المأمور يحترمه، ويثق في أمانته، ويحبه لحسن عمله، ونشاطه في إنجازه بدون تأخير، وبدون غاية أو غرض. ولهذا لما وردت الشكاوى ضده، أراد المأمور أن ينقذه ويحقق له غرضه.. فسأل المأمور الشاكين: هل إقامة كنيسة للموظفين الأقباط عار أو عيب؟ أليست مكانًا لعبادة الله؟ فرد بعضهم: [نعم، هى محل عبادة، ولكن لا يوجد عدد كاف للعبادة]. فقال المأمور: [وماذا يهمنا إن كان يوجد عدد كبير للعبادة أو عدد قليل؟ إن هذا لا يؤثر علينا].. ولم يكتف المأمور بإقناع الشاكين، وإنما كلفهم أيضًا بالمساهمة في تكاليف البناء وقال: يجب أن نتعاون مع أخوتنا بسبب ضعفه وقلة عددهم. فهذا يشرفنا.. وهكذا تكفل بعضهم بالخشب، والبعض بالأسمنت، والبعض بالطوب.. وبنيت الكنيسة وارتفعت منازلتها. وذلك بقوة الرب، وببركة (ميخائيل أفندي) كاتب الخفر.. كامل عبد الملك الإرسالية الإنجليزية لا تعارض: لم تكن في بلبيس كنيسة، كما لم تكن هناك أية رابطة، أو أي اجتماع روحي للأقباط. سوى الاجتماع الذي كانت تقيمه الإرسالية الإنجليزية كل يوم أحد. وعندما استقر المقام بميخائيل إبراهيم في بلبيس، وطد علاقته بجميع الناس، بما حباه الله من قلب كبير وعقل راجح. وقد أحبه الجميع، ومنهم المرسلون الإنجليز الذين كانوا يحترمونه ويجلونه إلى أبعد مدى. حتى أنه عندما شرع في تأسيس جمعية قبطية تشرف على اجتماع للأقباط، لم يروا في ذلك غضاضة أو منافسة لهم، بل قابلوا عمله بفرح. كمال إبراهيم رزق ناظر كنيسة العذراء بكفر عبده جمع التبرعات لما شرع في تأسيس كنيسة قبطية ببلبيس -وكان ذلك في الثلاثينات- أخذ موافقة مطران الشرقية، الذي باركه وأعطاه طرس البركة لجمع التبرعات.. وقام يعاونه المرحوم الشماس رمزى بولس، الذي أحبه بكل جوارحه. بزيارة كثير من البلاد. وبنعمة الله تمكن من جمع مبلغ كبير يكفى للبدء في إقامة الكنيسة. فاشترى الأرض اللازمة. وعندما شرع العمل في حفر الأساسات، عثروا على تمثال للسيد المسيح على الصليب، حيث كانت بلبيس مدينة عامرة بالكنائس في العهود القديمة. وكان هذا الأثر فألًا حسنًا، واختيار الأرض بإرشاد من الله. كمال إبراهيم رزق روحياته في بلبيس: لما انتقل ميخائيل أفندي إلى بلبيس، كان إناءًا مختارًا أعده الرب للخدمة: ومن مميزاته أنه كان يبدأ بصلاة المزامير عند وصوله إلى المكتب في الصباح. ويختم عمله عند الانصراف بصلاة سرية. وفى يوم الأحد بالذات، لا يؤدى عملًا مصلحيًا إلا ما تقضى به الضرورة. وكانت له تأملاته في الإنجيل. ولم ألاحظ في علمانيته أنه أخل بنظام الصوم. فكان لا يتناول طعمًا إلا في الغروب. وفى أسبوع الآلام كان يحصل على إجازة طول الفترة، ليقضيها متعبدًا في الكنيسة. وكان لا يؤمن كثيرًا بطب الأجسام، ويؤثر عليه في كل مناسبة مرض الصلاة وسر مسحة المرضى. وأذكر في هذه المناسبة، أنه في يوم عيد من الأعياد، كان نجله بطرس (المهندس بطرس حاليًا) يلعب في الشارع، فصدمته عربة حانطور صدمة أثرت على ضلوعه. فاستدعى ميخائيل أفندي الأب الكاهن لعمل القنديل ودهنه بالزيت المقدس، ولم يلتفت لنصيحة الناصحين باستدعاء أحد الأطباء. وكان لا يرد سائلًا أو محتاجًا. فيستضيفه لينام في بيته، ويزوده بما يقدر عليه، ويصرفه بسلام. وقد يكون من هؤلاء الفقراء من هو رث الثياب، فلا يستنكف أن يأويه في مخدع مناسب في منزله.. وكان إحسانه أيضًا خفيًا. وأذكر في بلبيس، أن مساعدًا بالمركز، غير مسيحي، كان مريضًا، وانقطع عن العمل مدة من الزمن أثرت على معيشته. وكان قريبًا من مسكن ميخائيل أفندي. فكان يقرع على نافذته في أوائل كل شهر. حتى إذا فتحت النافذة، القي بعض النقود فيها وانصرف، دون أن يعرفه أحد، إلى أن تنبه إلى ذلك أحد الجيران ذات يوم في صباح مبكر. وقد ذكر لي هذه الواقعة المرحوم السيد عبد الغنى محمود، الذي كان معنا في المركز. وكان في صميم عقيدته، أن يطاع الله أكثر من الناس: فلا يأتي عملًا خارجًا عن أخلاقياته كمسيحي، مهما كان الباعث إليه أو الأمر به. وله في هذا الأمر أمثلة عديدة لا يتسع المقام لذكرها. إنه لم يلتحق في شبابه بمدرسة إكليريكية، إلا أنه في سلوكه وتدينه وعفته وغيرته، كان رسالة مقروءة من جميع الناس، حتى وصل إلى ما وصل إليه، وقد نقل من بلبيس إلى ههيا.. على أن صلتي به لم تنقطع. وكانت له فيها جولات يعرفها الذين عاشروه هناك. عوض الله حنا منصور بالمعاش - بكفر الصيادين بالزقازيق |
||||
26 - 12 - 2013, 04:37 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
خدمته في ههيا عشر سنوات قضاها في ههيا، كان خلالها أمين التربية الكنسية، كما كان شماسًا في الكنيسة، وكان قائمًا بخدمة الافتقاد، وكان قائمًا بخدمة الفقراء، وكان مركز كل خدمة روحية بالبلدة، انتقل بعد هذه السنوات إلى القاهرة، ثم سيم كاهنًا بعدها بثلاث سنوات. من أجل الرب، نُقِلَ إلى ههيا: كان مدير المديرية في ذلك الوقت (المحافظ) هو نيازى باشا، ومأمور مركز بلبيس: حسنين شريف الدين (والد الصاغ مجدي حسنين الذي كان مسئولًا عن إنشاء مديرية التحرير). وحضر مفتش من الوزارة هو الأميرالاى أبادير أديب، وكان ذلك في يوم السبت، ونَبَّه لدى وصوله بأنه سيقوم بالتفتيش في اليوم التالي (الأحد) الساعة الثامنة صباحًا. وطلب من ضابط المباحث (وهو أنا) التنبيه على كاتب الضبط، وكاتب الإدارة، وكاتب الخفر (ميخائيل أفندي) للاستعداد للتفتيش، وإحضار الدفاتر والسجلات في تمام الساعة الثامنة صباح الأحد. وفى تمام الساعة الثامنة حضرت أنا وكاتب الضبط وكاتب الإدارة. أما ميخائيل أفندي فلم يحضر، وذهب إلى الكنيسة كعادته.. وعندما سأل عنه الأميرالاى أبادير، قلنا إنه ذهب إلى الكنيسة. فسأل: [وهل نبه عليه أمس؟] فقلت: [نعم، نبهت عليه]. فثار جدًا، وأرسل من يستدعيه من الكنيسة. وذهب الرسول وحضر، وقال: [ميخائيل أفندي في الكنيسة يصلى، ولا يستطيع الحضور]. فأرسل إليه ثانيًا وثالثًا، ولم يحضر. وكان ذلك يسبب له هياجًا أشد. وأخذ يسب ويلعن وهو في مقر التفتيش (مكتب معاون البوليس) المواجه لمكتب المأمور.وصوته المرتفع يسمعه الجميع، ومنه مأمور المركز.. وفى حوالي العشارة، حضر ميخائيل أفندي.. وكعادته كل أحد، قبل أن يصل إلى مكتبه، مر على المسيحيين، خصوصًا الذين تغيبوا عن الكنيسة، يسألهم عن عدم ذهابهم، وعن أحوالهم وبيوتهم، ويوزع عليهم لقمة البركة.. فعل ذلك بنفس الهدوء والاطمئنان والسلام الداخلي العجيب، على الرغم من معرفته بوجود مفتش البوليس، واستدعائه له عدة مرات.. ثم دخل إلى مكتبه، وهو يرشم نفسه -كعادته- بعلامة الصليب، وكذلك يرشم مكتبه ودولابه وسجلاته. ثم حمل دوسيهاته وسجلاته، وذهب بها إلى المكتب الموجود به مفتش البوليس، ثم رفع يده بالتحية، بصوته الهادئ المعروف وطريقته الحلوة. وإذا بالمفتش يصرخ فيه: [أنا أرسلت لك عدة مرات، فلماذا لمتحضر؟]. فرد ميخائيل أفندي: [لقد كنت أمام الملك الكبير، ولم يسمح لي بالانصراف إلا الآن.. وسعادتك ما تزعلش نفسك. اعمل تحقيق، ووقع على الجزاء الذي تراه]. وإذا بمفتش البوليس يصرخ فيه ثانية ويقول له: [أنت يا راجل تعرف ربنا؟! لو كنت تعرف ربنا صحيح، كنت تعطى ما لقيصر لقيصر، وما لله لله]. فابتسم ميخائيل أفندي، وظهرت على وجهه علامات الانشراح. وقال له وهو يشير بيديه كعادته: [أنت يا سعادة البيه عارف ما لقيصر لقيصر وما لله لله؟ النهاردة يا سعادة البيه بتاع ربنا مش بتاع قيصر]. فغضب وهاج عليه، وقال له: [أنت إزاي تكلمني بالطريقة دي وباللهجة دي؟!] ودخل مسرعًا للمكتب المقابل، وهو مكتب المأمور، وكان المأمور سامعًا لكل هذا الحديث. وأمسك بالتليفون، ليتصل بمدير المديرية نيازى باشا، ليعمل تحقيقًا مع ميخائيل أفندي، لمجازاته ونقله. فما كان من المأمور بالرغم من أنه أقل رتبة من الأميرالاى - إلا أنه منعه من التكلم بالتليفون، قال له: [لا تتصل بالتليفون من مكتبي، لمجازاة ميخائيل أفندي. وإذا أردت الاتصال بالمدير، اذهب وتكلم من عند عامل التليفون]..! ورفض المفتش إذ وجد في إهانة له. وطلب سيارة للذهاب لمقابلة المدير. فرفض المأمور أن يعطيه سيارة ليستخدمها في مجازاة ميخائيل أفندي. وقال له: [تستطيع أن تذهب وتستأجر سيارة]..! وفى الحال أخذ المأمور سيارة المركز، وذهب مسرعًا لمقابلة مدير المديرية (المحافظ)، وهو ثائر على الإهانات التي وجهها المفتش، والأسلوب الذي عومل به ميخائيل أفندي.. وقال المأمور للمدير: أنا الذي أعطيت ميخائيل أفندي إذنا أن يحضر كل يوم أحد الساعة العاشرة، باريت كل الناس مثل ميخائيل أفندي في أمانته وطهارة سيرته ونقائه. وبعد قليل حضر مفتش البوليس، وحدثت مشادة بينه وبين المأمور أمام مدير المديرية وفصل المدير في الأمر بأن قدم حلًا وسطًا، وحتى يرضى المفتش، وهو نقل ميخائيل فندى إلى مركز آخر، ولا يجازى. ولكن هذا التصرف لم يعجب المأمور، وقدم تظلمًا لكي يبقى ميخائيل أفندي، الذي كانت سجلاته أدق سجلات، وعلى أساس دقتها كان العمل منتظمًا بمركز بلبيس.. إلا أن ميخائيل أفندي -وكان صانع سلام- فإنه ترجى المأمور أن يوافق على نقله. وقال له: لا أريد أن أكون سببًا في شجار أو خصام بينكما. وتحت إلحاح كبير منه، وافق المأمور. وصدر قرار بنقل ميخائيل أفندي إلى ههيا. وكان يقول للجميع: [لابد أن الله له حكمة في إرسالي إلى ههيا]. فعلًا كان سبب بركة كبيرة لأهالي ههيا. وله معهم فيها معجزات كثيرة. أغنسطس، عقيد بالمعاش بطرس صليب بطرس هذه مع القطة الخاصة بعدم مجيئه للتفتيش لإشغاله بالصلاة في الكنيسة صباح الأحد: ذكرها أيضًا الأستاذ شفيق إبراهيم وأضاف أن المفتش حاول أن يجد له غلطة في سجلاته، فكانت كلها دقيقة جدًا.. نهضة في ههيا: وينقل ميخائيل أفندي إلى ههيا (شرقية)، فتتلقفه النفوس العطشى والطاقات المعطلة، بلهفة شديدة. وكان يرعى شعب ههيا كاهن متقدم في الأيام من أسرة عريقة، تقي فاضل، هو المتنيح القمص فيلبس. وإلى جانبه مرتل الكنيسة المتنيح المعلم صليب عبد السيد، من أفضل أهل زمانه. وكان كلاهما حجة في الطقس الكنسي. ولكن لم يكن لهما من يشد أزرهما في الخدمة الروحية والتعليمية، فوجدا في ميخائيل أفندي ضالتهما المنشودة: قرع أبواب شعب الله بابا بابا، بمعاونته زميل له في العمل هو السيد/ فرج جبران، أبقاه الله وهو مقيم الآن بالجيزة. وقد حضر جناز زميلة القديم في الخدمة، القمص ميخائيل إبراهيم، أليف صباه، وشريكه في الجهاد في ههيا. كانت الخدمة في كنيسة ههيا وثبة تعليمية من فوق المنبر، ووثبة تربوية عن طريق مدارس الأحد، ووثبة طقسية في الألحان الكنسية، بفضل التعاون بين الكاهن والمرتل والخادم الأمين ميخائيل إبراهيم. وكم من مرة حظيت ببركة الدعوة للخدمة واعظًا، وممتحنًا لتلاميذ مدارس الأحد، وموزعًا للجوائز التي كنت أحار في وسيلة الدعم المالي لها وللكنيسة عامة! وكان ميخائيل أفندي يقول: [إن الله هو العامل والمدبر]. القمص يوحنا جرجس عشر سنوات مباركة، قضاها المتنيح في ههيا، من سنة 1938 إلى سنة 1948، كانت فترة مليئة بالاختبارات الروحية، عادت بالخير والبركات على كنيسة مارجرجس بههيا وعلى شعبها. محبوب في العمل كان يعمل كاتب خفر بمركز الشرطة، محبوبًا من رؤسائه ومن مرؤوسيه على السواء. الجميع يستشيرونه ويطلبون إرشاده فيما يصادفهم من مشاكل العمل. وبروح الله كانوا يجدون عنده راحة لنفوسهم.. في منزله: العبادة، ورعاية الفقراء: كان منزله هو البيت المسيحي المثالي: يمتلأ بالصلوات والتسابيح صباحًا ومساءًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.يجمع أفراد أسرته حوله، يقرأون الكتاب المقدس، ويرنمون. ولا ينام أحدهم قبل أن يصلوا جميعًا. وكان الرب حارسًا لأولاده، ولم يسمع أن أحدًا منهم رسب في أية سنة من سني دراستهم طوال وجودهم في ههيا. وكانت في بيته حجرة خاصة بالغرباء وإخوة المسيح: يستضيفهم ويكرمهم، ويعاملهم كأفراد أسرته تمامًا. وكان الغرباء يجدون عنده المأوى والملجأ وقضاء احتياجاتهم. وحتى بعد أن ترك ههيا، ظل على اتصال بإخوته الأرامل والمحتاجين، يتذكرهم دائمًا، حتى عيد الميلاد سنة 1975 (قبيل وفاته). أمين الخدمة كان أمينًا لمدارس الأحد في ذلك الوقت. وكان يترك فصول الكبار لإخوته الخدام، مع أنهم كانوا اصغر منه سنًا، ويتولى هو الخدمة أصغر الأطفال. وكان يحب الأطفال ويحبونه. ويرعاهم ويلاطفهم ويحنو عليهم كأب حنون، وهم يأنسون إليه، ويفتقدونه إذا ما غاب عنهم (وكان ذلك نادرًا). يصلى دائما من أجل الخدمة والخدام والمخدومين، قبل كل اجتماع لمدارس الأحد، طالبًا من معلمنا الصالح أن يعلمنا حتى نستطيع أن نعلم الأطفال. وكان دائمًا يقول: [يجب أن نتعلم نحن من هؤلاء الصغار، ونأخذ عنهم طهارتهم وتسامحهم ومحبتهم]. ومن غرسه الطيب الذي أتمه الرب على يديه كثير من الآباء الكهنة والخدام الناجحين، أمثال القس مينا شنوده بكنيسة العذراء الدمشرية بمصر القديمة، والقس مينا إبراهيم بكنيسة مارمينا بشبرا. السجلات والافتقاد: وقد أنشأ أثناء وجوده في ههيا، سجلًا خاصًا بالأسر المسيحية، ومبينًا به أسماء أفراد كل أسرة وعملهم وحياتهم الروحية. وبه أيضًا حالات الميلاد والعماد والزواج، وتواريخ كل منها. كما أنشأ سجلًا للغياب والحضور، للقداسات والاجتماعات، لكل أفراد الشعب. وكان بنفسه يتفقد الغائبين، يسأل عنهم، ويطمئن على كل الشعب، ويصلى لأخل الكل، ولا ينام طالما هناك مريض أو محتاج أو متألم، إلا إذا عمل على راحته على قدر ما يستطيع.. وكان يفتقد الإخوة الأصاغر والأميين: يجلس إليهم على حصيرة أو بدونها، يحدثهم عن الله وعن ملكوت السموات، ببساطة المؤمن. وكان السعيد هو ذلك الذي يطرق بابه عمى ميخائيل أفندي. اجتماعات الصلاة في اجتماعات الصلاة التي كان يدعو إليها، وبخاصة في وقت الشدة، كان الحاضرون يقفون في الخورس الخلفي بعد الغروب وفى ظلام الليل إلا من ضوء قنديل في شرقية الكنيسة داخل الهيكل. أما هو فكان يركع على البلاط، منتصب القامة طوال مدة الصلاة التي كانت تستمر ساعات طوالًا وكان الجميع لا ينصرفون إلا وقد تحدث كل منهم إلى الله بكلمات بسيطة. وكان يعلمنا كيف نحادث الآب بلغة سهلة دون اصطناع الكلمات أو ترديد عبارات مألوفة بدون عمق. وحقًا كان الجميع يعيشون في الفردوس الأرضي مع الله: نحس ونشعر بوجوده معنا، ونخرج وقد شفيت جراحاتنا وأسعدت أرواحنا. ويذهب كل منها إلى بيته، أما هو فيكمل سعيه في الافتقاد.. في أسبوع الآلام: كانت لا تفوته ساعة من سواعي (البصخة المقدسة): يعيش في عمله وبيته مع سيده في آلام ساعة بساعة ويومًا بيوم. إلى أن يأتي خميس العهد، فيتناول من الأسرار المقدسة، ويظل صائمًا صومًا انقطاعيًا إلى أن يتناول في قداس سبت الفرح وفجر الأحد. ويظل طوال الثلاثة أيام نشيطًا كما هو بالروح، لدرجة أنه كان يقضى طوال يوم جمعة الصلبوت راكعًا على ركبتيه خلف أيقونة المصلوب ووجهه إلى الهيكل، فتحسبه قديسًا راكعًا تحت الصليب. وبعد إتمام مراسيم التجنيز والدفن داخل الهيكل وتلاوة المزامير مع إخوته فيبدأ عمى ميخائيل جولة جديدة، مفتقدًا إخوته الأرامل واليتامى والمحتاجين بالبركات التي تكون قد وصلت إليه خلال الصوم المقدس. يطرق أبواب إخوته في ظلام الليل، موزعًا الخيرات، ليسعد الجميع بقيامة الفادي.. خدمته كشماس: في يوم خدمته كشماس في الهيكل، كان مثالًا طيبًا لما يجب أن يكون عليه الخادم من الورع والتقوى والتقوى. وكان قدس الأب القمص فيلبس يتهلل بالروح يوم أن يخدم معه قديسنا الراحل. وكان من ساعة ارتداء ملابس الخدمة، يمسك بيده اليمنى الصليب، رافعًا إياه فوق رأسه، لا ينزله مطلقًا عن هذا المستوى طوال خدمة القداس. وكان لا يجلس مطلقًا حتى أثناء تلاوة الرسائل أو عظة الإنجيل، بل يظل واقفًا رافعًا صليبه بأقصى ما يستطيع. قصة الصليب الحديد ومما يدعو إلى التعزية حقًا، حادث السرقة الذي تعرضت له كنيسة ههيا عام 1944، فقد سطا أحد اللصوص، وأخذ أواني، الصلبان التي عليه، والصلبان الأخرى الكبيرة والصغيرة. ولم يترك الصليب الذهبي الصغير الذي كان على طيلسانة أبينا الكاهن. فلما اكتشف الحادثة، وكان ذلك عند صلاة عشية أحد السبوت، توجه عمى ميخائيل إلى الأخوة الحدادين، وطلب منه عمل صليب بسيط من الحديد لخدمة المذبح. وأثناء قداس الأحد حمله في يده مرفوعًا كعادته. وأثناء العظة التي ألقاها بعد إنجيل القداس، قال: [لو كنا نستحق الصليب الفضي، لما سمح الله بأن يؤخذ منا. نحن لا نستحق إلا هذا الصليب الحديد]. ثم بكى، وبكى معه الشعب طالبين مراحم الله. وفى نهاية القداس، كان مع أحد الإخوة الخدام المال اللازم لشراء أواني المذبح وصلبان أكثر ما سرق منا. وذلك من عطايا الشعب الذي ألهب شعوره ذلك القديس ببكائه. ومازال الصليب الحديد على مذبح كنيسة ههيا للآن، تذكارًا لتلك الأيام المجيدة التي رفع فيها الشعب دموعه