|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصليب والمجد وأما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح (غل6: 14)ظَلّ الصليب قرابة أربعين قرناً من الزمان رمزاً للخزي وعلامة للّعنة وحمل العار. كما استُخدم أيام الفرس والرومان كوسيلة إعدام مَنْ يرتكبون أفظع الجرائم والآثام. حتى حمله البار وعُلّق فوقه، فصار لعنة لأجلنا، بعدها أصبح الصليب علامة للمجد وصار سبباً للافتخار (غل6: 14). وأول مَنْ أشار إلى ارتباط الصليب بمجد الله، هو ربنا يسوع المسيح، عندما قال أمام تلاميذه، بعد خروج يهوذا الخائن « الآن تمجّد ابن الإنسان، وتمجد الله فيه » (يو13: 31). وكان في هذه العبارة يشير إلى عمل الصليب. ثم نقرأ بعد ذلك ما قاله للآب « أنا مجدتك على الأرض. العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته » (يو17: 4). وإن كان المقطع الأول يشير إلى حياة المسيح على الأرض بصفة عامة، فإن الأخير يشير إلى الصليب بنوع خصوصي. لقد أظهر صليب المسيح كمالات بل أمجاداً متنوعة، لكن الذي يدعو للأسف أن الإنسان الطبيعي، جاهلاً كان أم متديناً أم فيلسوفاً، لم يرَ فوق الصليب سوى إنسان منظره مُفسَداً أكثر من الرجل وصورته أكثر من بني آدم، إنسان لا صورة له ولا جمال، بل مُحتقر ومخذول من الناس، لا يستحق أن يُعتد به (إش52؛53). بل حتى واحد كبطرس، مع كل محبته وإخلاصه لسيده، لم يستوعب في حينه أن موت المسيح على الصليب يتضمن إعلاناً للمجد يستحق الافتخار (مت16: 22). ولكن ليس بغير الإيمان يمكن لعين البشر أن تكتحل برؤية هذه الأمجاد، وأيضاً ليس بغير الجلوس بل المكوث قرب الصليب، ثم النظر إلى العلاء، والتأمل في المصلوب بين الأرض والسماء، وهو ما عبّر عنه الرسول بولس قائلاً « ولكن الذي وُضِع قليلاً عن الملائكة، يسوع، نراه مُكلَّلاً بالمجد والكرامة من أجل ألم الموت، لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد » (عب2: 9). ليتنا نتأمل في دوافعه، في مشاعره، في اتضاعه وطاعته، في شجاعته، في صمته، في كلماته، في نتائج صليبه. أخي، يا مَنْ تمتعت بنتائج الصليب، ألا يقودك ذلك إلى حياة السجود والتكريس فتعبّر بطريقة عملية عن تقديرك لشخصه الذي يستحق كل الإكرام والسجود. |
|