منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 30 - 08 - 2023, 11:55 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,250

آرميا النبي | الله يسند نبيه



الله يسند نبيه:

11 قَالَ الرَّبُّ: «إِنِّي أَحُلُّكَ لِلْخَيْرِ. إِنِّي أَجْعَلُ الْعَدُوَّ يَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ فِي وَقْتِ الشَّرِّ وَفِي وَقْتِ الضِّيقِ.

شدد الرب إرميا، مؤكدًا له أنه تكفيه نعمته، ففي الضعف يتبين قوة الله. إنه فتيلة مدخنة يحولها الله إلى نار ملتهبة، وقناة صغيرة يجعل منها ينابيع مياه حية. بهذا يجعل منه الحديد الذي من الشمال، والنحاس الذي لا يقوى إنسان على كسره [11-14].
"إن قال الرب: إني أحِلَّك للخير.
إني أجعل العدو يتضرع إليك في وقت الشر وفي وقت الضيق" [11].
يترجمها البعض: "قال الرب: "إني أقسم، إني أسلِّحك حسنًا"، أيأقدم لك سلاحًا تغلب به في المعركة التي أقامها الشعب ضدك، وصاروا كأعداء يطلبون نفسك. لا يعني هنا سلاحًا ماديًا، إنما هو سلاح رمزي، حيث يشعر الشعب بحاجته إلى إرميا الذي طالما أرادوا التخلص منه. ويترجمها آخرون: "إني خدمتك حسنًا".
ربما تساءل إرميا: إن كان شعبي الذي لأجله أسكب كل حياتي ذبيحة حب، ومن أجله أبكى نهارًا وليلًا ويتوجع قلبي وتئن أحشائي قد دخل معي في خصام وصار يلعنني، فماذا يفعلبي العدو (بابل)؟ جاءت الإجابة من قبل الرب أن العدو سيتضرع إليه وقت السبي ويعامله بكل لطف أثناء الضيق. هذا ما حدث إذ طلب نبوخذنصر من القائد أن يعامل النبي بكل لطفٍ، ويترك له حرية الاختيار إن كان يبقى في بلده أو يذهب مع المسبيين.
إذ تتحقق النبوة ويدرك الشعب الذي دخل في عداوة مع إرميا خطأهم، يلجأون إليه، طالبين صلواته عنهم.

هل يقول السيد المسيح: "ويل لي..."؟

يقول العلامة أوريجينوس:
["ويل لي يا أمي لأنك ولدتني إنسان محكومًا عليه وإنسان نزاع لكل الأرض". لا يستطيعأينبي أن يقول "لكل الأرض". مع ذلك أعرف أناسًا يحبون ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، ويشفقون عليه من الكلمات السابقة ولا يقبلون أن تكون هذه كلمات الرب ينطق بهذا. من أجل ذلك رأيت من اللازم توضيح أنه ليس بالأمر الغريب أن يقول ابن الله "ويل لي" ].
[يجب أن نتحدث أولًا بشأن القول "ويل لي"، لأنها تبدو في نظر البعض غير ملائمة للسيد المسيح: أيمكن للمخلص الذي يشفق على الآخرين أن يقول "ويللي"؟ نوضح ذلك بشواهد من الإنجيل لا يمكن أن تنطبق على أحدٍ سوى السيد المسيح.
كلمات الرثاء "ويل لي" ما هي إلا لإنسان يبكي، وقد بكى المخلص على أورشليم... قائلًا: "يا أورشليم يا أورشليم... إلخ."
من الواضح أن نفس الشيء قاله المخلص في هذه الفقرة: "ويل لي لأني صرت كجنىَ الصيف، كخصاصة القطاف، لا عنقود للأكل، ولا باكورة تينة اشتهتها نفسي. قد باد التقي من الأرض وليس مستقيم بين الناس، جميعهم يكمنون للدماء" (ميخا 7: 1-2)، جاء في وقت الحصاد ليحصد قمحًا، فلم يجد سوى مجموعة من الخطاة الذين نموا وكثروا.
نطق السيد المسيح بكلمات مشابهة حينما تحدث مع الآب قائلًا: "ما الفائدة من دمي إذا نزلت إلى الحفرة (إلى الجحيم)" (مز 30: 9)، لماذا فعلت كل هذا الصلاح مع بني الشر؟
ما الذي فعلوه ليستحقوا دمي الذي سُفك من أجلهم؟
ما الفائدة من دمي ومن نزولي؟!
لقد نزلت من السماء وجئت إلى الأرض وسلمت نفسي للفساد فلبست جسدًا بشريًا، فماهي الأعمال الصالحة التي عملها الإنسان حتى يستحق كل ذلك؟
"ما الفائدة من دمي إذا نزلت إلى الحفرة؟! هل يحمدك التراب؟! هل يخبر بحقك؟!"
في جميع هذه الأقوال نجد تشابهًا بينها وبين ما قاله المخلص: "ويللييا أمي لأنكِ ولدتني"، لا يقول ذلك بوصفه الإله أو المخلص، بل يقوله كإنسان.
نفس الشيء حينما يقول: "ويل لي يا نفسي، قد باد التقي من الأرض". كانت نفسه نفسًا بشرية، لهذا اضطربت (يو 12: 27)، وحزنت (مت 26: 38)، لكن الكلمة الذي كان في البدء عند الله لم يضطرب، ولا يمكن أن يقول عن نفسه: "ويللي". لأن كلمة الله لا يموت أبدًا، الذي يموت هو الجسد الذي أخذه].