بنفس واحدة ببركات هذا الرجل. الطعام الصيامي الشهي! حدث أثناء عودته مع أحد الخدام من افتقاد بعضًا الأسر، وكان ذلك أثناء صوم الأربعين، أن مرا على مطعم (فول وطعمية). وكان صاحب المطعم وقتها يسوى الطعمية في مقلاته، فاشتم الخادم رائحتها، واشتهى أن يأكل منها، مصارحًا بذلك عمى ميخائيل أفندي. وبعد أن اشترى الطعمية، دارت مناقشة بين قديسنا والخادم، كان محورها "شهوة الجسد وحكمة الصوم". انتهت هذه المناقشة إلى اقتناع الخادم، فامتنع في تلك الليلة عن أكل الطعمية التي كان يشتهيها. وتعلم درسًا مؤداه أن "الصوم يفقد فائدته بشهوة الطعام حتى لو كان صياميًا". عدلي عبد المسيح مدرس أول بههيا اجتماعات روحية للشباب كان عمى ميخائيل يعقد اجتماعًا للشباب في ههيا. كانوا حوالي 14 شابًا. وكانوا يجلسون معه أحيانًا على درجات الكنيسة من الخارج، وهو يذكرهم بكلمة داود النبى: "أحببت أن أجلس على عتبة بيت الرب".. وقد استمر الاجتماع حوالي سنتين، وكانت عظة الجبل هي موضوع تأمل (عمى ميخائيل) معنا. وكان يقودنا في الترتيل وصلاة المزامير. ثم نقضى فترة روحية حلوة متأملين كلمات الرب. وبعد الخدمة كان يقول لنا: [تعالوا نتمشى معًا]، فنذهب إلى أحد كفور ههيا، لنجمع أموالًا للعائلات الفقيرة فقد كان الرجل بما له من دالة الخدمة والمحبة، يأخذ من القادرين ليعطى المحتاجين، وفى مقدمتهم المعلم صليب، وعم شنوده القرابني، وعم برهومة البواب. وكان اهتمامه بهم يشمل الجانبين الروحي والمادي. وكان عمى ميخائيل يعطى كل وقته للخدمة: كان يقوم بالافتقاد، والوعظ، والتعليم في مدارس الأحد والشباب. فضلًا عن اهتمامه البالغ بدفن الموتى ولا سيما الفقراء فضلًا عن جهوده المباركة في الصلح بين العائلات وحل مشاكلهم. كمال عبد الملك (عن كتاب "رحلة إلى قلوبهم "للأستاذ سليمان نسيم) حجرة للخلوة الروحية وللخدمة: وفى كل هذا، كان رجل صلاة وعبادة فالصلاة هي أساس الخدمة، حتى أنه خصص في بيته حجرة للخلوة الروحية: كانت بها صورة للعذراء وكنبتان عاديتان. وبهذه الحجرة كان فصلنا، فصل الشباب، يجتمع معه. فيركع عابدًا، مقدمًا الصلاة من أجل بركة الخدمة ونجاحها. كمال عبد الملك (نفس المرجع) أمانته كموظف، أهلته للكهنوت: و هكذا ابان الرجل عن حبه الفائق للرب: أنه وهو بسيط، وتحت نير الرسميات والظروف، لم يتأخر عن أن يقدم لإله وكنيسته أقصى ما يستطيع تقديمه. فكانت نعمة الكهنوت مكافأة سماوية له، لأن الأمين في القليل أمين في الكثير. وإذا نحن استخدمنا ما لدينا من نور في إضاءة الطريق أمام الآخرين، زاد الرب هذا النور قوة وإشراقًا. سليمان نسيم خدمته للفقراء: عندما كان في ههيا، قبل سيامته كاهنًا، نزل عليه في إحدى الليالي بعض (المسايحة)، وهم قوم فقراء يجوبون قرى الوجه البحري، يجمعون التبرعات من المسيحيين فاستضافهم في منزله، وأحسن وفادتهم. ولكن المسكن كان لا يتسع لجميعهم عند النوم،فاصطحب من لم يسعهم المنزل، وذهب بهم إلى الكنيسة ليبيتوا هناك وسهر معهم حتى الساعة الثانية صباحًا، وعاد إلى منزله ونام. واستيقظت زوجته البارة فجأة، لتجده نائمًا على الأرض أمام السرير. فدهشت وأيقظته عن السبب في نومه على الأرض. فقال: ما اقدرش أنام على السرير، وإخوتي نايمين على الأرض. لازم أنام زيهم. ميخائيل جاب الله شكوى الخواجا طناش بههيا: لأول مرة تعرفت به في كنيسة الأقباط بههيا في سبتمبر 1941، فوجدت فيه الرجل المثالي في القيام بخدمات الكنيسة. أما عن علاقته بكبار موظفي المركز والمحكمة والصحة وباقي الموظفين، فقد قام بنشاط كبير ليدعوهم لحضور الكنيسة. كما خصص مكانًا على شاطئ ترعة بحر مويس، أطلق عليه اسم "بيت إيل"، ويجمعهم فيه من الخامسة إلى الثامنة مساء، ويجلو لهم الجلوس على الحشائش يتناقلون أحاديث النعمة من تفاسير واختبارات روحية وسير قديسين. مما جعل الخواجا طناش يكثر من الشكوى، لأن الأستاذ ميخائيل يسحب رواد قهوته. مسعد تاوضروس جرجس أجابني أبونا القمص ميخائيل، على سؤال، في لقاء روحي معه: لقد خدمت الرب شمسًا، وأنا موظف الفراغ كنت أجلس مع زملائي الموظفين قرب السكة الحديد، نتكلم معًا في مختلف الموضوعات الروحية. وكنا نخصص بكور مرتباتنا للكنيسة. لم يكن بيننا من يسرق حق الله في مرتبه وزرعه.. لقد قال الرب: "هاتوا العشور وجربوني، إن كنت لا أفتح لكم كوى السماء.. وأفيض عليكم حتى تقولوا كفانا". والعكس، فإن الذين لا يعطون الله حقه، تنتقى من بيوتهم البركة.. والله لا يترك نفسه مديونًا أبدأ. انه يعوضنا بطرقه الأبوية. وهو قادر على كل شيء، يعرف احتياجاتنا قبل أن نسأله، ويعطينا فوق ما نسأل أو نفتكر، حسب غناه في المجد.. سليمان نسيم |
||||
26 - 12 - 2013, 04:40 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
خدمته في كفر عبده في مصر القديمة: وفى عمله بالجيزة، كان يجد تعزية في تردده على كنيسة مارمينا بمصر القديمة حيث التقى بالقمص مينا المتوحد (المثلث الرحمات البابا كيرلس). ولفت نظر الشعب والشباب الذي كان يتردد على الكنيسة بالصورة التقوية العجيبة، التي تمثلت فيه وهو يقبل أعتاب الكنيسة وجدرانها وأيقوناتها، حتى يصل إلى هيكلها ساجدًا عابدًا، بدموع وورع. وممن تأثر بصورته الروحية المثالية، الأستاذ نظير جيد، وكان يقيم بتلك الكنيسة وقتذاك (وهو اليوم قداسة البابا شنوده الثالث حفظة الله). وكان يكن لميخائيل أفندي كل تقدير دون اتصال شخصي. دعوته للكهنوت: وهو موظف بالجيزة، دعى للكهنوت في كنيسة السيدة العذراء بكفر عبده، مسقط رأسه، وكان خادماها القمص جرجس والقمص حنا قد تنيحا بسلام. فلبى الدعوة السماوية، ونال نعمة الكهنوت في عام 1951، ثم رسم قمصًا في عام 1952، وكانت رسامته فتحًا روحيًا مباركًا لهذه الكنيسة التي تربى في أحضانها، ثم تركها عاملًا في أماكن عدة إلى أن عاد إليها كاهنًا. القمص يوحنا جرجس ثم نقل الجيزة. واجتذبته كنيسة مارمينا بمصر القديمة حيث كان يصلى "أبونا مينا بمصر القديمة" (قداسة البابا كيرلس السادس). وأخذ يؤدى صلواته. وكانت تبلغ ذروتها في أيام الصوم المقدس وظل على ذلك إلى أن انتقل الطيب الذكر القمص جرجس حنا كاهن كنيسة السيدة العذراء بكفر عبده، وكان كاهنًا أمينا محبوبًا ذا شخصية مؤثرة وصوت حنون يشد انتباه وقلوب المصلين. فجزعت القلوب لفقده. ولكن جميع الأنظار اتجهت إلى ميخائيل، ورشحته ليكون كاهنًا للكنيسة. وبعد أن أقيمت الصلوات، وافق على أن تكون التزكية بإجماع الآراء. كما أن المتنيح الأنبا يؤنس مطران الجيزة، الذي كانت تتبعه الكنيسة، استدعاه لمقابلته. وقد رافقته في هذه الزيارة، وقضينا مع نيافته فترة طويلة. وقد انتدب نيافته بعض الآباء الرهبان للصلاة بكنيسة السيدة العذراء بكفر عبده لمدة سنة تقريبًا، إلى أن تمت سيامة أبينا المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم في احتفال كبير بالكنيسة. كمال إبراهيم رزق ناظر كنيسة العذراء بكفر عبده خدمته المباركة في كفر عبده أنا من كفر عبده، من بلدة راعينا الحبيب المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم وحاليًا أعمل مهندسًا زراعيًا بسوهاج. وقد شاهدت الآتي بخدمته في كفر عبده: 1- بعد رسامته، كان كل الذي يسلم عليه ويريد تقبيل يده لا يمكنه من تقبيل يده بل يصر هو على تقبيل يد يسلم عليه. 2- بعد رسامته، منع الأطباق. وعلم الشعب أن ما يريدون أن يدفعوه، يمكنهم وضعه في صناديق الكنيسة، وتكون الخدمات مجانية من أكاليل وقداسات وعماد وجنازات.. الخ. 3- كان يقيم في حجرة في الدور الثاني بالكنيسة. وإن تركها، كان كسيده يجول يصنع خيرًا. 4- جذب الجميع إلى الكنيسة، ومن الأطفال إلى الشيوخ. وكانت الكنيسة ممتلئة دائمًا بالمصلين. وكان الشعب يخضر إلى الكنيسة بشغف، وتعود على أن يظل في الكنيسة في عمق الروحيات. وكانت الكنيسة تخرج في الأيام العادية ما بين الثانية عشرة والواحدة ظهرًا، وفى الأصوام بعد الخامسة مساءًا، وفى ليالي الأعياد حوالي الثانية من صباح يوم العيد. وقد علم الجميع أهمية وقدسية الاعتراف والتناول. 5- كان أول من أقام قداسات في البلدة، خاصة بالطلبة في أيام امتحاناتهم. فكنا نذهب إلى الكنيسة مبكرين قبل الامتحانات. وكان كل منا حريصًا على أن يسلم عليه وينال بركته قبل الذهاب إلى المدرسة. 6- كان أول من أقام قداسات يوم الجمعة في البلدة. وأول من أنشأ الاجتماعات الروحية بشتى أنواعها. 