رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أليشع " وأمسح أليشع بن شافاط من آبل محولة نبياً عوضاً عنك " " 2مل 19 : 16 " مقدمة كان السؤال الذى طرحه جورج ماتيسون فى حديثه عن أليشع ، هو : ماهو الفرق بينه وبين إيليا وهو يكاد يكون نسخة منه !! ؟ لقد كانت حياة الاثنين نغمة موسيقية واحدة ، ربما كان الأخير فيها هو القرار الأضعف صوتاً والأبطأ قياساً ، ... ألم يضرب إيليا نهر الأردن ، وهكذا فعل أليشع !! ؟ ألم يصعد إيليا إلى جبل الكرمل ، وهكذا صعد الآخر !! ؟ ... ألم تسبب كلمات إيليا مأساة دموية ، وهكذا كانت كلمات أليشع !! ؟ ألم تتجه الأنظار إلى إيليا فى المجاعة ، وكذلك اتجهت أيضاً إلى أليشع !! ؟ ألم يفض إيليا بالخير على أرملة ، وكذلك فعل أليشع !! ؟ ألم يقم إيليا ابن الأرملة ، وألم يفعل أليشع الشئ نفسه مع ابن الشونمية !! ؟ … ألم ينقل إيليا الخير إلى ما وراء اليهودية ، فيما فعله مع أرملة صرفة صيدا ، وكذلك فعل أليشع عندما شفى نعمان السريانى !! ؟ ... وألم يحدث حتى فى اللحظات الأخيرة أن كانت الصيحة واحدة إذ صاح أليشع ، وهو يرى إيليا صاعداً فى مركبته السماوية : " يا أبى يا أبى مركبة إسرائيل وفرسانها " ؟؟ ... وألم يبك يوآش ملك إسرائيل على وجه أليشع فى مرضه الذى مات به وهو يقول : " يا أبى يا أبى مركبة إسرائيل وفرسانها " ؟؟ ... " 2مل 13 : 14 " وعند صعود إيليا إلى السماء ، طرح الرداء وتركه لأليشع ، ولبس التلميذ رداء معلمه ، فهل لم يكن هناك فرق بين الاثنين !! ... نعم ، كان هناك الفرق الكبير ، لقد كان أليشع أهدأ وأرق وألطف !! ؟ أو فى لغة أخرى كما يراه ما تيسون ، كان أليشع هو إيليا ، ولكن بعد أن عاد من جبل حوريب مستمعاً إلى الصوت المنخفض الخفيف ، وحلت هبات النسيم مكان الزوبعة العاتية ، وجاءت خضرة المروج أثر الجبال المسنمة ، وحل أليشع برسالته المتحدة فى الروح ، والمختلفة فى الأسلوب ، محل رسالة إيليا ، ومن هنا كان الفارق بين الرجلين . فكانت الرسالة اللاحقة متممة للسابقة ومتكاملة معها ومن هنا يحق لنا أن نرى أليشع من النواحى التالية : أليشع ودعوته عندما ذهب إيليا إلى جبل اللّه حوريب ، لم يكن يعلم أن اللّه سيتحدث إليه هناك عن ثلاثة أسماء سيدعوها لخدمته ، وتنفيذ إرادته ، فهو سيدعو أليشع بن شافاط ليحل محل إيليا ، وسيدعو حزائيل ملكاً على آرام ، وسيدعو ياهو بن نمشى ملكاً على إسرائيل ، ... وأدرك إيليا أن اللّه متسلط فى مملكة الناس ، وأنه يدعوالأنبياء والملوك وكل ذى سلطان وفقاً لمشيئته العليا وإراداته الكاملة ، وأنه يسيطر على الخير والشر فى كل مكان وزمان ، ... وبينما كان إيليا نائماً تحت الرتمة ، وقد استبد به اليأس ، وطوحت به الضيقات والآلام ، كان هناك شاب عظيم يعده اللّه فى آبل محولة ( مروج الرقص ) ويجهزه للخدمة المقدسة ... ، وهكذا يتغير الناس ، ويبقى اللّه ، ومع أن أليشع حمل رداء إيليا وحل محله ، إلا أنه ثمة فروق بين الاثنين ، ... كان إيليا - كما ذكرنا فى الحديث عنه - من بلاد جبلية ، وكان أليشع من أرض زراعية كان إيليا أشبه بالمعمدان، يحيا حياة الخشونة والصلابة والشدة والعنف والرعد القاصف ، وكان أليشع أدنى إلى حياة المسيح فى الرقة والعطف والجود والإحسان ، كان إيليا لا يأكل ولا يشرب ، وكان أليشع يأكل ويشرب ، كان الأول يعيش فى الجبال أو العزلة ، وكان الثانى يعيش فى المجتمعات ، وبين الناس ، ... ومع ذلك فقد كان الاثنان من روح واحدة فى السمو والرفعة وعزة النفس ، كان الرداء الذى يحتويهما واحداً ، وعندما يطرح هذا الرداء على أليشع ، فهو يترك ثروته الواسعة ، ويذبح