لماذا قال النبي: ويل لي يا أمي؟

يرى العلامة أوريجينوس إنها دعوة لكي نتألم مع الأنبياء فنطوَّب معهم!
[الذين يطوبون الأنبياء ويتمنون أن يكون لهم نصيب معهم يلزمهم أن يتأملوا في الإعلانات النبوية ليكتشفوا سمو النبوات والأنبياء. عندما يتأملون في ذلك يقتنعون أنهم لو عاشوا حياتهم بنفس المقاييس التي اتبعها الأنبياء - رغم قسوتها بالنسبة لهم في هذه الحياة - ينعمون بالراحة والتطويب مع هؤلاء الأنبياء.
توجد في الكتاب المقدس مواضع كثيرة يمكننا أن نجد فيها ما يدل ويشهد على سمو مكانة الأنبياء وقوتهم وحريتهم ويقظتهم وروحهم النشطة، ونرى أنهم لا يضطربون حينما يقعون في تجارب أو متاعب وذلك بسبب حريتهم واستقلالهم الداخلي، فبوصفهم أنبياء يقولون كلمة الله، ويوبخون الناس ويلومون الخطاة بكل صراحةٍ وبكل حزمٍ، حتى إن بدى هؤلاء الخطاة أقوياء وعنفاء جدًا. يمكننا أن نجد هذه الدلائل والشهادات في مواضعٍ عديدة، فإننا نجد في آيات هذا اليوم أيضًا بعضًا من تلك الدلائل.
عاش إرميا النبي في وسط خطاة كثيرين جدًا، والدليل على ذلك حدوث السبي في عهده. لقد أنذر كثيرين ووبخ كثيرين ووجه كلامه إلى كثيرين وبسبب هذا كل حُكِمَ عليه من كثيرين، مما جعل كلماته تأخذ هذه النغمة.
لنبدأ إذن بكلمات النبي نفسه لنرَى هل يوجد عنده القوة والنشاط والحرية واليقظة والجرأة وغيرها من الصفات التي ينبغي أن تتوفر في النبي.
"ويل لي يا أمي، لأنك ولدتني إنسانًا محكومًا عليه وإنسان نزاع لكل الأرض": يقول النبي: آه يا أمي، لماذا جئتِ بي إلى العالم كرجلٍ محكومٍ عليه ورجل نزاع أمام كل الناس الذين على الأرض؟
هذا النبي مثله مثل إشعياء والأنبياء الآخرين، كان عليه أن يتمم وظيفته كنبي: يعلم وينذر ويوبخ. ويترتب على قيامه بهذه الوظيفة وإدانته للخطاة وحكمه عليهم أنه هو نفسه يُحكم عليه ويُحاكم مع الخطاة.
إن كان يجب علينا أن نذكر كل ما الشعب بالأنبياء، فإليكم هذه الأمثلة: لقد رجموا واحدًا، وقتلوا آخر بين الهيكل والمذبح، ونشروا ثالثًا، أما إرميا فألقوه في جبٍ لأنه كان ينذرهم. أيضًا مخلصنا الذي سلك بالأخص مثل الأنبياء، بل وأفضل منهم، إذ هو رب الأنبياء فعلوا به هكذا. إن كان السيد المسيح قد جُلِد وصُلِب وأُسلِم من اليهود ومن رؤسائهم ومن رئيس هذا العالم، فلأنه قال لهم: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيين المرائين" وظل يردد هذه الكلمة "ويل لكم" في كل مرة يوبخهم على شيء. نحن أيضا، إن أردنا أن نصل إلى التطويبات التي وُعد بها الأنبياء نسلك مثلهم، بحيث أننا من كثرة كلامنا وإنذارنا للخطاة ووقوعنا تحت الحكم بسببهم نقول: "ويل لي يا أمي، لأنك ولدتني إنسانًا محكومًا عليه وإنسان نزاع لكل الأرض".
مع ذلك فإن هذه الكلمات يمكن أن تكون أكثر ملائمة إذا اعتبرنا أن المخلص هو الذي نطق بها. إن افترضنا أن النبي هو الذي نطق بها لن تكون صحيحة تمامًا بل تحمل شيئًا من المبالغة؛ فهو لم يصر إنسان نزاع "لكل الأرض". أما بالنسبة لمخلصنا نرى أن ربنا ومخلصنا يقف أمام الآب ليُحَاكَم معنا كلنا نحن البشر؛ خصوصًا بسبب تلك الكلمات: "لكي تتبرر في أقوالك وتغلب إذا حوكمت". نعم لقد حُوكم مع كل الناس. وأقول أيضًا: حُوكم وفُحِصَ هو أيضًا ووقف أمام الحكم لكي يدافع عن الحق، لا ليدين أو يتهم أحدًا].