7- اهتم بالشباب وافتقادهم، وأحضر لهم خدامًا من بنها والقاهرة، واهتم باعترافاتهم وضرورة تناولهم، واستفاد بهم في كافة النواحي، وأنشأ لهم ناديًا صيفيًا. 8- عود أهل البلدة أن يدفعوا العشور، وأيضًا البكور. وكان الجميع يعطون بسرور. 9- وكان يصلى صلاة القنديل لجميع من بالقرية في أيام الصوم الكبير، على التوالي، وبالتجاور في المنازل، ولم يترك منزلًا واحدًا. 10- اهتم بأبنية الكنيسة عامة. والشيء الذي شعرت به أكثر، هو بناء السور الدائري حول الكنيسة والمدرسة الملاصقة والحديقة ومساحات أخرى تابعة للكنيسة وقد قام الشباب بنقل لوازم عمل الطوب اللبن. وبعد أن يتم عمله، كان يقوم معنا بتقليبه لكي يجف، ويشترك معنا في نقله، وذلك ليلًا أثناء النادي. 11- اهتم بالمدرسة التابعة للكنيسة والملاصقة لها. وكان المعلم يعطى على الأقل حصة دين كل يوم لكل فصل من ألحان وغيره. وكون فرقة شمامسة من أطفال المدرسة، وكذلك فرقة شمامسة لكبار السن. فكان الآباء والأولاد في كل بيت كأنهم فرقة شمامسة للكنيسة. وأولياء الأمور الأميون كانوا يسمعون من أطفالهم وأبنائهم ما حفظوه في المدرسة وفى الكنيسة. 12- وقد عودنا الاعتراف والاسترشاد الروحي من صغرنا. وكان يتابع كل سن وكل مرحلة، من رجال وسيدات وشيوخ، وشباب وشابات وأطفال. وكان يخصص لنا أوقاتًا للاعتراف. 13- كان يضع خطية كل واحد منا على كتفيه هو وينفذ مع المعترف القانون والمطانيات. وأذكر أن أحد الشمامسة، زميلًا لنا في ذلك الوقت، كان عمره لا يتجاوز 12 عامًا، دخل إلى الهيكل ليعترف، وكنا كلنا منتظرين بالخارج إلى أن يأتي دورنا. وإذ به يتأخر لمدة لا تقل عن ساعتين. ويتضح بسؤالنا لزميلنا عن سبب التأخير، أنه كان يضرب مطانيات لا تقل 400 مطانية. وذلك لأن هذا الشماس كان سرق شجرة صغيرة من حديقة، فطلب منه أن يرجعها. وأخذ على عاتقه أن ينفذ هذا القانون معه، مطبقًا القانون على نفسه طوال المدة، التي أتذكر أنها كانت عشرة أيام.. 14- كانت ليالي سبعة وأربعة في شهر كيهك، تقام كل ليلة في عهده حتى الصباح، وهو يشترك في الصلوات طوال الليل. 15- اهتم بالمدافن، ومهد لها طريقًا خاصًا. لأنه لم يكن لها طريق، وكانت مياه الرشح تقطع الطريق عن المدافن، على مسافة لا تقل عن 200 مترًا. فأقام لها طريقًا عرضه حوالي 8 أمتار. هذا قليل من كثير، مما أذكره عن أبى المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم في كفرعبده، وبالإضافة إلى ما اذكره له في كنيسة مارمرقس بشبرا. ميشيل رزق سعد مهندس زراعي بسوهاج خدمته في كفر عبده كان يقيم صلاة العشية كل يوم، ويقيم اجتماعات روحية للشعب وإرشادات دينية للشباب وكان يفتقد العائلات. ويزور القرى المجاورة لكفر عبده لافتقاد شعبها وقد قام بعمل مذبح متنقل، وكان يذهب إلى قرى التي ليست فيها كنائس، مثل طه سبرا، ومنشاة دملو، سيرًا على الأقدام، مسافات طويلة ليعلم ويبشر. وقد أمام مذبحًا السيدات\ثانيًا بالهيكل البحري في كنيسة العذراء بكفر عبده. وكان يقوم بنظافة الكنيسة بنفسه، ومضحيًا بصحته. وفى إحدى المرات قام بتنظيف أرضية الكنيسة من كنس ومسح بالماء. وقد سورًا للكنيسة. وكان يجمع التبرعات له من كل مكان. وطلب من نيافة الأنبا يؤنس (مطران الإيبارشية وقتذاك) بأن يسمح له بوضع صندوق في الكنيسة، ليضع فيه الشعب عطاياه،مع عدم جمع أطباق، ومنع فرض رسوم نظير الخدمات، فوافقه على ذلك. وكان يفتح هذا الصندوق كل شهر بحضور كل الخدام، ويخصم منه العشور لله، ويقسم الباقي عليهم جميعًا. شفيق إبراهيم يوسف خدمته في القرى المحيطة بكفر عبده كانت توجد بجوار كفر عبده بضعة قرى لا توجد بها كنائس، مثل طه شبرا، ومنشأة دملو وعزبة مسيحية، وغيرها.. فكان يذهب إلى هذه القرى. وكان يقيم هناك القداسات ويرفع الذبيحة، مستخدمًا اللوح المقدس. مارجرجس إبراهيم (ابن أخيه) لماذا ترك كنيسة كفر عبده؟ أراد تحقيق أمنيته بتطبيق مجانية الخدمات، الأُمنية التي أعجبته في مبادئ جمعية أصدقاء الكتاب المقدس، والتي طبقها في بلبيس. فلم تلائمه الظروف. فآثر صونًا لسلام الكنيسة والبلدة، أن يبتعد إلى حين عن الكنيسة، معتكفًا لدى أسرته بالقاهرة، مترددًا على كنيسة مارمينا بمصر القديمة للتعزية الروحية، آملًا أن يحين الوقت لعودته إلى كنيسته. القمص يوحنا جرجس كان من طراز غير معروف في قويسنا وتخومها. لم تكن تعجبه تصرفات شريكه في الخدمة في نفس الكنيسة. حاول جاهدًا أن يقوده إلى روحانية الخدمة، فلم يفلح. وكان لابد من حدوث مشادات، تألم منها أبونا المتنيح القمص ميخائيل ففرض على نفسه وعلى زميله خمسين مطانية يؤديانها عن إساءتهما لبعضهما البعض. ولما امتنع زميله عن التنفيذ، عمل هو المائة مطانية. ثم اشتد النزاع بعد ذلك. ولم يستطع أن يفهمه الذين حوله. وانضم نيافة المطران إلى القائمين على شئون الكنيسة. وآثر المتنيح القمص ميخائيل أن يترك كفر عبده ويسكن في القاهرة.. وتَحَمَّل كل ذلك، دون أن يشكو أو يتذمر.. الدكتور كامل حبيب أثناء خدمته بكفر عبده، أدخل نظام وضع التبرعات في صناديق بالكنيسة، مع تأدية جميع الخدمات الروحية دون مقابل مادي سوى ما يلقى في صناديق التبرعات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.كما كان يقوم يوميًا بتأدية صلاة الغروب والنوم بالكنيسة وتلاوة إنجيل اليوم. وعندما حل الصوم المقدس كان يقيم القداسات يوميًا، بحيث تنتهي الصلاة في الخامس مساءًا. وقد اعتبرت هذه كلها مغالاة. وعندما رأى أن ذلك سيكون مثار خلاف، آثر الانسحاب، والتجأ مرة أخرى إلى كنيسة مارمينا بمصر القديمة، إلى أن دعى للخدمة بكنيسة مارمرقس بشبرا. كمال إبراهيم رزق ناظر كنيسة العذراء بكفر عبده استمراره في خدمة الكنيسة: كان يحب كنيسة العذراء بكفر عبده، ويعتبرها كنيسته الأصلية، ويخدم خدمتها وهو في القاهرة، وبخاصة في السنوات الأخيرة من حياته على الأرض وكان يسافر إلى بلدته بين الحين والآخر. وكم كان فرح قلبه ببناء منارة الكنيسة. وكان يحدثني عن عمل الله في بناء المنارة في بهجة قلب حقيقية. البابا شنوده الثالث دعي للخدمة بكنيسة مارمرقس بشبرا. ومع ذلك ظل الراعي الأمين لكنيسة العذراء بكفر عبده: يرعى خدامها وشعبها، ويقدم للطلبة واليتيمات ولجميع إخوة المسيح المساعدات السخية في جميع المناسبات. وكان لصلواته وللتقدِمات التي تقدم للكنيسة باسمه، الأثر الكبير في تجديد الكنيسة. وكانت جميع المشاكل والعقبات التي تعترض تجديد الكنيسة، تحل وتنتهي بسلام، بشفاعة العذراء القديسة الطاهرة مريم، وبقوة وحرارة صلوات القمص ميخائيل إبراهيم الذي أحب هذه الكنيسة بكل جوارحه. وكان لا يبارحها قبل أن يقبل كل شيء فيها. وكان الشعب يعتبر أيام وجوده بكفر عبده كأيام الأعياد. كمال إبراهيم رزق ناظر كنيسة العذراء بكفر عبده |
||||
26 - 12 - 2013, 04:41 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
خدمته في كنيسة مارمرقس بشبرا كيف خدم كنيسة مارمرقس؟ظل يقترب ويقترب من الكنيسة التي تبلورت فيها المواهب المعطاة له من الله، وهى كنيسة مارمرقس بشبرا. ويجار العقل الإنساني في التدبير الإلهي الذي أتى به إلى هذه الكنيسة، كما أتى بي أنا أيضًا إليها.. هيأت له الحكمة الإلهية مسكنًا في شارع الترعة البولاقية بشبرا. وسمع قدس الأب الموقر (القس) مرقس داود كاهن كنيسة مارمرقس بشبرا، بتقواه وفضائله، فسعى للتعرف به، فزاره في مسكنه. وفى ذلك الحين، كان قد اتسع نطاق الخدمة في كنيسة مارمرقس، وذاعت مبادئها في التجرد عن المادة، والتفرغ للروحيات والخدمة الاجتماعية وتطلبت الخدمة الواسعة إقامة قداسين يوم الأحد. وكانت البطريركية توفد راهبًا ليصلى في الكنيسة أحد القداسين. وفى يوم أحد، لم يحضر الراهب المكلف بالخدمة، ولكن عمل الله لم يتعطل. إذ لمح أبونا القس مرقس داود المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم منزويًا في ركن مستعدًا كل حين. وبعد انتهاء الخدمة القداس الثاني، فقبل الدعوة إذ كان مستعدًا كل حين.. وبعد انتهاء الخدمة، عرضت عليه الكنيسة أمر الخدمة المؤقتة بها، فقال: إن مذبحًا رسمت عليه في كفر عبده، ولن أرتبط رسميًا بمذبح سواه، وإنما إذا شعرتم في أي وقت بحاجة إلى معاونتي فأنا طوع طلبكم. ولقد دعته الكنيسة بضع مرات، وكان يلبى الدعوة، إلى أن وجدت فيه الكنيسة ضالتها المنشودة، فبقى خادمًا فيها إلى يوم نياحته (26 مارس 1975). جذبت قداسته وحكمته أفواج الشباب والكهنة، يجلسون عند قدميه يستلهمون النصح والإرشاد، مقدمين اعترافاتهم. أصبحت الكنيسة تموج بأفواج الوافدين. وذاعت بركة خدمة التعاون والمحبة التي تمثلت في كاهنيها المثاليين، أبينا مرقس وأبينا ميخائيل، حتى أصبحت الكنيسة كخلية النحل. وكما وصفها الأب الموقر القمص بطرس سيفين في مجلة صوت الشهداء بأنها [الكنيسة التي لا تنام]، إذ كانت تذخر بالقداسات والاعترافات ونواحي النشاط المختلفة من الصباح الباكر حتى منتصف الليل.. ووجد القمص ميخائيل إبراهيم في هذه الخدمة تحقيقًا لأسمى أماني روحه الطاهرة الساهرة. وكيف دعاني للخدمة؟ في صبيحة يوم أحد من آحاد يونيو 1960، رأيت نفسي مكلفًا بإجراء تحقيق مع أحد المدرسين بإحدى مدارس شبرا، وكنت وقتئذ مفتشًا للغة الإنجليزية بالقاهرة. وآثرت أن أبدأ اليوم بالصلاة، وحلمتنا الإرادة الإلهية إلى كنيسة مارمرقس بشبرا، ولم أكن أعرف أين موقعها. وما أن لمحنى القمص ميخائيل وهو يبخر، حتى بادرني بالسؤال: [أين عملك؟ وكم من أعوام الخدمة باق لك] قلت: [عامان]. فقال: [اتركها للرب]، وكأن السماء كانت تحت لفظة.. وسرعان ما جرت اتصالات بيني وبين مجلس الكنيسة، وكان القمص ميخائيل حلقة الاتصال. وزارني بمنزلي لإقناع أسرتي بفكرة الكهنوت، وكانت تعارض معارضة شديدة، كما ابتعدت أنا أيضًا مرارًا لشعوري بعدم الاستحقاق ففرض على الأسرة صومًا وصلاة لمدة ثلاثة أيام، انتهت بتقديم الذبيحة المقدسة وكانت النتيجة هي الاقتناع،.. وسارت الأمور بطريقة معجزية فوق التصور البشرى، حتى رأيت نفسي في يوم 16 أكتوبر أكهن على مذبح كنيسة مارمرقس، عضوا ثالثًا صغيرًا لا أستحق أن أكون مكملًا لخدامها. وفى هذا الجو وجدت معينًا لا ينضب من البركة والسلام والمحبة والبذل.. القمص يوحنا جرجس بعد أن غادر قدسه الكنيسة التي سيم عليها في كفر عبده، نقل مكان سكنه إلى القاهرة، سيما وقد كان ابناه وكريمتاه يدرسون في مدارس وكليات القاهر. وفى سنة 1955 تشرفت بزيارته بمنزله في شارع الترعة البولاقية بشبرا، فوجدت فيه كاهنًا وقورًا متزنًا تقيًا. وكانت هذه الزيارة هي بداية التعرف به. وفى سنة 1956 كان زميلي في خدمة كنيسة مارمرقس قد نقل إلى جمعية أخرى. فذهب مساء السبت إلى البطريركية، راجيًا انتداب أحد الآباء الكهنة للقيام بصلاة القداس الأول أو الثاني في اليوم التالي (الأحد)، فلم أوفق. فذهبت إلى (العزباوية)، فتطوع أحد الآباء الرهبان، ووعد بالحضور إلى الكنيسة الصلاة. صليت القداس الأول، مؤملًا أن يحضر الأب الراهب المذكور، لكنه لعذر طارئ لم يحضر. وفجأة وجدت القمص ميخائيل إبراهيم واقفًا يصلى في آخر ركن غرب الكنيسة، فرجوته أن يصلى، فقال: [سأفرش المذبح، وإن حضر الكاهن الذي تنتظرونه، يصلى. وإلا صليت أنا]. ولم يحضر الكاهن، وصلى القمص ميخائيل، واستمر يصلى إلى أن تنيح بسلام.. ولا شك في أن العناية الإلهية، هي التي أرشدته للمجيء إلى الكنيسة في ذلك الوقت الذي كنا فيه في أمس الحاجة إلى خدماته. وبهذا أكون قد زاملته في خدمة المذبح نحو عشرين عامًا، وكانت خير زمالة. وفى خلال تلك المدة، تعلمت منه الكثير من الدروس العملية في الحياة المسيحية بصفة عامة، وفى حياة الخدمة بصفة خاصة. القمص مرقس داود |
||||
26 - 12 - 2013, 04:46 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
أبونا ميخائيل: رجل الإيمان، ورجل الصلاة رجل الصلاة، وحياة الصلاة: حينما نتحدث عن أبينا ميخائيل، لابد أن يرتقى ذهننا إلى حياة الصلاة وحينما نتحدث عن الصلاة الدائمة، لابد أن ترتبط بذهننا حياة أبينا الراحل القمص ميخائيل إبراهيم. وإن أردنا تفسيرًا للآية "صلوا كل حين"، لابد أن نسرح في حياة رجل الصلاة القمص ميخائيل إبراهيم. القمص إشعياء ميخائيل صلاة في كل مناسبة وكل مشكلة كان لا يعمل عملًا صغيرًا أو كبيرًا، دون أن يبدأه بالصلاة. 1- لما كنا نذهب معًا لفض أي نزاع عائلي، أو لأي داع، كان أول عمل يقوم به، قبل أن يتكلم أحد بأية كلمة، هو أن يقودنا كلنا في الصلاة لطلب إرشاد الله ومعونته وحضوره معنا. 2- لما كان يريد أن يعرض علينا أي موضوع، كان يطلب منا أن نرفع قلوبنا كلنا بالصلاة، حتى قبل أن نعرف موضوع الحديث. 3- كان يدقق جدًا في رفع الصلاة لله قبل الأكل أو الشرب، سواء تناول الطعام في بيته أو بيوت الأحباء. حتى كوب الماء، أو فنجان القهوة أو الشاي أو الشربات، كان لا يمسه دون يرشم عليه علامة الصليب أولًا. 4- كلما جاء إليه واحد من أبنائه الروحيين أو من شعب الكنيسة، لطلب استشارته في أمر كان، قبل أن ينطق بأية كلمة تصله، ويشركه معه في الصلاة، ويأمره بمداومة الصلاة في البيت إلى أن يرشده الرب ويعلن له مشيئته بصدد مشكلته. وكان يكتب اسمه على المذبح الذيتكدست عليه مئات من الأوراق كتبت عليهم أسماء من طلبوا إليه الصلاة من أجلهم. 5- كان لا يرد أي طلب لأي واحد من الشعب يطلب منه إقامة قداس لأجل مشكلته أو بسبب أي موضوع. ولذلك كان يرفع القداس في الكنيسة كل أيام الأسبوع تقريبًا. القمص مرقس داود الصلوات والمشاكل: حينما كان يذهب لحل مشكلة، كان يصلى أولًا من أجلها في القداسات ويصلى وهو في الطريق إلى مكان المشكلة، ويصلى مع أطراف المشكلة. فكان الله أولًا يعطيه الحكمة في الحل، كما يعطى للأطراف كلها أن تقبل هذا الحل. القمص إشعياء ميخائيل الصلاة وليس المناقشة أو السياسات: كان أبعد ما يكون عن مناقشة أي موضوع خاص بخلافات أو مشاكل في الكنيسة، ككل أو كجزء. ويؤمن أنه لا حل للمشاكل إلا بالصلاة فقط. فكان عندما يأتي أحد ليقص عليه قصة خلاف، يقول له: [إحنا علينا نصلى بس] ويمنع المتحدث من الاسترسال في حديثه عن فلان أو فلان أو اغتياب رؤساء الكنيسة وخدامها. وكان يسر بالبعد عن المشاكل الفردية وينادى بالصلاة والصوم عنها. وفى إحدى المرات -قبل نياحته- طلبت منه التدخل في موضوع معين في الكنيسة، فقال لي: [لا توجد شيء يزيد الأمور تعقيدًا، أكثر من التدخل الكثير. إن كنت عايز تصلى وتصوم، ماحدش مانعك. والوقت الذي نقضيه في الكلام عن فلان وفلان، لو قضيناه في الصلاة تنحل المشكلة لوحدها. وهكذا كانت حكمته في حل المشاكل طول حياته. دكتور رمسيس فرج صلوات من أجل كل أمور الرعاية كان يصلى لأجل المرضى، سواء صلاة القنديل، التي كان يصل فيها إلى المنزل حوالي الخامسة صباحًا، مع زيارة المرضى بعد ذلك والصلاة لأجلهم. ولم يكن ينساهم أبدًا أثناء القداس الإلهي.. وكثيرًا ما كان الله يستجيب بصلواته في شفاء كثيرين، لأجل أمانته ولجاجته. أما المتخاصمون، فكثيرًا ما كان يجمعهم ويصلى معهم، أكثر مما كان يتكلم. وكان أيضًا يتضع ويقبل أقدامهم، كأنه هو المخطئ! فيتصالح المتخاصمون ببركة صلواته وتواضعه. أما الذين يطلبون مشورته في اختيار شريك الحياة، فكان يصلى معهم، ويدعوهم للصلاة، كطلب لتدخل الله.. القمص إشعياء ميخائيل صلواته الدائمة، واستجابة الرب لها على الرغم من قرابتنا، لم أعرفه إلا منذ رسامته كاهنًا على كنيسة كفرعبده، واتخذته أب اعتراف لي منذ ذلك الوقت، كنت أقابله مرة أو مرتين شهريًا. و نظرًا لأن أسرته كانت بالقاهرة، فقد كان يتردد بين القاهرة وكفر عبده لحضور قداس الأحد. وكنت الأمر عليه في منزله يوم السبت ظهرًا في القاهرة. وقبل خروجنا من المنزل كان يصلى، لكي يحفظ الرب قلوبنا وأفكارنا في المسيح طول الطريق. وكان يصلى طالبًا البركة والسلام من أجل جميع الركاب الذين سيرافقوننا في الأتوبيس، ومن أجل السائق والكمسري والعربة نفسها. ورغم الزحام المعروف في موقف أوتوبيس شبرا، الذي ينقل الركاب إلى بنها وطنطا، فما من مرة ذهبنا إلا ووجدنا أن الرب قد رتب لنا مكانين في الأتوبيس. ولم يحدث مرة واحدة أن حدثت مشادة بين الكمساري أو السائق وأحد الركاب، كما هو معروف في كثير من الحالات، بل كان السلام يخيم على كل شيء. وعندما نصل إلى كفر عبده قبل أن يذهب إلى منزله، يذهب إلى الكنيسة حيث يسجد أرضًا خارج بابها، ثم يقوم ليقبل الباب والخارجي في انسحاق وخشوع لم أرَ له مثيل. وأذكر عندما كنت أرافقه في زيارته الافتقادية في القاهرة. وكان كعادته قبل أن يخرج يصلى من أجل كل إنسان وكل شيء، وأن ينجح الرب طريقه لربح النفوس. أذكر أننا لم نتعطل مرة واحدة على أية محطة تراموى أو أوتوبيس، بل أذكر أنه في أية محطة لم تمر بنا وسيلة مواصلات لا نريدها. كل شيء كان الرب يرتبه بدرجة غير معقولة. وأذكر أننا زرنا أحد الأطباء في حي "السيدة" ومكثنا عنده حتى أمسى الليل. وعند خروجنا قلت له: يا أبنا، لقد تأخرنا كثيرًا، والترامواى الذي يوصلنا إلى شبرا نادر مجيئه، وقد ننتظر ساعة أو أكثر، والترامواي، كان هناك على بعد أكثر من محطة منا ترامواى مقبلًا لا تظهر علامته أو رقمه. ولكنه قال: هذا هو الترامواى الذي نريده مقبل. وكم كانت دهشتي عندما وصل الترامواي، ووجدته أن كذلك. وقد تعجبت من هذه التسهيلات التي يرتبها الله لأبينا ميخائيل إبراهيم. الصلاة هى وسيلته لحل المشاكل: كانت إجابته في كل مشكلة اعرضها عليه هى: "لا تهتموا لشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتعلم طلباتكم أمام الله"، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.