|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وَلَكِنَّنِي أُرَاقِبُ الرَّبَّ، أَصْبِرُ لإِلَهِ خَلاَصِي. يَسْمَعُنِي إِلَهِي. [7] الفساد العام لا يبرر انزلاقنا في الشر؛ فإن كان لا يوجد إنسان واحد مستقيم بين الناس، يلزمنا مع ميخا النبي أن نتطلع إلى الرب ونترقب خلاصه. إذ يعترف الإنسان بشره وفساده ينفتح باب الرجاء في عمل الله الفائق. فإن الله كمحب للبشر، في غضبه، إنما يغضب على الخطية ولا يطيقها، أما عن جهة الخاطي فهو موضع حبه. لهذا بالتوبة الصادقة تميل أذنا الرب لتسمع أناته ويستجيب لصرخاته. إذ تطلع النبي إلى المجتمع المحيط به بدا الأمر خطيرًا للغاية، إذ صار كمريضٍ لا يُرجى شفاؤه، أما وقد رفع عيني قلبه لله، فرأى أبواب الرجاء المشرقة أمامه وترنمت أعماقه بالتسبيح والتمجيد لله واهب النصرة، والمشرق بنوره على الظلمات فيبددها. يعترف النبي بأن الله لم يتغير، هو الذي خلص في القديم، يخلص الآن، وسيخلص، فإنه يُسر بالرأفة ولا يحفظ إلى الأبد غضبه. * "طوبى لمن إله يعقوب معينه، ورجاؤه على الرب إلهه" (مز 146: 5). هل ترون غنى التشجيع والنصيحة؟ الآن إذ يُشير إلى التطويب، يقصد نوال كل البركات، ويظهر آفاق الرجاء. لهذا بعدما أشار إلى تطويب من يترجى الله، أظهر قوة المُعين، مبينًا أن الكائن البشري غير الله، واحد يهلك والآخر يبقى. ليس فقط يبقى هو بل وتبقى أعماله. لهذا أضاف الصانع السماوات والأرض البحر وكل ما فيها" (مز 146: 6)... ويضيف "الحافظ الأمانة إلى الأبد". هذا هو دوره؛ وهذه هي عادته؛ هذه هي سمة الله الخاصة به؛ أنه لا يتجاهل المخطئين، ولا يهمل الذين في محنة، إنما يرفع يده لصالح ضحايا المتآمرين، ويفعل هذا على الدوام. القديس يوحنا الذهبي الفم هكذا إذ تظلم الصورة جدًا أمام عيني رجال الله، يرفعون نظرهم إلى الله مترجين عمله، فهو إله المستحيلات، ليس من رجاء للخلاص إلاَّ في الله وحده مخلص العالم. لم يترجَ ميخا النبي إنسانًا ما ليصلح حال شعب الله، أو حال البشرية، إنما يتطلع إلى مخلص العالم وحده. هذا أيضًا ما عبر عنه المرتل في المزمور 146.* يقول النبي لكل شخصٍ بصفة عامة: لا تتكلوا على الرؤساء ولا على الأباطرة، ولا الحكام ولا قضاة هذا العالم (راجع مز 146: 3)... من هم الرؤساء؟ أبناء البشر. من هم أبناء البشر؟ هم الذين لا خلاص عندهم (مز 146: 3). "تخرج روحه فيعود إلى ترابه" (مز 146: 4). عندما يعود إلى ترابه، ماذا يحدث؟ "في ذلك اليوم تهلك أفكاره". كل اعتماد على الرؤساء باطل، كل خططهم تهلك... كثيرون يتكلون على رئيس. إنه موجود اليوم، غدًا لا يعود يوجد . القديس جيروم بقوله "أصبر لإله خلاصي" يعلن النبي أنه لا يلقي باللوم على الظروف المحيطة به، ولا على الله الذي سمح بالضيق، وإنما يتقبل تأديب الرب بصبرٍ لأجل خلاصه وخلاص إخوته. وكما يقول إرميا النبي في مراثيه: "لماذا يشتكي الإنسان الحيّ الرجل من قصاص خطاياه؟ لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب. لنرفع قلوبنا وأيدينا إلى الله في السماوات. نحن أذنبنا وعصينا" (مرا 3: 39-42). لنشكو أنفسنا ولا نشكو الأيام التي نعيشها. لنحتمل التأديب كدافع للتوبة، فنتمتع بالشركة مع "إله خلاصنا"، عندئذٍ "يسمعني إلهي". |
|