فدان البقر ، ويضع يده على المحراث الخالد ، ولم يعد للمال سلطان على نفسه وهو يأبى أن يقبل من نعمان السريانى هدية تقدر بما يعادل خمسين ألفاً من الجنيهات ، ولا يخرج لمقابلته إذا هو أعلى من المال ومن نعمان ومن العالم كله ، ... لقد ذهب إيليا وطرح الرداء عليه ، ومد الشاب بصره ، فرأى كل شئ يتغير ، وهو يستبدل محراث أبيه ، بمحراث أخلد وأعظم ، ... ويستبدل حقل أبيه بحقل أوسع وأكبر ، حقل الخدمة العظيم والأكمل والأجل ، ... ومنذ ذلك التاريخ ولمدة خمسين عاماً عاشها فى الخدمة ، لم يتراجع قط عن محراثه العظيم ، ولم ينظر إلى الوراء ، حتى بكاه يوآش ملك إسرائيل : " يا أبى يا أبى يا مركبة إسرائيل وفرسانها " ... ومن الملاحظ أن هناك فرقاً كبيراً بين قول أليشع : " دعنى أقبل أبى وأمى وأسير وراءك " " 1 مل 19 : 20 " ... وقول الشاب الذى دعاه المسيح : " إئذن لى أن أمضى أولا وأدفن أبى " " مت 8 : 21 " ... كان أليشع يريد أن يلقى على أبيه قبلة الوداع ، فهو مع وفائه لأبيه يريد أن يرسل إليه تحيته الأخيرة ، ولكل ما يمكن أن يرث عن هذا الأب ، ... أما الآخر فلم يكن أبوه قد مات حتى يدفنه ، ولكنه أراد أن يؤجل الخدمة ، حتى يموت أبوه ، ويدفنه ، ثم يذهب بعد ذلك لعمل اللّه ، كما أن هناك فرقاً عظيماً بينه وبين القائل : " أتبعك ياسيد ، ولكن ائذن لى أن أودع الذين فى بيتى " " لو 9 : 61 " ... وهذا الفرق واضح فى أن أليشع حرق المحراث الذى كان يحرث عليه دون أدنى تردد ، كأنما ينسف جميع الكبارى التى تربطه بالعالم ، وهو يضع يده على محراث اللّه العظيم الذي دعى إليه !! ... ولم يمنعه إيليا عن أن يودع أبويه ، وقد تركه ليقبل أو يرفض ، .. وما أسرع ما عاد إلى أبيه الروحى ، بعد الوداع والقبلة لأبيه فى الجسد !! ... أليشع وبرهان دعوته وقف بنو الأنبياء على الجانب الآخر من الأردن ، وينظرون إلى أليشع ممزق الثياب يحمل رداء إيليا ، وأذا بهم يرونه يفعل مثل ما فعله معلمه ، فيلف الرداء ويضرب به الماء ، وإذا بالنهر ينفلق ، ويعبر أليشع ، ويأتى بنو الأنبياء ليسجدوا له إلى الأرض فى انحناء الاعتراف واليقين بأنه أخذ مكان إيليا ، ومع أنه كان شاباً نظيرهم أو أكثر منهم قليلا ، لكنهم مع ذلك رأوا برهان النبوة ، فى الرداء ، وفيما فعل ، وفيما أخذ من سلطان مماثل لسلطان معلمه العظيم ، والنبوة ليست ادعاء يضيفه الإنسان على نفسه ، فما أكثر الأنبياء الكذبة ، الذين يحاولون أن يلبسوا رداء السابقين ، دون أن تكون لهم قوتهم وسلطانهم ، وسيكشفهم رداء النبوة ، ويظهرهم على الملأ ، ويظهر مدى ما فى ادعائهم من زيف أمام الأردن الممتلئ بالماء ، والذى لا يستطيعون أن يشقوا طريقهم فيه ، وإذا كان من الملاحظ أن أليشع يختلف فى شخصيته عن إيليا ، لكن الرداء واحد للاثنين ، ... لأن اللّه الواحد سيد الاثنين ، ومحركهما ، ودافعهما فى الحياة والخدمة ، ومن ثم فإن أليشع يضرب الماء صائحاً : " أين هو الرب إله إيليا ؟ " ... " 2 مل 2: 14 " أو فى لغة أخرى - أنه يشق الطريق مستنداً إلى ذات الإله الذى عاش فى ظله إيليا وصنع قواته ومعجزاته ، وهو يسير على نفس الدرب مهما اختلفت الظروف ، وتلونت الحياة ، وتغيرت الأوضاع ، لكن اللّه هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد، ليس عنده تغيير أو ظل دوران ، ... وما أجملها من ثقة وما أروعه من يقين !! ، أن نستند إلى إله آبائنا ، وأن نأخذ من اختباراتهم عظة وعبرة وفى الوقت عينه تتجدد وتتكرر اختباراتنا نحن ، دون أن تقف عند ماضى السابقين ، . رأى أليشع المركبة النارية التى حملت معلمه إلى السماء ، وأيقن أنه ذهب إلى