مسيحنا يُحكم عليه فينا

يقول العلامة أوريجينوس:
["لأنكِ ولدتني إنسان خصام (محكوم عليه) وإنسان نزاع لكل الأرض". أنظر إذًا إلى الشهداء في كل مكان كيف حُكِم عليهم ووقفوا أمام القضاة، ترى كيف أن السيد المسيح هو الذي كان يُحكَم عليه في كل واحدٍ من هؤلاء الشهداء. لأنه هو الذي يُحكم عليه في هؤلاء الذين يشهدون للحق (يو 18: 37). من أجل ذلك ترضى أن تكون مُتَّهَمًا ومحكومًا عليك حينما تراه يقول إنك لست أنت المسجون بل أنا، لست أنت الجائع، بل أنا. "لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كنت غريبًا فآويتموني، عريانًا فكسوتموني، مريضًا فزرتموني، محبوسًا فأتيتم إليّ" (مت 25: 36).
يكفي أن يُوضع إنسان مسيحي تحت الحكم، ليس بسبب أخطاء شخصية، وإنما لأنه مسيحي، عندئذ يُحكم على السيد المسيح لا عليه، بذلك أصبح السيد المسيح بالفعل إنسانًا محكومًا عليه وإنسان نزاع لكل الأرض".
في كل مرة يُحكم على إنسانٍ مسيحي يُحكم على السيد المسيح نفسه وليس فقط في قضايا من هذا النوع (أي الشهادة للحق). نفترض أن مسيحيًا أُتهم ظلمًا بأي شيء وحُكِم عليه باطلًا، ففي ذلك يكون السيد المسيح هو الذي حُكِم عليه باطلًا].

