رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لاحظ نفسك أيها الخدام لأن هناك خدامًا كثيرين، وصلوا إلى مستوى كبير من شهرتهم وفي نشاطهم وفي سعيهم وراء الآخرين. وصارت لهم أسماء رنانة.. ومع ذلك نسوا أنفسهم وضاعوا. هم يخدمون من الخارج فقط.. ولكن داخلهم مفقود!! بعض هؤلاء الخدام كانوا يهتمون بأنفسهم قبل أن يصيروا خدامًا. فلما بدأوا الخدمة زحف الفتور إلى قلوبهم. لأنهم ظنوا أن مهمتهم صارت الاهتمام بالآخرين وليس بأنفسهم هم والبعض منهم وهؤلاء يقول الرسول لكل منهم: "لاحظ نفسك والتعليم".. ولماذا؟ "لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟" (مت26:16). ماذا يستفيد هؤلاء الخدام الذين يميتون أنفسهم في الخدمة، وإذ يهملون أنفسهم يخسرون الملكوت؟ ويظن الواحد منهم وهو في الخدمة، أنه قد أخذ راحيل، ثم ينظر فإذا هي ليئة.. خدام كثيرون وجدوا أنهم في الخدمة قد دخلت إلى حياتهم مشاكل وصراعات وإدانات ما كانوا يعانون منها من قبل. حقًا إن الخدمة ليست في جوهرها سببًا لكل هذه المشاكل والصراعات ولكن الذي لا يلاحظ نفسه، قد يصل إلى هذه الوضع أو إلى ما يشبه. ويجد أنه في الخدمة قد كثرت أخطاؤه، ونبتت خطايا جديدة لم يكن يشكو منها، أو كانت خافية ثم ظهرت. وربما يبدو أن الخدمة قد أصعدته إلى فوق، بينما هو في حقيقة الأمر قد هبط إلى أسفل، سواء شعر بذلك أو لم يشعر!! كلما يكبر في الخدمة تزيد مشغولياته وقد تزيد أيضًا أخطاؤه وكلما تزداد مسئولياته تمتص وقته كله، وبالتالي يهمل نفسه ولا يعطيها الغذاء الروحي اللازم لها. وهكذا ينزلق إلى تحت. وإن نصحته بترك الخدمة لكيما يلتفت إلى نفسه، ويحزنه ذلك جدًا، لأن الخدمة صارت بالنسبة له كل شيء في حياته، لا مكنه أن يحيا في المجتمع بدونها وليت مثل هذا الخادم يدرك حقيقة هامة وهي: الذي يوصل إلى الله، ليس الخدمة بل القلب النقي.. والخدمة الحقيقية ليست هي الخدمة التي تقل فيها روحيات الإنسان، وتظل تقل حتى تنتهي، لأن الإنسان عاش فيها بعيدًا عن نفسه. كل همه خارجها ينسى عبارة "ملكوت الله داخلهم" (لو21:17). ويحسب أن الملكوت هو خارج نفسه، وسط الناس..! في عمق أعماق الخدمة، كان القديس بولس الرسول يلاحظ نفسه ويتهم بروحياته. ولذلك أستطاع أن يقول في صراحة تامة: "أقمع جسدي واستعبده، حتى بعدما كرزت للآخرين، لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" (1كو27:9). ما أخطر هذه العبارة وما أوجعها أن يصير إنسان مرفوضًا من الله، على الرغم من كرازته للآخرين.. يصير كالجسر الذي يوصل من شاطئ إلى شاطئ بينما هو قابع مكانه لا يتحرك، ولا يصل إلى الشاطئ الآخر.. أو يصير كأجراس الكنائس التي تدعو الناس أن يدخلوا إلى الأقداس دون أن تدخل هي.. ليتك تخاف من عبارة "لئلا أصير أنا نفسي مرفوضًا"! إذن لاحظ نفسك لأن هناك خدامًا حياتهم الروحية لها شكل هرمي يرتفع أولًا حتى يصل إلى قمته، ثم ينحدر إلى أسفل نازلًا من ارتفاعه..! يصبح وقتهم ليس لهم، واهتمامهم أيضًا ليس لهم، وكذلك عاطفتهم.. كل الوقت والاهتمام والعاطفة