المكان العظيم العتيد أن يبلغه المتوجون المنتصرون من المؤمنين ، ولكن بنى الأنبياء ألحوا عليه أن يفتشوا فى الجبال أو الأودية ، لعل روح اللّه يكون قد طرحه فى واحد منها ، ومع أن أليشع لميقتنع بمنطقهم ، إلا أنه كما يقول جورج ماثيسون لم يجبرهم على الاقتناع برأيه ، أو يلزمهم بهذا الرأى حتى يصلوا إليه بأنفسهم . ومن اللازم أن نتعلم ألا نلوى أيدى الآخرين ، أو نكرههم على قبول رأينا . قد يطول بحثهم عن الحقيقة ، التى وصلنا إليها ، ولكن من الأفضل أن ندعهم يكتشفون لأنفسهم ما وصلنا إليه ، حتى نستطيع أن نقول لهم ما قاله اليشع بعد تفتيشهم ثلاثة أيام دون أن يصلوا إلى النتيجة التى تصوروها : " أما قلت لكم لا تذهبوا ! ؟ " ... " 2 مل 2 : 18 " . وقد ظهر برهان الدعوة من واقعتين أخريين مختلفتين تماماً ، الأولى من تحويل النبع الردئ إلى نبع عذب ، عند مدينة أريحا ، وأريحا مدينة النخل والرياض والزهور، ومع جمال المدينة وخصب الأرض حولها ، إلا أن مشكلتها الكبرى كانت فى الينبوع الردئ المر الذى كان يمدها بالماء ، وإذا جاء بنوا الأنبياء وأهلها إلى أليشع، طلب صحناً جديداً ، لم يكن قد وضع فيه شئ ، حتى يمكن أن يقال إنه سر التغير فى ماء الينبوع ، ووضع فيه ملحاً ، والملح أساساً ، فى المفهوم الدينى ، للتنقية والتطهير ، وإن كانت إضافته إلى الماء ، ليتحول الماء العذب ، هى أشبه الأشياء بوضع الطين على عينى الأعمى ليبصر ، الأمر الذى فعله المسيح ، ... لكى تظهر يد اللّه فى الحالين ، وهى تغير الأمور إلى العكس بالقدرة العلوية العجيبة ، وما أن وضع أليشع الملح فى الماء ، ودعا باسم الرب ، حتى تحول النبع الردئ إلى واحد من أعذب الينابيع التى يقول الكثيرون إنه باق إلى الآن باسم " نبع السلطان " على مقربة من أريحا !! ... كانت هذه من أولى معجزات أليشع ، وهى - بالأحرى - رمز لرسالته ، الرسالة التى تبدأ بالينبوع ، قبل أن يغترف الإنسان من المجرى ، ورسالة اللّه تحول أولا وقبل كل شئ النبع الردئ إلى نبع حلو صاف عذب جميل ، والقلب الذى كان يخرج فى الأصل فساداً وشراً ، عندما تستولى عليه النعمة الإلهية ، ... هذا القلب يتدفق بثمر الروح القدس : " محبة ، فرح ، سلام ، طول أناة ، لطف ، صلاح ، إيمان ، وداعة ، تعفف " " غل 5 : 22 " .. كانت معجزات أليشع ، التى سنتأمل فيها فيما بعد ، رمزاً لإحسان اللّه وجوده من الجوانب المتعددة للحياة البشرية ، ... ولكن على رأس المعجزات وأولها ، بدأ أليشع بالنبع الذى أضحى حلواً جميلا صافياً رقراقاً !! .. على أنه من الجهة الأخرى وعلى العكس من ذلك ، إذا كانت الرسالة الإلهية رائحة حياة لحياة ، فهى فى الوقت نفسه رائحة موت لموت ، وهنا نتحول من البركة إلى اللعنة ، ومن النبع الصافى إلى المأساة القاسية ، ومن الملاحظ أن أليشع تحرك فمه باللعنة مرتين شهريرتين : المرة الأولى للصبية الذين سخروا منه فى بيت إيل ، والمرة الثانية عندما لعن جيحزى بعدما أخذ - كذباً - بعض عطايا نعمان السريانى ، ومع ذلك فالفرق بين اللعنتين واضح ، أما بالنسبة للصبية ، فإن اللعنة كانت إعلاناً عن غضب اللّه على هؤلاء الساخرين العابثين ، أما بالنسبة لجيحزى فقد كانت طلباً محدداً أن يلصق به وبنسله برص نعمان السريانى ، للأسلوب الشرير المتعمد الذى يعطى صورة خاطئة عن مفهوم الخلاص المجانى لإنسان وثنى ، دعاه أليشع إلى الخلاص من برص الخطية وإثمها وفسادها وشرها !! .. على أنه فى الوقت نفسه ، من واجبنا ألا نحكم على عمل أليشع فى نور العهد الجديد كما يقول بعض المفسرين ، لئلا نستمع إلى قول السيد وهو يتحدث إلى تلميذيــــه اللذين أرادا محاكــاة أسلوب إيلـــيا ....... فقال لهما على الفـــور : " من أى روح أنتما ؟ !! " لو 9 : 55 " لقد لعن أليشع الأولاد ، الذين أطلق عليهم الكتاب " صبيان صغار " والكلمة فى الأصل العبرى هى التى استخدمها سليمان وهو يصلى إلى اللّه فى جبعون ، بعد أن أصبــــح ملكــــاً " فتى صغير " . كان هؤلاء الصبيان فى سن الشباب ، وهم من بيت إيل المكان الذي حلم فيه يعقوب حلمه العظيم ، وبنى مذبحه ، ومع ذلك فإن يربعام أقام فيه العجل الذهبى ، وعبد الناس الآلهة الوثنية ، ولعل هؤلاء الشباب ، رأوا أليشع ، وهو يلبس رداء إيليا ، مع الفارق بين شعر إيليا الطويل ، وشعر أليشع القصير ولربما كان الأخير أصلع الرأس فعلاً وإذ رأوه ، وسمعوا قصة صعود إيليا التى لم يصدقوها ، وأرادوا أن يسخروا من إيليا ، وأليشع ، ومن اللّه نفسه ، فقالوا له : اصعد يا أقرع ؟؟ !! .. " 2مل 2 : 23 " اصعد كما صعد إيليا إلى السماء فى مركبة من نار !! .. وإذا كان الأثينيون قد حكموا - كما يقول جورج ماثيسون - على غلام أثينى بالإعدام لأنه فقأ عينى طائر السمان ، ورأى القضاة فيه قسوة غير مألوفة ، ربما تتحول لو عاش بين الناس ، إلى قسوة يفقأ معها عيون البشر ، فإن أليشع ، وهو يلعن هؤلاء الصبيان كان يرى فيهم وفى تجديفهم ما رآه الأثينيون فى ذلك الغلام ، ومن ثم لعنهم على ما وصلوا إليه من إثم وفجور وارتداد وشر !! .. وقد صادق اللّه على اللعنة ، فخرجت دبتان من الوعر لتفتك باثنين وأربعين منهم !! ... فإذا كان الينبوع العذب يمثل جانب اللطف الإلهى ، لمن يريد أن يتمتع بالمراحم السماوية ، فإن مصرع الأولاد يمثل الصرامة لمن لا يريد أن يعتبر ، وحقاً : " مخيف هو الوقوع فى يدى اللّه الحى !! .." "عب 10 : 31"0 أليشع ومعجزات الإحسان كانت حياة أليشع حافلة بمعجزات المساعدة والإحسان ، إذ كان - كما صوره دكتور ماكرتنى - صورة للراعى الأمين الذى ينتقل بين الرعية ، ليمد يد العون لأرملة تعسة ، أو صديق منكوب ، أو محتاج معوز ، وسنترك الحديث عن مساعدته لنعمان السريانى، عندما نفرد لذلك حديثاً خاصاً تالياً ، ونمر الآن مروراً سريعاً بألوان المساعدات الأخرى، والتى تبدأ بمساعدة الأرملة التى مات زوجها ، وجاء المرابى ليأخذ ولديها وفاء لدين لا تملك دفعه ، ... ومع أننا لا نعرف من هو زوج هذه الأرملة ، إلا أن بعض التقاليد تقول إنه عوبدياً ، والذى عال مائة من بنى الأنبياء فى أيام إيليا ، ولو صح هذا التقليد فإننا أمام كارثة مضاعفة ، كارثة بيت هوى من مجده وعزه إلى الفقر المدقع والحاجة القاسية ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل إن الدائن المرابى أراد أن يأخذ الولدين وفاء وسداداً للدين المطلوب ، ومن صرخة المرأة إلى أليشع ، يقفز أمامنا السؤال : هل حدث هذا لرجل كان عبداً للّه ويخاف اللّه ، لأنه استدان ، وأغـــرق نفســـه فـى الديـــن مــــن أجــــل عمل اللّه ! ؟؟ .. وهل يكون هذا هو الجزاء !! ؟ وهل يتخلى اللّه عن مثل هذا الإنسان أو بيته !! ؟ ... والاختبار الصادق : "كنت فتى وقد شخت ولم أر صديقاً تخلى عنه، ولا ذرية له تلتمس خبزاً !! ؟ " مز 37 : 25 " على أية حال كان هذا هو المأزق الذى وقعت فيه الأرملة !! ؟ وكان من الطبيعى أن تلجأ إلى رجل اللّه ، إذ هو أول من يخطر على البال أو بتعبير أدق ، أول إنسان يفترض أنه يواجه المشكلة أو يشارك فيها !! ؟ ... ترى هل يعرف خدام اللّه ، هذه الحقيقة ؟ أو بالأحرى هل يمارسون خدمتهم بهذا الإحساس العميق بالواجب والتبعة، دون أدنى تردد أو تراجع ؟ ، ... على أية حال لقد قاد رجل اللّه الجميع لحل المشكلة ، فلم ينفرد بحلها ، إذ أعطى كل واحد نصيبه فيها ، فالمرأة لا ينبغى أن تقف متفرجة على الحل ، بل لابد أن تساهم فيه بجهدها ، وجهد ولديها معها ، ولابد أن تستخدم دهنة زيتها فى مواجهة المشكلة ، .. وإنه لمن أعظم الأساليب وأجملها ، أن نعلم الذين يواجهون المشاكل ، كيف يشتركون هم بأنفسهم فى حلها ، مهما يكن مجهودهم يسيراً أو محدوداً ، .. كما لابد من مساندة الآخرين من أصدقاء أو جيران أو مساعدين ، واستخدام أوعيتهم وأوانيهم ، وكلما اشترك الآخرون فى الجهد أو عانوا فيه ، كلما كان الحل أكثر سهولة وأعظم يسراً ، ... على أن لب حل المشكلة ، هو الاتجاه إلى اللّه، ووضعها بين يديه ، وذلك بالإيمان به صديقاً وشريكاً فى الوصول إلى الحل العظيم ، ... ومن العجيب أن اللّه على استعداد أن يضيق أو يوسع فى الحل ، على قدر ما لنا من إيمان ضيق أو واسع ، لقد طلب أليشع من المرأة أن تكثر من الأوعية ، ولا تقلل منها ، واستمر الزيت يسيل ، حتى لم يعد هناك وعاء بعد ، ولم يتوقف حتى قال لها ابنها : " لا يوجد بعد وعاء " 2 مل 4 : 6 " ... وسددت المرأة الدين ، وبقى لها ما عاشت به مع ولديها زمناً طويلا ، ... وهكذا يتدخل اللّه ، على قدر ما نعطيه فرصة التدخل فى حل مشاكلنا وسد احتياجاتنا !! .. وإذ نتحول من قصة الأرملة الفقيرة ، إلى الشونمية العظيمة ، نتحول إلى مشكلة أخرى أعمق أثراً وأبعد امتداداً ، .. لم يكن للشونمية ابن يتعرض للضياع بسبب الدين أو الضيق أو الحاجة ، بل لم يكن لها ابن أصلا ، إذ كانت المرأة عاقراً ، ... كانت تملك مالا ولم تكن تملك ولداً ، وهذه - قصة الدنيا على الدوام ، تسخو من جانب ، وتحرم من الجانب الآخر ، فالفقير يمتلئ بيته من الأولاد ، وقد يحسد الغنى على ما يملك من مال ، ... فى الوقت الذى يتمنى فيه كثيرون من الأغنياء أن يحرموا من وافر أحوالهم ليجدوا خلفاً يعقبهم ، أو ابناً يمد فى ذكرهم ، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه : تأتى الرياح بمالا تشتهى السفن . على أن الشونمية - مع ذلك - لم تكن المرأة المتمردة ، أو المتذمرة على حظها من الحياة ، أو نصيبها من الدنيا ، إذ كانت قانعة بما قسم اللّه لها ، راضية بمشيئته ، مستسلمة لإرادته ، وكانت تشرب ، فى عمق ، من نهر الشركة مع اللّه ، ... وكان بيتها هو البيت المفضل لأليشع ، كلما جاء إلى شونم أو مر بها ، وقد وجد إكراماً من المرأة ، حتى أنها أقامت له عليه خاصة به ، حتى إذا جاء يميل إليها !! ... وإذا كان إبراهيم قد أضاف الملائكة ، وهو لا يدرى ، وكان ثمرة الضيافة الوعد بإسحق ، فإن هذه المرأة أخذت بركات الضيافة الموعود بها من اللّه ، .. لقد أراد أليشع أن يرد بعض الدين الذى فى عنقه تجاه هذه المرأة ، وهو رجل معروف للملك ولرئيس الجيش ، ولعله يستطيع أن يخدمها إذا كان لها من حاجة عند أحدهما ، .. والمؤمن ينبغى أن يبذل جهده وساطته من أجل أخيه المؤمن ، إذا كان ثمة حاجة يستطيع أن يعينه عليها ، ولا ضير البتة من هذه الوساطة ، بل إنه فى الواقع يكون مقصراً ، إذا رأى أحداً من اخوته المؤمنين فى ضيق أو حاجة دون أن يقدم على مساعدته ومعونته ، ... ولكن المرأة كانت من النوع المحبوب والمسالم ، فليس ثمة مشكلة من هذا القبيل ، ... كانت مشكلة المرأة ، وعلى وجه الخصوص فى تقاليدنا الشرقية ، أنها بلا ولد ، والأمر الذى يصل - كما ذكرت أيضاً إليصابات - إلى حد العار !! .. " لو 1: 25 " وكان وعد أليشع أن العاقر ستحتضن إبناً بمرور العام ، وجاء الابن ، ... وأصبح كالمشعل المضئ فى جنبات البيت، وكان يجرى بين البيت والحقل ، قرة عين لأبويه ، ... حتى أصيب بضربة شمس قضت عليه فى الحال ، ... وكان السؤال الذى قفز أمام ذهن المرأة ، وطرحته فيما بعد أمام أليشع فيما معناه : ألم يكن من الأفضل أن لا يوجد الولد أصلا ، من أن يأتى ثم يرحل على هذه السرعة المفاجئة !! ؟ وهل الأفضل أن لا يوجد الأمل فى الحياة ، مهما يكن حلواً أو عزيزاً أو مطلوباً !! ؟ أم أن يأتى ويلوح للإنسان كشعاع عظيم رائع من الضوء ، ثم لا يلبث أن يذهب ويتبدد ليترك وراءه الدنيا غارقة فى الظلام !! ؟ .. كانت تلك هى المشكلة وكان هذا هو المأزق ... ولم يكن هناك إلا الحل الواحد ، الذى أدركته الشونمية ، وأدركه أليشع ، وكانا ولا شك يعرفان ما فعل إيليا مع ابن أرملة صيدا عندما مات ، وأعاده مرة أخرى إلى الحياة ، ... قالت المرأة لزوجها الذى تساءل : لماذا تذهب إلى رجل اللّه فى غير ميعاد ، فلا رأس شهر أو سبت ؟ وقالت لجيحزى المسرع بأمر من أليشع الذى رآها من فوق جبل الكرمل ، ليسألها عن سر مجيئها المفاجئ ؟ ! ... قالت كلمة واحدة فى الحالين : سلام !! .. وكان من المستحيل أن يصل إليها السلام دون أن تواجه مشكلتها بدون الإيمان بقدرة اللّه وإحسانه وجوده وحبه وحنانه !! ... لم ترض المرأة أن يذهب جيحزى وهو يحمل عكاز أليشع ، إذ أن هناك - كما قال أحدهم - فرقاً بالغاً فيمن هو الرجل الممسك بالعكاز، أهو النبى أم جيحزى ؟ إذ أن الشئ الأعظم فى العظة هو الواعظ الذى يعظ بها ، وإذا كان الملك الفرنسى قد قال : " أنا الدولة " ، وكان جباراً طاغية ، فإنه فى المعنى الأصح والأدق ، يمكن للواعظ أن يقول : " أنا العظة " ، والمعلم " أنا الدرس"، .... وما كان للمرأة أن تأتمن جيحزى ، حتى ولو حمل عكاز أليشع ، .. والمعجزات العظيمة تحتاج إلى مؤمنين عظماء !! ... لقد أعطى أليشع - بالإيمان باللّه - الولد مرتين إلى أمه ، المرة الأولى بالميلاد والمرة الثانية بالإقامة من الأموات !! .. فإذا تحولنا إلى المعجزة التى واجه بها أليشع الطعام المسموم ، عندما كان يعلم فى الجلجال بنى الأنبياء ، وذهب واحد منهم ليلتقط بقولا فوجد يقطيناً برياً وضعوه فى القدر مع الطعام ، ولم يلبثوا أن صرخوا : " فى القدر موت يا رجل اللّه ، " " 2 مل : 40 "، وإذا بأليشع يضع الدقيق فى القدر ، فكأنه لم يكن شئ ردئ فى القدر ، ... وما أكثر ما تتكرر هذه الواقعة بالمعنى الروحى فى التعاليم الفاسدة التى يتناولها الإنسان كطعام الحياة ، وهو يظن أنه يأكل الدسم ، ثم لا يلبث أن ترتفع صرخته : " فى القدر موت يا رجل اللّه " !! ... حتى يأخذ خبز المسيح فى دقيق الإنجيل النقى ، وكأنه لم يكن شئ ردئ فى القدر ، ... فإذا أضفنا إلى هذه المعجزة بركة الرب فى خبز الباكورة الذى حمله رجل إلى أليشع ، وكان عشرين رغيفاً من شعير وسويقاً فى جرابه ، وإذ فزع خادم أليشع من أن يضع هذا أمام مائة رجل ، وقال : " هل أجعل هذا أمام مائة رجل ؟ فقال : أعط الشعب فيأكلوا لأنه هكذا قال الرب ، يأكلون ويفضل عنهم ، فجعل أمامهم فأكلوا وفضل عنهم حسب قول الرب " " 2 مل 4 : 43 " ... وهل نذكر الفارق البعيد بين عشرين رغيفاً وسويقاً من الفريك أمام مائة رجل ، ... وبين خمسة أرغفة وسمكتين أمام خمسة الاف ماعدا النساء والأولاد ، بين أليشع والمسيح له المجد ؟؟ !! ... فإذا تركنا هذه المعجزات جميعاً ، إلى الفأس العارية التى كان يستخدمها واحد من بنى الأنبياء ، وهم يجهزون مكاناً ليقيموا فيه على مقربة من الأردن ، وسقط الحديد فى الماء ، وخرج الشاب إلى أليشع ، إذ أنه كان قد استعار الفأس ، ولابد أن يردها ، ورمى أليشع قطعة من الخشب ، فطفا الحديد على الماء ، ... ومع أنه يعنينا هنا أن نتحدث عن رقة أليشع البالغة التى تهتم بأن تساعد المستعير على رد العارية ، مع أنه كان من الممكن الاعتذار بما حدث ، . غير أن أليشع يشجعنا على رد المستعار مهما كانت قيمته صغيرة أو كبيرة وفاء للأمانة ، التى يجب أن تكون من أوضح صفاتنا وسلوكنا كمؤمنين ، ... على أن الأمر الأعظم هو فى الحديد الطافى على الماء ، والذى يشير فى المغزى الروحى إلى انتصار النعمة الإلهية على من أغرقتهم آثام الخطية ، وشرورها وفجورها ، أو همومها ومتاعبها وآلامها ، وأنه مهما تكن الظروف ، فإن رسالتنا الدائمة أن ننفذ الغرقى ، وأن نرفعهم فوق خطاياهم أو متاعبهم إذا ما وجهنا أنظارهم إلى الخشبة العظمى التى علق عليها يسوع المسيح على هضبة الجلجثة !! .. أليشع والقوى الحارسة وكم نحتاج أن نتأمل أليشع مع غلامه فى دوثان ، لنرى الفارق بين البصيرة ، والبصر ، وبين المؤمن المدرب على الشركة المتعمقة مع اللّه ، والحديث الإيمان الذى لم يدخل إلى العمق فى الحياة الروحية !! ... نام أليشع وغلامه فى تلك الليلة فى دوثان، ولا نعلم ما الذى أيقظ الغلام فى الصباح الباكر ليرى المدينة الصغيرة محاصرة بجيش ثقيل للأراميين ، .. كان أليشع كرجل وطنى يحب بلاده ، قد دأب على تنبيه ملك إسرائيل فى حربه مع الأراميين إلى مواقعهم ومواطن الخطر التى يمكن أن يهاجموا منها ، إلى درجة أن ملك آرام ظن أن هناك خيانة ضده بين قواده وأتباعه ، ولكن واحد منهم بين له السر الكامن فى أليشع ، وفى قدرته على الكشف عن سرائر الملك وأعماله، ... وسمع الملك أن أليشع فى دوثان ، فأرسل مركباته وفرسانه وجيشاً ثقيلا وحاصر المدينة ليلا ، .. ولعل النظرة الدقيقة إلى الخطر الذى أحاط بأليشع ، يمكن أن تعطى صورة لفداحته ، وأكثر من ذلك ، إلى صورته النمطية المشابهة فى حياة الناس، فالخطر شئ قد يفاجئ الإنسان الهادئ الوادع الذى يستيقظ بين عشية وضحاها ، ليرى كل شئ قد انقلب رأساً على عقب ، ... لقد نام أليشع فى الليلة السابقة دون أن يخشى شيئاً أو يفزع من خطر ، وها هو الآن يرى الخطر حقيقة ماثلة أمام عينيه ، إن الزمن قلب ، والحياة متغيرة ، ولا أمان لإنسان فى أى زمان أو مكان من أن تأتيه الأخطار من هذا الجانب أو ذاك ، دون أدنى توقع أو استعداد ، ... وكان الخطر - أكثر من ذلك - هو خطر الإنسان الذى لا يدرى مؤامرات الآخرين ضده ، فهو ينام هادئاً ساكناً ، لا يعلم أن المؤامرات تحاك ضده فى الظلام ، ... وما أكثر ما يقع المؤمنون فى فخاخ لا يلبثون أن يجدوا أنفسهم مطوقين بها من كل جانب ، يدرون أو لا يدرون ، وتذهب كل حيطة فى خبر كان كما يقولون ، ... على أن الأمر الأقسى والأشد ، هو أن الخطر حدث بكيفية لا يمكن الإفلات منها أو دفعها ، .. لقد طوقت المدينة بجيش ثقيل جداً ولا سبيل حسب النظرة البشرية إلى الدفاع أو الخلاص من القوة المحاصرة !! .. ولأجل هذا فزع الغلام جداً ، ووصاح : " آه يا سيدى ، كيف نعمل !! ؟ " 2 مل 6 : 15 " ... ولم يفزع أليشع مثل الغلام ، وصلى إلى اللّه ليفتح عينى الغلام ، ويرى الجيش الحارس المرسل من اللّه للنجدة !! ... وهذا الجيش يتميز بسمات أساسية ، إذ هو أولا وقبل كل شئ الجيش الحقيقى . فى قصة الإلياذة والأوديسة - لمن قرأها - وفى سائر كتابات الإغريق والرومان والمصريين نرى الخيال الوثنى وهو يتحدث عن تلك الآلهة التى كانت ترف على الناس وتمنحهم المعونة والقوة والمساعدة ، فتأتى مثلا مينرفا إلى تليماك بن أودسيوس وتثير فيه حماسة البحث عن أبيه ، وتضفى عليه المهابة والجلال إزاء أعدائه ، بل تسخر له الريح والهواء والناس ، وتحفظه من الأعادى . هذا هو الخيال الوثنى ، أما كتاب اللّه الصادق فيرينا أن اللّه