ولا هوّة، بعدُ، بين السّماء والأرض لأنّ ابن الله اتّخذ، في ذاته، الإنسانَ كلّه، إلاّ الخطيئة، وبات في متناول البشريّة في الصّميم: “خذوا كلوا، هذا هو جسدي… اشربوا منه كلّكم، هذا هو دمي”. صحيح أنّه قيل إلى المسيح: “الله لم ينظره أحدٌ قطّ” (1 يوحنّا 4: 12)، أمّا الآن فلنا هذا القول: “أنّنا سنراه كما هو” (1 يوحنّا 3: 2). الشّرط الأوحد هو هذا: “كلّ مَن عنده هذا الرّجاء به، يطهِّر نفسه كما هو طاهر” (1 يوحنّا 3: 3)! الطّهارة مطرح التّواضع! لذا انتصب توما صورةً للبشريّة الجديدة، كما أتى اعترافُه دستورَ إيمان جديد لهذه البشريّة. الإيمانُ الجديد يسوس المقبلين إلى يسوع ليصيروا بشرًا جددًا بالرّوح والحقّ! “هذه هي الحياة الأبديّة أن يعرفوك أنت الإله الحقيقيّ وحدك ويسوع المسيح الّذي أرسلته” (يوحنّا 17: 3). “الكلام الّذي أُكلِّمكم به هو روح وحياة”! أن يعرفوك لا كموضوع، لا كفكرة مهما كانت سامية. أن يعرفوك أي أن يصيروا فيك وأنت فيهم، أن يصيروا وإيّاك واحدًا، أن يحبّوك بالمحبّة الّتي أحببتهم بها، المحبّة الّتي جعلتك تتّخذهم بالتجسّد!
الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما