وسط زحمة الحياة و مشاغلها و ضوضوئها و اهتماماتها الكثيرة ما أجمل أن يتفرغ الإنسان - و لو قليلاً - للجلوس مع الله ، فى جو التأمل ، و الصلاة ، و انفتاح القلب على الله 00
هنا يلجا الإنسان إلي السكون والهدوء 00لأن الحديث مع الله ، يليق به الإنفراد بالله 000
من أجل هذا نقل الله ابانا إبراهيم من و طنه ، و من بين أهله و عشرته ، إلى الجبل ، إلى حيث ينفرد فى خلوة مع الله 00 هناك يبنى المذبح 00 و فى خلوة على الجبل المقدس ، قضى موسى أربعين يوماً مع الله ، أخذ منه الناموس و الوصايا ، و أخذ المثال الذى على نسقه بنى خيمة الإجتماع 0
و فى خلوة على الجبل ، كان السيد المسيح يلتقى بتلاميذه ، و أحياناً كان يأخذهم إلى موضع خلاء 00 كلمة الله ، يليق بها السكون و الهدوء 00 و على جبل الكرمل ، فى الهدوء ، تدرب إيليا النبى 0 و فى البرية ، مدى ثلاثين عاماً ، تربى يوحنا المعمدان 0
و فى الهدوء و السكون ايضاً ، تدرب أعضاء مدرسة الأنبياء 0
و لم يصر موسى نبياً ، و لم يختره الرب للقيادة ، إلا بعد أن قضى فى البرية اربعين سنة ، فى السكون ، بعيداً عن قصر فرعون و ضوضائه و سياساته 00
و السيد المسيح نفسه ، على الرغم من السكون غير المحدود الكائن فى أعماقه ، و على الرغم من صلته الأزلية الدائمة بالآب ، لكى يعطينا مثالاً ، لم يبدأ خدمته العلنية إلا بعد أربعين يوماً قضاها وحده فى الجبل ، فى حياة السكون ، مع الآب 00
و كان الجبل ، له موقعه و موضعه ، فى حياة الرب 0 و ما أجمل قول الكتاب فى ذلك " مضى كل واحد إلى بيته 0 أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون " ( يو 8 : 1 ) 0
و كان بستان جسيمانى مكان هدوء و سكون للمسيح 0 يقضى فيه فترات من الخلوة ما أعمقها 0
و كانت مريم أخت مرثا مثالاً لحياة السكون ، فى جلستها الهادئة عند قدمى الرب بقوله " أنت تهتمين و تضطربين لأجل أمور كثيرة و الحاجة إلى واحد " 00
ليتك إذن تبحث عن مركز السكون فى حياتك ؟
و هل أنت تهتم و تضطرب لأجل أمور كثيرة 00 و متى تهدأ إلى متى ؟