ويقول لي هل عرضت المشكلة على الله قبل أن تأتى إلى. + كانت هناك مشكلة بين زوج وزوجته وصلت إلى حد التقاضي أمام المحاكم ووصلتني دعوة للتوسط فيها وذهبت مع أحد الخدام إلى منزل كل من الطرفين وكنا نردد وصايا الرب ونصلى ونتابع المشكلة في صلواتنا الخاصة ولكن كل طرف كان يزداد تشددًا وعنادًا مع الأيام وبعد شهور من الزيارات المتكررة لكل طرف فقدنا الأمل في معاودة الحديث معهما. وذهبت إلى أبى القمص ميخائيل، قصصت عليه الموضع. فقال: [يكفى ما فعلته معهما. ابذل جهدًا مضاعفًا مع الرب، دوام على الصلاة، وأنا سأصلى أيضًا من أجل نفس الموضوع]. وبعد ثلاثة أيام من المقابلة، تلاقى المفترقان، وغير الرب قلبيهما، التأم شملهما في حياة مباركة + وفى حادث آخر كان أحد المسيحيين المرموقين ممن له وزنه في بلده، قد قرر أن يأتي عملًا سيكون له أثره على جميع المسيحيين في بلدته. وعندما علمت بالموضوع، انتابني انزعاج شديد جعلني أبكى، وألح على الله لكي يتدخل ويوقف هذا المشروع الخطير. بعد فترة وصلني خبر أن هذا المسيحي بدأ السير في مشروعه، فذهب إلى أبى القمص ميخائيل وأخبرته بالموضوع، فقال لي: [لا تخف، الرب موجود، فقط داوم على الصلاة، ولا تكل]. وبعد أسبوع، عملت أن هذا الشخص تقابل مع أبينا ميخائيل إبراهيم، وأوقف السير في مشروعه. وقابلت الشخص بعدها، فقال إن مقابلته مع أبينا ميخائيل، أعطته سلامًا وراحة في وقت كان يشعر فيه أنه يتلظى في نيران. صبحي ميخائيل سمعان صلاة المزامير: كان يصلى المزامير (الأجبية) في منزله. فكم من مرة ذهبنا إلى منزله، ويكون مشغولًا بصلاة المزامير.. كان يحفظ المزامير عن ظهر قلب، ويتلوها في الطريق إلى الكنيسة، أو الذهاب إلى أية زيارة.. كنا نسير معه فلا يحدثنا، بل كان يردد مزاميره. إذ لا نشاء مقاطعته، نتركه يرددها.. وكان يصلى بعض المزامير على رؤوس المعترفين، قبل صلاة التحليل عليهم عقب الاعتراف. صلاته في الاعترافات: كان يصلى مع كل معترف قبل الاعتراف، ليطلب مشورة الله. فكان الكلام الذي ينطق به كأنه من الله. وذلك نتيجة للصلوات التي يصليها قبل ممارسة سر الاعتراف. وكان يوجه المعترف إلى الصلاة، كحل للمشاكل، وطلب تدخل الله في كل الأمور. القمص إشعياء ميخائيل التأني في الصلاة علمني كيف أصادق ملاك الصلاة العميقة المتأنية، وأبعد عنى شيطان السرعة، لأعرف كيف أتلذذ بالصلوات الخاصة والعامة، دون النظر لأي موعد أو ارتباط. فلا عجلة في القداس، ولا حتى في الصلوات الخاصة. وعندما كنت أخدم معه شماسًا في الكنيسة، لاحظته أكثر من مرة ينبه الشمامسة ومرتل الكنيسة بالتأني وعدم الإسراع في الصلاة. دكتور رمسيس فرج صلوات لأجل أولاده: أنت يا أبي خير قدوة ومثال، للكاهن الذي يصلى لأجل شعبه، الذين هم أبناؤه وبناته.. كان هؤلاء ينالون من الرعاية والعناية، أكثر من أبنائك وبناتك في الجسد. وقد كنت أراك تذكر أسماءهم على المذبح، وأيضًا مشاكلهم وطلباتهم. دكتور رمسيس فرج الصلاة حتى في غيبوبته: في حوالي الساعة الثانية عشرة مساء بالضبط من يوم الاثنين مساء 25/3/1975، وقبل نياحته بساعات. وكان في غيبوبة وفاقد النطق منذ صباح ذلك اليوم. ولكن عند الساعة الثانية عشرة تنبه فجأة، ونظر إلى الساعة، ونظر إلى نظرة تساؤل، فأجبته: [الساعة يا أبونا دلوقتي 12، نص الليل]. فأشار لي لأعدله قليلًا. وصلّى -على ما اعتقد- صلاة نصف الليل كاملة، وهى التي تعوَّد عليها طوال حياته. وكأنه لم يشأ أن يقصر في صلاة الأجبية، ولا حتى في الساعة الأخيرة من حياته. وقد لاحظت أن ابتدأ من مساء الأحد السابق، وهو لا يرد على أحد، ولكنه في صلاة دائمة وصبر، وفى سلام عجيب.. دكتور رمسيس فرج الصلاة لأجله: كان يطلب من الآخرين بلجاجة أن يصلوا لأجله. وحينما كنا نقول له: [العفو يا أبانا]، كان يجيب: [صلى لي، وأنا أصلى لك]. وفى فترة مرضه الأخير، كان يطلب منا أن نصلى لأجله لينتقل من هذا العالم. وكان يطلب ألا يحرم من المذبح والتناول أبدًا، لدرجة أنه تناول قبل نياحته بيوم واحد. كان يحنى رأسه ويطلب بلجاجة أن نصلى لأجله. وكنا نخجل جدًا انسحاق كامل، كنا نقبل أن نصلى لأجله، من أجل الطاعة فقط. القمص إشعياء ميخائيل أهمية القداسات في خدمته: القداس والأسرار هما محور خدمته كلها، يصب فيهما كل طاقاته وحبه ولا عجب، فأنهما سر قوته الحقيقية. ما من مشكلة عرضت له، إلا وكانت الأسرار عونه وعون من هو في المشكلة. كم من القداسات الخاصة ورفعت، وكم من مشكلات حلت.. وإيمانا منه بحضور الله. الحقيقي في سر القربان، كانت لفافته المزدحمة بأسماء ومشاكل المعترفين، تعلن إيمانه بأن يترك هذه المشاكل لتتزود كل يوم بقوة مقدسة من الحضور الإلهي في القربان المقدس. يخدم بكل عواطفه وحرصه واهتمامه كيف كان حرصه على تأدية طقوس العبادة؟! كيف كان نشاطه واشتعاله مع البخور الذي كان يرفعه ويقدمه في الكنيسة كلها؟! كيف كانت أذنه تصغي إلى كل كلمات الرسائل والإنجيل؟! كيف كان إيمانه بمسكن الله المقدس، يعبر عنه بوقوفه الطويل، أو جلوسه على الأرض إذا ألح عليه ضعف جسده؟!.. أما عبادته في القداس، فكمن يرى الرب يسوع عيانًا.. بانفعاله بكل كلمات الصلاة، وإحساسه بما بين يديه من أقداس، يملأ قلبه خشوعًا وحبًا.. حرضه الشديد وهو يتناول جسد حبيبه.. وهو يغسل الصينية بكل دقة المهندس صلاح يوسف محبته لصلوات القداس الإلهي: كان يحب صلاة القداس الإلهي. وكان يطلب من الله دائمًا، ألا يحرمه من المذبح ومن صلاة القداس الإلهي.. وكان يحضر القداسات، سواء كان سيخدم أم لا يخدم. وكان لا يكل مطلقًا من صلاة القداسات الخاصة، لطلب معونة الله في حل المشاكل الخاصة بأولاده. أوقات لطلباته أثناء القداس: وفى ثناء القداسات، وعلى وقت التحديد: أثناء تقديم الحمل، ووقت حلول الروح القدس، وبعد الصلاة الربانية التي تتلى بعد القسمة، كان يردد المشاكل الخاصة بأولاده، ويطلب حلًا لها. القمص إشعياء ميخائيل مناجاته للمذبح وطلباته: علمتني يا أبى كيف أناجى المذبح.. بل أقول علمتني كيف أتعامل مع المذبح.. كنت تقول لي: [إن كل شيء في الكنيسة حي، تستطيع أن تتعامل معه وتخاطبه].. وكنت أراك وأنت تخاطب مذبح الله.. وعلمتني أن الكاهن ينبغي أن يرفع صلوات من أجل أولاده ومن اجل الشعب، كل واحد باسمه وكل واحدة باسمها.. كل إنسان حسب احتياجه. القس اسطفانوس عازر يناجى الله: وفى صلاتك كنت تناجى سيدك كلمة بتؤدة، مهما كان الوقت قصيرًا والمسئوليات ملحة.. وكلماته في الصلاة كانت ببساطة القلب واللفظ معًا.. تخرج من قلبك وعقلك قبل فمك، وأنت تعنى ما تقول.. وكانت أمانتك الطقسية في صلوات البيعة، مهما كان التكرار، تعبيرًا حيًا على أنك تؤدى عمل الكهنوت عن حب، وليس عن اضطرار وظيفي. القس يوسف أسعد المذبح هو المعلم: منذ حداثتي يا أبى، كنت شماسًا أخدم معك على مذبح الله.. فعلمتني أشياء كثيرة.. علمتني أن المذبح هو المعلم.. وكثيرًا ما كنت تقول لي: [إنك تستطيع أن تتعلم من المذبح، ما لا تستطيع أن تتعلمه من كتب كثيرة]. الأمانة والدقة في الصلاة ثم علمتني يا أبى كيف يكون الإنسان أمنيًا في صلواته ككاهن، مدققًا في كل صلاة.. وكنت طقسيًا من الطراز الأول، ملتزمًا بكل كلمة تكتب في كتب البيعة.. كنت أراك في كل قداس مبكرًا إلى الكنيسة: كنت تأتى قبل الجميع رافعًا قلبك بصلاة وبتدقيق.. وكنت تصلى على المذبح، وكأنك تعد ذاتك كما تعدنا معك أيضًا، لرفع قلوبنا في خدمة القداس.. القس اسطفانوس عازر كان طقسيا:ً كان أبونا ميخائيل منذ نشأته طقسيًا، متمسكًا بالعقيدة الأرثوذكسية وبطقوس الكنيسة كما رتبها الآباء، لا تحيد عنها، خاضعًا لقوانينها ونظمها. دكتور كامل حبيب أوراق لا تحصى على المذبح: كان يعتقد اعتقادًا قويًا في سر الذبيحة المقدسة. وقلما كان يمر عليه يوم لا يرفعها فيه. وكم حلت عن طريقها مشاكل.. وكان المذبح تتكدس عليه الأوراق التي تحمل آلام المتألمين وأمانيهم. وكان ينقل هذه الأوراق من مذبح إلى آخر، طالبًا منا نحن الضعفاء أن نذكر أسماء أصحاب هذه الأوراق. وعندما كان الشماس يهم بإبعاد هذه الأوراق المكدسة، لكي تعطى مكانًا لغيرها، كان القمص ميخائيل يرفض هذا، ويحفظها على المذبح في صرة كبيرة لعدة أشهر.. القمص يوحنا جرجس أوراق كثيرة لطالبي الصلوات: كانت تقدم إليه وريقات كثيرة في كل يوم تقريبًا، تحمل أسماء من يطلبون الصلاة لأجلهم. فيجمعها ويضعها على المذبح، ويصلى من أجل كل واحد في القداس. وكان أحيانًا يحملها معه إلى البيت ليصلى عن أصحابها في صلاته المنزلية. ولما كانت تكثر وتتضخم على المذبح، كان يلخصها في ورقة واحدة ويستمر في الصلاة عن أصحابها. وكنا نعجب من صبره وطول أناته، ومن شدة تدقيقه. ذلك لأن نفسه كانت تتثقل بحاجات الناس وكان يئن لأنينهم، ولا يستريح إلا إذا رفع أثقالهم أمام عرش النعمة. القمص مرقس داود كنت تعد هذا المظروف، وبه قصاصات من الورق، هي مجموع طلبات أولادك وبناتك من احتياجات متفرقة لهم.. وعقب كل طلبة من أجل أحدهم، كنت تقبل المذبح. ولا أنسى كيف كنت تعطيني هذا المظروف، لكي أشارك -أنا ابنك- في رفع هذه الطلبات أمام المذبح المقدس. القس اسطفانوس عازر صلوات القداس لأجل الآخرين: كان طول القداس لا يكف عن الصلاة من أجل الآخرين: كل واحد حسب طلبه وحسب احتياجه. وكان يؤمن أن عطية الله تأتى عن طريق الصلاة. وكان يذكر -أثناء القداس الإلهي- كل أقاربه وأبنائه الذين رقدوا.. وكان القداس هو شركة مع كنيسة المنتصرين. وعندما ينتقل أحد الأحباء، كان يقول: [يصلى لنا هناك]. فكان له أصدقاء كثيرون وشفعاء متعددون من الذين انتقلوا، إلى أن صار هو شفيعًا لنا.. القمص إشعياء ميخائيل يصلى بروح الصلاة وفى صلاة القداس، وفى أي طقس من طقوس الكنيسة، كان يصلى بروح الصلاة. وكنا نحس بأنه واقف أمام الله يناجيه. القمص مرقس داود أما في وقت القداس الإلهي، فكنا نراه ونحس به، حسبما قال القديس يوحنا المثلث الطوبى صلاة الصلح "لكي روحي هي الخروف، والسكين منطقية غير جسمية، هذه الذبيحة التي نقدمها لك". فكان يبدأ قداسًا روحيًا عميقًا، وينتهي منه مقدمًا ذاته وجهد هو وقته ذبيحة من أجل شعبه. ولا نسى في الهيكل النور الذي كان يسطع على وجهة، وهو يعطى مجدًا لله الذي يملأ الهيكل. القمص مرقس مرقس بشارة ولعل هذا هو السر في عمق الروحانية التي كان يشعر بها كل من كان يحضر القداسات الكثيرة التي كنت تصليها: فقد كانت صلواتك هذه - وبخاصة عندما اشتد بك المرض، إن كانت تخلو من الألحان المتعارف عليها، ولكنها كانت تصطبغ بلحن سماوي عجيب، يدخل إلى عمق القلب، فيأسره ويصعد به إلى أعلى السموات.. حتى حفظ عنك الكثيرون بعض ما كنت تقول بلهجتك هذه المحببة إلى أنفس الجميع.. وبنفس هذه الكلمات: "بيوت طهارة، بيوت بركة".. أو وأنت تقول يا أبى بقوة: "قم أيها الرب الإله".. مجلة (كرمة الأصدقاء) وهل أنسى يا أبى تلامسك مع المسيح، الذي كان يسرى في قلوب المصلين، وأنت تصلى القداس وفى يوم الجمعة العظيمة، عندما كنت تقرأ مراثي إرميا، وتنهال الدموع من عينيك، فتنهال معها دموع مئات المصلين. مشاعر الحب من قلب المسيح، انسكبت في قلبك، وفاضت على جميع أولادك. إسحق فيلبس قداس كل يوم تقريبًا: كان لا يرفض أي طلب من أي واحد لإقامة قداس خاص. ولهذا كان يكاد يقيم قداسًا كل يوم، على الرغم من اعتلال صحته. القمص مرقس داود صلاة وصوم: كنت حريصًا في خدمتك أن تكون رجل صلاة ورجل صوم. سواء أرغمك الناس على الانتظار بعد القداسات المتأخرة في الأصوام، أو أبقيت نفسك لبعض الانشغالات في الكنيسة، حتى تطيل فترة الصوم. كان القداس لك مصدر شبع روحي وجسدي. كنت تستغني عن طعام الإفطار حتى في أيام السنة العادية.. وفي الصوم الكبير كنت تحرص على أن يكون خروج القداس بعد الساعة التاسعة من النهار).. حتى في الأيام التي لم يكن فيها قداس، كان طعام إفطارك هو طعام الغذاء بالنسبة إلى الآخرين. في يوم الجمعة العظيمة، كان الإنسان يستطيع أن يقرأ مشاعرك على وجهك، وفى ليلة أبو غالمسيس إلى عيد القيامة، كنت لا تذوق الطعام طيلة تلك الأيام كنت شيخًا، ولكنك كنت قويًا في البنيان الروحي، الذي مكنك من أن تغلب قانون الجسد.. وعلمتنا أيضًا الصوم عن الكلام، صوم للسان والحواس. فكنت حريصًا على ألا تتحدث كثيرًا.. القس اسطفانوس عازر بالإيمان.. إن أنسى لا أنسى عندما كان مريضًا منذ خمس سنوات تقريبًا، وحرارته تقارب الأربعين. وكنا في يوم سبت. فرجوته أن يستريح باكر الأحد، ولا يذهب للقداس بالكنيسة، فقال لي: [هو بكره حد أيه يا رمسيس]. فتعجبت من السؤال، وقلت له: [حد المخلع يا أبونا]. فقال: [خلاص، أنا مخلع، وأروح أصلى، والمسيح شفى المخلع]. وفوجئت به يصلى القداس الأول في الصباح الباكر معافى تمامًا.. دكتور رمسيس فرج إيمانه بالصلاة: كان رجل صلاة من طراز ممتاز. له إيمان بلا حدود بالصلاة. الأنبا يؤنس أسقف كرسى الغربية يصلى كل حين: كان المتنيح القمص ميخائيل يتميز بروح الصلاة. فما رأيته مرة إلا وهو يصلى. فتيار الروح عنده قوى، وحبه للرب شديد، وتعلقه بالمخلص واضح، وشغفه بالأبدية لا ينازعه فيه أحد. لقد كان لي درسًا، عندما كنت أراه يصلى كل حين ولا يمل، حسبما طلب الرب يسوع. وذات مرة كنت أبيت معه في بيت الأصدقاء الملحق بكنيسة مارمينا بالعصافرة بالإسكندرية. وكان قد أتفق معي على أن أصلى معه القداس. فإذا به يستيقظ مبكرًا جدًا، ويركع على السرير مصليًا إلى أن صحوت وقمنا. نصلى على باب الحجرة، ثم عند باب المنزل، ثم عند باب الكنيسة، ثم عند حجاب الهيكل، ثم أمام كل صورة وأيقونة. ولم يكن بالكنيسة أحد سوانا وفراش الكنيسة. الأنبا بيمين أسقف كرسى ملوى أما أنا فصلاة: لقد كان جاهزًا باستمرار للصلاة، ومستعدًا على الدوام للتحدث مع الله. فكان يصلى لأنه يؤمن بالصلاة. ولو سألناه من أنت، لكانت أجابته مع المرنم: "أما أنا فصلاة" (مز 109: 4). فكان يأخذ من الله، ويعطى للناس.. يمتلئ بالروح ويفيض على الآخرين. يسلم حياته لله يحل مشاكله، فيصبح صالحًا لحل مشاكل الآخرين.. لقد عبر ذلك أحد الآباء الموقرين، فقال لأحد أبنائه ما عناه: [إذا أردت أن تعرف فكرة عن السماء، فاذهب إلى أبينا ميخائيل]. نجيب بطرس وكان يصلى قبل أي عمل: كانت عادته أن يصلى قبل التقدم لأي عمل: قبل تناول الطعام، وقبل شرب كوب من الماء أو فنجان من القهوة أو الشاي، قبل كتابة خطاب أو فض أي خطاب يأتيه. وهكذا كان يتمم الوصية القائلة: "إذا كنتم تأكلون أو تشربون تفعلون شيئًا، فافعلوا كل شيء لمجد الله" (1كو 10: 21). القمص مرقس داود صلواته في المشورة: وكلما استشارة أي واحد في مشاكله، أو في أي شأن من شئونه، كان يصلى معه قبل أن يعطيه رأيه، وبعده بأنه سوف يداوم الصلاة من أجله، ويطلب منه أن يداوم هو أيضًا على الصلاة. القمص مرقس داود صلوات في دخوله وخروجه: عندما كنت أرافق أبى القديس القمص ميخائيل في زيارة إحدى العائلات كان قبل الزيارة، يدخل إلى الكنيسة ويسجد على عتبة بابها الخارجي، ويقبل العتبة والباب ويقول: "اجعل باب بيتك مفتوحًا أمامنا باستمرار". ويصلى ويطلب إرشاد الله، وتدخل الروح القدس في المشكلة التي هو ذاهب إليها. ثم يشكر الله على معونته وعلى أنه أحياه إلى هذه اللحظة. وعندما كان يركب الترام، ويصل إلى المكان المقصود، كان يقف على محطة الترام، ولا يعبر إلا إذا شكر سائق الترام، ويقول له: [متشكرين يا حضرة الأخ]. ويدعو له بأن يكمل الرب رحلته بسلام، ويرشم على الترام علامة الصليب. صبري عزيز مرجان كنيسة مارمرقس بشبرا بالصلاة يحل المشاكل: كان يستعين بالصلاة في كل المواقف الحرجة التي تواجهه، أو تواجه أفراد أسرته وكل من يلجأ إليه من أولاده في الروح أو من معارفه. ولما كنا نذهب لبحث أية مشكلة عائلية، كان يبدأ الجلسة بالصلاة قبل أن ينطق بأية كلمة، ذلك لطلب حضور الله، لكي يلين القلوب العاصية ويملأها وبالسلام، وينتهر شيطان الانقسام، ويقرب النفوس