عدم الإيمان هو حُكم على المسيح

يقول العلامة أوريجينوس:
["لأنكِ ولدتني إنسانٍا محكومًا عليه وإنسان نزاع لكل الأرض". إليك أيضًا طريقة أخرى لفهم هذه الآية.
منْ ِمنَ الناس لا يحكم على عقيدة المسيحيين؟
منْ ِمنَ الشعوب لا يتفحصها بأساليب معقدة؟
منْ ِمنَ اليهود واليونانيين لا يتحدث عن المسيحيين؟
منْ ِمنَ الفلاسفة ومنْ ِمنَ الناس لا يتناقش في أمر المسيحية؟
السيد المسيح محكوم عليه ومقضي عليه في كل مكان، البعض يدينوه في حكمهم والبعض لا يدينوه. بالنسبة للذين لا يدينوه من السهل عليهم قبوله؛ يفتحون له الباب فيدخل (رؤ 3: 20)، وبالتالي يؤمنون به. إن لم يقبله الناس عند سماعهم عن التعاليم المسيحية، فإن عدم قبولهم له ما هو إلا إدانة للسيد المسيح واتهام ضده بأنه يُضل الناس ولا يقول الحق، طالما لا يؤمنون بتعاليمه.
جميع الذين يرفضون أن يؤمنوا به يحكمون عليه ويدينوه، وجميع الذين تساورهم الشكوك من جهته - دون أن يرفضوا الإيمان - يتنازعون بشأنه.
إذا حملت صورة السماوي وخلعت عنك صورة الترابي، لن تكون بعد ترابًا تدينه، ولا أرضًا يُدان فوقها، لن تكون أرضًا ينازعونه عليها].

قوة الله تزداد وتضعف فينا

يقول العلامة أوريجينوس:
["وكل واحدٍ يلعنني" أو "ضعفت قوتي أمام الذين يلعنونني".
يقول بولس الرسول عن المخلص إنه قد صُلب عن ضعف (2 كو 13: 4). كما يقول أيضًا إشعياء النبي عنه: "يا رب من صدق خبرنا؟! ولمن استعلنت ذراع الرب؟! نبت قدامه كفرخٍ وكعرقٍ من أرضٍ يابسة. لا صورة له ولا جمال فننظر إليه، ولا منظر فنشتهيه. محتقر ومخذول من الناس. رجل أوجاع ومختبر الحزن وكَمُستِّر عنه وجوهنا، محتقر فلم نعتد به. لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها، ونحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله ومذلولًا، وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه وبجراحاته شُفينا" (إش 53: 1-5). حمل ضعف خطايانا وحملنا نحن أيضًا، جاء إلى الذين يلعنوه، وحينما نزل من السموات ضعفت قوته أمام الذين يلعنوه، لأنه كما يقول الرسول: "أخلى نفسه آخذًا صورة عبد" (في 2: 7).

"ضعفت قوتي أمام الذين يلعنونني".

أحاول بنعمة الرب أن أقدم تفسيرًا أوضح لتلك الآية وأفضل مما سبق. "كان النور الحقيقي الذي ينير لكل إنسان آتيًا إلى العالم" (يو 1: 9). ابن الله هو النور الحقيقي الذي ينير لكل إنسانٍ آتيًا إلى العالم، وكل إنسانٍ عاقلٍ ينتمي إلى هذا النور الحقيقي، غير أن كل البشر عاقلون. كل البشر ينتمون إلى الله الكلمة، لكن بعضهم يرى أن قوة المخلص زادت والبعض الآخر يراها ضعفت.
لو نظرت إلى نفسٍ وقعت فريسة للشهوات والخطايا ترى قوة المخلص تضعف، بينما لو نظرت نفسًا بارة وتقية، ترى قوة المخلص تثمر فيها من يومٍ إلى يومٍ؛ حينئذ يمكن تطبيق ما قيل عن السيد المسيح، على النفوس البارة: "وكان يسوع ينمو في الحكمة والعمر والنعمة أمام الله وأمام الناس".
يقول الكلمة ابن الله: "ضعفت قوتي أمام الذين يلعنونني". إذا لعن أحد الابن الكلمة ينال عقابه على هذه اللعنة وعلى انتقاده تعاليم السيد المسيح، ويتمثل هذا العقاب في أن قوة السيد المسيح تضعف عند هذا الإنسان، بل وتُنتزع منه تمامًا. والعكس صحيح، إذا بَاركْتَ السيد المسيح وقبِلْته تنمو قوته وتزيد فيك ].
مسيحنا الشفيع في مضايقيه