يرسل جيشاً حقيقياً من الملائكة المرسلين لخدمة العتيدين أن يرثوا الخلاص ، .. فالجيش الذى رآه أليشع وغلامه لم يكن صورة خيالية أملاها الوهم ، بل حقيقة لم يرها الغلام إلا بعد أن فتحت عيناه ، .. ولعله من اللازم أن ننبه ههنا ، إلى الحقيقة - التى كثيراً ما ينساها الإنسان - وهى أن المنظور فى الحياة ، هو أقل الأشياء ، وأن الإنسان عن طريق العدسات المكبرة أو المخترعات المختلفة ، أمكنه أن ينفذ ببصره إلى ما لم يكن يراه من قبل ، ... فإذا وضعنا هذه القاعدة ، فإننا نعلم - فى المعنى الروحى - أن هناك عالماً خفياً أعظم وأوسع وأرهب وأقدر من كل عالم مرئى منظور ومعروف بين الناس ، ... وأن البصر لا يستطيع أن يصل إلى هذا العالم أو ينفذ إليه ، وأن البصيرة الروحية ، هى التى يمكن أن تراه ، وهذه البصيرة هى التى فتحت عينا الغلام عليها ليرى الجبل مملوءاً خيلا ومركبات اللّه حول أليشع ، ... من الواضح أن هذا الجيش غير المنظور أقوى من كل جيش أرضى منظورة ، بل هو أقوى من جيوش الأرض مجتمعة معاً ، ويكفى أن قبضة ملاك واحد قضت فى ليلة واحدة على مائة وخمسة وثمانين ألفاً من جنود سنحـــاريب ، .. " 2 مل 19 : 35 " وقد كان هذا الجيش هو الجيش الحارث ، فإذا كان جيش آرام قد أحاط بدوثان ، ودوثان هذه مدينة فوق تل ، وقد أحاط بها معسكر ملك آرام فى السهل ، ووجد الغلام عندما فتحت عيناه ، أية قوة تقف بينه وبين الجيش الأرامى ، ... جيش آخر من نار ولا يستطيع جيش آرام أن يبلغه أو يبلغ أليشع ما لم يقتحم هذا السور من نار !! .. حقاً إن " ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم ... " مز 34 : 7 " وهذا الجيش جاء إلى أليشع وظهر له ، وهو يؤدى واجبه الموضوع عليه إزاء بلاده وشعبه ، ... وعندما نؤدى الواجب المطلوب منا ، سنجد ملائكة الله تساعدنا وتساندنا ... كان أبتلتيتوس الرواقى يقول : ضع غرضاً نبيلا أمامك واذكر اللّه وسر إلى الأمام ولا تخف . وعندما أحاط الخطر بأليشع أحاطت به القوى الإلهية الحارسة ، ويالها من قوى مباركة تسهر علينا سواء ندرى أو لاندرى !! كان استونول جاكسون من أعظم القواد الذين أنجبتهم أمريكا ، وقد قيل عنه أنه لم يكن يخاف على الإطلاق أى إنسان أو أى عدو ، وقد حارب جاكسون مرات متعددة فى ظروف من أقسى الظروف التى تمر بقائد ، وقد حدث عندما كان قائداً لجيوش الشمال فى الحرب الأهلية الأمريكية - وكانت الحرب فى أدق مرحلة من مراحلها - أن أرسل إلى راعى كنيسته رسالة ظنها أهل المدينة متعلقة بأنباء القتال ، ولذا قرأها الراعى بصوت عال ليجد القائد يقول له : " ياراعى العزيز لقد تذكرت اليوم أن المطلوب للعمل المرسلى فى الخارج قد جاء ميعاده ، وها أنا أرسله لكم ، وآمل أن يأتى اليوم عندما تنتهى هذه الحرب ، ويفوز الجانب الواقف إلى جانب الحق ، أن نذهب جميعاً إلى العمل الرئيسى فى الحياة الذى هو خلاص نفوس الناس " . وصف أليشع فى الكتاب تسعة وعشرين مرة بأنه رجل اللّه ، وقد كان حقاً الرجل الذى عاش ببصيرته الروحية يحمل رداء إيليا ، وهو الوحيد بين جميع الأنبياء والقديسين الذين امتدت معجزاتهم إلى ما وراء حياتهم ، إذ مس ميت عظامه فى قبره عندما طرحه حاملوه على عجلة خوفاً من غزاة موآب ، فقام وركض وراءهم " 2 مل 13 : 21 " . وكان هو مثل إيليا يحق له أن يوصف بالقول : مركبة إسرائيل وفرسانها، أو ذلك الجيش العظيم العرمرم الذى يصنعه اللّه من فرد ، لمجده العظيم فى الحياة وبين الناس !! . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
معجزات أليشع |
خرج بنو الأنبياء إلى أليشع |
عند باب أليشع |
أليشع النبي |
أليشع |