المتخاصمة. وأذكر أنه ظل يصلى دون يمل، من أجل إحدى الأسر، إلى أن عاد إليها السلام بعد نحو سنتين. القمص مرقس داود كان يصلى لأجل الكل.. ولعل أبرز ما تصف به، أنه كان رجل صلاة.. كانت صلاته الانفرادية في بيته، تحتل جزءًا طويلًا من وقته: في الصباح وفى المساء، وفى أي وقت، لإيمانه بقوة الصلاة وفاعليتها.. كان يذكر كل أفراد أسرته، القريبين والبعيدين، الكبار والصغار، الأحياء والمنتقلين، المرضى والأصحاء، كل ذي حاجة.. كان يذكر شركاءه في خدمة المذبح وشركاءه في خدمة الكهنوت بصفة عامة، ويذكر الشمامسة، وكل الشبان والشابات، الرجال والسيدات، الذين يقومون بالخدمة في كنيسة مارمرقس. القمص مرقس داود صلاته لأجل الأعداء: عندما كنت أشكو له من ظلم الرؤساء في العمل واضطهادهم، كان يقول لي: [صل من أجلهم، ومن أجل السلام والمحبة، ومن أجل أن يعطيك الله نعمة في أعينهم]. فكان هذا القوم ينزل على عقلي وقلبي كالبلسم الشافي. وباختيار هذا التدريب، وجدت نعمة كبيرة، وتغير سلوك الرؤساء معي. صبري عزيز مرجان كنيسة مارمرقس بشبرا في المرور بالبخور: يسير أبونا مسرعًا، تحمله الملائكة، ممسكًا بالشورية في يده، ومارًا بين أفراد الكنيسة المجاهدة، ملتمسًا لهم بركة الكنيسة المنتصرة، ومتحدثًا مع المنتصرين طالبًا شفاعتهم من أجل المجاهدين. "أيوه يا ست يا عذراء.. وأنت يا مارمرقس".. وهكذا يمر مخاطبًا جميعهم في مودة وصداقة، بل وأكاد أقول: في زمالة مقدسة.. وفى سر الرجعة، يعود مقدمًا لله توبة واعتراف شعبه.. القس مرقس مرقس بشارة |
||||
26 - 12 - 2013, 04:48 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
الإيمان والصلاة في حياته مبادئه الروحية في حياة الإيمانالإيمان في حياة أبينا ميخائيل، كان يتمثل في مبادئ روحية آمن بها وطبقها في حياته الخاصة. واستطاع أن يجعلها تسرى في حياة أولاده أيضًا ومنها: + التسليم الكامل لمشيئة الله في كل ظروف حياتنا. + شكر الله على كل ما يأتي علينا. + قبول الآلام في الخدمة، في صمت، مع عدم التذمر أو الحديث عنها مع أي أحد، كأنها مرسلة من الله لخلاصنا ونفعنا. + عدم طلب أي شيء إلا مكن الله فقط، سواء كان شيئا روحيًا أو ماديًا. + لا حل للمشاكل إلا عن طريق الصلاة، وبخاصة صلاة القداس. إيمانه بصلاة القداس والذبيحة في كل المشاكل: كان يضع كل المشاكل على الذبيحة، ويطلب لها حلًا. وكانت تحل فعلًا.. ومن أهم توجيهاته أن نضع المشاكل أمام الله، وقت السجود في القداس الإلهي قبل حلول الروح القدس.. كم من بيوت كانت ستخرب لولا القداسات التي رفعها من أجلها. وكم من زيجات ناجحة تأسست ببركة صلواته. وكم من متخاصمين تصالحوا ببركة القداسات التي كان يرفعها من أجلهم. وكم من مشاكل معقدة أوجد الله لها حلًا ببركة صلواته. كان يؤمن أن ذبيحة القداس الإلهي، لابد أن تحل أي مشكلة توضع عليها. القمص إشعياء ميخائيل إيمانه العجيب في حل المشكلات: قصص الإيمان التي تملأ حياته كثيرة جدًا. فقد عاش القول الإلهي: "كل الأشياء تعمل معًا للخير".. حياته كانت في يد الله الذي يدبر كل شيء. كان يقول لصاحب المشكلة: [الله يا ابني ها يدبر.. تعال في اليوم الفلاني].. ويأتي، ويكون الله قد دبر فعلًا.. ولقد عاش هذا الاختبار العجيب لتدبير الله، حينما كان في كنيسته بكفر عبده. فلم يكن يهتم لنفسه بتدبير نفقات معيشته، لأن الله كان يدبر. القس اسطفانوس عازر قصة دولاب مدارس الأحد بههيا: حينما كان أمينا لمدارس الأحد في ههيا، حضر في يوم إلى اجتماع الخدمة ومعه بعض الكتب والنبذات الدينية، وأراد أن نحتفظ بها للدراسة والاطلاع،.فاقترح أحد الخدام أن نشترى دولابًا، يكون نواة لمكتبة مدارس الأحد. فطلب إلينا ميخائيل أفندي في الحال أن نصلى من أجل ذلك المشروع. وبعد الصلاة طلب من الخادم أن يفتح صندوق العطاء الخاص بمدارس الأحد والموجود في صحن الكنيسة. فرد الخادم قائلًا: [لقد فتحنا الصندوق أول أمس، وأخذنا جميع ما به، إلا من بضعة القروش التي كنت تطلب منا أن نبقيها في الصندوق عند كل مرة يفتح فيه حتى لا يخلو من البركة. وأرسلنا المبلغ إلى مدارس أحد الجيزة لشراء هدايا عيد الميلاد للأطفال. وباقي علينا جزء من الحساب]. ولكن قديسنا كرر الرجاء في فتح الصندوق. وكانت الدهشة أننا وجدنا بالصندوق ما يكفى لشراء الدولاب ولسداد الدين. فمجدنا الله قائلين: "بركة الرب تغنى ولا يزيد معها تعب "وكان ذلك الدولاب نواة لمكتبة قيمة، تحوى الآن أكثر وتؤدى خدمات جليلة للخدام ولشعب الكنيسة ههيا. عدلي عبد المسيح مدرس أول بههيا |
||||
26 - 12 - 2013, 04:50 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
خشوعه وتقديسه للكنيسة كنا خدمتنا معه، نلاحظ ما يأتي: 1- كان يحضر إلى الكنيسة مبكرًا. وفى الطريق من المنزل إلى الكنيسة كان يردد بعض المزامير. 2- كان يقبل الباب الخارجي للكنيسة. ثم يسجد على عتبة بيت الله. ثم يقبل الباب الداخلي. وبعد ذلك يسلم على القديسين، ويقبل أيقوناتهم، وكأنهم أصدقاء شخصيون له. 3- كنا نلاحظ عليه الخشوع في الصلاة، بصورة تشعر من حوله أنه يتحدث مع المسيح شخصيًا، وأنه يحمل جسد المسيح ودمه الحقيقيين. 4- كان لا يجلس ابدأً وقت القداس الإلهي، سواء كان هو الذي يخدم أم غيره. القمص إشعياء ميخائيل خشوعه في الصلاة: ونزلنا معًا لنذهب إلى كنيسة مارمرقس.. وسمعته يرتل المزمور 22 "الرب راعى، فلا يعوزني شيء.." ووصل إلى الكنيسة. فدلف إلى الداخل ليسجد.. كان يسجد كما لو كان الرب متمثلًا أمامه فعلًا.. وقبل باب الهيكل، ثم عاد إلى الباب الخارجي.. ووقف إلى أيقونة يحييها ويقبلها.. ها هنا الكنيسة المنظورة تعلن عن دائرة الحب العميقة الممتدة بينها وبيت الكنيسة غير المنظورة.. إن الرجل يعايش القديسين.. يعايشهم في صلاته، وفى استشفاعه بهم، حين يذكرهم في المجمع في القداس.. أنهم ولا شك يتراءون أمامه في قافلة من نور يحيط بهم شعاع من المجد الأسنى، المنبثق من مصدر النور الحقيقي مخلصنا الصالح نفسه.. ويصل الرجل إلى باب الكنيسة، فيقبله في وِد.. الرجل الشيخ يشعر أن الرب قد منحه نعمة الدخول إلى قدس الأقداس، وهو لذلك يمجده عند الباب شاكرًا. إن داود في العهد القديم، وإن طلب الاكتفاء بالجلوس عند العتبة، فإن حنان الله قد سمح لأبناء العهد الجديد أن يتجاوزوا هذا الحد، ليصلوا إلى عمق الأعماق، إلى المذبح الإلهي. حقًا يا أبي القمص ميخائيل: إنه منظر لن أنساه، منظرك وأنت تقبل في حب باب الكنيسة. وقتها لم أملك دمعه سالت من عيني حارة قوية وكأنها تؤكد لي: ها هوذا الإيمان بخير، فلا تخف. إن الكنيسة حية في القلوب، وستظل كذلك.. كنت في الإسكندرية في سبتمبر الماضي، وذهبت إلى الكنيسة، ولم يكن هو الخادم، وإنما كاهن آخر. أما هو فوقف عند المذبح خاشعًا عابدًا. وحين وصل بنا الروح القدس إلى كلمة "الجسد المقدس"، سجد الرجل الشيخ برأسه إلى الأرض. ظل على هذا الوضع حتى نهاية الاعتراف. حقًا أنه لمنظر ملائكي. وتساءلت كيف يحتمل هذا الشيخ سجودًا هذا مدته؟! ورفعت قلبي إلى الله أمجده في قوة عمل الروح القدس في هؤلاء الآباء القديسين. سليمان نسيم فى كنائس مصر القديمة: كان دائم التردد على كنيسة مارمينا بآخر مصر القديمة، حيث كان يقابله أبونا المتنيح القمص مينا المتوحد (المتنيح البابا كيرلس)،.وكان يذهب إلى الكنيسة مبكرًا جدًا. وذات مرة لمحته وهو داخل من الباب الخارجي، يسجد على أرض الشارع، ويقبل عتبة البوابة الخارجية للكنيسة. كما كنت أراه أحيانا بكنيسة الأنبا شنوده بمصر القديمة، يقف في مكان لا يمكن لأحد أن يلمحه فيه بسهولة، لأن حجاب الهيكل كان أمامه، وخلفه حائط عال جدًا، حيث كنت أراه رافعًا كلتي يديه إلى فوق، وواقفًا طيلة القداس الإلهي يصلى، بحرارة وخشوع وانسكاب شديد. القس يوحنا إسكندر ذات مرة دخلت إحدى الكنائس بالإسكندرية، وكان المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم قد حضر إليها وصلى القداس فيها. وكان المتناولون في الهيكل متعجبين جدًا، إذ أنه على الرغم من كبر سنه، وعلى الرغم من أنه كان يصلى القداس مع كاهن آخر، إلا أنه لم يرد أن يجلس بتاتًا. وظل واقفًا طوال القداس، علاوة على أن نظراته كانت منخفضة إلى أسفل طول الوقت. وصوته الهادئ المؤثر مع دموع كثيرة على خديه، أثرت في الحاضرين. نبيل نعيم تادرس مدرس بسيدي بشر بالإسكندرية |
||||
|