|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إن كان الموت الجسدي جاء كنتيجة للخطية ومرتبط بالموت الروحي فلماذا إذا لم يمت آدم جسديا في اليوم الذي أخطأ فيه بحسب ما أنذره الرب؟ الرد: علي الرغم من أن الرب بعدما خلق آدم أوصاه قائلا "من جميع شجر الجنة تأكل أكلا ، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت" (تك 2 : 16 – 17) إلا أننا لا نراه يموت بعد آكله من الشجرة مباشرة، الأمر الذي يستخدمه البعض في التشكيك في كلمة الله ، ومن ثم دفع البعض الآخر أيضا لعدم الربط بين الموت الجسدي والموت الروحي. ولكن يقول العارفون بالعبرية أن النص الأصلي يفيد بأن المقصود بتعبير "موتا تموت" هو عملية لها نقطة بداية محددة وتستمر في الحدوث لفترة في المستقبل أو حدث يبدأ في نقطة من الزمن إلي أن يصل إلي ذروته عند اكتماله. فكما سبب عصيان آدم للخالق الموت الروحي سبب أيضا عملية الموت الجسدي في التأثير فيه بالرغم من أنها تطلبت الكثير من السنين لإتمامها. وهذا ما يؤكده أيضا اللفظ اليوناني الذي يستخدمه الرسول بولس أكثر من مرة في رسائله عندما يصف الجسد بالمائت أي الخاضع للموت (أنظر رو 6 : 12 ، 8 : 11 ، 1 كو 15 : 53 – 54 ، 2 كو 4 : 11 ، 2 كو 5 : 4). ولتوضيح ذلك نقول أن الزهرة تنعم بالحياة طالما هي متصلة بالجذور التي تتصل هذه الأخيرة بدورها بالتربة التي تمدها بالعناصر الغذائية وتبدأ في الموت من لحظة اقتلاعها عن تلك الجذور أو اقتلاعها جميعا مع جذورها من التربة وبالتالي انفصالها عن مصدر الحياة. وعلي الرغم من أنه قد تبدو عليها علامات الحياة بعد اقتلاعها إلا أنها تكون في الحقيقة ميتة، ومهما قمنا بالعناية بها فإن تلك المحاولات لن تفلح وذلك لأن الموت الجسدي عملية بدأت الحدوث ولن تتوقف إلا بوصولها للذروة، التي هي انفصال الروح عند الجسد عند البشر. وبمجرد اقتراف آدم لإثمه فقد بدأ فعلا في اختبار الموت في كل لحظة عشاها في الجسد في صورة الألم الروحي والمادي والمرض والضيق واللعنة التي رأي ثمارها عند عمله للأرض التي أخذ منها وفي رؤيته لآلام حواء في الولادة كنتائج للموت الروحي أو الإنفصال عن الله روحيا. ناهيك عن أن مجرد الحياة في الجسد – والتي قد تبدو في ظاهرها كذلك ولكنها في باطنها موت – في حالة الإنفصال الروحي عن الله لا تقل في وطأتها – إن لم تزد – عن الموت الجسدي عندما يبلغ ذورته بإنفصال الروح عن الجسد. ولكن لو فرضنا جدلا أن الموت الجسدي حل بآدم في اللحظة التي ارتكب فيها فعلته النكراء بالأكل من شجرة معرفة الخير والشر، ماذا سيكون الحال حينها؟ لو كان آدم قد مات جسديا (بإنفصال روحه عن جسده) لحظة ارتكابه للخطية لانعدمت الفرصة أمامه للتوبة ولكان قد ذهب إلي الجحيم مباشرة وبالتالي لكان قد أغلق الطريق أمام المحبة الإلهية للإعلان عن نفسها أولا في إعطاءه فرصة للتوبة والرجوع إلي الرب مصدر الحياة ، وثانيا في اعطاءه نسل أتي منه المخلص الذي قدم نفسه كفارة ليس لآدم فقط بل لكل العالم أيضا. ولو كان آدم قد مات جسديا لحظة أكله من الشجرة المحرمة لكانت خطة الله بذلك أخفقت في الخليقة بإنتصار الشيطان عليه لأنه لن يكون هناك حنيئذ أي مجال أو فرصة للرب لإظهار محبته للجنس البشري من خلال صليب المسيح، الأمر الذي بدوره – إن كان قد حدث – لأظهر اختلالا في الذات الإلهية التي نجحت فقط في إظهار العدل والقداسة دون المحبة. ولكن حاشا له فهو مطلق الكمال ومنزه عن أي نقائص ولا يمكن بأي حال إلا أن تنجح مقاصده حتي تعلن هذه الأخيرة عن أمجاده وصفاته المجيدة المتوازنة. وأخير نقول فإن الذبيحة (أو الذبيحتين) التي عملها الرب وأخذ جلدها وكسي به كل من آدم وحواء هي خير دليل علي أن ما استحقه أبوينا الأوائل في حينها تحملته الذبيحة نيابة عنهما. لأنه لو كان المقصود من الذبيحة فقط هو كسوة آدم وحواء لما عملها الله ولكان قد أمدهما بما هو أفضل من ذلك دون الحاجة إلي ذلك الذبح. وطبعا ليست الذبيحة الحيوانية في حد ذاتها هي التي أجلت موت آدم بل إلي ما تشير إليه من كفارة بواسطة نسل المرأة الذي سيسحق رأس الحية. فعمل النعمة هو الذي لم يسمح للموت الجسدي بالحدوث بعد الخطية الأولي مباشرة. |
|