رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أحبّاء الله في رومة بولس مدعوّ، وجماعة رومة هم »مدعوُّون ليكونوا قدّيسين« (رو 1: 7). فالمؤمنون كلُّهم مدعوُّون إلى القداسة، التي بدونها لا نستطيع أن نرضي ربَّنا. بدأ بولس فهنَّأ كنيسة رومة »لأنَّ إيمانكم ذاع خبرُه في العالمِ كلِّه« (رو 1: 8). فرومة عاصمة الإمبراطوريَّة. إليها وصل الإنجيل كما وصل إلى أنطاكية والإسكندريَّة قبل أن يصل إليها الرسل. ومنها يستطيع الإنجيل أن ينطلق، بل إنَّ الرسول أراد أن ينطلق منها لكي يحمل البشارة إلى إسبانية (رو 15: 24). فكما انطلق شاول (بولس) مع برنابا من أنطاكية مزوَّدًا ببركة الجماعة (أع 13: 3)، كذلك استعدَّ لأن يجعل من رومة مركز الانطلاق الجديد بحيث تصل البشارة »إلى أقاصي الأرض« (أع 1: 8). وأقاصي الأرض هي جبل طارق أو »عمود هرقل« الذي يُسند الأرض في زاوية من زواياها. واشتاق بولس لكي يرى هذه الكنيسة (رو 1: 11أ) وفيها من فيها من المسيحيّين المعروفين: بريسكيلا وأكيلا، أبينيتوس الحبيب، مريم، أندرونيكوس ويونيّا... (رو 16: 3ي). كما اشتاق أن يشارك هذه الجماعة في إيمانها (آ11ب)، وفي ما نالته من مواهب سوف يذكرها فيما بعد: موهبة النبوءة، موهبة الخدمة، موهبة التعليم، موهبة الوعظ، موهبة العطاء، موهبة الرئاسة، موهبة الرحمة (رو 12: 6-8). يبقى عليها أن تنسِّق هذه المواهب بحيث يعرف الجميع أنَّ النبع هو واحد: الروح القدس (1 كو 12: 5)، وأنَّ كلَّ عمل إنَّما هو من أجل بناء الجماعة (1 كو 14: 26)، لا من أجل بناء شخصنا في أنانيَّة قاتلة (آ4). وفي النهاية، العامل الحقيقيّ لا يمكن أن يكون الإنسان بحيث يفتخر بما نال من مواهب (1 كو 1: 23). بل »الله الذي يعمل كلَّ شيء في الجميع« (1 كو 12: 6). ونلاحظ تواضع الرسول تجاه تلك الجماعة التي ارتبطت ببطرس بحسب التقليد المسيحيّ، والتي منها أرسلت رسالة بطرس الأولى. »كنيسة بابل (هي ترمز إلى رومة، عاصمة الإمبراطوريَّة، رؤ 17: 5)، وهي مثلكم مختارة من الله، تسلِّم عليكم« (1 بط 5: 13). ما قال الرسول: »جئتُ لكي أشجِّعكم، لكي أقوِّيكم« بل »ليشجِّع بعضنا بعضًا... بالإيمان المشترك بيني وبينكم« (رو 1: 12). حين كتب بولس إلى كنيسة تسالونيكي قال لهم: »أرسلنا تيموتاوس... ليشجِّعكم ويقوّي إيمانكم لئلاّ يتزعزع أحدٌ منكم في هذه الشدائد« (1 تس 3: 2-3). أمّا هنا، فبولس يطلب التشجيع من أجل الرسالة الجديدة التي يتطلَّع إليها، ومن أجل الصعوبات التي قد تعترضه حين الذهاب إلى اليهوديَّة وأورشليم (رو 15: 25). كما يطلب الصلاة: »فأناشدكم، أيُّها الإخوة، باسم ربِّنا يسوع المسيح وبمحبَّة الروح، أن تجاهدوا معي برفع صلواتكم إلى الله، من أجلي، لينقذني من أيدي الخارجين على الإيمان في اليهوديَّة، ويجعل خدمتي مقبولة عند الإخوة القدّيسين« (آ30-31)، أي الإخوة الذين في أورشليم. أجل، بولس ضعيف وهو يطلب معونة من المؤمنين، الصلاة وربَّما أكثر من الصلاة. فهل تلبّي الجماعة طلبه؟ وفي أيِّ حال، سوف تبدأ الصعوبات بالنسبة إلى بولس في أورشليم، فيصل إلى رومة »كسجين المسيح« (غل 4: 1: السجين في الربّ). فتأتي الجماعة وتستقبله في »ساحة مدينة أبيّوس والحوانيت الثلاثة« (أع 28: 15أ). ويقول لنا لوقا، صاحب سفر الأعمال: »فلمّا رآهم بولس شكر الله وتشجَّع« (آ15ب). فرح بولس بجماعة رومة وهنّأها، ولكنَّه مارس معها »موهبة النبوءة«. فالنبيّ هو الذي يدخل في سرِّ الله ويكشفه للمؤمنين. والنبيّ لا يخاف أن يقول الحقيقة ولو كلَّفه السجن والعذاب والموت. وبولس جاء في خطِّ الأنبياء فندَّدوا بخطايا الشعب الذين استندوا إلى »الهيكل« (إر 7: 4). »فخدعوا أنفسهم، وما أصلحوا طرقهم وأعمالهم، ولا قضوا بالعدل بين الواحد والآخر، بل جاروا على الغريب واليتيم والأرملة، وسفكوا الدم الزكي« (آ5-6). وخطايا مدينة رومة كبيرة سواء لدى الوثنيّين أو لدى اليهود. فالوثنيّون غاصوا في عبادة الأوثان، وما اكتفوا »بصور على شاكلة الإنسان الفاني« بل تطلَّعوا أيضًا إلى »الطيور والدواب والزحّافات« (رو 1: 23). وبسبب هذا الضلال تنكَّروا لله، فما اكتشفوا »صفاته الخفيَّة، أي قدرته الأزليَّة وألوهيَّته« (آ20). هم »ما مجَّدوا الله ولا شكروه، بل زاغت عقولهم« (آ21). والنتيجة: عيش الزنى بأشكاله: »فاستبدلت نساؤهم بالوصال الطبيعيّ الوصال غير الطبيعيّ. وكذلك ترك الرجال الوصال الطبيعيّ للنساء والتهبَ بعضُهم شهوة لبعض، وفعل الرجال الفحشاء بالرجال ونالوا في أنفسهم الجزاء العادل لضلالهم« (آ26-27). صورة قاتمة عن جماعة رومة. استوحاها الرسول ممّا يرى في كورنتوس من زنى وفجور، بحيث اخترع الكتّاب من اسم المدينة فعل »كرنتس« ليصوِّر هذه الحالة التي قرأناها في بداية الرسالة إلى رومة. أتُرى المؤمنون في رومة لم يتركوا بعدُ العادات الوثنيَّة، مثل إخوتهم في كورنتوس الذين يعيِّدون مع الوثنيّين في ظلِّ معابد الآلهة ويأكلون اللحوم المكرَّسة لهذه الآلهة الكاذبة؟ (1 كو 10: 14-22). ولمّا رسم بولس الحالة التي وصل إليها الوثنيّون، ظنَّ الهيود أنَّهم أفضل منهم ولكنَّهم أخطأوا. فإذا كان الوثنيّون »بلا عذر« (رو 1: 20) لأنَّهم عرفوا الله ولكنَّهم رفضوه (آ28). »وامتلأوا بأنواع الإثم والشرِّ والطمع والفساد« (آ29)، فاليهود ليسوا أفضل منهم. قال الرسول: »لذلك لا عُذرَ لك أيٌّا كنتَ، يا من يدين الآخرين ويعمل أعمالهم« (رو 2: 1). فهذا »اليهودي« الذي يمثِّل اليهود في كنيسة رومة، يشبه الفرّيسيّ الذي أتى يصلّي في الهيكل: »ما أنا مثل سائر الناس الطامعين الظالمين الزناة« (لو 18: 11). حكمَ هذا الفرّيسيّ بشكل خاصّ على »هذا العشّار« الذي يجبي الضرائب فيظلم الفقير ويبني الثروات الطائلة بعد أن يعطي الدولة الحاكمة حقَّها. واليهود، في زمن بيلاطس، حكموا على الوثنيّين. فأحدرهم الرسول من عليائهم: هم ليسوا أفضل من الوثنيّين. »دينونة الله« (رو 2: 2) تصيب الوثنيّين وتصيب اليهود أيضًا. »وأنت، يا من يدين الذين يعملونها ويفعل مثلهم، أتظنُّ أنَّك تنجو من دينونة الله؟ أم أنَّك تستهين بعظيم رأفته وصبره واحتماله، غير عارف أنَّ الله يريد أن يقودك إلى التوبة؟« (آ3-4). أيُّها الكاهن، اعرف رعيَّتك! شجِّع حين يجب التشجيع، ونبِّه حين يجب التنبيه. في وقته وفي غير وقته. ولا تخف أن تمارس رسالتك النبويَّة لأنَّه يأتي وقت يرفضون التعليم الصحيح »فيتبعون معلِّمين يكلِّمونهم بما يُطرب آذانهم« (2 تم 4: 3). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كلَّم الرسول مؤمني رومة عن هذه المحبَّة التي أفاضها الله في القلوب |
ثمن تبريرنا (رومة 3: 25) |
القديس يوحنا لنكن أحبّاء المسيح |
رولة الموهومة |
اجمل ما رنمت فيروز ترنيمه يا ام الله اكتر من رائعه |