رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يونان تحت اليقطينة "فأعد الرب الإله يقطينة فارتفعت فوق يونان لتكون ظلاً على رأسه لكي يخلصه من غمه، ففرح يونان من أجل اليقطينة فرحًا عظيمًا. ثم أعد الله دودة عند طلوع الفجر في الغد فضربت اليقطينة فيبست، وحدث عند طلوع الشمس أن الله أعد ريحًا شديدة فضربت الشمس على رأس يونان فذبل وطلب لنفسه الموت، وقال: موتيّ خير من حياتي" [٥– ٨]. ماذا أراد الله بهذه اليقطينة التي أعدها الرب الإله ثم أعد لها الدودة لتضربها؟ أولاً: بلا شك اليقطينة هي الشعب اليهودي الذي قال عنه الرب: "أنت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها ولا ربيتها التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت" [١٠]. إن كان يونان قد فرح باليقطينة فرحًا عظيمًا [٦]، إذ كان محبًا لشعبه بشده، لكن ليس له فضل في هذه اليقطينة... لم يزرعها ولا تعهدها ولا سهر عليها، أما الله فهو الذي أقام إسرائيل وتعهده، أخرجه من عبودية فرعون، وقدم له الشريعة، دخل به إلى أرض الموعد وأعطاه النبوات ولم يتركه معتازًا شيئًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). وكما عاتبه الرب قائلاً: "والآن يا سكان أورشليم ورجال يهوذا أحكموا بينيّ وبين كرمي، ماذا يُصنع أيضًا لكرمي وأنا لم أصنعه له؟!" (إش ٥: ٣-٤). كان يليق بيونان الذي يمثل جزءًا صغيرًا من أحد فروع هذه اليقطينة ألاَّ يغتم ويغتاظ فإن الذي أقام اليقطينة واختارها وتعهدها هو الله نفسه الذي أرسله إلى نينوى ليرعاها أيضًا خلاله! لقد دعاها "بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت" [١٠]، لم تكن "بنت نهار" أو "بنت نور"، بل "بنت ليلة" لأنها رفضت مخلصها شمس البرّ، وأحبت الظلمة أكثر من النور. وكما يقول القديس يوحنا الإنجيلي: "كان النور الحقيقي الذي يُنير لكل إنسان آتيًا إلى العالم... إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله، وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه" (يو ١: ٩–١٢). ثانيًا: أقام الله ليونان يقطينة ليسحبه من مظلته التي هي من صنع يديه، وكأنه يسحب الإنسان من بره الذاتي لكي ينعم بظلال هي من يد الله خالقه وراعيه. لكن كان لزامًا لليقطينة أن تجف ليقيم عوض هذه الشجيرة الضعيفة خشبة الصليب التي تستظل تحتها الكنيسة لتنعم بفرح الإنجيل، قائلة: "تحت ظله اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة لحلقي" (نش ٢: ٣). إن كان يونان قد خرج إلى شرق المدينة ينتظر بروح النبوة إشراق شمس البرّ (ملا ٤: ٢) الذي يُضيء لا على إسرائيل وحده بل وعلى كل الأمم، فقد فرح جدًا باليقطينة إذ تمتع إسرائيل بالشريعة والنبوات لتقوده إلى مخلصه، لكنه لم يكن قادرًا أن يقبل زلة إسرائيل كطريق لانطلاق الإيمان إلى الأمم لذا أغتم على اليقطينة اليابسة، فقد أراد أن يعيش تحت الرموز وبين ظلال النبوات كملجأ له ولم يدرك أنها طريق ينطلق به إلى مشتهى الأمم. إن كان الناموس هو قائدنا للمسيح كقول الرسول بولس، لكن إسرائيل تمسك بحرفية الناموس وشكليات العبادة رافضًا خشبة الصليب المحيي. أقول، لتخرج نفوسنا إلى المشارق لتنعم باشراقات الرب عليها، لتجف يقطينة الحرف القاتل لتنعم بالروح المحيي، ونتقبل في داخلنا مشتهى الأمم كسرّ استنارتنا وبهجتنا وشعبنا! ثالثًا: إذ سبق الله فتحدث مع يونان خلال النوء العاصف والسفينة التي تتخبط والبحارة الأمميين والقرعة والحوت يحدثه الآن خلال اليقطينة الضعيفة والريح الشرقية والدودة المحطمة لليقطينة. الله يتحدث في كل مرحلة باللغة التي يتجاوب معها الإنسان ويتفهمها، فيحن كان يونان ثائرًا في قلبه على قرار الله نحو نينوى متخذًا قرارًا بالهروب حدثه الله بلغة العنف اللائق بالقلب العنيف. حدثه بلغة النوء ليدرك ثورته الداخلية، ولغة البحارة الأمميين ليدرك أنه عرج عن روح الإيمان، وحدثه بالسفينة التي تتقاذفها الرياح ليكتشف قلبه الذي كاد يجنح وسط بحر هذا العالم، وتكلم معه خلال الحوت ليدرك الهوة التي أنجرف إليها والأعماق التي ابتلعته والسجن الذي أقام فيه نفسه... والآن إذ خرج يونان هزيلاً ليس فيه قدرة على المقاومة حدثه باليقطينة الشجيرة الضعيفة والدودة المفسدة ليدرك أنه ليس إلاَّ شجيرة ضعيفة تحطمها دودة الجحود وعدم التسليم. في اختصار نقول أنه باللغة التي يحدثنا بها الرب نكتشف أعماقنا الخفية. رابعًا: يرى القديس هيبوليتس الروماني أن الرياح الشرقية الحارة التي أعدها الله تُشير إلى ضد المسيح الذي يخرج من الشرق بسماح إلهي مقاومًا الكنيسة قبيل مجيء الرب الأخير. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أنا يونان اللي شفقت على اليقطينة اللي ماتعبتش فيها |
فرح يونان في كل سفره سوى لأجل هذه اليقطينة |
يونان مع اليقطينة |
فرح يونان من أجل اليقطينة |
اليقطينة |