رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قلباً نقياً أخلق فيَّ يا الله - صرخة إنسانية
هذه صرخة داود النبي حينما أراد ان يخلصه الله من ثقل خطيئته التي أخطا بها، إذ شعر أنه لن ينفعه سوى خلق قلب جديد وزرع روح مستقيم يتجدد باستمرار داخله، فيقدر أن يلتصق بالله التصاقاً ولا يعوقه شيء أو يمنعه مانع من أن يثبت في علاقته مع الله في طاعة إيمان بحفظ الوصية، لأن من يحب أحد يحفظ كلامه وينفذ وصاياه. لكن الإنسان بطبيعته الساقطة مهما ما وصل من درجات عظيمة من المعرفة الروحية ونال من مواهب إلهية إلى أن يصل لدرجة النبوة التي لن تمنعه من أن يقع أسيراً لشهوة أو هفوة أو سقطةٍ ما، لأنها لن تسعفه أمام ضغوطات الخطية ومعوقات المسيرة الروحية بسبب عبوديته تحت سلطان الموت الذي يعمل فيه بالشهوات التي تغلبه باستمرار، وذلك لأنه مثل ملك متوج على مدينة عظيمة، لكنه بسبب عدم احتراسه واستهتاره عبث أعدائه بالمدينة واخذوا منها كل ما هو غالي وثمين وتركوها خراباً، وخلعوه من ملكه وأخذوه أسيراً وأذلوه ولم يعد له أي سلطان حتى على نفسه، هكذا الإنسان حينما سقط فقد سلطانة وتمردت عليه الخليقة كلها إذ لم تعد ترى صورة الله فيه، وبذلك ضاع المثال المُعبِّر عن الله وسط الخليقة، التي لم تعد تطيعه فأصبح غير قادراً على أن يُخضعها أو يتسلط عليها كما أعطاه الله في الخلق الأول:
ولذلك نجد في سفر القضاة تكرار لجملة غريبة تأتي دائماً في مقدمة الأحداث بتكرار ممل ومستمر لازال كل من لم ينال قوة التجديد بالروح القدس يعانيه إلى اليوم، إذ أن مطلع كل حدث في السفر تكتب هذه الجملة: "وعاد بنو إسرائيل يعملون الشرّ في عيني الرب" (قضاة 3: 12، 4: 1، 10: 6) وطبعاً في بدايات السفر وفي الإصحاح الثاني أول افتتاحيته يتكلم عن عدم سماع شعب إسرائيل صوت الله والعمل حسب حكمتهم الشخصية فصار عملهم فخاً لهم ووقعوا تحت نفس ذات فساد الأمم الغرباء عن الله، فتغرَّب إسرائيل عن الله ولم يعد ذلك الشعب المثال المُعبِّر عن الله أمام جميع الشعوب:
ومع أن الشعب بكى لكن يقول السفر أن بعد موت يشوع: + "وفعل بنو إسرائيل الشرّ في عيني الرب وعبدوا البعليم. وتركوا الرب إله آبائهم الذي أخرجهم من أرض مصر وساروا وراء آلهة أُخرى من آلهة الشعوب الذين حولهم وسجدوا لها وأغاظوا الرب. تركوا الرب وعبدوا البعل وعشتاروث" (قضاة 2: 11 – 13) ثم الرب يتدخل وينقذهم ولكن تظهر نفس ذات المشكلة عينها في التمرد وزيغان القلب عن طريق الحق والحياة ويعاود الشر ظهوره مرة أخرى بلا ضابط أو مانع:
وما هوَّ السرّ وراء هذا كله سوى فقدان طبيعة البراءة الأولى والتورط في حياة الفساد، لأن ما فسد لا يُمكن إصلاحه إلا بإحلاله وخلقه جديداً، ومن هنا كانت صرخة داود النبي الذي أدرك فساد الإنسان وعدم إصلاح ما فعله سوى بخلق آخرٍ جديد، لذلك مكتوب في ارميا النبي:
فأن كان الكوشي أو الحبشي يستطيع أن يُغير لون جلده والنمر يستطيع أن يُغير شكل رقطة، فأنتم أيضاً تقدرون أن تصنعوا خيراً بعد أن آلفتم الشرّ وصار طبعكم غريب عن البرّ والحياة الإلهية، فمن المستحيل المتغرب عن حياة الله وصار فاسداً يقدر على أن يضبط نفسه بإرادته قط، لذلك الوعظ الذي يتكلم عن قوة الإرادة للحياة مع الله، عملياً فاشل بكل المقاييس، لأن من منا لا تخونه إرادته مهما ما كانت جبارة، ثم أنهي إرادة تقدر أن تجدد حياة الإنسان وتجعله بريء أمام الله:
فمن هوَّ هذا الإنسان القادر أن يُتمم وصايا الله بكاملها، من هو الذي يستطيع أن يثبت فيها ولا يتعوق أو يتعثر في حياته أو يخون أو يتراجع أو يسقط، بل ومن هو قادر ان يقول إني بلا خطية أو من هو بقادر أن يُحاكمني على خطأٍ ما لأني بريء بلا إثم!!! لذلك صرخة الإنسان الصادق مع نفسه وعارف حقيقتها المُرة هي: "ويحي أنا الإنسان الشقي، من يُنقذني من جسد هذا الموت!!! (رومية 7: 24)، أرحمني يا الله كعظيم رحمتك، أغسلني كثيراً من إثمي وطهرني من خطيئتي، لك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت، قلباً نقياً أخلق فيَّ يا الله...
+ إذاً أن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديداً (2كورنثوس 5: 17) + لأنه في المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئاً ولا الغُرلة، بل الخليقة الجديدة (غلاطية 6: 15)
لذلك كل من يحاول وهو في إنسانيته الضعيفة الساقطة والتي ليس فيها قوة الله، لأن صورة الله مشوهة فيها، أن يحيا بالوصية ويتمم أعمال البرّ فانه يفشل فشلاً ذريعاً، او يتكبر وينتفخ، او يخور تماماً أو يتمزق نفسياً، وهذا كله نتاج أنه حاول أن يضع قطعة من ثوب جديد على ثوب عتيق ليرتق تمزقه، وبذلك يتمزق أكثر ويصير إلى أردأ أكثر كثيراً جداً مما كان. لذلك ليس لأحد إلا أن يؤمن ويصدق أن شخص ربنا يسوع هو حياته الجديدة، شفاء نفسه وقيامته الوحيدة، ويتوسل إليه – ليلاً ونهاراً، لا يسكت ولا يدعه يسكت – أن يكسيه بره الخاص، وينشط فيه الإنسان الجديد الحاصل عليه منه بالمعمودية، وأن يسأل روح الله أن يعمل في داخله ويشكله على صورة شخص ربنا يسوع الذي له المجد والكرامة مع أبيه الصالح والروح القدس آمين |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قلباً نقياً أخلق فيَّ يا الله |
قلباً نقياً طاهراً أخلق فيا يالله |
قلباً نقياً أخلق في يا الله |
قلباً نقياً أخلق في يا الله |
قلباً نقياً أخلق في يا الله |