يقول العلامة أوريجينوس:
["فلتأتِ يا رب، إذا سلكوا بالاستقامة، ألم أقف أمامك في وقت شدتتهم؟" (إر 15: 11) LXX.
"فلتأتِ يا رب": ما هي هذه التي تأتي؟ نضيف بقدر استطاعتنا بعض كلمات بعد "فلتأتِ" لنوضح معنى الآية. نقول: "يا رب، إذا سلكوا بالاستقامة فلتأتِ فيهم القوة التي ضعفت عندهم حينما لعنوني"، حتى بعدما نطقوا بالشر عليّ ثم تابوا، يسلكون في الطريق المستقيم ويتبعونه.
يبرر موقفه حينما يتحدث عن الذين ينطقون عليه شرًا: "ألم أقف أمامك في وقت شدتهم؟" وقف السيد المسيح أمام الآب وقدم نفسه كفارة لخطايانا (1 يو 2: 2)، وتشفع من أجلهم في وقت شدتهم. إنه لا يقف أمام الآب بعد انتهاء شدتنا، بل أن "المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار" (رو 5: 6). "ألم أقف أمامك في وقت شدتهم وفي وقت ضيقتهم لأنقذهم من أمام وجه العدو": حتى في وقت ضيقتهم، وقت تعرضهم لمواجهة العدو، وقفت أمامك لكي أدافع عنهم.
ومن هو هذا العدو إلا "إبليس خصمنا" (1 بط 5: 8)، الذي يضايقنا؟
من الواضح أنه في وقت عداوة الشيطان للإنسان وقف مخلصنا أمام الآب وصلى وطلب من أجلنا نحن المأسورين حتى يفتدينا من عبودية العدو ].

