رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دانيال والفكر اللاهوتى فى سفره ليس من السهل الإفاضة فى تفسير الروئ التى جاءت فى السفر ، واختلفت حولها الأفكار والنظريات ، غير أننا نود أن نمر فى عجالة على ارتباط هذه الروئ بالمستقبل، إن الستة الأصحاحات الأولى فيه تاريخية ، والستة الأخرى نبوية ، ... والسفر كله تاريخ يرتبط بالنبوة ، وونبوات تمد جذورها فى التاريخ ، وقد اعتقد البعض أن السفر كتب متأخراً بعد زمن طويل من دانيال ، لأنه أورد حقائق تاريخية لاحقة لدانيال ، كمثل حديثه عن التيس العافى ملك اليونان ، أو الإسكندر ذى القرنين ، وقد نسوا - أو تناسوا - أن النبوات ليست إلا إعلاناً عن مسرحية التاريخ الواضحة الرؤية أمام عين اللّه حتى آخر الأيام !! ... وقد قال يوسيفوس المؤرخ اليهودى ، إن الإسكندر كان غاضباً على اليهود ، .. ولكنه عندما أحضروا نبوة دانيال ، واروه حديث النبوة عنه ، تحول فرحاً مبتهجاً بالنبوة ، وغير معاملته لهم ، وأحسنها إلى حد بعيد ، ... وليس فى وسعنا الآن أن نناقش هذه النبوات ، التى اختلفت حولها الشروح والتفاسير ، ولكنها من الواضح كانت حول الممالك الأربع العالمية التى سبقت المسيحية : البابلية ، ومادى وفارس ، واليونان ، وروما بقرونها العشرة - حتى جاء المسيح ، الحجر الذى قطع بغير يدين ليسحق هذه الممالك ، ويقيم مملكة اللّه التى سترث الأرض وما عليها وتملأ كل مكان فيها ، إذ يتحول الحجر إلى الجبل العظيم ، ... « فى أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفنى كل هذه الممالك ، وهى تثبت إلى الأبد » " دا 2 : 44 ". ومن الواضح أن النزاع الفكرى قد امتد وتشعب ، إلى درجة أن بعضهم يصر على أن المملكة الرابعة ليست هى الرومان ، بل هى اليونان ، ... وأن النزاع كله يقوم حول حقيقة المملكة الرابعة ، وهل انتهت وانقرضت ، أم أنها قامت فى صور أخرى صورها البعض فى البابوية ، وغيرهم فى أديان أخرى ، كما يقول ابن عزرا . ووقف آخرون ليناقشوا التفاصيل المتعددة المختلفة ، غير أنه مهما كان من خلاف ، فمن الواضح أنه مرت سبعة أسابيع سنين ، وأربعمائة وتسعون سنة ما بين النبوة ومجئ المسيح وصلبه ، وأن الدولة الرومانية كانت آخر دولة عالمية وثنية قبل مجئ المسيح ،.. وكما يقول اسحق نيوتن : « إن الذين ينكرون نبوات دانيال ، ينكرون المسيحية التى قامت وتأسست على مسيحها الذى تنبأ عنه دانيال بكل وضوح » وقال آخر : لقد حاول شرلمان وشارل الخامس ونابليون ، إقامة الامبراطورية العالمية الخامسة عبثاً ، وكل الحركات أو الموجات التى جاءت بعد ذلك ، لا يمكن أن تغير من الحقيقة التى قالها السيد : « ابنى كنيستى وأبواب الجحيم لن تقوى عليها » ... " مت 16 : 18 " . فإذا جئنا إلى آخر السفر ، فنحن نقف أمام واحد من أقدم وألمع الأحاديث عن القيامة من الأموات ، ... ومع أن الأصحاح الحادى عشر كان يشير على الأغلب إلى انتيوخس أبيفانيس ، والاضطهاد المرير الذى سيوقعه باليهود ، ... لكن اللّه لن يتركهم بين يديه ، بل سيقف فى مواجهته ميخائيل الرئيس العظيم لينجى الشعب ، كل من يوجد مكتوباً فى السفر ، ومن المسلم به أن اليهودى الحقيقى كان يؤمن بسفر التذكرة أمام اللّه الذى تكتب فيه قصته وحياته وأعماله ، وقد قال موسى : « والآن إن غفرت خطيتهم ، وإلا فامحنى من كتابك الذى كتبت ، فقال الرب لموسى من أخطأ إلى أمحوه من كتابى » " خر 32 : 33 " وفى المزمور التاسع والستين والعدد الثامن والعشرين : ليمحوا من سفر الأحياء ومع الصديقين لا يكتبوا » ... وقد كتب ملاخــــــــــــى يقول : « حينئذ كلم متقو الرب كل واحد قريبه والرب أصغى وسمع وكتب أمامه سفر تذكرة للذين اتقوا الرب وللمفكرين فى اسمه " ملا 3 : 16 " وجاء فى سفر الرؤيا : « ثم رأيت عرشاً عظيما أبيض والجالس عليه الذى من وجهه هربت الأرض والسماء ولم يوجد لها موضع ، ورأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين أمام اللّه وانفتحت أسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة ودين الأموات مما هو مكتوب فى الأسفار بحسب أعمالهم . وسلم البحر الأموات الذين فيه وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما ودينوا كل واحد بحسب أعماله ، وطرح الموت والهاوية فى بحيرة النار. هذا هو الموت الثانى . وكل من لم يوجد مكتوباً فى سفر الحياة طرح فى بحيرة النار " رؤ 20 : 11 - 15 " . ومع أن الفكرة عن القيامة فى العهد القديم ، لم تكن تلمع بذات الوضوح الذى جاء به « المسيح الذى أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل » ، " 2 تى 1 : 10 " إلا أن دانيال أعطى بحياته ونبوته لمعاناً رائعاً لها فى الأصحاح الأخير من سفره، ... وهو لا يتحدث عن المجد الأبدى فحسب ، بل أكثر من ذلك يتحدث عن العذاب الأبدى ، وهو يعطى ذات الصورة التى أعطاها المسيح فى قصته الغنى ولعازر، وهو يتحدث بنفس الأسلوب الذى ذكر فيه السيد وهو يفرق بين الأخيار والأشرار : « فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى والأبرار إلى حياة أبدية !! ... " مت 25 : 46 " ولعل من أجمل ما تسمعه الاذان البشرية ، ما قاله اللّه لدانيال ، وهو يتجه فى أيامه الأخيرة صوب الغروب : وكثيرون من الراقدين فى تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية ، وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدى . والفاهمون يضيئون كضياء الجلد ، والذين ردوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى أبد الدهور » ... " دا 12 : 2 و 3 " أجل لقد عاش الرجل المحبوب حياة امتلأت بالتعب والألم والمشقة والضيق ، والعظمة والانتصار إلى أن جاءه الصوت الأخير المبارك : « أما أنت فاذهب إلى النهاية فتستريح وتقوم لقرعتك فى نهاية الأيام » .. !! .. " دا 12 : 13 " . |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
غاية سفر دانيال والفكر اللاهوتي في الكتاب المقدس |
دانيال والفكر اللاهوتى فى سفره |
إشعياء والفكر اللاهوتى فى سفره |
إرميا والفكر اللاهوتى فى سفره |
العولمة والفكر اللاهوتي المسيحي |