يتحول إلى ما يسمونه الخدمة! أما روحياتهم الخاصة، فلا يجدون لها وقتًا على الإطلاق، ولا توجد رغبة في قلوبهم للاهتمام بها..! وربما يظن بعضهم أن هذا لون من بذل الذات لأجل الآخرين! بذل الذات فضيلة بلا شك. ولكن بذل الروحيات خطيئة وضياع.. ويوحنا المعمدان: عندما قال "ينبغي أن ذاك يزيد وأني أنا أنقص" (يو30:3). لم يقصد مطلقًا أنه ينقص في الروحيات أو محبة الله! كلا، بل ينقص من جهة الكرامة والخدمة والظهور. أما روحياته فكانت تزيد باختفائه لكي يظهر المسيح مكانه، ويتولى دفة الكنيسة بنفسه، يتسلم العروس.. وهكذا كان يوحنا يزيد فيما كان يبدو أنه ينقص!.. كان يزيد في اتضاعه وفي محبته لله وفي إيمانه بالمسيح وعمله.. لاحظ نفسك. فإن وجدت روحياتك تقل في محيط الخدمة، اتخذ موقفًا لإنقاذ نفسك: لا تقطع من روحياتك لكي تعطي للخدمة وأيضًا لا تقطع الخدمة وتوقفها من أجل روحياتك.. إنما أقتطع من الوقت الضائع وقدمه لروحياتك، واقتطع أيضًا من مشغولياتك العالمية أو العلمانية لكي تهتم بروحياتك. قم من غفلتك هذه، وافهم الخدمة على حقيقتها إنها ليست دوامة تدور فيها نفسك، دون أن تعرف أين أنت! أمثلة للضياع في الخدمة تحت هذا العنوان نقدم نوعين: نقدم أمثلة من أشخاص، وأمثلة من أخطاء. الأبن الضال الكبير (لو15) كان مثلًا واضحًا حينما رفض أن يشترك في الفرح برجوع أخيه، بل احتج على ذلك، وكلم أباه بروح الانتقاد والشكوى والتذمر، قائلًا له "ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم تعطني جديًا لأفرح به مع أصدقائي، وإبنك هذا" وإذا به بعد سنين هذا عددها في الخدمة، يصل إلى هذا المستوى الساقط! فهو مركز حول ذاته، وهو ساخط على وضعه، ويقارن نفسه بأخيه، ويغضب لأن أخاه في موضع الرضى وقد فرح به كل أهل البيت.. بينما هو ليس في شركة مع الآب! وما أكثر الخدام الذي يعيشون في نفس هذا المشاعر، على الرغم من طول خدمتهم. لذلك يقول الرسول لكل منهم: لاحظ نفسك.. في الخدمة أيضًا سقط سليمان، مع أنه كان من قبل ممتلئًا حكمة.. وكان قد بدأ خدمته بروح عجيبة، وقام بأعمال عظيمة. وتراءى له الله مرتين: في جبعون وفي أورشليم. ولكنه إذ لم يلاحظ نفسه سقط (1 مل 11). وأبونا داود أيضًا الذي حلَّ عليه روح الرب (1 صم 16)، وكان رجل صلاة ومزامير، إذ لم يلاحظ نفسه لما كبر في الخدمة، سقط أكثر من مرة وتاب.. ديماس كان خادمًا كبيرًا من أعوان بولس الرسول، وإذ لم يلاحظ نفسه سقط وانتهى (2 تي 4: 10). ونيقولاوس كان أحد الشمامسة السبعة المملوءين من الروح القدس وسقط! هناك أمور عديدة يسقط فيها الخادم الذي لا يلاحظ نفسه، وفي مقدمتها الكبرياء. الخادم الروحي يحتفظ بتواضع قلبه ويحب كل حين أن يتعلم ويزداد معرفة. ولكن يحدث أن البعض حينما يكبرون تكبر قلوبهم، ويفقدون تلمذتهم. ثم يعتزون برأيهم الخاص وبأفكارهم الخاصة. ولا يسترشدون بأحد. وقد يسألون أحيانًا أحد المرشدين لمجرد معرفة رأيه، دون التقيد بالسير حسب هذا الرأي؟ ثم يتطورون من حب التعلم واستلهام الطريق إلى المناقشة والمجادلة، ثم إلى المعارضة والتشبث بالرأي، ثم إلى الإدانة وتحطيم الغير. وبعضهم قد ينتهي به الأمر إلى التأله، فيقدم فكره وكأنه عقيدة ولا يقبل مناقشة فيه ولا يتحمل معارضة، ويثور على كل من يخالفه في شيء من الخدمة. ويأتي وقت قد يفرض فيه رأيه فرضًا. ويصف كل من يخالف الرأي بالعناد والعصيان.. أليس من الأصلح لمثل هذا الخادم أن يلاحظ نفسه أولًا ليرى أين هو؟ وإلى أين يسير؟! وكثير من الخدام كلما كبروا، يلاحظ أن أعصابهم قد ضعفت، وأصبحوا يثورون! تكثر انتهاراتهم للغير، ويكثر توبيخهم وغضبهم. ولا يعودون يحتملون أخطاء الغير. وإن نبهوهم إلى هذه الأخطاء، يكون تنبيههم في عنف، وربما بأسلوب جارح وفي غير احترام لشعورهم، وتكثر إدانتهم للآخرين. وفي كل ذلك يفقدون وداعتهم ويفقدون اتضاعهم.. وتضيع صورتهم البشوشة ومعاملتهم الطيبة.. وبعض هؤلاء يكثر صياحه ويعلو صوته، ويكثر أمره ونهيه ويملكه روح التسلط. ومثل هذا يحتاج بلا شك إلى عبارة "لاحظ نفسك" قوانين الكنيسة تشترط في الأسقف أنه لا يكون غضوبًا. وهذا هو تعليم الكتاب أيضًا (تي7:1). وهذا الوصف أيضًا للقسوس والشمامسة وكل الخدام.. كيف تلاحظ نفسك؟ 1. ضع هذا في فكرك وقلبك باستمرار أنك تهتم بنفسك وأبديتك. وأن النعيم الأبدي لا يمكن أن تناله إلا بنقاوة القلب وعمق صلتك بالله. وأنك إن خسرت نفسك خسرت كل شيء وإن ربحتها ربحت كل شيء. 2. واعرف أنك إن لاحظت نفسك سوف تلاحظ التعليم أيضًا. بل إن نفسك ذاتها هي التعليم. هي الدرس والقدوة والعظة والنموذج الحي.. الأم والأب هما أول درس يتلقاه الطفل في حياته الروحية. والزوجة المتدينة هي درس عملي لزوجها.. تجذبه معها إلى الله والخادم أو المدرس هو الدرس والقدوة بالنسبة إلى أولاده وتلاميذه. يتعلمون من حياته أكثر مما يتعلمون من عظاته.. 3. لذلك إن أردت أن تهتم بتلاميذك وتهتم بالتعليم، ضع أماك قول الرب: "من أجلهم أقدس أنا ذاتي، ليكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو17). وطبعًا هذه العبارة تؤخذ على الرب بمعنى، وعلى الخدام بمعنى آخر. المهم أن تتقدس حياتك للرب كلما تكون خدمتك ناجحة ومثمرة. لأنك لا يمكن أن تعطي غيرك من فراغ. وإنما كن كما نقول دائمًا في مجال الخدمة "لا يفيض إلا الذي امتلأ". فلكي تفيض على غيرك ينبغي أن تمتلئ أولًا.. 4. ولكن لا يمكن غرضك من الامتلاء هو أن تفيض على غيرك. إنما امتلئ لأن هذا الامتلاء متعة روحية لك.. امتلئ بالحب، امتلئ بالروح، أمتلئ بالمعرفة، لأن الحب هو حياتك وفكرك. ومعرفة الله هي أعمق تغذي الروح وتعطيها متعة روحية، هنا وفي الأبدية (يو3:17). اقرأ من أجل روحياتك، وليس لكي تحضر درسًا، أو لكي تنفع الآخرين بمعلوماتك! 5. وعندما تلاحظ نفسك، لاحظ أفكارك ومركز الله فيها. استوقف عقلك بين الحين والحين، لكي تعرف أين تجول أفكارك. وإن سرحت أعرف في أي موضوع تسرح ولماذا؟ وماذا تختبئ وراء ذلك من مشاعر. وتذكر أن الأب الكاهن يسأل الشعب في القداس الإلهي ويقول لهم: "أين هي عقولكم؟" فيجيبونه قائلين" هي عند الرب" ليت هذه الإجابة تكون صادقة وسليمة في كل وقت. ولتكن لك باستمرار يقظة العقل.. وإن سرحت بك أفكارك، اجمعها بسرعة وقل لنفسك "أنا اضطجعت ونمت ثم استيقظت" (مز3). وليتك تقول في ذلك أيضًا "أنا استيقظ مبكرًا" (مز56). 