نزع النبوات (الكنوز) عنهم

يقول العلامة أوريجينوس:
[سواء كانت هذه الكلمات خاصة بالمخلص أو بإرميا، لأن إرميا يمكن أن ينطق أيضًا بهذا الكلام ويصلي من أجل الشعب في وقت شدتهم، فإن الرب يجيب بعدها على الشعب المُتهم من قِبَل النبي أو من قِبَل السيد المسيح، قائلًا: "هل يكسر الحديدُ الحديدَ الذي من الشمال والنحاس" أو "إن قوتكهيمثل الحديد والنحاس"، صلبة وعنيدة وجامدة؛ مثل هذه القوة تقطع وتقسم، لأنها ليست قوة لفعل الخير.
"ثروتك وخزائنك أدفعها للنهب لا بثمن بل بكل خطاياك" [13]. ما هي ثروات الخطاة التي يدفعها الله للنهب في مقابل كل خطاياهم؟ هل الثروات التي يجمعونها على الأرض؟ كل إنسان في الواقع يكنز لنفسه، إما على الأرض إن كان إنسانًا شريرًا، أو في السماء إذا كان إنسانًا صالحًا، كما يخبرنا الإنجيل (مت 6: 19-20). هل يقول لهذا الشعب: إنه بسبب خطاياكِ أدفع خزائنك وثرواتك للنهب، قاصدًا بتلك الثروات الأنبياء مثل إرميا وإشعياء وموسى؟! لقد نزع الله هذه الكنوز عن هذا الشعب، وقال من خلال السيد المسيح: "إن ملكوت الله يُنزع منكم ويُعطى لأمة تعمل أثماره" (مت 21: 43). هذه الأمة هي نحن، فقد دفع الله ثروات هذا الشعب (الأنبياء) إلينا.
هم أُستؤمنوا على أقوال الله أولًا (رو 3: 2)، ثم أُستؤمنا نحن من بعدهم على هذه الأقوال؛ فقد نُزعت منهم وأُعطيت لنا. كذلك يمكننا أن نقول أن عبارة: "ملكوت الله يُنزع منكم وُيعطَى لأمة تعمل أثماره" التي قالها المخلص تحققت فيه. ليس أن الكتاب المقدس نُزِع منهم، بل أنهم حاليًا لا يملكون الناموس ولا الأنبياء لأنهم لا يفهمون ولا يُدركون المكتوب فيه. توجد عندهم الكتب، لذلك فإن ملكوت الله الذي يُنزع عنهم هو "معنى الكتب المقدسة". إنهم لا يهتمون بمعرفة أي شرح للناموس والأنبياء، لكنهم يقرءونه دون فهم. وبمجيء السيد الرب تحققت بالفعل النبوة التالية: "فقال اذهب وقل لهذا الشعب اسمعوا سمعًا ولا تفهموا وأبصروا إبصارًا ولا تعرفوا. غلظ قلب هذا الشعب" (إش 6: 9-10؛ مت 13: 14-15). كما تحققت أيضًا نبوة إشعياء: "فإنه هوذا السيد رب الجنود ينزع من أورشليم ومن يهوذا السند والركن، كل سند خبز وكل سند ماء. الجبار ورجل الحرب، القاضي والنبي، والعراف والشيخ، رئيس الخمسين والمعتبر والمشير والماهر بين الصناع والحاذق بالرقية" (إش 3: 1-3). كل هذا قد نزعه الله منهم ودفعه لنا نحن الذين جئنا من الأمم...
يقول: "لا بثمنٍ بل بكل خطاياكِ وفي كل تخومكِ"، كأنه يقول لهذا الشعب: أن خزائنك وثروتك أدفعها للنهب بسبب خطاياكِ التي ملأت كل تخومك، لأنه لا يوجد مكان عند هذا الشعب لم يمتلئ بالخطية. كيف لا تمتلئ كل تخومهم بالخطايا وهم الذين قتلوا الحق، بما أن السيد المسيح هو الحق، وقتلوا الحكمة، بما أن السيد المسيح هو الحكمة، وقتلوا العدل، بما أن السيد المسيح هو العدل؟ بحكمهم على ابن الله بالموت فقدوا كل ذلك الحق والحكمة والعدل. وحينما قام رب المجد يسوع من بين الأموات لم يظهر أبدًا للذين قتلوه... إنما ظهر فقط للذين آمنوا به، ظهر لهم وحدهم حين قام من الأموات.
"وأُعبِّرُك مع أعدائك (وأخضعك للعبودية في وسط أعدائك) في أرض لم تعرفها، لأن نارًا قد اشتعلت بغضبي تُوقد عليكم" [14]. لقد أُخضع هذا الشعب بالفعل للعبودية في وسط أعدائه وفي أرض لم يعرفها. وبعد كلام التهديد هذا الموجه للشعب، يواصل إرميا أو السيد المسيح صلاته ويضيف إلى أقواله السابقة هذه الكلمات: "أنت يا رب عرفت. أذكرني وتعهدني وانتقم لي من مضطهديَّ. بطول أناتك لا تأخذني" أو "لا تكن طويل الأناة عليهم" (LXX).
يمكن أن يكون إرميا هو الناطق بهذا الكلام، بما أنه اُضطُهِد من الذين كان يعاتبهم، وكان مكروهًا من الذين لم يقبلوا الحق. ويمكن أيضًا أن يكون مخلصنا هو المتكلم حيث أُضطهد أيضًا من هذا الشعب.
ثم يضيف "ولا تكن طويل الأناة عليهم"، ماذا تعني هذه الكلمات؟ لقد كُنتَ دائمًا طويل الأناة أمام خطايا هذا الشعب، ولكن أمام كل هذه الجرائم التي تجرءوا وارتكبوها ضدي، فلا تكن طويل الأناة عليهم.
بالفعل لم يكن الله طويل الأناة. لو نظرت إلى تاريخ عذاب هذا الشعب، أي تاريخ سقوط أورشليم وخرابها، وإلى الطريقة التي ترك بها الله هذا الشعب لأنهم قتلوا السيد المسيح، تدرك أن الله لم يستخدم طول أناته مع هذا الشعب! أو إذا شيئت فاستمع إلى هذا: أنه منذ السنة الخامسة عشرة لملك طيباريوس قيصر (أي منذ بداية عمل السيد المسيح وكرازته) (لو 3: 1)، وحتى وقت خراب الهيكل، لم يمضِ سوى 42 سنة فقط!
وكانت تلك الفترة بمثابة "وقت" منحه الله للتوبة، خاصة توبة بعض الناس من ذلك الشعب، وهم اليهود الذين دخلوا إلى الإيمان بعد رؤيتهم للآيات والعجائب التي صنعها الرسل].
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
آرميا النبي | يلقب الله: "عزَّي (قوتي)، "حصني"، "ملجأي"
آرميا النبي | يقدم الله أيضًا إجابة لتساؤل النبي
آرميا النبي | كأن الله يسأل نبيه إرميا
آرميا النبي | كأّن الله يعاتب إرميا النبي
آرميا النبي | تمتع إرميا النبي بتقديس الله


الساعة الآن 05:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024