وُلد في ساموساطا Samosata بسوريا، وكان أبواه تقيين، درباه منذ نعومة أظافره على العبادة. انتقلا من هذا العالم ولم يكن لوقيانوس قد بلغ سوى إثنتي عشر سنة. وزّع لوقيانوس كل ما ورثه على المساكين وتتلمذ على يديّ مكاريوس في الرُها Edessa الذي كان يفسر الكتاب المقدس في مدينة أرفا. بين حياة الهدوء والخدمة:
أصبح خبيرًا عظيمًا في فن الفلسفة والبلاغة، وقد أعد نفسه لدراسة الكتب المقدسة، إذ كان مقتنعًا أن واجبه ككاهن يحتم عليه أن يكرس وقته ونفسه بالكامل لخدمة الله والناس، لم يكتفِ فقط باقتناء الفضائل بالكلام والقدوة ولكن تعهد بمراجعة الكتاب المقدس بعهديه حتى تتطابق ترجماته المختلفة. قام بمراجعة التوراة إما بمقارنتها بالطبعات القديمة أو عن طريق النسخة العبرية كونها اللغة التي كتب بها الكتاب المقدس، ومن المؤكد أن نسخة القديس لوسيان نالت تقديرًا عظيمًا، وكانت ذات فائدة عظيمة للقديس جيروم. التهب قلب لوقيانوس بمحبة الله، وكان يزهد كل شيء في العالم. يأكل مرة واحدة كل يوم عند الغروب، وأحيانًا كان يصوم سبعة أيام متوالية بلا طعام ولا شراب. وكان يقضي فترات طويلة صامتًا، يختلي مع الله. وإذا تحدث مع أحد كان حديثه حول الكتاب المقدس. اتجه إلى إنطاكية سوريا ليخدم الكنيسة هناك حيث سيم كاهنًا. هناك أنشأ مدرسة لدراسة الكتاب المقدس مجّانًا. وكان ينفق على نفسه من النسخ حيث اتسم بالخط الجميل وسرعة الكتابة. يقول القديس ألكسندروس بطريرك الإسكندرية أن القديس لوسيان تأثر لفترة طويلة ببولس الساموساطي الهرطوقي الذي أدين في إنطاكية عام 269 م.، فحُرِم من شركة الكنيسة لفترة، ولكن من المؤكد أنه مات في الشركة، وهذا يتضح من بقايا جواب كتبه للكنيسة في إنطاكية. اضطهاده:
إذ صار مكسيميانوس قيصرًا أرسل إلى إنطاكية تاوتيكس المُبغض للديانة المسيحية، فيهيج الرعاع على المؤمنين، وطلب من المسيحيين أن يسجدوا للأوثان وإلا تعرضوا للتعذيب. وإذ كان لوقيانوس مكرمًا من المسيحيين والوثنيين أراد الملك أن يحطمه فتتحطم معه الديانة المسيحية في إنطاكية. أُلقي القبض عليه وأتوا به إلى نيقوميدية عاصمة مملكته. هناك التقى بمكسيميانوس الذي سمع الكثير عن شخصية لوقيانوس القوية الجذابة. خشي قيصر من أن يتأثر بلوقيانوس فكان يتحدث معه عن بعد ويضع منديلًا على وجهه حتى لا يراه. تحدث معه خلال مترجم وصار يعده بأن يجعله شريكًا معه في الحكم وفي تدبير أمور البلاد إن عبد الأوثان، فأجابه لوقيانوس: "ما وعدتني به وكل ما هو أعظم منه ولو امتلاك كل ما في العالم من مجدٍ وفخرٍ، فإنه لا يوازي سعادة التعبد للسيد المسيح. لأنه باطلًا يربح الإنسان العالم كله إن خسر الإيمان به، فإنه بدون هذا الإيمان يخسر الإنسان نفسه ويهلكها أبدًا". إذ لم ينجح بإغرائه أمر بتعذيبه بقسوة، فضُرب بالسياط ووُخز بأسنة محمّاه، وأُلقي في السجن على أرض مفروشة بحجارة مسننة، وأوثقوا عنقه وساقية بقيود حديدية. أعيد للسجن وصدر قرار بمنع الطعام عنه، لكن بعد 14 يوم حيث كان على وشك الموت من الجوع قُدِّمت له اللحوم التي تقدم للأوثان، لكنه رفض تناولها أو حتى لمسها، ليس لنجاسته في ذاته إنما لأنه في هذه الحالة يعتبر شهادة بوثنية من يأكل منه. إذ قرب عيد الظهور الإلهي اجتمع حوله كثيرون من تلاميذه، جاءوا من إنطاكية لزيارته في السجن وينالوا بركته. كانوا قد اعتادوا أن يتناولوا من يديه في مثل هذا العيد. أخذ يعزّيهم وأقام لهم قداسًا إلهيًا، وإذ لم يوجد مذبح وضع القرابين على صدره بعد أن رفعوا رأسه قليلًا وهو منهك القُوى. وصلى تلاميذه وهم راكعون حوله، ثم ناولهم. في الغد أرسل قيصر إلى السجن ليروا إن كان حيًّا أم ميتًا. أُحضِر للمحاكمة للمرة الثانية، وفى هذه أيضًا كانت إجاباته على كل الأسئلة التي وجهت له هي "أنا مسيحي" وكان يكررها حتى وهم يعذبوه، وكرر ذلك ثلاث مرات وسلّم روحه بيد مخلصه في السجن إما بسبب الجوع أو بحد السيف كما يقول القديس ذهبي الفم، وذلك سنة 312 م.، ودفن في دريبانوم (هيلينوبوليس) Drepanum (Helenopolis).. عانى القديس من سجن طويل بسبب إيمانه، وكتب من حبسه يقول: "كل الشهداء يسلمون عليكم، أُعلِمكم أن البابا أنسيموس Anthimus أسقف نيقوميدية قد أنهى خدمته بالاستشهاد." وكان هذا عام 303 م.، لكن يوسابيوس يخبرنا أن القديس لوسيان قد استشهد بعد استشهاد القديس بطرس السكندري عام 311 م، ولذا يبدو أنه قضى حوالي تسع سنوات في السجن. وقد بنت القديسة هيلانة كنيسة عظيمة في نيقوميدية باسم هذا القديس.يعيد له الغربيون في 7 يناير (كانون الثاني).