رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إبراهيم عيسى يكتب خدم السيد الرئيس مصر لا تعانى إطلاقًا من مشكلة خدم وخدامين للسلطة وللحكم أيًّا كان. مدهش هذا الوطن، لا يوجد رئيس فيه لا يعدم الخدم أبدًا. ولا يوجد حزب حاكم لا يجد خدامين متطوعين ومتحمسين وبأجور بخسة ولا مانع أيضا لديهم من ممارسة بعض الساديَّة ضدهم من إطفاء السجائر فى جلودهم أو تلبيس الباشا الصغير الحذاء أو النوم فى المطبخ. الغريب أن مصر تعانى من مشكلة حقيقية فى الخدم الطبيعيين العاديين فى بيوت الناس التى تحتاج إلى مساعدة خدم لتيسير أعمال البيت. لا أظن أن هناك سيدة عاملة أو غير عاملة فى المدن والأقاليم لا تستعين بخادمة، ولو مرة فى الأسبوع سواء لتنظيف البيت أو للغسيل أو للطبخ، وهناك مئات الآلاف من البيوت المصرية التى تعانى من مشكلة عدم توافر خدم مناسبين لاحتياجاتهم، فأجور الخدم رغم المبالغة فيها تمامًا وتجاوُز يومية الشغالة أى أجر يومى لأكبر وكيلة وزارة فى مصر، فإن الخادمات اللاتى يتمتعن بالكفاءة والانتظام والإخلاص واحترام العمل وعدم مد اليد على أشياء البيت فى حكم المستحيل، حتى مستوى الإقبال على الخدم المصريين فى منتهى الضعف والتراجع فى البلدان التى كانت تستعين بهم منذ سنوات، فضلا عن دخول مصر كذلك عصر استيراد الخدم من إفريقيا وآسيا بعد تجارب مؤلمة مع مستوى وطبيعة الخدم من أبناء جلدتنا، ورغم هذه الندرة التى قد تبدو كبرياء وكرامة مصطنعة، فلا عيب فى أى شغل شريف إلا أن هناك وفرة هائلة فى خدم الرئيس والحاكم. المؤكد أن مرسى يرث مبارك تمامًا فى كل شىء، فى قصره وسياراته وحراسته واستراحاته وقوانينه ونياشينه وأوسمته وصحافته وقناته الأولى ونشرة تسعة وتعظيم اللواءات له ونياباته ودعاء خطباء الجمعة والعيدين لسيادته، وحتى مظاهر التواضع التى تتراجع بالأيام كانت مظاهر تواضع مبارك نفسه فى الشهور الأولى، بل ربما السنوات الأولى من حكمه. حيث كنا نلاحظ عدم تصدر أخباره النشرة المعتادة، وقيادته للسيارة بنفسه، وارتداءه البدلة الصيفى بتاعة المحلة، ولقاءاته المثقفين والسياسيين المعارضين فى استماع ومودة، وجولاته بين المواطنين فى الأقصر وأسوان، واحتضانه للعمال فى المصانع، وتصريحات من نوع «الكفن مالوش جيوب»، و«فترة رئاسة واحدة ولّا اتنين كفاية قوى»، وزوجة مختفية عن الأضواء تحاول أن تتفادى انتقادات سابقتها السيدة جيهان السادات التى كانت ملء السمع والبصر، وكانت الزوجة حين تظهر على استحياء ترتدى فساتين من «صيدناوى عبد العزيز» تقريبًا وصندل من «باتا». ولعلك تتذكر معى أنه لم تكن هناك أى تهنيات بعيد ميلاد مبارك فى السنوات الأولى من حكمه، فكل شىء كان يبدو طيبًا ومتواضعًا، وهو نفس ما نراه من السيد مرسى حتى الآن وإن كانت نسبة البخر فى التواضع أسرع جدًّا والخطورة أكبر، حيث يظهر الخدم المطيع والمتطوع والمتمسح بالدين أو بالثورة ويبدأ فورًا فى الدفاع عن الرجل ثم تمجيده والرغبة فى تحصينه من النقد والهجوم، ثم ملاحقة معارضيه باتهامات الخيانة والعمالة وإطلاق الكلاب الإلكترونية تعضّ وتنبح لتحرس رئيسها من المعارضين. الحقيقة أن الخدم وكلاب الحراسة أيام مبارك ظهروا بعد سنوات من توليه الرئاسة ولم يظهروا فى اليوم التالى، مع مراعاة أن مبارك كان أملا للمعارضين فى بداية حكمه للخلاص من مظاهر حكم السادات، لكن الآن وحتى قبل انتهاء المئة يوم الأولى للرئيس التى يبدو أن هناك مشكلة فى حسابها فهى مئة يوم مبروكة تزيد وتكبر حسب الرغبة. إذا بالخدم وكلاب الحراسة وقد ظهروا بسرعة وبلهفة ومن كل التيارات ومن محسوبين على الثورة ومتمسحين بها ومن منافقين سابقين لمبارك ومن أفاقين فى السياسة والصحافة والإعلام والوزارات والمصالح الحكومية ومن الوعاظ ومن الأحزاب الكرتونية، وهم مستعدون لتأجير خدماتهم طيلة الوقت، مما يثبت أنه لا توجد فعلا مشكلة خدم فى البلد، بل من فرط الحماس لمسح البلاط، فإن الأغلبية تسارع فى فتح لجان ومكاتب مخدّماتية، لكن للأمانة تضع لهم معايير. المصدر : الدستور |
|