رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سرُّ جسم الإنسانصورة فسيفسائية " خلق آدم " في مونريال
عظة في الأحد السادس بعد العنصرة ( متَّى9: 1-8 ) : لدى قراءتنا للنصوص الإنجيليَّة الّتي تروي كيف أنَّ المسيح قد أقام مائتاً أو شفى مريضاً ذا علَّةٍ جسديَّةٍ فإنَّنا نادراً ما نفتكر حول ما الّذي يعنيه جسم الإنسان بالنسبة إلى الله الّذي خُلِقَ منه للحياة الأبدية وما المعنى الّذي يجب أن يحمله الجسد بالنسبة لنا . إذا لم يكن جسدنا ثمينٌ بالنسبة إلى الله الّذي أحبَّه بشدَّةٍ وحنانٍ بقدر ما هي ثمينةٌ لديه نفسُنا الأبديَّة ، فإنَّ الله لم يكن ليشفيَ الجسدَ حينذاك أو أن يعتنيَ بحياته بعد قيامته من بين الأموات. ولدى تفكيرنا بجسم الإنسان سواء أكان ذلك مرتبطاً بخصوص حياته الأبديَّة أو الأرضيَّة أم بخصوص الأمور السماويَّة أو الأرضيَّة فإنَّه من الواجب علينا أن نتساءل : ألسنا نحصل على كلِّ المعرفة عن الله أو عن العالم المخلوق بوساطة الجسد ؟ فمنذ سنِّ طفولتنا ومنذ ولادتنا ذاتها نحن نتعرَّف على الحنان والمحبَّة عن طريق وساطة جسدنا وذلك قبل أن نتوَّصل إلى أيَّ شيءٍ بوساطة دماغنا . وبعد ذلك نحن نقوم بجمع المعارف والحكم والتجارب وهكذا يصل كلُّ شيءٍ يتقنه دماغنا وكلُّ شيءٍ يغني قلوبنا إلينا بوساطة حواسنا . يقول الرَّسول بولُس :” إِذًا الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ الله .” ( قارن روميَّة10: 17 ). كما أنَّنا ندرك جمال الوجه البشري وجمال العالم المحيط بنا وكلَّ شيءٍ رائعٍ وجميل بوساطة رؤيتنا . ويمكننا أن نكمل العدَّ ذاكرين جميع حواسنا الّتي تتفتَّح كالباب أمامنا لكي نتأمَّل في معنى العالم المخلوق وبوساطته أن نتأمَّل في الحياة الأبديَّة وفي جمال الله الأبدي الّذي يسطع في خليقته كافَّةً . ولهذا كان السيِّد المسيح يقوم بشفاءِ الجسد بمحبَّةٍ فائقةٍ للغاية كما أنَّ الله يكشف بوساطة هذه الأشفيَّة عن خلود التكوين الجسدي وذلك بكاملِ قوته . ولذلك عندما يموت أحدٌ فإنَّنا نحيط جسده ( أو جسدها ) بحنانٍ وورعٍ كبيران للغاية . حيث أنَّ الجسد مخلوقٌ من الله وقد وضع الله فيه كامل محبَّته . هنالك ثمَّة شيءٌ آخر أيضاً : لقد أصبح هو نفسه إنساناً لقد تسربل الله ذاته بالجسد ولم يكشف لنا بهذا فحسب وهو : أنَّ الإنسان بهذا التصميم وأنَّه بهذه العظمة وبهذا العمق حتَّى أنَّه باستطاعته أن يتَّحد مع الله ويصبحَ شريكاً في الطبيعة الإلهيَّة بل وأيضاً بأنَّ جسدنا قادرٌ على حمل الروح وأن يكونَ حاملاً لله بالفعل . يا لهذه المعجزة ! نحن أيضاً نرى كذلك بأنَّ الله يخبرنا بحياته الأبديَّة بوساطة المواد الأرضيَّة : وذلك وبوساطة مياه المعمودية الّتي تصبح مصدراً للحياة الأبديَّة وبوساطة الخبز والخمر المخترقان من قبل لاهوته كما أنَّنا بوساطة أجسادنا نشترك مع الله ذاته وذلك بوساطة أسراره المقدَّسة . يا لجسدنا العجيب ! ويا للورع الّذي ينبغي لنا أن نتصرَّف حياله ! لقد خُلِقَ جسدنا مع إمكانية تقديسه : إنَّه مدعوٌّ ليكون في شركةً مع الله تماماً مثل النفس . إنَّه محبوبٌ من الله . يقول الرَّسول بولُس : ” مَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ ِللهِ.” ( 1كورنثوس6: 20 ) مجِّدوا : أي دعوا يسطع الله بوساطة جسدكم كما أنَّه يسطع بوساطة نفسكم وليكن جسدكم هكذا حتَّى يكون التلامس معه تلامساً مع التجسُّد الإلهي مع سرِّ الله الّذي أصبح إنساناً . لنتأمَّل في التالي : لماذا نحن غالباً وفي أحيانٍ كثيرةٍ لا نتذَّكر جمال وعظمة جسدنا الأبديين ؟ وكثيراً ما نظنُّ بأنَّ الموت هو مثل لحظةٍ تدخل فيها نفس الإنسان إلى الحياة الأبديَّة وأمَّا الجسدُ فيتحوَّلُ إلى تُرابٍ . أجل إنَّه يتحوَّلُ إلى ترابٍ ولكن لديه دعوةٌ أبديَّةٌ : إنَّه سيقوم بالفعل كما قام المسيح . ونحن كلُّنا سنقف أمام حضرة الله متجسدين وبأجسادٍ مغيِّرة كما تغيَّرَ جسد المسيح أيضاً وبروحٍ مجدَّدةٍ بالحياة الأبديَّة وسنتحدَّث مع الله بالمحبَّة والإيمان والصلاة وليس بنفسنا فحسب بل مع كلِّ شيءٍ مخلوق سنصبح شركاءً للطبيعة الإلهيَّة وبنفسنا وبجسدنا أيضاً : بنفسنا وبجسدنا حينما بحسب وعد الله المعطى لنا بوساطة الرَّسول بولس سيكون الله الكلَّ وبالكلِّ ولن يبقى هنالك شيءٍ خارج نطاق الشركة الإلهيَّة وخارج نطاق المجد الإلهي . يا لهذه المعجزة ! يا له من سرٍّ عجيبٍ : وكأَنَّ جسدنا الّذي هو بهذه الهشاشة وبهذا الزوال يمكن له أن يكون مخصباً وأن ينتميَ إلى الأزليَّة ويسطع فيما بعد في مجد القدِّيسين. آمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إحفظهم من كلّ شرٍّ و خطرٍ و شِدّة |
أي شيء أكثر رعبًا من سرٍّ كهذا |
كم هو وخيمٌ شرُّ الأنانيّة |
سرُّ الْخَلاصِ العَظِيمِ |
موتٌ على موت أو سرُّ القيامة الحقيقية |