6. وكما تلاحظ أفكارك.. لاحظ حياتك كلها، وتصرفاتك.. لاحظ تعاملاتك مثلًا مع الناس.. ولاحظ مدى روحانية تصرفاتك. وفي كل خطوة تخطوها اسأل نفسك- أين أنا الآن؟ حاسب نفسك جيدًا. بدون تبريرات وبدون أعذار ولا تجامل ذاتك في أمر من الأمور وأذكر قول القديس مقاريوس الكبير "احكم يا أخي على نفسك قبل أن يحكموا عليك..". 7. لاحظ أيضًا أهدافك وكذلك وسائلك: هل لك أهداف عالمية؟ هل ذاتك؟ هي أهم أهدافك؟ أم لك هدف واحد هو الالتصاق بالله. ومعه لا تريد شيئًا على الأرض؟ وهل انحرفت بك الأهداف؟ هل أصبح من أهدافك المال أو الشهرة أو السلطة أو العظمة أو الترف أو مجرد العلم والمعرفة؟ وما هي الوسائل التي تحقق بها أهدافك؟ أهي وسائل روحية؟ أم دخل فيها التحايل والخطأ؟ 8. لاحظ مستواك: أهو المستوى الجسداني؟ أم المستوى الروحي؟ أم الاجتماعي؟ قد تكون فضائلك كلها اجتماعية لا دخل للروح أو لمحبة الله فيها. وقد تكون مجرد فضائل جسدانية بلا روح. وربما لا تكون قد وصلت إلى هذا المستوى أو ذاك. فليتك تعرف أين أنت؟ وتعرف مدى ممارستك لوسائط النعمة. 9. لاحظ أيضًا أخطاءك.. لا تجعلها تمر عليك سهلة.. أو بدون علاج.. الإنسان الروحي قد يسقط، ولكنه يدرك سقطته ويندم عليها. وبسرعة يقوم. كما أنه يحتاط للمستقبل حتى لا يتكرر سقوطه. فهل أنت كذلك؟ أم أنك تسقط وتستمر في سقوطك. وقد تتحول إلى أسوأ. أو قد تتأقلم مع الأخطاء وتصبح عادات لك. أو تدخل في طباعك فتتطبع بها. وتحاول أن تفلسفها. وتبررها كسلوك سوي..! 10. لاحظ نفسك أيضًا من جهة النمو الروحي. الحياة الروحية هي رحلة نحو الكمال.. يتقدم فيها الإنسان باستمرار. حتى يصل إلى الصورة الإلهية التي خلق بها (تك27:1). فهل أنت في كل يوم تمتد إلى قدام؟ أم وصلت إلى مستوى معين في الروحيات وتجمدت عنده؟ أنظر إلى نفسك؟ هل أنت سائر في الطريق الروحي؟ أم أنت واقف؟ أم أنت راجع إلى الخلف؟ وهل تنمو من جهة الكمية والنوعية؟ أم هو نمو شكلي؟ كمن يزيد عدد صلواته، ولكن بغير عمق، بغير روح، بغير فهم ولا تأمل، بغير حرارة ولا خشوع، بغير إيمان بغير اتضاع!! |
09 - 12 - 2021, 03:53 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: كيف تلاحظ نفسك أيها الخدام
فى منتهى الروعه الرب يفرح قلبك |
||||
22 - 01 - 2022, 01:49 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كيف تلاحظ نفسك أيها الخدام
شكرا على المرور |
||||
10 - 04 - 2022, 01:27 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | |||
فرحتى انى انضميت معاكم
|
رد: كيف تلاحظ نفسك أيها الخدام
ربنا يباركك
|
|||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ألا تلاحظ معى أيها الحبيب طول أناة الله ورأفته |
إفحص نفسك أيها الحبيب وقدس نفسك بالتوبة |
أيها الخدام |
كيف تلاحظ نفسك؟ |
أيها الخدام والخادِمات |