ثم إن لم يكن ميراثنا السمائي الفاخر مع المسيح في الله حيّاً في رجائنا الآن، فهل نستطيع أن ننجو من شهوة المواريث الأرضية وقنية الأشياء التي في العالم؟ ألم يَقُل الوحي الإلهي: «لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم» (1يو 2: 15). ولماذا هذا النهي القاطع؟ أليس لكي يمتلئ رجاؤنا «بميراث لا يَفْنَى ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظٌ في السموات لأجلكم» (1بط 1: 4)؟ هذا كان عند الرسول بولس أمراً على مستوى اليقين الثابت: «لأننا نعلم أنه إن نُقِضَ بيت خيمتنا الأرضي، فلنا في السموات بناءٌ من الله، بيتٌ غير مصنوعٍ بيدٍ، أبديٌّ» (2كو 5: 1).
أما علامة الرجاء الحي في المسيح الآن من نحو الحياة معه هناك وتذوُّق ملكوته، فتأتي بوجه آخر لا يقل قوة، وفي نفس الوقت لا يُضعف رجاءنا في انتظار مجيء المسيح. هذا يُعلنه القديس بولس الرسول كاشفاً عن وجدان واقعي يزيد رجاءه في المسيح وضوحاً: «لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح» (في 1: 23).
إذن، فالرجاء يتعلَّق باللُّقيا سواء من طرفه: «سأراكم فتفرح قلوبكم» (يو 16: 22)، أو من طرفنا نحن: «لأننا سنراه كما هو» (1يو 3: 2).